اضاءات حول مواعيد السقوط في القانون المصري
مواعيد السقوط
ميعاد السقوط هو الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، وبخاصة لتحديد الوقت الذي يجب استعمال رخصة قررها القانون.
فميعاد السقوط ميعاد حتمي لابد أن يتم العمل المُعين في خلاله، وإلا كان باطلاً.
وميعاد السقوط لا يقف سريانه ولا ينقطع ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه دون حاجة إلى أن يتمسك الخصم به، ولا يتخلف عنه التزام طبيعي، بخلاف التقادم المُسقط.
وميعاد السقوط يغلب أن يكون قصيراً، على خلاف مواعيد التقادم، ويغلب أيضاً أن يتولى النص التشريعي نفسه بيان ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم أو ميعاد سقوط. إلا أن معيار التفرقة بينهما هو تبين الغرض الذي قصد إليه القانون من تقرير هذا الميعاد. فإن كان لحماية الأوضاع المستقرة أو لغير ذلك من أغراض التقادم، فهو ميعاد تقادم. وإن كان لتحديد الوقت الذي يجب في خلاله استعمال حق أو رخصة، فهو ميعاد سقوط. ومن ثم يكون ميعاد السقوط عنصراً من عناصر الحق يدخل في تكوينه ولا يتم الحق بدونه.
ومن مواعيد السقوط ما يُعتبر من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ويجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه. ومنها ما لا يُعتبر من النظام العام، فيجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره أو النزول عنه بعد سريانه ولا يجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.. ومواعيد السقوط تكون من النظام العام أو لا تكون، تبعاً لما إذا كانت تحقق مصلحة عليا للمجتمع بأسره أو كانت مقصورة على حماية لمصالح الأفراد. فميعاد دعوى الاستغلال مثلاً يمكن اعتباره من النظام العام، أما ميعاد دعوى نقض القسمة للغبن فيبدو أنه لا يعتبر من النظام العام. ومن أمثلة المواعيد التي لا تعتبر من النظام العام كذلك: ما نصت عليه المادة 455 من القانون المدني، وهي تحدد ميعاد الشهر لإخطار البائع بالخلل الذي في المبيع وميعاد ستة أشهر لرفع الدعوى، وتقول بعد ذلك “كل هذا ما لم يتفق على غيره”، فليست هذه المواعيد من النظام العام بل يجوز الاتفاق (صراحة أو ضمناً) على إطالتها أو تقصيرها أو النزول عنها بعد سريانها.
(المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: “نظرية الالتزامات بوجه عام” – المُجلد الثاني: “انقضاء الالتزام” – الطبعة الثانية 1984 القاهرة – بند 594 – صـ 1168 : 1174 وهوامشها – مع بعض التصرف).
النصوص القانونية ذات العلاقة:
لما كان ما تقدم، وكانت الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أن: “يجوز للمحتكر أن يطلب استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي قدرته اللجنة المنصوص عليها في المادة الخامسة، وذلك بشرط أن يبدي رغبته في الاستبدال خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار اللجنة إذا صدر في حضوره، أو من تاريخ إعلانه به إذا صدر في غيبته”. (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة يتحدث فقط عن إبداء الرغبة وليس عن دفع الثمن).
كما تنص المادة الثانية عشر من القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة على أنه: “إذا طلب المُحتكر استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي تقدره اللجنة القضائية المختصة وفقاً لحكم المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 المُشار إليه (إي بإبداء الرغبة في الاستبدال في خلال الـ 30 يوم)، فعليه أن يودع قيمتها خزانة منطقة الهيئة المختصة، وإذا كان الاستبدال بالتقسيط فيودع المُحتكر 20% من الثمن المُقدر بمعرفة اللجنة القضائية والباقي بما فيه من زيادة يُقسط وفقاً للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة”. (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة لم يُحدد ميعاداً معيناً لإيداع الثمن أو مُعجله الخزانة المختصة).
كما تنص المادة الثامنة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أنه: “لهيئة الأوقاف المصرية الحق في الاحتفاظ بالعقار كله إذا رأت المصلحة في ذلك مع صرف ريع ثمن الأرض وقيمة البناء أو الغراس للمحتكر، وذلك وفقاً للقيمة التي قدرتها اللجنة المُشار إليها في المادة الخامسة، على أن تبدي الهيئة رغبتها في ذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورة قرار اللجنة نهائياً”. (مع ملاحظة أن هذا النص بهذه الصياغة يتحدث فقط عن إبداء الرغبة وليس عن إيداع الثمن).
كما تنص المادة الثانية عشر من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة تنص على أنه: “يُتبع في شأن الأحكام التي صدرت قرارات بإنهائها قبل العمل بهذا القانون الإجراءات المنصوص عليها في المواد السابقة، وذلك فيما عدا الأحكار التي تمت إجراءاتها نهائياً وقام المحتكر بسداد الثمن أو معجله، ويتم في هذه الحالة الاستبدال بعقد يوقعه وزير الأوقاف أو من ينيبه في ذلك”.
التطبيق السليم:
ويتضح مما سلف، أن ميعاد الـ 30 يوماً المنصوص عليه في المادتين السابعة والثامنة من قانون إنهاء الأحكار رقم 43 لسنة 1982 هو ميعاد سقوط، لكونه الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، فهو تحديد للوقت الذي يجب فيه استعمال رخصة قررها القانون. علماً بأن هذه الرخصة هي فقط مجرد “إبداء الرغبة” وليس “سداد الثمن أو معجله” سواء بالنسبة للمحتكر في المادة السابعة أو بالنسبة لهيئة الأوقاف في المادة الثامنة.
ويتضح كذلك أن مدة الـ 30 يوماً سالفة الذكر – باعتبارها ميعاد سقوط – ليست مُتعلقة بالنظام العام، لكونها لا تهدف إلى تحقق مصلحة عليا للمجتمع بأسره، وإنما تهدف فقط إلى حماية مصالح أشخاص القانون الخاص. حيث أن أموال الوقف هي أموال خاصة، وهيئة الأوقاف عند قيامها بإدارة واستثمار والتصرف في هذه الأموال (بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف) تعد من أشخاص القانون الخاص.. مما يعني أنه يمكن الاتفاق (صراحة أو ضمناً) على مُخالفتها سواء بإطالة مدة ميعاد السقوط أو تقصيرها أو النزول والتنازل عنها بعد سريانها كما لا يجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه..
مع الأخذ في الاعتبار أن الاتفاق (سواء صراحةً أو ضمناً) يقتضي تراضي الطرفين، فإذا عرض المُستبدل الثمن أو مُعجله بعد فوات ميعاد السقوط لإبداء الرغبة وقبلته الهيئة منه، عُد هذا تنازلاً من الهيئة (ولو ضمنياً) عن التمسك بميعاد السقوط المذكور والتزمت الهيئة باستكمال إجراءات الاستبدال، بعكس ما إذا رفضت الهيئة قبول ذلك منه وتمسكت بسقوط حق المُستبدل في ذلك. والعكس صحيح فإذا عرضت الهيئة الثمن على المستبدل بعد فوات ميعاد السقوط لإبداء رغبتها في استبدال العقار كله وقبل المُستبدل منها ذلك، عُد ذلك تنازلاً من المُستبدل (ولو ضمنياً) عن التمسك بميعاد السقوط المذكور والتزم المُستبدل باستكمال إجراءات الأستبدال، بعكس ما إذا رفض المُستبدل قبول ذلك من الهيئة وتمسك بسقوط حق الهيئة في ذلك.
قواعد التفسير القانون واللائحة:
وكما سلف القول، فإن ميعاد الـ 30 يوماً المنصوص عليه في المادتين السابعة والثامنة من قانون إنهاء الأحكار رقم 43 لسنة 1982 هو ميعاد سقوط، لكونه الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل مُعين، فهو تحديد للوقت الذي يجب فيه استعمال رخصة قررها القانون. علماً بأن هذه الرخصة هي فقط مجرد “إبداء الرغبة” وليس “سداد الثمن أو معجله” سواء بالنسبة للمحتكر في المادة السابعة أو بالنسبة لهيئة الأوقاف في المادة الثامنة.
علماً بأنه لا يوجد نص قانوني يلزم المستبدل أو الهيئة بسداد الثمن أو معجله في خلال الـ 30 يوماً المذكورة، لا في قانون إنهاء الأحكار ولا في لائحته التنفيذية ولا في مذكرته الإيضاحية. ولا مجال للقول بأن اشتراط سداد الثمن أو معجله في خلال الـ 30 يوماً المذكورة مُستفاد من “تفسير” نصوص قانون إنهاء الأحكار وتفسير نصوص لائحته التنفيذية، وذلك للأسباب التالية:
أولاً- لأن تفسير النصوص القانونية لا يكون إلا عند وجود غموض أو لبس فيها.
وثانياً- لأن هذا التفسير يقوم به المُشرع نفسه (في حالة التفسير التشريعي) أو القضاء (سواء المحكمة الدستورية العليا أو قاضي الموضوع).
وثالثاً- لأنه يُشترط في التفسير أن يُبين الغموض وأن يزيل اللبس فقط لا أن يستحدث حكم جديد مُغاير لم يأت به النص.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة من المُراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مُضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها، ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم”. (الطعن رقم 188 لسنة 31 قضائية – جلسة 2/12/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1191. والطعن رقم 1392 لسنة 47 قضائية – جلسة 29/5/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 1958. وراجع أحكام أخرى في: “قضاء النقض في المواد المدنية” – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المُجلد الأول – القاعدة رقم 1696 صـ 585 و 586).
ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أنه: “متى كان النص القانون واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المُراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداء بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالحكمة التي أملته وقصد المُشرع منه أو ما تضمنته المُذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه”. (الطعن رقم 738 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/11/1989. المصدر: المرجع السابق – القاعدة رقم 1710 مكرر جـ – صـ 596).
ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً أنه: “متى كان النص عاماً مُطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل”. ( الطعن رقم 1245 لسنة 50 قضائية – جلسة 26/4/1984. المصدر: المرجع السابق – القاعدة 1708 – صـ 592).
وجميع تلك الشروط المُتطلبة في تفسير النصوص القانونية غير متوافرة في حالتنا الماثلة حيث أن نصوص قانون إنهاء الأحكار ولائحته التنفيذية واضحة جلية المعنى قاطعة الدلالة على المقصود منها وهو “إبداء الرغبة”، كما لم يتول المُشرع أو القضاء تفسير تلك النصوص (وهما الجهتان المخولتان تفسير القوانين)، وعليه لا يجوز استحداث حكم جديد مُغاير لم تأت به تلك النصوص “باشتراط سداد الثمن أو مُعجله” بزعم أن ذلك مُستفاد من طريق التأويل أو التفسير.
عدم تعديل اللائحة للقانون:
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلا يجوز القول (قانوناً) بأن المادة الثانية عشر من القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة والتي تنص على أنه: “إذا طلب المُحتكر استبدال ثلاثة أرباع الأرض التي أختص بها الوقف بما يقابلها من الثمن الذي تقدره اللجنة القضائية المختصة وفقاً لحكم المادة السابعة من القانون رقم 43 لسنة 1982 المُشار إليه (إي بإبداء الرغبة في الاستبدال في خلال الـ 30 يوم)، فعليه أن يودع قيمتها خزانة منطقة الهيئة المختصة، وإذا كان الاستبدال بالتقسيط فيودع المُحتكر 20% من الثمن المُقدر بمعرفة اللجنة القضائية والباقي بما فيه من زيادة يُقسط وفقاً للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة”. لا يجوز (قانوناً) القول بأن تلك المادة تشترط سداد الثمن أو مُعجله خلال مُدة الـ 30 يوماً سالفة الذكر (والمُشار إليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار)، لأن ذلك القول يعني أن نص اللائحة عدل نص القانون وأضاف إليه شرط لم يرد فيه وهذا غير جائز قانوناً، وذلك للأسباب التالية:
أولاً- أن إلغاء التشريع أو تعديله لا يكون إلا بتشريع مثله، أي يصدر عن مجلس الشعب طبقاً للإجراءات المُعتادة لسن القوانين، ولا يجوز إلغاء التشريع أو تعديله بلائحة تصدر بقرار وزاري من الوزير المُختص. حيث تنص المادة الثانية من القانون المدني على أنه: “لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع”.
ثانياً- أن المادة 144 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية لعام 1971 تنص على أنه: “يُصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يُصدر القرارات اللازمة لتنفيذه”..
فاللائحة التنفيذية إذن تفصل حيث أجمل القانون، وتفسر حيث عمم القانون، وتضع الإجراءات حيث لم يضع القانون إلا القواعد الموضوعية، واللائحة بصفة عامة تسهل على السلطات العامة مهمة تنفيذ القوانين في الدولة. واللائحة إذ تفعل ذلك كله لا يمتد نطاقها – وفقاً للدستور ذاته – إلى حيث تتعارض مع القانون الصادرة هي لتنفيذه، ولا تصل إلى حد تعديل مضمون القانون، ولا يجوز للائحة أن تعفي أحداً من أحكام فرضها القانون، لأن اللائحة في هذه الأحوال جميعها لا تؤدي إلى تنفيذ القانون بل على العكس تؤدي إلى عدم تنفيذه أو تنفيذه على نحو غير النحو الذي قصد إليه المُشرع. ولا يجوز للائحة عن طريق تفسير بعض الأحكام المُجملة في القانون أن تعمد إلى تحوير مضمونه وإضافة أحكام موضوعية جديدة، ذلك أن إضافة أحكام موضوعية جديدة إلى القانون لا يكون إلا بقانون مثله، فإذا عمدت السلطة التنفيذية وهي تضع اللائحة إلى مثل ذلك فإنها تكون قد تعدت النطاق المرسوم لها وتجاوزت اختصاصها واعتدت على اختصاص سلطة التشريع. (المصدر: “النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية” – للدكتور/ يحي الجمل – طبعة 1974 القاهرة – صـ 210 و 211).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون”. (الطعن رقم 476 لسنة 26 قضائية – جلسة 31/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 734. المصدر: “قضاء النفض في المواد المدنية” – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المُجلد الأول – القاعدة رقم 1749 – صـ 624).
ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً أن: “الأصل أن اللائحة لا تعدل تشريعاً إذ هي في مرتبة أدنى منه”. (الطعن رقم 25 لسنة 27 قضائية – جلسة 29/11/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1078. المصدر: المرجع السابق – نفس الموضع – القاعدة رقم 1750 – صـ 624).
لما كان ذلك، وكانت المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون إنهاء الأحكار لم تشترط التزام المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجله خلال مُدة الـ 30 يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، فضلاً عن أنه لا يجوز للائحة التنفيذية أصلاً تعديل نص القانون أو إضافة شرط جديد لم يأت به نص القانون، وإن هي فعلت ذلك (وهي لم تفعل على أي حال) فإنها ستكون معيبة بعيب مُخالفة الدستور ومشوبة بعدم الدستورية لمُخالفتها لصريح نص المادة 144 من الدستور سالفة الذكر.
وإذا كانت اللائحة التنفيذية للقانون لا تملك تعديل نص القانون أو إضافة شرط جديد لم يأت به النص القانوني، فمن باب أولى إن أية قرارات إدارية أخرى – تنظيمية كانت أو فردية – يصدرها مجلس إدارة الهيئة لا تملك ذلك أيضاً (في حالة فرض وجود مثل هذه القرارات من أصله – حيث أنه لم يرد في لائحة استبدال واستثمار أعيان وأموال الوقف الصادرة بالقرار رقم 11 لسنة 2003 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 55 في 13/3/2004 أي تنظيم أو إشارة لتحديد المُدة الواجب فيها سداد الثمن أو مُعجله لصفقات الاسبتدال المبرمة طبقاً لنص المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار).
مع الأخذ في الاعتبار أن نص المادة 12 من اللائحة سالفة الذكر يقتصر فقط على تنظيم أحكام (حالة) قيام المُستبدل بإبداء الرغبة في الاستبدال طبقاً لنص المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار (بصريح نص المادة 12 من اللائحة)، ولكن هذا النص المذكور لم يُشر من قريب أو بعيد إلى (حالة) قيام الهيئة بإبداء الرغبة في الاستبدال طبقاً لنص المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار. بمعنى أنه حتى لو تم الزعم بأن نص المادة 12 من اللائحة سالفة الذكر يشترط التزام المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجلة في خلال مُدة الـ 30 يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة، فإن هذا الزعم لا يسري (وهذا الشرط المُفترض لا ينطبق) بأي حال على حالة قيام الهيئة بإبداء الرغبة في استبدال العقار كله طبقاً لنص المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار، أي أنه إذا أبدت الهيئة رغبتها في استبدال العقار كله خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار فإنها تستطيع القيام بسداد ثمن الصفقة في الوقت المناسب وفقاً لأحكام القانون المدني، ولا يشترط سدادها الثمن في خلال مُدة الـ 30 يوماً المذكورة. (ملحوظة: الفقرة الأولى من المادة 457 من القانون المدني تنص على أنه: “يكون الثمن مُستحق الوفاء في الوقت الذي يُسلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك”. وفي حالة تخلف المُشتري [الهيئة المستبدلة] عن الوفاء بالثمن في الموعد المُحدد [أياً كان]، فيجوز للبائع [المُحتكر] اللجوء للقضاء للمُطالبة بفسخ عقد البيع [الاستبدال] لعدم الوفاء بالثمن، ويجوز للمُشتري [الهيئة المُستبدلة] في هذه الحالة توقي الفسخ بعرض الثمن على البائع [المُحتكر] قبل قفل باب المُرافعة في دعوى الفسخ مع سداد الفوائد القانونية من تاريخ المُطالبة القضائية).
ملحوظة أخيرة:
· في حالة قيام المُستبدل بإبداء الرغبة في الاستبدال خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، وقيام موظفي الهيئة بتحصيل الثمن أو مُعجله أو الباقي منهما من المُستبدل بعد فوات مُدة الـ 30 يوماً المذكورة، فلا وجه لإحالتهم إلى التحقيق لأنه لا يوجد نص قانوني يلزم المُستبدل بسداد الثمن أو مُعجله أو الباقي منهما في خلال تلك المُدة وبالتالي لا وجه لتوجيه أي اتهام لهؤلاء الموظفين.
· نرى توجيه منشور لموظفي الهيئة المُختصين بالتحصيل مفاده أنه: في حالة عدم قيام المُستبدل بإبداء رغبته في الاستبدال خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون إنهاء الأحكار، فلا يقبلوا تحصيل أي مبالغ منه لحساب صفقة الاستبدال إلا بإذن كتابي من السلطة المُختصة مُمثلة في السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة الهيئة بعد أخذ رأي الإدارات المعنية وبعد التأكد مما إذا كانت الهيئة قد أبدت رغبتها في استبدال العقار كله خلال مُدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون إنهاء الأحكار من عدمه.
والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً