نبذة عن: منازعات التنفيذ:
التنفيذ بطريق الحجز ينقسم إلى مرحلتين: (أولاهما) هى المرحلة التحفظية التي تهدف إلى وضع المال تحت يد القضاء تمهيداً لبيعه أو لاقتضاء حق الدائن منه (والثانية) هى المرحلة التنفيذية بالمعنى الصحيح وهى مرحلة بيع المال (منقولا كان ام عقارا) بالمزاد العلني وتحويله نتيجة لذلك إلى مبلغ من النقود يقتضى الدائنون حقهم منه فيوزع عليهم اما بحسب الأولوية إن كان فيهم دائن له أولوية واما بحسب قسمة الغرماء إن كانوا جميعاً دائنين عاديين ليس لأحد منهم على الآخرين ميزة فيقسم بينهم على سواء كل منهم بنسبة دينه إلى مجموع الديون المحجوز بها أي التي وقع الحجز لاستيفائها.
ويلاحظ أن مرحلة البيع متصورة في حالة الحجز على المنقول أو على العقار. أما في حجز ما للمدين لدى الغير فإن المرحلة الثانية أي مرحلة التنفيذ الحقيقي أو العملي لا تتمثل في بيع المال المحجوز عليه – الا في صورة خاصة([1]). وانما تتمثل في اقتضاء الدائن لحقه من المال المحجوز عليه رأساً، لأن المفروض أن المال المحجوز عليه هو بذاته مبلغ من النقود فلا يتصور بيعه لتحويله أو لاستبداله بمبلغ آخر من النقود معادل له – لأن هذا عبث – وانما الذى يتصور في هذه الحالة هو أن يقتضى الدائن حقه منه رأسا ومباشرة. فالتنفيذ بطريق الحجز ينطوي إذن على مرحلتين: حجز وبيع أو حجز واقتضاء. على أن بين المرحلتين سالفتي الذكر مرحلة وسطى تتخللها وهى مرحلة تصفية المنازعات.
ذلك بأن الحجز عادة لا يمر بسهولة ولا يمضى إلى غايته في يسر وانما تعترضه في الغالب عقبات وتصادفه صعوبات: فقد ينازع المدين في الحجز وقد ينازع فيه الغير ومن العدالة أن تتاح للمدين وللغير فرصة المنازعة في الحجز حتى لا يطغى الدائن فيه أو يتعدى حدود القانون وحتى لا يكون الحجز مثابة أو وسيلة للاعتداء على حقوق الغير أو للتعدي على حق المدين: فهذه صورة من صور الدفاع التي ينبغي أن يفتح المشرع لها الطريق. ومن هنا كانت المرحلة الوسطى ما بين المرحلة التحفظية والمرحلة التنفيذية في أي لون من ألوان الحجز هى المرحلة التي يفتح فيها باب الاعتراض على الحجز والمنازعة فيه. وفى هذه المرحلة تصفى المنازعات فان صفيت لصالح المعترض (سواء كان هو المدين أو الغير) فإن الحجز يسقط أو ينتهى عند هذا الحد ولا نصل إلى مرحلة البيع أو مرحلة الاستيفاء. اما إذا صفيت المنازعات بما فيه مصلحة الدائن الحاجز فإنه يمضى بعد ذلك في طريقه إلى مرحلة التنفيذ الحقيقي (أي مرحلة البيع أو مرحلة القبض) وتعتبر الوسطى – مرحلة المنازعات – بمثابة جملة اعتراضيه تتخلل الحجز والتنفيذ. ومن هنا كانت أهمية المنازعات في التنفيذ وأهمية المرحلة الوسطى (مرحلة تصفية المنازعات) فهي قلب التنفيذ أو لب التنفيذ.
والمنازعات التي تثار في هذه المرحلة قد تكون منازعات مستعجلة وقد تكون منازعات موضوعية. وقد أنشأ المشرع نظام (قاضى التنفيذ) لمعالجة هذه المرحلة: فالمحضرون يقومون بالإجراءات. أما المنازعات فينظرها قاض متخصص ومخصص لها وهو قاضى التنفيذ: ينظرها بصفته قاضياً مستعجلا أن كانت مستعجلة وبصفته قاضياً موضوعياً أن كانت موضوعية كما أنه يعتبر قاضياً وقتيا بالنسبة للأمور الوقتية والمنازعات الوقتية أو العقبات الوقتية التي تعترض التنفيذ: فتعرض عليه ليقرر في شأنها ما يراه ملائما من الاجراءات أو التدابير وما يتفق مع الظروف المحيطة بها والملابسة لها. وقد يعهد بمنازعات التنفيذ المستعجلة إلى قاضى الأمور المستعجلة العادي فيعتبر بالنسبة لها بمثابة قاضى للتنفيذ لأنه لا يعد وان يكون قاضياً جزئياً فإذا خلع عليه المشرع صفة (قاضى التنفيذ) أو أسبغ عليه ولاية (قاضى التنفيذ) بالنسبة لبعض المنازعات – فإنه يعتبر في هذه الحالة قاضياً للتنفيذ فيما يتعلق بمنازعات التنفيذ المستعجل أي يسند إليه الشق المستعجل من وظيفة قاضى التنفيذ فيكون مختصاً بمنازعات التنفيذ المستعجلة (اختصاصاً نوعياً) لا شبهة فيه.
ومنازعات التنفيذ المستعجلة يطلق عليها عادة اسم (اشكالات التنفيذ) أو (اشكالات التنفيذ المستعجلة) وهى اشكالات أو منازعات عامة يمكن أن نتصور اثارتها بالنسبة لتنفيذ أي حكم مهما كان أمره: وسواء كان التنفيذ قد بدأ أو لم يبدأ وسواء كان التنفيذ يتم بطريق الحجز أو بطريق التنفيذ العيني.
أما منازعات الموضوعية في التنفيذ فإنها قد تتعلق بالإجراءات المتبعة فيه أو تتصل بأي سبب آخر يحتاج الأمر فيه إلى بحث متعمق أو إلى تمحيص موضوعي يمس أصل الحق. ولكل نوع من أنواع الحجز منازعاته الموضوعية الخاصة به: ففي حجز المنقول نجد أن المنازعة التي يتميز بها هى دعوى الاسترداد وفى حجز العقار نجد أن المنازعات المتعلقة به تتمثل في دعوى الاستحقاق الفرعية وفى الاعتراضات على قائمة شروط البيع وفى طلبات التأجيل والايقاف (الوجوبي منه والجوازي).
ولا يتصور في نطاق حجز المنقول أن تثار اعتراضات على قائمة الشروط أو أن ترفع دعوى استحقاق وانما تسمى الدعوى التي ترفع بشأنه باسم دعوى استرداد المنقولات المحجوزة. كما لا يتصور في نطاق حجز العقار رفع دعوى استرداد لأن هذه الدعوى خاصة بالمنقولات وانما تسمى الدعوى التي ترفع في هذا المقام باسم “دعوى الاستحقاق الفرعية”. ومن هنا نرى أن لكل نوع من أنواع الحجز منازعاته التي يتميز ويستقل بها ولذلك نبدأ بتناول اشكالات التنفيذ باعتبارها من المنازعات العامة التي يمكن أن تثار بالنسبة لسائر أنواع التنفيذ: وهى تتميز بصفة الاستعجال.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً