بحث ودراسة قانونية عن اشكالية وصعوبة تنفيذ الاحكام المدنية والتجارية بالمغرب
(الصعوبة في تنفيذ اﻻحكام المدنية والزجرية ) 1 (
الشرقاوي الغزواني نور الدين نائب الوكيل العام للملك بمحكمة اﻻستئناف بالقنيطرة واستاذ بالمعهد الوطني للدراسات القضائية
اذا اكتسبت اﻻحكام قوة الشيء المقضى به ) 2 ( فانها تصبح عنوانا للحقيقة ومسارا للتنفيذ، وتنفيذ اﻻلتزام يش ﻤﻞ جميع اموال المدين ﻻنها الضمان العام للوفاء بالتزاماته Gage général du créancier .” والتنفيذ المدني يكون اما اختياري عن طريق جميع طرق الوفاء سواء ا لوفاء العيني الذي ظل محله قائما أو الوفاء بمقابل حينما يستحيل التنفيذ العيني، كحالة هﻼك السيارة المودع ة كوديعة هنا ينقلب تنفيذ اﻻلتزام باسترداد السيارة التي هلكت إلى تنفيذ بمقابل أي بواسطة الوفاء بمقابل أي التع ويض .
نعم هناك طرق اخرى للتنفيذ الجبري ” Exécution forcée ” كالحجوز، واﻻكراه البدني والغرامة التهديدية . اما في الميدان الزجري فان النيابة العامة هي التي تتولى تنفيذ اﻻحك ام الجنائية وحدد لها قانون المسطرة الجنائية قواعد مضبوطة ) 3 ( . لكن هل تنطبق قواعد المسطرة الجنائية على تنفيذ الدعوى المدنية التاب ﻌﺔ ؟
ان المشرع المغربي لئن كان قد اجاز تطبيق قواعد المسطرة الجنائية على كل إجراءات الدعوى المدنية التابعة اﻻ أنه استثنى مرحلة التنفيذ بمعنى ان تنفيذ الشق المدني للدعوى العمومية يخضع لقواعد المسطرة المدنية وبالتبعية فان جميع اﻻشكاﻻت المترتبة على ذلك من صعوبة في تنفيذها، وتقادمها تخضع لقواعد المسطرة المدنية وخصوصا مقتضيات الفصل 436 من ق م م التي تقضي بانه اذا اثار اﻷطراف صعوبة واقعية أو قانونية ﻻيقاف تنفيذ الحكم أو تاجيله احيلت الصعوبة على الرئيس أي رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستع جﻼت .
ولئن كان بعض الفقه واﻻجتهاد القضائي يرى عكس ذلك إذ يوكل مثل هذ ا اﻻختصاص للمحكمة الجنحية أو الجنائية التي اصدرت الحكم ) والدعوى المدنية التابعة أي التعويض الذي حكم به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ )
1 ( ستقتصر في هذه الدراسة على الصعوبة التي تعترض اﻻحكام المدنية والزج رية فقط دون الحديث عن اشكاﻻت ايقاف تنفيذ اﻻحكام اﻻدارية التي تقدم في شكل استعجالي لكن إلى محك مة الموضوع أي ﻻ يبت فيها رئيس المحكمة اﻻدارية بصفته قاضيا لﻼمور الوقتية طبقا للفصل 147 من ق م م كما سوف ﻻ نستعرض لصعوبة تنفيذ اﻻحكام التجارية . ) 2 ( هناك اختﻼف بين قوة الشيء المقضي به فاﻻولى تخص اﻻحكام النهائية ا لتي لم تعد تقبل أي طعن عادي أو غير عادي اما حجية الشيء المقضي به فهي تشمل جميع اﻻحكام الباتة في المو ضوع أو التمهيدية أو اﻻستعجالية فاﻻحكام اﻻستعجالية ولئن كانت ﻻ تكتسب سوى حجية مؤقتة فانها مع ذلك تظل حج ة على الوقائع واﻻطراف التي بت فيها قاضي اﻻمور المستعجلة إلى ان يصدر حكما استعجاليا اخر يغير هذه الح جية استنادا إلى تغيير هذه اﻷسباب لذا سميت اﻻحكام اﻻستعجالية بانها احكاما وقتية . ) 3 ( انظر الفصول 643 الى 647 من قانون المسطرة الجنائية، والفصول 428 إلى 451 من قانون المسطرة المدنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
جبرا للضرر الناتج عن الجرم أو شبه الجرم ( وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 646 الذي يقضي بانه يرجع النظر فيما يحدث من مسائل نزاعية عارضة تتعلق بالتنفيذ إلى المحكمة التي اصدرت ا لحكم المقصود تنفيذه . فما هي الصعوبات التي تعترض تنفيذ اﻻحكام المدنية والزجرية؟ هذا ما سنتولى بحثه في فصلين ، نتعرض في الفصل اﻷول للصعوبة في تنفيذ اﻻحكام المدنية وفي الفصل الثاني للصعوبة في تنفيذ اﻻحكام الزجرية .
الفصل اﻷول الصعوبة في تنفيذ اﻻحكام المدنية تنقسم الصعوبة في التنفيذ إلى نوعين صعوبة موضوعية واخرى وقتية، أي صعوبة تنصب على كل نزاع موضوعي متصل بالتنفيذ ويعرف الفقه الصعوبة الموضوعية بانها الحكم ف ي موضوع اﻻساس المعتمد كحجة للمطالبة باﻻجراء الوقتي في اﻻشكال ويفصل عادة قاضي التنفيذ في ه ذه المنازعة بصفته قاضي الموضوع . اما صعوبة التنفيذ الزجرية التي عرضنا لها في الفصل اﻷول فهي تتم ثل في الحكم الزجري المعيب ولها اثار وخيمة عل حرية المنفذ عليه أو على ماله .
وتثار الصعوبة أمام رئيس المحكمة اﻻبتدائية أو أمام الرئيس اﻷول لمحكمة اﻻستئناف متى كان النزاع في الجوهر معروضا على انظار محكمة اﻻستئناف . وقد طرحت صياغة الفصل 436 من ق م م عدة اشكاﻻت اهمها :
1 ـ ان المشرع المغربي عرض فقط لعدم جواز تقديم طلب جديد للتاجيل ومعن ى ذلك ان من حق المطلوب في الصعوبة تقديم اكثر من طلب لﻼيقاف وليس للتاجيل .
2 ـ ان عدم جواز تقديم طلب جديد للصعوبة يتحقق في الحالة التي يوقف ال تنفيذ اﻷولى اما إذا رفض طلب الصعوبة اﻷولى فيبقى دائما من حق المطلوب في التنفيذ اثارة الصعوبة إلى ان ت ﻘﺒﻞ .
3 ـ اختلف القضاء بحسب ما إذا كان اﻻختصاص منعقدا للرئيس اﻷول لمحكم ة اﻻستئناف متى كانت محكمة الطعن بيدها ملف الموضوع ويعد الشروع في التنفيذ وبين ما إذا كان رئيس المح كمة اﻻبتدائية هو المختص . ثم ان الصعوبة المثارة قبل التنفيذ هي امكانية اكد عليها الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية الخاص بالمستعجﻼت وهي تستهدف اﻹجراءات الوقتية ﻻ غير .
واهم الصعوبات العملية المثارة في اطار صعوبات التنفيذ الوقتية تلك المتعلقة بمسطرة الحجز لدى الغير، والحجز التحفظي والتنفيذي واثارة الغير للصعوبة في تنفيذ حكم ليس طرفا فيه، والصعوبات المثارة بشان النفاذ المعجل للدعوى المدنية أو النفاذ المعجل للتعويض عن الضرر الناتج عن جريمة في اطار الدعوى المدنية التابعة وهذا النوع من اﻻشكال هو الذي نعالجه نظرا ﻻننا اخذنا منهجا لهذا البحث اﻻشك اﻻت التي تعترض اﻻحكام المدنية والزجرية وتعتبر طلبات ايقاف التنفيذ أمام المحكمة الزجرية اهم تطبيقات هذه اﻻزدواجية في اطار الفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية عﻼوة على ما يترتب على ذلك من اختﻼف في الر أي حول اشكالية ﻻزالت اقﻼم الباحثين تسيل بشانها اﻻ وهي مدى اختصاص القضاء اﻻستعجالي للبت في صعوبة التنفيذ المتعلقة بالدعوى العمومية ، خصوصا إذا علمنا انه من مستحدثات قانون المسطرة الجنائية الفرنسي ما نصت علي ه الفقرة الثانية من الفصل 515 التي تخول للرئيس اﻷول نفس الصﻼحيات الممنوحة له في اطار الفصل 526 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي وذلك حينما تغفل المحكمة الزجرية البت في طلب النفاذ المعجل للمطالب المدنية بشان الدعوى المدنية التابعة ) 1 ( .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( فهرست قانون المسطرة المدنية ص 4 ﺑﻨﺪ 48 . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
وعليه فاذا حكم القضاء الزجري للمطالب بالحق المدني في اطارا الدعوى المدنية التابعة بتعويض ناتج عن الجريمة ومشمول بالنفاذ المعجل، فهل يحق للمحكوم عليه بالمطالب المدنية المش مولة بالنفاذ المعجل ان يطلب من الرئيس اﻷول استندا الفقرة اﻷولى والثانية من الفصل 524 من قانون المسطرة المدنية السابق الذكر التدخل ﻻثارة اﻵثار الوخيمة العواقب ) 2 ( ؟
الحقيقة ان كﻼ من الفقه واﻻجتهاد القضائي الفرنسي لم تسلم اقﻼمهما كثيرا بشان هذه المسالة والتي تطرح في واقع اﻻمر اشكالية عامة حول امكانية تطبيق مقتضيات الفصول من 514 إلى 526 من ق م م والمتعلقة بالنفاذ المعجل من طرف القضاء الزجري ) 3 ( .
وبقي اﻻمر هكذا إلى ان تدخل المشرع الفرنسي في قانون المسطرة الجنا ئية أو نص صراحة في الفصل 515 ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺢ الرئيس اﻷول لمحكمة اﻻستئناف نفس الصﻼحيات المخولة لديه في الدعو ى المدنية وذلك من اجل ايقاف النفاذ المعجل لحكم زجري قضى بجعل المطالب المدنية مشمولة بالنفاذ المعجل، ع ﻼوة على ان الفصل 515 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي يخول للرئيس اﻷول صﻼحية ايقاف اﻻحكام ال مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون مادامت تستهدف الحكم بتعويض مسبق أو كلي للمطالب المدنية مع العلم ا ن القاعدة في جل التشريعات هو منع ايقاف اﻻحكام النافذة نفاذا معجﻼ بقوة القانون وهو ما اشار إليه صراحة ال مشرع المغربي في الفقرة اﻻخيرة من الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه ” ﻻ تطبق مقتضيات الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابع ﺔ من هذا الفصل، إذا كان التنفيذ المعجل بقوة القانون .” فما عساه يكون الموقف بالنسبة لطلبات ايقاف النفاذ المعجل أمام المحا كم الجنحية التي تنظر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 2 ( وقد جاء تعبير الفقرة الثالثة من الفصل 542 ﻛﺎﻻﺗﻲ : « si elle risque d’entrainer des conséquences maniféstement exessives ». ) 3 ( انظر تعليق بيرو وﻻركيبي :
– R. Perrot “observation, revue trimestrielle de droit civil, 1980; page 418et E 21 – A. M. Larquier « l’exécution pénale provisoire en matière pénale » Revue de science criminelle 1980 page 587 et 589. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
الفرع اﻷول طلبات ايقاف التنفيذ أمام المحكمة الجنحية
في اطار الفصل 400 من ق م ج لقد اختلف الفقه والقضاء في المغرب حول قبول طلبات ايقاف التنفيذ الم عجل أو عدم قبولها ) 1 ( أمام المحكمة الجنحية التي تنظر الدعوى المنية التابعة للدعوى لعمومية تبعا للطعن في الحك م بطريق اﻻستئناف . وينص الفصل 400 من قانون المسطرة الجنائية على انه ” تبث المحكمة عند اﻻقتضاء في التعويضات المدنية ويمكنها ان تامر بالتنفيذ المؤقت فيما يرجع خاصة ﻻداء التعويض عن الضرر كﻼ أو بعضا بعدما تعلل بوضوح مقررها في المسالة بعرضها الظروف الخاصة التي تبرره ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( انظر أوﻻ : تعليق اﻻستاذ عبد الكريم طبيح المنشور بمجلة المحاماة العدد 20 أكتوبر، شتنبر 1982 ص 113 . وما بعدها وثانيا تعليق اﻻستاذ الطيب بن المقدم على الحكم الصادر في 25 / 2 / 81 في الملف الجنحي عدد 1 / 81 ص 156 وما بعدها . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
لكن ما اثار النقاش كثيرا : مسالتان : مسالة ايقاف تنفيذ الحكم القاضي بالنفاذ المعجل للتعويض الممنوح كليا أو جزئيا أو مؤقتا والقضاء المختص بذلك هل القضاء الجنائي أو القضاء المدني اﻻ ستعجالي ؟ وكذا مسالة تنفيذ الحكم النهائي الصادر في الدعوى المدنية؟ ولذلك يقتضي هذا الفرع تقسيمه إلى المبحثين : اﻷول نعرض فيه بالراي الذي ينادي بقبول طلبات ايقاف التنفيذ أمام المحكمة الجنحية طبقا للفصل 400 من ق م ج ونعرض في المبحث الثاني، الراي الذي يرفض طلبات إيقاف التن فيذ أمام المحكمة الجنحية .
المبحث اﻷول الراي المؤيد ﻻختصاص المحكمة الجنحية
بالبت في طلبات ايقاف التنفيذ يرى انصار هذا الراي انه من الثابت ان مقتضيات المسطرة الجنائية و كذا المقتضيات الواردة في القانون الجنائي والمتعلقة بالشكل باعتبارها موضوعة اصﻼ لتامين حسن سير العدالة وضما ن المصلحة العامة ومصلحة اﻻفراد يجوز تفسيرها تفسيرا واسعا ﻻستخﻼص نية المشرع فيها، وذلك كاستعمال مبدا القياس، دون اضرار المتهم بهذا التفسير .
فالمشرع في اطار الفصل 400 ق م ج اجاز للقاضي الدرجة اﻷولى وبصفة استثنائية اﻻمر بالتنفيذ ال ﻤﺆﻗﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ للتعويض المحكوم به في الدعوى المدنية التابعة كﻼ أو بعضا شريطة ان يعلل حكمه في المسالة بوضوح .
ويرى هذا الراي انه من حق محكمة اﻻستئناف ان ترجع إلى مقتضيات المسط رة المدنية لتتميم وتكميل النقص الذي يشوب القوانين المسطرية اﻻخرى ومن بينها قانون المسطرة الجنائية . والقاعدة ان اﻻختصاص اﻻصيل للحكم بالتعويض هو للمحاكم المدنية، ولكن القانون يمنح المتضرر من الجريمة ، حق اللجوء للمحاكم الزجرية للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر، فتنظر المحكمة في دعويين احداهما زجرية وا ﻻخرى مدنية .
والمﻼحظ ان بعض التشريعات اﻷجنبية كالتشريع الفرنسي قد نصت بصفة مس تقلة عن النفاذ المعجل الواجب التعويض المسبق ) 1 ( ، وذلك الواجب للتعويضات النهائية ) الفصل 464 من ق م ج ( بينما اقتصرت المسطرة الجنائية المغربية على تنظيم النوع اﻻخير فقط . والمﻼحظ ايضا ان المحاكم المغربية كانت قبل اﻻستقﻼل وبعده تحاول ا ﻻقتباس من اﻻجتهاد الفرنسي في موضوع النفاذ المعجل الجائز لﻼحكام المدنية أما م القضاء الزجري وخاصة فيما يرجع لتطبيق قانون المسطرة المدنية أمام القضاء الزجري، حيث ظلت تلتمس الحل من اﻻ جتهادات الفرنسية الواردة بمناسبة تطبيق الفصل 464 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية ) 2 ( .
ويجب التنبيه إلى ان الفصل 400 من ق م الجنائية المغربي ﻻ يتطرق اﻻ لنوع واحد من انواع النفاذ ال معجل وهو النفاذ المعجل الجوازي اما الوجوبي فﻼ يعرف له تطبيقا بالمحاكم الزجرية ) 3 ( ، اما النفاذ المعجل بقوة القانون فهو المحكوم به في اطار ظهير 24 / 10 / 84 المتعلق بالتعويضات المدنية الواجبة لضحايا حوادث السير ) 4 ( .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ ) 1 ( اﻻجتهاد القضائي الفرنسي ﻻ يعتبر تعويضا مسبقا إلى ذاك الذي تامر ب ه المحكمة قبل تحديد التعويض النهائي . ) 2 ( التنفيذ المعجل لﻼحكام المدنية ص 195 المرجع السابق . ) 3 ( المرجع السابق ص 196 . ) 4 ( وقبله ظهير 8 / 7 / 27 المتعلق بالتعويضات المدنية الواجبة لضحايا حوادث السير . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
وقد ذهبت بعض المحاكم المغربية إلى قبول طلبات ايقاف التنفيذ المعجل على أساس ان عدم التسليم بمبدا طلب اﻻيقاف سيكون معناه افراغ شرط التعليل من محتواه وافقاده لكل معنى ) 1 ( . وﻻبد في تعليل الظروف الخاصة التي املت النفاذ المعجل والمبررة له، وانه في موضوع هذا التعليل ﻻ مجال ﻻعمال قواعد المسطرة المدنية، كما ذهب إلى ذلك المجلس اﻷعلى بقراره 1582 والصادر بتاريخ 2 مارس 1964 والذي استبعد تطبيق مقتضيات الفصل 191 منها والمقابل للفصل 147 من ق م م الحالي وذلك أمام المحاكم الزجرية على أساس انه ينظم دعوى النفاذ المعجل أمام القضاء المدني فقط . لكن ما هي الجهة المختصة للبت في الطلبات الرامية إلى ايقاف النفاذ ا لمعجل المأمور بها في اطار الفصل 400 ﻣﻦ قانون المسطرة الجنائية؟
ان تشريع المسطرة الجنائية جاء خاليا من أي نص يمكن من حل المسالة ال متعلقة بايقاف التنفيذ المعجل للحكم اﻻبتدائي من طرف محكمة اﻻستئناف الزجرية أو من طرف رئيسها اﻷول والنص الوحي د القابل للتطبيق هو الفصل 412 ﻣﻦ ق م ج الذي خول لمحكمة اﻻستئناف صﻼحية اﻻمر عند اﻻقتضاء بارجاع م ا يكون قد حكم به من تعويضات مدنية إذا نص الحكم اﻻبتدائي على تنفيذ الحكم مؤقتا ) أي معجﻼ ( ، وذلك إذا ما برات المتهم لكون الفعل ﻻ ينتسب إليه أو ﻻ تترتب عنه اية مخالفة للقانون الجنائي، وتطبيق هذا الفصل ﻻ يكون ا ﻻ بعد الحكم النهائي اﻻستئنافي في الموضوع القاضي بالبراءة وﻻ يعالج مسالة ايقاف التنفيذ قبل الحكم في موضوع اﻻستئناف ) 2 ( .
والمﻼحظ ان التنفيذ يكون اما تنفيذا عاديا أو تنفيذا معجﻼ وان التن فيذ العادي ﻻ يكون اﻻ بالنسبة لﻼحكام التي حازت قوة الشيء المقضي به أي اﻻحكام النهائية اما التنفيذ المعجل فهو يستهدف اﻻحكام التي لم تحز بعد قوة الشيء المقضي به أي تلك التي يوجب القانون لتنفيذها ان تكون نهائية اﻻ ان المشرع نظ را ﻻعتبارات اجتماعية أو لكون السند تنفيذي منح المنفذ له حق التنفيذ المعجل بالرغم من الطعن في الحكم باي طريق من طرق الطعن الموقفة للتنفيذ .
ان هذا الراي يعتبر منسجما مع القواعد القانونية العامة وخصوصا منها الفصل 3 من ظهير 28 ﺷﺘﻨﺒﺮ 1974 الذي صادق على قانون المسطرة المدنية والذي ينص على ما يلي : ” تستمر محاكم اﻻستئناف والمحاكم في تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمي ة الخاصة المنظمة لمساطر غاير منصوص عليها في هذا القانون ـ أي قانون المسطرة المدنية .
غير انه تطبق مقتضيات هذا القانون حتى في القضايا التي تنظمها نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة إذا لم يرد في هذه القوانين ـ كقانون المسطرة الجنائية بالنسبة لهذه الحالة ـ نص صر يح بها .” وعليه يجب ان ﻻ يغيب عن اذهاننا اﻻرادة اﻻسمى للشارع، وبما انه ﻻ يوجد ثمة نص في قانون المسطرة الجنائية ينظم امكانية المطالبة بالنفاذ المعجل المامورية في اطار الفصل 400 من ق م ج فانه يمكن اللجوء اﻻ الفصل 147 ﻣﻦ قانون المسطرة المدنية والتقدم بطلب ايقاف النفاذ المعجل أمام محك مة اﻻستئناف الجنحية لتقضي بقبول الطلب شكﻼ ولتحكم بما تراه موضوعا . فعندما يظهر بوضوح وجﻼء ان ارادة المشرع ﻻ يجب ابعادها كما هو الحا ل هنا بالنسبة لقبول طلبات ايقاف التنفيذ المعجل من حيث الشكل فانه يتعين سد فر اغ المسطرة الجنائية واللجوء إلى اتمامها بنصوص قانون المسطرة المدنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( الحكم الصادر عن محكمة استئناف مراكش بتاريخ 29 / 5 / 68 مشار إليه في مؤلف التنفيذ المعجل لﻼحكام المدنية ص 197 المرجع السابق . ) 2 ( مؤلف الدعوى المدنية التابعة لﻼستاذ عمر ابو الطيب ص 368 السنة 1995 المرجع السابق . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
ومن اﻻجتهادات القضائية في الموضوع القرار ) 1 ( الصادر عن محكمة اﻻستئناف بالرباط بتاريخ 28 / 11 / 67 والقاضي بقبول الطلب الرامي إلى ايقاف تنفيذ حكم قضى بالتعويض في اط ار الدعوى المدنية التابعة، وقد سار في نفس اﻻتجاه القرار ) 2 ( الصادر عن محكمة اﻻستئناف بمراكش بتاريخ 29 / 5 / 68 ومن اﻻجتهادات اﻻخيرة القرار ) 3 ( الصادر عن محكمة اﻻستئناف ) الغرفة الجنحية لحوادث السير، بالدار البيضاء والذي قضى بانه ” ﺗﺨﺘﺺ ﻣﺤﻜﻤﺔ
اﻻستئناف عند النظر في المادة الجنائية بمراقبة مدى التزام القاضي ا ﻻبتدائي بتطبيق مقتضيات الفصل 400 من ق م ج وهل هناك حالة استعجال ام ﻻ . واﻻمر بالتالي بايقاف التنفيذ المعجل المصرح به في الحكم الصادر عن المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 8 / 12 / 79 تحت عدد 1897 / 4 في الملف الجنحي عدد 1896 / 4 مع حفظ البت في الصائر إلى حين البت في الموضوع .”
وقد ظلت محكمة اﻻستئناف وفية في غالب اﻻحيان ﻻ تجاهها، ولكن هذا ا لراي وقع فيه تراجع خصوصا من طرف محكمة اﻻستئناف بالرباط التي حدت حدوها المحكمة اﻻبتدائية بالرباط اثناء نظرها في طلب ايقاف التنفيذ المعجل حيث قضت برفض الطلب الرامي إلى ايقاف التنفيذ المعجل مستندة على عدم وجود نص بقانون المسطرة الجنائية يسمح بذلك ) 4 .( وهذا هو اﻻتجاه الثاني الذي يمنع محكمة اﻻستئناف من البت في طلبات ايقاف النفاذ المعجل والذي خصصنا له المبحث الثاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ــــــــ
ـ ) 1 ( قرار منشور في العدد اﻷول لمجلة المحاكم المغربية السنة 67 ص 15 . ) 2 ( قرار منشور في العدد 3 من مجلة المحاكم المغربية السنة 68 . ) 3 ( قرار عدد 56 الصادر في 25 / 2 / 1981 ملف جنحي سير عدد 1 / 81 المنشور بمجلة القضاء والقانون عدد 131 ﻏﺸﺖ 1983 ص 156 وما بعدها . والمﻼحظ ان محاكم الرباط ومراكش والدار البيضاء كانت تامر بايقاف ال تنفيذ المعجل ومنها على الخصوص قرار محكمة اﻻستئناف بالرباط المؤرخ في 12 / 6 / 67 في الملف الجنحي رقم 6362 / 76 بالمحكمة اﻹقليمية بالبيضاء المنشور بمجلة المحاماة عدد 2 ص 65 وقد سارت محكمة اﻻستئناف البيضاء على نفس النهج في القرار الصادر عنها في 17 / 6 / 71 ملف جنحي سير عدد 1434 وقرار اخر صادر عن استئنافية الرباط بتاريخ 28 / 4 / 76 ملف جنحي سير 745 / 75 وهما قراران غير منشوران . ) 4 ( حكم المحكمة اﻻبتدائية بالرباط صادر في 18 / 6 / 76 ملف جنحي سير عدد 22462 مشار إليها مجلة القضاء والقانون العدد 131 ص 169 ﻏﺸﺖ 83 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
المبحث الثاني الراي الرافض
يجد هذا الراي سنده في اﻻجتهادات القضائية الصادرة عن المحاكم المغ ربية والفرنسية، كما يجد سنده القانوني في الفراغ التشريعي الذي يعتري قانون المسطرة الجنائية المغربي والفرنسي على حد سواء . ان التشريع المغربي قد نحا نفس المنحى الذي سلكه التشريع الفرنسي في هذا المضمار، فقد اهﻼ معا اتخاذ موقف واضح وصريح من طلبات ايقاف النفاذ المعجل مما ادى إلى صدور اجتهادات هنا في المغرب وهناك في فرنسا متباينة، وايضا تضاربت اراء الفقهاء – هنا وهناك – حولها ) 1 ( .
وقد راينا ان القائلين بجواز تقديم هاته الطلبات ﻻ ينكرون وجود فراغ تشريعي ولكنهم يقترحون لتﻼفيه اللجوء إلى قواعد المسطرة المدنية أما المعارضين فهم يتمسكون بحرفية النص المنظم للنفاذ المعجل، وﻻ يرون ان المسطرة المدنية مؤهلة لتغيير ما ارتضاه المشرع عن عمد، وﻻ ان يجد تطبيقا لها أمام ا لقضاء الزجري اﻻ بنص صريح ويستندون في ذلك إلى موقف اجتهاد القضاء الفرنسي والمغربي .
ومن اﻻجتهادات القضائية في المغرب القرار ) 2 ( الصادر عن محكمة اﻻستئناف بالرباط الذي قضت برفض طلب ايقاف التنفيذ المعجل للحكم اﻻبتدائي الصادر عن ابتدائية الربا والذي منح المتضرر تعويضات مشمولة بالنفاذ المعجل مرتكزا على عدم وجود نص بقانون المسطرة الجنائية يسمح بذلك .
والمﻼحظ ان بعض اﻻجتهادات الصادرة عن المحاكم المغربية استندت في ر فض طلبات ايقاف التنفيذ على مبدا لمحكمة النقض الفرنسية صادر بتاريخ 6 / 5 / 1965 والذي يتجلى منه ان حيثياته اعتبرت انه ما دام ﻻ يوجد نص تشريعي ي ﻤﻨﺢ محكمة اﻻستئناف الحق في ايقاف التنفيذ فانه ﻻ يجوز التوسع في التفس ير وتطبيق المسطرة المدنية والمﻼحظ ايضا ان المجلس اﻻعلى استقرت قراراته بشان مسالة طلبات ايقاف التنفيذ المعجل أمام المحكمة الجنحية على مبدا ” عدم القبول ” بعلة ان مثل هذه الطلبات لم ينص عليها قانون المسطرة الجنائية وبالتا لي فهو غير مقبول أمام القضاء الزجري ) 3 ( وقد ظل المجلس اﻷعلى وفيا لهذا المبدأ، في القرار الحديث الصادر بتا ريخ 9 / 9 / 76 في الملف عدد 27252 والذي نقض الحكم المطعون فيه الذي اعتمد في قضائه بوقف التنفيذ على نصوص قا نون المسطرة المدنية مبينا انه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( التنفيذ المعجل لﻼحكام المدنية ص 294 المرجع السابق . ) 2 ( والصائر بتاريخ 28 / 11 / 67 قرار عدد 47 مجلة المحاماة عدد 2 ص 65 .
) 3 ( قرار المجلس اﻷعلى بتاريخ 2 / 3 / 1964 عدد 1582 مشار إليه في مؤلف التنفيذ المعجل لﻼستاذ محمد السماحي ص 296 وايضا في مجموعة قرارات المجلس اﻷعلى ص 82 والقرار عدد 1338 الصادر بتاريخ
5 / 3 / 64 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
” كان يجب على المحكمة ان تطبق مقتضيات الفصل 400 ق م ج التي ﻻ تنص مطلقا على امكانية ايقاف التنفيذ المنصوص عليه فيها ) 1 ( ” ويرى انصار هذا الراي ان المطالبة بايقاف التنفيذ ليست اجراءا شكليا محضا بل انها ترمي خﻼف لذلك إلى حرمان الطرف المضرور من الحصول حاﻻ على التعويضات الممنوحة له بصفة مؤقتة وبصفتها هذه تكون المطالبة بايقاف التنفيذ بمثابة طريقة من طرق الطعن يستفيد منها المستانف ويتضرر منها المنفذ له، فقبولها يشترط اذن وجود نص قانوني خاص يجيز استعمالها .
لكن نﻼحظ ان هناك من اﻻعتبارات ما يجعل الراي اﻷول اقرب إلى الصوا ب واساس ذلك تحقيق العدالة فالتمسك بمبدا رفض هاته الطلبات بدعوى عدم التنصيص عليها في قانون المسطرة الجنائية هو ادعاء غير كاف، اذ كثيرا من المسال يتم حلها بنصوص وقواعد المسطرة المدنية بالنسبة للفراغ التشريعي التي قد ينتاب بعض النصوص الواردة في قانون المسطرة الجنائية، ثم ان مثل هذا اﻻشكال ليس وحده الموجود على مستوى المحاكم الجنحية، من ذلك مثﻼ إشكالية البث في صعوبات التنفيذ الموضوعية بالنسبة للشق المدني من الدعوى العمومية في اطار الفصل 436 و 26 من قانون المسطرة المدنية والتي تقابل إلى حد ما الفصول 643 إلى 647 وعلى الخصوص الفصل 646 من قانون المسطرة الجنائية، بل ان اﻻشكالية مطروحة حتى على مستوى قواعد قانون المسطرة المدنية ومدى تطبيقها على مدونة اﻻحوال الشخصية في حالة وجود مساطر شرعية ) 2 ( أي ان يظل اﻻختصاص لغرفة المشورة، وهي تبث في طلبات ايقاف التنفيذ المعجل، كما ذهبت إلى ذلك عدة اجتهادات في كل من المغرب ) 3 ( وفرنسا .
وخﻼصة القول انه إذا كان يدخل في وﻻية محكمة اﻻستئناف الغاء الحكم اﻻبتدائي القاضي بالتعويض برمته بانه من باب اولى ان يدخل في وﻻيتها الغاؤءه فيما قضى به من تعجيل بالتنفيذ ﻻن قاضي الكل هو قاضي الجزء وان من يملك اﻷصل يملك الفرع . هذا باختصار بعض صعوبات التنفيذ المتعلقة باﻻحكام المدنية فما عساه يكون اﻻمر بالنسبة ﻻشكاﻻت التنفيذ التي تعترض اﻻحكام الزجرية . هذا ما سنعالجه في الفصل الثاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( قرارات المجلس اﻷعلى الغرفة الجنائية السنوات 1962 ـ 1965 باللغة الفرنسية ص 82 ، مشار إليه في شرح قانون المسطرة الجناية اﻻستاذ الخمليشي الجزء اﻷول هامش 1 ص 12 . تعليق اﻻستاذ عبد الكريم طبيح عن القرار عدد 56 والصادر عن محكمة اﻻستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 25 / 2 / 81 مجلة المحاماة العدد 20 اكتوبر 82 ص 113 انظر ايضا تعليق اﻻستاذ الطيب بن المقدم في تعليق على نفس القرار ع دد 56 الصادر عن محكمة اﻻستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 25 / 2 / 81 والمنشور بمجلة القضاء والقانون العدد 131 ﺻﻔﺤﺔ 156 وما بعدها . ) 2 ( تدخل النيابة العامة في الدعاوي المدنية اطروحتنا لنيل دبلوم الدراسا ت العليا فرع القانون الخاص كلية الحقوق بالرباط ص 151 وما بعدها السنة 1993 . ) 3 ( بالنسبة للمغرب محكمة اﻻستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 28 / 11 / 67 عدد 48 وبالنسبة لفرنسا استئناف باريس في 6 يونو 1956 ومحكمة اكس في 18 / 4 / 50 مشار إليها في مؤلف التنفيذ المعجل لﻼحكام المدنية للدكتور محمد السماحي الصفحة 300 المرجع السابق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ــــــــ ـ
الفصل الثاني الصعوبة في التنفيذ الزجري)
1 ( ان دعوى اﻻشكال اما ان تثار بناء على ملتمسات النيابة العامة باعتبا رها الساهر على تطبيق القانون بداء من تحريك الدعوى العمومية إلى حين تنفيذها على المحكوم عليه أو بناء على طلب ب رفع الفريق المستشكل الذي يهمه اﻻمر سواء كان مطالبا بالحق المدني أو مسؤوﻻ عن الحقوق المدنية ) مالك العربة أو الوسيلة التي استعملت في ارتكاب الجرم أو شبه الجرم ( أو الغير المدخل في الدعوى ) الغير بالمعنى الواسع أو المفهوم العام ( والغير اﻻجنبي عن النزاع من جراء تنفيذ الحكم ) أي الغير بالمعنى الضيق ( الذي لم يكن طرف في الدعوى العمومية أو الدعوى المدنية التابعة وعموم ﺎ ﻛﻞ من تضرر من تنفيذ الحكم الزجري . ان تنفيذ اﻻحكام الجنائية من اختصاص النيابة العامة التي اوكل إليها المشرع صﻼحية تحريك الدعوى العمومية، والسهر على تنفيذها .
ﻻن قد تثار اشكاﻻت اثناء مرحلة التنفيذ سواء من طرف المحكوم عليه أ و غيره فتكون المحكمة التي اصدرت الحكم المستشكل ويكون قضاؤها الذي بت في الدعوى العمومية صاحب اﻻختصاص للف صل في هذا اﻻشكال . والمنطق يقتضي ذلك فﻼ يجوز للنيابة العامة ان تكون خصما وحكما باعتب ارها المحرك للدعوى العامة والساهر على تنفيذها حكمها مادامت تروم مصلحة، تعتبر معارضة لمصلحة المتهم المحكو م عليه ان دعوى اﻻشكال في التنفيذ غايتها الوحيدة طلب ايقاق التنفيذ المتنازع فيه فهي ليست طريقا من طرق الطع ن في اﻻحكام ﻻن طرق الطعن محددة على سبيل الحصر وليس اﻻشكال في التنفيذ طريقا أو طعنا من طرق الطعن في ا ﻻحكام بل هو تظلم من اجراء تنفيذ حكم : فما يدعيه المتهم من تزوير ﻻ يصلح قانونا ان يكون سببا لﻼستشكال في التنفيذ طالما ان امره كان معروضا على قضاة الحكم وان هذا القضاء قال كلمته فيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
) 1 ( ان مجال الصعوبة في التنفيذ الزجري واسع جدا وسوف نقتصر على البعض من ها على اننا سنعالج في حلقة اخرى ان شاء ﷲ الصعوبات في اثار العفو بنوعية العام والخاص واﻻكراه وا لطعن في صحة مسطرته، واﻻفراج المؤقت ودعاوي اﻻشكال في اﻻحكام اﻷجنبية ) ف 430 / من ق م م ( والغرامة التهديدية في اﻻحكام المدنية وتغيير تدبير اﻷحداث المتخذ من طرف قاضي اﻷحداث ) ف 556 ق م ج ( وغيرها كثير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــ
وعليه فالمسائل المعترضة المثارة كدفوعات ﻻ تنهض سببا موضوعيا لﻼشك ال فالدفع ليس هو الصعوبة أو اﻻشكال في التنفيذ . ودعوى اﻻشكال قد تثار من طرف النيابة العامة بناء على ملتمس أو من ط رف المطالب بالحق المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدخل في الدعوى ومن طرف الغير اﻻجنبي عن الحكم والذي قد يلحق به ضررا .
كما ان هناك فرقا بينا بين المسائل النزاعية العارضة بالتنفيذ وبين ت دارك الخطا الواقعي الذي يتضرر منه شخص حكم عليه من اجل جناية أو جنحة بحكم اكتسب قوة الشيء المقضي به من جهة وب ين الخطأ المادي الذي انتاب حيثيات أو منطوق الحكم .
فالمسائل النزاعية العارضة بالتنفيذ تحكمها وتنظمها مقتضيات الفصل 646 من ق م م والخطأ الواقعي الذي تخلل الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به اوجد له المشرع حﻼ هو باب المراجعة كطر يق غير عادي من طرق الطعن لتدارك الخطأ في اطار الفصل 613 وما بعده من ق م م اما الخطأ المادي الذي يعتري الحكم فان المحكمة ا لتي اصدرت هي صاحبة اﻻختصاص كما ترك اﻻجتهاد القضائي المغربي للمحكمة الجنحية كا مل اختصاصها للبت في اﻻشكال أو الصعوبة في التنفيذ سواء تعلق اﻻمر بالصعوبة في تنفيذ الدعوى العموم ية أو الدعوى المدنية التابعة اذ قضى المجلس اﻷعلى في اكثر من مرة بما يلي : على المحكمة الجنحية التي بتت في الدعوى المدنية التابعة وحددت التع ويض المدني المستحق للمتضرر من الجريمة ان تحدد مدة اﻻكراه البدني لتنفيذ الحكم وهي وحدها المختصة بهذا التحديد إذا ما اهملته وليست المحكمة المدنية وإﻻ تعرض حكمها للنقض.
وقلنا انه تختص النيابة العامة كما هو معروف بتنفيذ اﻻحكام الزجرية لكونها المكلفة بتحريك الدعوى عموما مع بعض اﻻستثناءات المتعلقة بقيود المتابعة كالشكوى واﻻذن وغيرهما، كما تع تبر النيابة العامة الساهرة على تنفيذ هذه اﻻحكام وقد تطرأ اثناء مرحلة تنفيذ الحكم الزجري اشكاﻻت أو عوارض ترفع من ط رف المحكوم عليه أو من طرف شخص اخر ومادامت النيابة العامة كخصم في مثل هذا اﻻشكال فان المحكمة هي التي تعتبر مختصة للبت في مثل هذه العوارض على ضوء الفصلين 646 و 647 من المسطرة الجنائية . وايقاف التنفيذ ليس طريقا من طرف الطعن في اﻻحكام التي حددها القانو ن على سبيل الحصر وميز بين العادية وغير العادية منها .
وينص الفصل 646 من ق م ج الذي هو قطب الرحى في هذه اﻻشكالية على انه يرجع النظر في ما يحدث في مسائل نزاعية عارضة تتعلق بالتنفيذ إلى المحكمة التي اصدرت الحكم المقصود ت نفيذه . اما المسائل العارضة التي تحدث في شان احكام المحكمة الجنائية فانها ترفع إلى المحكمة اﻻبتدائية أو الى المحكمة اﻹقليمية التي تالفت منها المحكمة الجنائية المذكورة .
ويقع البت في غرفة المشورة استنادا إلى ملتمسات النيابة العامة أو بن اء على طلب يرفعه الفريق الذي يهمه اﻻمر ويستمع إلى ممثل النيابة العامة والى محامي الفريق ان طلب ذلك والى ا لفريق نفسه ان اقتضى الحال ويسوغ للمحكمة ان تامر بايقاف التنفيذ المتنازع فيه، ان الصعوبة المثارة يجب ان تكو ن قائمة بعد صدور الحكم النهائي لذلك فالقضايا المتعرضة التي اثيرت كدفوعات ﻻ تصح ان تكون سببا موضوعيا في اﻻشكا ل وﻻ يجوز ايضا اثارتها من جديد قصد ايقاف الحكم الزجري الذي اكتسب قوة الشيء المقضي به وهذه القاعدة تنط بق ايضا على اﻻحكام المدنية .
والقاعدة ايضا ان العقوبة شخصية ” ﻻ تزر وزارة وزر اخرى ” صدق ﷲ العظيم، أي انها ﻻ تنفذ اﻻ على من صدر ضده الحكم لذلك فالعقوبات السالبة للحرية تنتهي بوفاة المحكوم عليه لذلك ﻻ يحق مﻼحقة ورثة المتهم اﻻ ما حكم على الفاعل من غرامات مالية في حياته فتحصل من تركته طبقا للفصل 50 من ق ج . لكن الحكم بالغرامة إذا اصبح نهائيا قبل وفاة المتهم المحكوم عليه فا نه يعد دينا عليه ينتقل إلى ورثته بعد الوفاة ويجوز التنفيذ عليهم في حدود نصيبه أو منابه من التركة .
لكن قد يتوفي المحكوم عليه عقب صدور الحكم أو خﻼل اجل الطعن، ان ال مقتضيات الجنائية حددت على سبيل الحصر اﻷطراف التي يحق لها الطعن في الحكم ولم تذكر ضمنهم الورثة اﻻ في ح الة الطعن بالمراجعة ) ق 614 من ق م ج .(
اما عوارض التنفيذ التي تنتاب الحكم الزجري كالتناقض الحاصل في اجزائ ه أو هوية المتهم ان المعول عليه في التنفيذ هو منطوق الحكم وحيثياته، اما التناقض الصريح في منطوق الحكم الذي ضم نه ممثل النيابة العامة والمطابق لما صرح به رئيس الهيئة وما ضمنه كاتب الضبط في محضر الحلية خطا وامضى على ا لرئيس فيمكن للنيابة العامة أو لمن يهمه اﻻمر تقديم التماس للمحكمة المصدرة للحكم المستشكل في اطار الفصل 646 من ق م ج عند التنفيذ عرض هذا النزاع عليها ﻻزالة العارض المطروح في اﻻشكال .
فقد يصدر حكم على متهم يدعي مثﻼ محمد العيادي في حين ان مرتكب الجري مة الحقيقي لم يتابع ومع ذلك صدر عن خطا حكم غيابي في مواجهة المتهم المجهول . هنا يجمع اﻻجتهاد والفقه على عدم اجازة احالة النزاع على الهيئة ا ﻟﺘﻲ بتت في الحكم المستشكل طبقا للفصل 646 من ق م ج ﻻن المتابعة بنيت في اﻷصل على باطل أي على شخص مجهول .
اما إذا كان الحكم قد اغفل بيانات متعلقة بهوية المتهم التي أوجدتها المادة 347 من ق م ج فان ذلك ﻻ يبطل الحكم طبقا ﻟﻠﻔﺼﻞ 352 من ق م ج وهو ما اقره المجلس اﻷعلى في العديد من قراراته لكن شريطة ان ﻻ يؤدي ذلك اﻻغفال في الهوية أو السوابق القضائية أو المهنة أو محل اﻻقامة إلى عدم التحقي ق أو التحقق من هوية المتهم . اما إذا صرح الشخص المنفذ عليه أو المقبوض عليه بعد فراره ان العقوبة ﻻ تنطبق عليه أو ان ثمة خطأ في شان هويته أو كان يحكم عليه تحت اسم غير اسمه ) مزورا أو مستعار ( فان النزاع يرفع إلى المحكمة المصدرة للحكم المستشكل بطلب من يهمه اﻻمر ويمكن للمحكمة ان تامر بسائر التحريات كاﻻحالة ع لى مصلحة تحقيق الشخصية القضائية ) التشخيص القضائي ( أو عرضه على خبير أو اﻻطﻼع على وثائقه اﻻدارية وذلك تطبيقا الفصل 640 من ق م ج .
اما إذا بوشر التنفيذ في الشق المدني للحكم الزجري بعد الطعن فان عنص ر اﻻستعجال يقتضي من رئيس المحكمة اﻻبتدائية ايقاف تنفيذه . وقد ذهب المجلس اﻷعلى في احد قراراته إلى ان اﻷصل في التشريع المغر بي ان كل محكمة مختصة بالبت في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ احكامها وقراراتها ما لم يرد نص خاص يخالف ذلك . هذا باختصاص مجمل اﻻشكاﻻت المتعلقة بالتنفيذ الزجري أو هناك اشكاﻻ ت ﻻ يتسع المجال لبسطها تتعلق بالعفو الشامل والمصادرة، والعقد الخاص، واصابة المحكوم عليه بخلل عقلي اثنا ء مرحلة التنفيذ، وتغيير التدبير المحكوم به في حق الحدث طبقا للفصل 557 من ق م ج التي ترجع اﻻختصاص في جميع المسائل العارضة ودعاوى تغيير التدابير بخصوص الحرية المحروسة واﻻيداع بمركز رعاية الطفولة والكف الة في حق الحدث، الخاضع لمقتضيات الفصل 516 إلى 565 وكذلك الصعوبات المتعلقة برد اﻻعتبار، واﻻدماج الذي يختص به النيا بة العامة والمتعلق بمرحلة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية والضم الموكولة لمحكمة الموضوع اثناء عرض النزاع عليها . وسوف نعرض هذه اﻻشكاﻻت مستقبﻼ ان شاء ﷲ. والسلام.
اترك تعليقاً