اعتراض المدعى عليه على ترك المدعي للخصومة وفقاً للقانون المصري – حكم قضائي هام
متى لا يلتفت الى اعتراض المدعى عليه على ترك المدعي للخصومة
الدعوى رقم 26 لسنة 37 ق ” تنازع ” جلسة 4 / 1 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يناير سنة 2020م، الموافق التاسع من جمادى الأولى سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 37 قضائية ” تنازع “.
المقامة من
محمود فؤاد السيد عبداللطيف الجابرى
ضــــــد
1– أمير إبراهيم شوقـــــى ســـالم
2– هانى إبراهيم شوقـــى ســـالم
3- ليليان إبراهيم شوقـــى ســــــالم
4- محمود حلمى منيب عبدالرحمن
5- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعـى
6- محافظ الجيزة بصفته الرئيس الأعلى لإدارة أملاك الدولة بالجيزة
7- وزيـــر العـــدل
8- أمين مصلحة الشهر العقـــارى والتوثيق
9- أمين عام مكتب الجيزة للشهر والتوثيق
10- ورثة المرحومة/ أرتيف جوجانيان، وهما:
أ – أرمنياك ليون جوجانيان
ب – أناهيـــــد ليون جوجانيان
الإجراءات
بتاريخ الحادى عشر من أغسطس سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، بجلسة 4/2/2015، في الاستئناف رقم 2748 لسنة 129 قضائية، وفى الموضوع بعدم الاعتداد به، والاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/6/2011، في الطعن رقم 1818 لسنة 54 قضائية عليا.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم المدعى عليهم من الأول حتى الثالث مذكرة، طلبوا في ختامها رفض الدعوى بشقيها، وقدم المدعى مذكرة صمم فيها على طلباته الواردة بصحيفة الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث قرر المدعى ترك الخصومة في الدعوى، وفوض الحاضر عن الدولة المحكمة في قبول الترك، بينما لم يقبل الحاضر عن المدعى عليهم من الأول حتى الثالث ترك الخصومة في الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى سبق أن أقام الدعوى رقم 349 لسنة 2005 مدنى كلى، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، مختصمًا المدعى عليهم، طالبًا الحكم أولاً: بعدم نفاذ البيع الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي للمدعى عليه الثالث فيما يخص قطعة الأرض محل النزاع البالغ مساحتها 1080 مترًا مربعًا، التي تضمنتها مساحة أكبر بالقطعة رقم 141 حوض الإنشاء رقم 2 قسم أول نزلة السمان – الهرم – وما يليه من بيع صادر من المدعى عليه الثالث للمدعى عليه الأول بصفته والثاني عن ذات القطعة محل النزاع بذات المساحة، ثانيًّا: بطلان عقدي البيع الرسميين رقمي 63، 855 لسنة 1966 توثيق الجيزة فيما يخص قطعة الأرض محل النزاع، وكذا بطلان العقد المسجل رقم 4205 لسنة 1977 شهر عقاري الجيزة بتسجيل قرار الاستيلاء رقم 966 لسنة 1976 الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، مع محو وشطب تلك المساحة محل النزاع من تلك العقود المسجلة بسجلات الشهر العقاري. ثالثًا: كف منازعة المدعى عليهم جميعًا قبل المدعى على أرض النزاع. وأقام المدعى عليهم الثلاثة الأُول – في الدعوى المعروضة – دعوى فرعية طلبوا في ختامها الحكم أولاً: في الدعوى الأصلية بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة. ثانيًّا: رفض الدعوى، وفى الدعوى الفرعية بطرد المدعى عليه فرعيًّا – المدعى أصليًّا – من قطعة الأرض موضوع الدعوى المملوكة لهم وتسليمها إليهم، وعدم تعرضه لهم في ملكيتها وحيازتها لكونها مملوكة لهم بموجب العقد المسجل رقم 855 لسنة 1966 شهر عقاري الجيزة، وأن المدعى عليه فرعيًّا يضع يده عليها بطريق الغصب. وبجلسة 20/3/2012، حكمت المحكمة أولاً: في الدعوى الأصلية بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة. ثانيًّا: في الدعوى الفرعية بطرد المدعى عليه فرعيًّا من الأرض محل الدعوى والمبينة بصحيفة الدعوى الفرعية وتقرير الخبير الموضوع بالدعوى، وتسليم الأرض للمدعين فرعيًّا وعدم تعرضه لهم في ملكيتهم لها، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وذلك تأسيسًا على أن المدعى – في الدعوى الأصلية – لم يقدم للمحكمة سند ملكيته لأرض النزاع. لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعى، فأقام الاستئناف رقم 2748 لسنة 129 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، وبجلسة 4/2/2015، حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفى موضوعه برفضه وتأييد الحكم المستأنف. ولم يصادف هذا القضاء قبول المدعى، فطعن عليه بطريق النقض، بموجب الطعن رقم 6697 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 11/7/2016، حكمت المحكمة بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. ومن ناحية أخرى، كان المدعى قد أقام الدعـوى رقم 5852 لسنة 53 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، مختصمًا المدعى عليه الخامس – رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي – طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر منه رقم 9 بالجلسة رقم 118 باعتماد المزاد العلني ببيع المساحة المملوكة له، وبجلسة 5/9/2007، حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، تأسيسًا على أن الثابت من كشوف الضرائب العقارية أن المرحوم محمد العوادلى هو الذى قام بردم قطعة الأرض محل النزاع حيث إنها كانت ضمن البرك والمستنقعات، وكانت مكلفة باسمه منذ عام 1949، كما أن المدعى خلفه فيها بحيازة والده من قبل وصدر لصالحه قرار تمكين لحيازته لها بوضع اليد المدة الطويلة، فضلاً عن أن الحكم الصادر في الاعتراض رقم 550 لسنة 82 قضائية بجلسة 11/1/1998، المؤيد بالحكم الصادر في الطعن رقم 3465 لسنة 44 قضائية عليا بجلسة 28/7/1999، ينبئ عن أن الأرض محل النزاع ليست ملكًا للهيئة المدعى عليها. لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليه الخامس، فأقام الطعن رقم 1818 لسنة 54 قضائية، أمام المحكمة الإدارية العليا. وبجلسة 28/6/2011، حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا. وإذ ارتأى المدعى أن هذا الحكم الأخير يتناقض مع الحكم الصادر في الاستئناف رقم 2748 لسنة 129 قضائية من محكمة استئناف القاهرة، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند “ثالثًا” من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخــــر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه هو ذلك النزاع الذى يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بما مؤداه أن ولاية المحكمة الدستورية العليا لا تمتد إلى الفصل في قالة التناقض بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين مختلفتين إذا كان أحدهما لم يعد قائمًا بعد إلغائه، ذلك أن التناقض في هذه الصورة لا ينتظم حدين يعارض كل منهما الآخر ويناقض تنفيذه، بل يكون قوامه حدًا واحدًا لا يعترض تنفيذه قضاء يتصادم معه بما يعوق هذا التنفيذ.
وحيث إن المدعى قرر أمام هذه المحكمة بترك الخصومة في الدعوى المعروضة، وكان البين من نص المادتين (141، 142) من قانون المرافعات أن أولاهما تنص على أن يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو وكيله مع إطلاع خصمه عليها، أو بإبدائه شفويًّا في الجلسة وإثباته في المحضر، كما تنص ثانيتهما على ألا يتم الترك بعـد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبولــــه، ومع ذلـك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى.
وحيث إن دلاله هاتين المادتين أن المشرع وازن بين حق المدعى في التخلي عن دعواه إذا عَنَّ له النزول عن متابعتها لمصلحة يقدرها، وبين حق المدعى عليه في الاعتراض على نزول المدعى عنها، إصرارًا من جانبه على موالاة نظرها والمضي فيها، فرجح حق المدعى عليه في الفصل في الدعوى على حق المدعى في التخلي عنها كلما أفصح المدعى عليه عن اتجاه أرادته إلى متابعتها والفصل فيها. متى كان ذلك، وكان حق المدعى عليه في الاعتراض على نزول المدعى عن دعواه مشروطًا بأن تكون دفوعه وطلباته التي أبداها قبل هذا النزول لا يقصد بها إعاقة المحكمة عن الفصل في الخصومة المقامة أمامها، وكان استيفاء هذا الشرط يفترض، بداهة وبالضرورة، أن تكون هذه الخصومة منعقدة لها داخلة في نطاق اختصاصها الولائي. وعلى ذلك، فإن اعتراض المدعى عليه على نزول المدعى عن دعواه لا يكون له محل كلما كانت قواعد هذا الاختصاص تحول بذاتها دون الفصل في الخصومة التي أقامها المدعى.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت ولاية المحكمة الدستورية العليا في مجال الفصل في التناقض المنصوص عليه في البند “ثالثًا” من المادة (25) من قانونها مناطها أن يكون هذا التناقض قائمًا بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، مما مؤداه أن لكل تناقض مدعى به حدين متصادمين يتعذر تنفيذهما معًا، فإذا ما آل أمر الادعاء بالتناقض إلى انصرافه إلى حد واحد، خرج الفصل فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا، وزال حق المدعى عليه في الاعتراض على نزول المدعى عن دعواه من خلال تركها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 11/7/2016، في الطعن رقم 6697 لسنة 86 قضائية قد انتهى إلى نقض حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 4/2/2015 في الاستئناف رقم 2748 لسنة 129 قضائية، وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة، لتفصل فيها بهيئة مغايرة، مما مؤداه زوال حكم محكمة الاستئناف المشار إليه، الذى كان يمثل أحد حدى التناقض، وبقاء حد وحيد يتمثل في حكم المحكمة الإدارية العليا السالف البيان؛ فإن قالة التناقض المدعى به في مجال إعمال أحكام البند “ثالثًا” من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، لا تكون لها من قائمة بعد أن زال أحد حديه زوالاً نهائيًّا، بما مؤداه انتفاء اتصال هذا التناقض بولاية المحكمة الدستورية العليا، وجواز النزول عن الدعوى المقامة بصدده.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بإثبات ترك المدعى للخصومة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً