اعذار المدين بالوفاء – القانون المصري
الطعن 1110 لسنة 49 ق جلسة 6 / 2 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 78 ص 398
برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي، زكي المصري ومنير توفيق.
————–
التزام “آثار الالتزام” “التنفيذ العيني أو بطريق التعويض”
الإعذار. مجرد حلول أجل الالتزام غير كاف لاعتبار المدين متأخرا في التزامه . وجوب إعذاره بالوفاء . عله ذلك. الأصل أن يكون الإعذار بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه . ما يقوم مقامه . لا يعد إعذارا . إعلان المدين بدعوى الفسخ لإخلاله بتنفيذ أحد التزاماته لا يعد أعذارا إلا إذا اشتملت الصحيفة على تكليفه بالوفاء بهذا الالتزام.
الأصل في التشريع المصري أن مجرد حلول أجل الالتزام لا يكفي لاعتبار المدين متأخراً في تنفيذه، إذ يجب للتنفيذ العيني للالتزام كما يجب للتنفيذ بطريق التعويض أعذار المدين حتى لا يحمل سكوت الدائن محل التسامح والرضاء الضمني بتأخر المدين في هذا التنفيذ، فإذا أراد الدائن أن يستأدى حقه في التنفيذ الذي حل أجله وجب عليه أن يعذر المدين بذلك حتى يضعه من تاريخ هذا الإعلان موضع المتأخر قانوناً في تنفيذ التزامه وتترتب على هذا التأخير نتائجه القانونية، والأصل أن يكون الأعذار بإنذار على يد محضر يكلف فيه الدائن مدينه بالوفاء بالتزامه، ويقوم مقام هذا الإنذار كل ورقة رسمية تحمل هذا المضمون، كما يجوز في المسائل التجارية أن يكون بورقة عرفية أو شفوياً إذا جرى بذلك، العرف التجاري، وفي جميع الأحوال إذا خلا الأعذار من التكليف المشار إليه لم يكن أعذاراً بالمعنى الذي يتطلبه القانون، فلا يعد أعذاراً إعلان المدين بصحيفة دعوى الفسخ لإخلاله تنفيذ أحد التزاماته إلا إذا اشتملت تلك الصحيفة على تكليف بالوفاء بهذا الالتزام.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2352 لسنة 1978 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي لهم مبلغ 16250.00 جنيه وقالوا شرحاً لذلك أنه بتاريخ 18/8/1977 رسا عليهم مزاد عملية هدم وشراء أنقاض مبنى خاص بالشركة لقاء مبلغ 25000 جنيه وسددوا لها مبلغ 5000 جنيه كتأمين، ومبلغ 1250 جنيه رسوم دلالة وتضمن الاتفاق التزام الشركة بتسليمهم موقع العمل خالياً في مدة أقصاها شهراً والتزامهم بالانتهاء من التنفيذ في مدة ستة شهور، غير أن الشركة ظلت تتراخى في تسليمهم موقع العمل حتى أخطرتهم في 7/1/1978 بأنها حددت لذلك يوم 15/1/1978 فردوا عليها في 29/1/1978 بأن تأخيرها في ذلك التسليم ألحق بهم ضرراً بالغاً، إذ هبط سعر الخامات المكونة للمبنى من حديد وخشب بمقدار يزيد على عشرة آلاف جنيه نتيجة لتوافر كميات جديدة بالسوق من هذه الخامات وأنهم يطلبون لذلك من الشركة أن ترد لهم مبلغ التأمين النقدي أو النظر في فارق السعر المشار إليه، بيد أن الشركة لم تستجب لطلبهم وأبرقت إليهم في 23/2/1978 لاستلام الموقع فأنذروها على يد محضر في 11/3/1978 بأن تراخيها السابق في التسليم يعتبر عدولاً منها عن الصفقة وكلفوها في هذا الإنذار بأن ترد لهم التأمين المدفوع في خلال أسبوع مع حفظ حقهم في التعويض، ولكن الشركة أعادت إجراء المزايدة في 18/3/1978 فرست على غيرهم لقاء مبلغ 14000 جنيه، لذا فقد أٌقاموا عليها الدعوى بالطلبات السالفة وهي تشمل مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً لهم عما لحقهم من خسارة وما فاتهم من ربح بسبب عدم قيام الشركة بتسليمهم المبنى في الموعد المتفق عليه مضافاً إليه مبلغ التأمين ورسوم الدلالة المشار إليها.
كما أقامت الشركة عليهم دعوى فرعية طلبت فيها الحكم بفسخ العقد المؤرخ 18/8/1977 وإلزامهم بأن يؤدوا لها تعويضاً قدره ستة آلاف جنيه والفوائد القانونية مع عدم أحقيتهم في المطالبة بالتعويض واسترداد التأمين لأنهم لم يعذروها رسمياً بالوفاء بالتسليم، ورفضوا تسلم موقع العمل عندما عرضته عليهم في يناير وفبراير سنة 1978، ومحكمة أول درجة حكمت في 14/1/1978 في الدعوى الأصلية بالفسخ ورد التأمين ورسم الدلالة مع تعويض قدره ثلاثمائة جنيه، وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 744، 804 لسنة 34ق الإسكندرية، ومحكمة الاستئناف حكمت في 28/3/1979 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنه أقام قضاءه في الدعويين الأصلية والفرعية على أنها تأخرت في تسليم المبنى للمطعون ضدهم وأنهم أعذروها كتابة في 29 /1 /1978، 11 /3 /1978، وأن قيامهم برفع دعواهم يعتبر إنذارا كافيا، في حين أن المحررين المشار إليهما لم يتضمنا تكليفها بالتسليم، بل تضمنا رفض هذا التسليم، كما أن قيامهم برفع هذه الدعوى لا يعتبر أعذارا لأن صحيفتها خلت من المطالبة بالتسليم، وإذ كان تأخيرها في التسليم دون أعذارها بطلب الوفاء بهذا الالتزام لا يضعها موضع المتخلف قانونا عن الوفاء به فإن الحكم لها بطلباتهم وبرفض دعواها على أساس أنها تأخرت في التسليم وأنهم أعذروها به يكون مخطئا في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الأصل في التشريع المصري أن مجرد حلول أجل الالتزام لا يكفي لاعتبار المدين متأخراً في تنفيذه، إذ يجب للتنفيذ العيني للالتزام، كما يجب للتنفيذ بطريق التعويض، أعذار المدين حتى لا يحمل سكوت الدائن محمل التسامح والرضاء الضمني بتأخر المدين في هذا التنفيذ، فإذا أراد الدائن أن يستأدى حقه في التنفيذ الذي حل أجله وجب عليه أن يعذر المدين بذلك حتى يضعه من تاريخ هذا الإعلان موضع المتأخر قانوناً في تنفيذ التزامه وتترتب على هذا التأخير نتائجه القانونية، والأصل أن يكون الأعذار بإنذار على يد محضر يكلف فيه الدائن مدينه بالوفاء بالتزامه، ويقوم مقام هذا الإنذار كل ورقة رسمية تحمل هذا المضمون، كما يجوز في المسائل التجارية أن يكون بورقة عرفية أو شفوياً إذا جرى بذلك، العرف التجاري، وفي جميع الأحوال إذا خلا الأعذار من التكليف المشار إليه لم يكن أعذاراً بالمعنى الذي يتطلبه القانون، فلا يعد أعذاراً إعلان المدين بصحيفة دعوى الفسخ لإخلاله تنفيذ أحد التزاماته إلا إذا اشتملت تلك الصحيفة على تكليف بالوفاء بهذا الالتزام. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن خطأ الشركة تحقق بعدم تسليمها المبنى في الموعد المتفق عليه، وأن المطعون ضدهم أنذروها في 29 /1 /1978، 11 /3 /1978، وأن رفع دعوى الفسخ يغني عن الأعذار، وكان الثابت من مستندات الطرفين المودعة ضمن أوراق هذا الطعن – والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع – أن المحررين سالفي الذكر وصحيفة الدعوى خلت جميعها – تكليف الشركة بالتسليم، وافتقدت بذلك معنى الأعذار الذي يتطلبه القانون لوضع المدين موضع التأخر في تنفيذ التزامه وإذ لم تكشف أوراق الطعن عن حصول أعذار آخر بهذا المعنى فإن الحكم المطعون فيه إذ عول على الأوراق المشار إليها في قضائه واعتبر ركن الخطأ متحققا في جانب الشركة بعدم قيامها بتسليم المبنى في الموعد المتفق عليه، ورتب على ذلك الحكم بطلبات المطعون ضدهم ورفض دعواها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً