تختص النيابة الادارية وفقا للمادة – 197 – من الدستور بتحريك ومباشرة الطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وقد نصت المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 على انه يجوز لرئيس هيئة النيابة الادارية، الطعن على أحكام المحاكم التأديبية أمام المحكمة الادارية العليا، اذا رأى موجبا لذلك، ووفقا للقواعد القانونية العامة شريطة أن يكون للطاعن مصلحة فى الطعن على الحكم.
ومن أسباب الطعن أن يكون الحكم قد صدر على خلاف طلبات الطاعن، ويتحقق ذلك فى الدعاوى التأديبية أذا صدر الحكم التأديبى بغير الادانة، سواء ببراءة الموظف أو بعدم قبول الدعوى التأديبية، لأى سبب من الاسباب القانونية، ففى هذه الاحوال تتوافر للنيابة الادارية المصلحة فى الطعن على الحكم، لكن فى أحوال أخرى اذا صدر الحكم التأديبى بمجازاة الموظف المتهم، ثم تبين للنيابة الادارية وجود أسباب للطعن على الحكم، ويثور التساؤل حول ما اذا كان يجوز للنيابة الادارية الطعن لمصلحة الموظف المحكوم عليه؟، وهل يستفيد الموظف من طعن النيابة الادارية على الاحكام التأديبية؟
إن المشرع فى المادة 22 من قانون مجلس الدولة، أناط برئيس هيئة مفوضى الدولة الطعن على حالات الفصل من الوظيفة بناء على طلب من العامل المفصول، وهو اختصاص محجوز قانونا لرئيس هيئة مفوضى الدولة، لا يجوز لأى جهة أخرى أن تباشره، لكن ذلك الاختصاص قاصر على حالات الفصل من الوظيفة العامة فقط دون العقوبات التأديبية الاخرى.
ولما كان قانون النيابة الادارية لم يبين الاثر المترتب على طعن النيابة الادارية على الحكم التأديبى، الذى وقع عقوبة تأديبية على المطعون ضده، فإننا نرى فى هذا الصدد ضرورة الرجوع للقواعد المعمول بها التى تنظم الاثر المترتب على طعن النيابة العامة على الحكم الجنائى، وقد بينت المواد 43 من قانون الطعن بالنقض، والمادة – 417 – من قانون الاجراءات الجنائية، التى بينت أن المتهم يستفيد من طعن النيابة العامة، سواء كان ذلك الطعن لمصلحته من عدمه، والعلة فى ذلك حسبما أوضحتها محكمة النقض أن النيابة العامة تمثل الصالح العام، وتسعي علي تحقيق موجبات القانون، فهي خصم عام تختص بمركز قانوني يجيز لها أن تطعن في الحكم، وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه .
ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة، وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق القانون صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بمعاقبة المطعون ضده ولما كانت النيابة الادارية هيئة قضائية مستقلة، وفقا للمادة – 197 – من الدستور، وقد استقرت المحكمة الادارية العليا على أن المركز القانونى للنيابة الادارية فى الدعوى التأديبية، يتماثل مع المركز القانونى للنيابة العامة فى الدعوى الجنائية، وبينت منذ بواكير أحكامها أن النيابة الادارية تقوم بالنسبة للموظفين، بمثل ما تقوم به النيابة العامة لسائر المواطنين، ولذلك أرست المحكمة وبحق مبدأ جواز أن تطعن النيابة الادارية على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بتوقيع عقوبة على الموظف، أذا رأت النيابة الادارية أن هذه العقوبة غير مشروعة، لاى سبب من الاسباب، فيجوز للنيابة الادارية الطعن لمصلحة المحكوم عليه، فالنيابة الادارية تمثل المصلحة العامة لا مصلحتها الخاصة، ومن المصلحة العامة ألا يدان بريء، ومن ثم يستفيد المتهم من طعن النيابة الادارية، فدورها فى التأديب يتطابق ودور النيابة العامة فى الدعوى الجنائية وهو ما تمليه موجبات العدالة.
بقلم المستشار د. إسلام إحسان
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً