العقد الابتدائي:
يتناول المشروع، في المواد من (70 إلى 73) لنوع خاص من العقود، تتميز بأنها تستهدف التمكين من قيام عقود أخرى غيرها، أو تستتبع إعادة إبرامها بذاتها في ثوب جديد، على نحو يقتضيه القانون، فالسمة الجامعة لهذه العقود أنها عقود أولية، أو هي كما يُطلق عليها أحيانًا، عقود ما قبل العقود avant contrats.
فتعرض المادة (70) للعقد الابتدائي، من حيث حالات قيامه وأثره. وهي تقضي بأن العقد يعتبر ابتدائيًا كلما كان من شأنه أن يبرم مره ثانية أو في صورة أخرى جديدة. وإعادة إبرام العقد الابتدائي، في شكله النهائي، قد تقتضيها طبيعة العقد ذاتها، وعلى الأخص إذا كان ذلك متطلبًا لإنجاز ما يفرضه القانون من إجراءات لسريان العقد أو لإنتاج أثر من آثاره، كما هو الشأن بالنسبة إلى بيع العقار، حيث يلزم إعادة إبرامه على نحو معين لإمكان تسجيله، ومن ثم لكي ينتج أثره في نقل الملكية، وكذلك بالنسبة إلى الرهن الحيازي، حيث قد يلزم إعادة صياغته في شكل جديد، حتى يتسنى شهره بالقيد، ويتيسر بذلك إتمام إجراءات نفاذه في حق الغير، ولا يوجد ثمة ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان على إعادة إبرام عقدهما في صورة جديدة، كما إذا اتفقا على وجوب تحرير العقد الذي يبرمانه، تيسيرًا لإثباته، فيتصف عقدهما الأول حينئذٍ بأنه ابتدائي.
وترتب الفقرة الأولى من المادة (70) على كل من طرفي العقد الابتدائي التزامًا بإبرام العقد النهائي في الميعاد المحدد فيه. وإن لم تحدد مدة لإبرام العقد النهائي، وجب على المتعاقدين إبرام هذا العقد الأخير، في فترة معقولة، تخضع في تقديرها لقاضي الموضوع.
وتقضي الفقرة الثانية من المادة (70) بأن العقد النهائي يُبرم بنفس شروط العقد الابتدائي، ما لم يتفق طرفاه على إجراء تعديل فيها، أو كان هذا التعديل مما تستوجبه طبيعة المعاملة، كإجراء تعديل في حدود العقار مثلاً، على نحو ما يستبين من الإجراءات التمهيدية في التسجيل. كما أنه يمكن إجراء التعديل إذا اقتضته ظروف الحال، كما إذا مات المشتري، ورغب ورثته في أن يُكتب العقد النهائي بأسمائهم، ولم يكن في ذلك أي خطر يتهدد المشتري.
ويلاحظ أن إضفاء وصف (الابتدائي) على العقد لا يغير من حقيقته المتمثلة في أنه عقد كامل، وأنه ذات العقد الذي يقصده عاقداه أولاً وأخيرًا، وإذا كان العقد الابتدائي هو ذات العقد المقصود أولاً وأخيرًا، وجبت أن تراعى فيه كل الأحكام المتطلبة للانعقاد والصحة، بما فيها شرط الشكل إن لزم.
وتواجه المادة (71) الإخلال بالالتزام الذي يفرضه العقد الابتدائي على كل من طرفيه المشاركة في إبرام العقد النهائي، وهو الالتزام الذي قررته المادة (70) وتجعل له جزاءً متمثلاً في تخويل الطرف الذي يحصل الإخلال إضرارًا به الحق في أن يقاضي غريمه، ويطلب الحكم، بصحة العقد الابتدائي ونفاذه. وهو حق يثبت له دون إخلال بما تقضي به القواعد العامة من حقوق أخرى.
على أنه يلزم للحكم بصحة العقد الابتدائي ونفاذه أن يكون المتعاقد الذي يطلبه غير مخل بدوره بالتزاماته. فإن كان مخلاً، بأن لم يوفِ بما فرضه عليه العقد من التزامات حالة، امتنع عليه طلب الحكم بصحة العقد ونفاذه، فلا عهد لمن لا عهد له.
وتقضي المادة (71) في فقرتها الثانية بأن الحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد الابتدائي يقوم مقام العقد النهائي ويغني عنه وما ذلك إلا إعمال للقاعدة العامة في التنفيذ العيني للالتزام.
ونص المادة (71) وإن كان مستحدثًا غير أن حكمه لا يتمثل خلقًا جديدًا وابتكارًا، فهو من وجه مجرد تطبيق للقواعد العامة في تنفيذ الالتزام. وهو من وجه ثانٍ قد بات حكمًا مستقرًا ثابتًا في القضاء، في دولة الكويت كما هو الشأن في دول عربية أخرى سبقتها إليها، وعلى الأخص مصر.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً