تعريف المخدرات
(( مفهوم المخدرات ))
تعريف المخدرات :
(( المادة المخدرة هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على عناصر منبهة أو مسكنة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها , مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعيا ))
ونلاحظ هذا التعريف أنه لم يأخذ في اعتباره المواد المسببة للهلوسة مثل (LSD) أو (MDD) لذا تعرف بأنها (( عقاقير تؤثر على الجهاز العصبي المركزي بالتنشيط أو التثبيط أو تسبب الهلوسة والتخيلات , وتؤدي بمقتضاها إلى التعود أو الإدمان وتضر بالإنسان صحياً واجتماعياً ، وينتج عن ذلك أضرار اقتصادية واجتماعية للفرد والمجتمع . (2)
ولقد حاول بعض الباحثين تعريف المخدرات قانونيا والآخر علمياً .
التعريف القانوني للمخدر :
(( المادة التي تشكل خطرا على صحة الفرد وعلى المجتمع ))
أيضا هنالك تعريف قانوني ((هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وترهق الجهاز العصبي، ويحضر تداولها او زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك))
التعريف العلمي :
(( مادة كيميائية تسبب النعاس والنوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم )) لذلك لا تعتبر المنشطات ولا العقاقير المهلوسة وفق التعريف العلمي من المخدرات. بينما يعتبر الخمر من المخدرات .
التعريف اللغوي للمخدرات :
يقال ( تخدر _ واختدر ) أي استتر . والخادر هو الفاتر الكسلان . والخدر هو تشنج يصيب العضو فلا يستطيع الحركة . وعليه فإن المخدر والمسكر والخمر هو : التغطية والستر والتظليم والتعتيم والغموض والفتور والكسل .
والمخدرات والمسكرات تنطبق عليها هذه المعاني تماماً ، فهي تغطي صاحبها عن الحقيقة , وتستر على عقله , وتحجبه عن كل فضيلة , وتدفعه إلى كل رذيلة ، فهي المحيرة , فتجعل صاحبها يعيش في غموض وظلام وكسل وفتور .
مفهوم التعاطي :
(( استخدام أي عقار مخدر بأية صورة من الصور المعروفة في مجتمع ما للحصول على تأثير نفسي أو عقلي معين ))
وهناك من يعرف تعاطي المخدرات بأنه (( رغبة غير طبيعية يطهرها بعض الأشخاص نحو مخدرات أو مواد سامة تعـرف – إراديا أو عن طريق المصادفة – على آثارها المسكنة والمخدرة أو المنبهة والمنشطة , وتسبب حالة الإدمان ، تضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً ))
مفهوم الإدمان :
هو حالة تسمم مزمنة ناتجة عن الاستعمال المتكرر للمخدر ، وخصائصه هي :
· تشوق وحاجة مكرهة لتعاطي المخدرات والحصول عليها بجميع الوسائل
· نزعة لزيادة الكميات
· تأثيرات مؤذية للفرد والمجتمع
· خضوع وتبعية جسدية ونفسية لمفعول المخدر
· ظهور عوارض النقص عند الانقطاع الفوري عن المخدر اختيارياً كان أم إجباريا .
كما يعرّف بأنه (( الحد الذي تفسد معه الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد المدمن حيث يصل إلى صورة مركبة معقدة تتميز ببعض السمات مثل الرغبة الملحة في تكرار التعاطي , الاتجاه نحو زيادة الكمية ، والتأثيرات السلبية على الفرد وعلى الوسط الاجتماعي المحيط به ))
لمحــــة تاريـخـية
عرفت المخدرات منذ القدم واستعملها بعض الناس في جلب المنفعة وفي تسكين الآلام والأوجاع. ولكن كان استعمالها محدودا وخطرها مجهولا، حتى الطب لم يدرك خطرها خارج النطاق الطبي إلا منذ عهد قريب.
ولا شك أن اكتشاف هذه المواد جاء بصورة عفوية أو بطريق الصدفة، أو ربما بالتجربة نتيجة البحث عن علاج جراء تعامل الإنسان مع الطبيعة بصورة مباشرة لغرض العيش وإيجاد حلول مناسبة تساهم في حل مشاكله ومنها الصحية لاشك.
عرفت المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ نبات القنب الهندي والذي استخرج من أليافه وأنسجته عدة أغراض استخدمها الإنسان ومنها التخدير… تشير الدراسات إلى أن الصينيين عرفوا ذلك قبل ميلاد السيد المسيح بثمان وعشرين قرنا، ولم يستعملوه كمخدر مثل جيرانهم الهنود الذين استعملوه في طقوسهم الدينية.. كما أن الكهنة المسيحيين استعملوا بدورهم القنب الهندي كمادة مخدرة في الطقوس والمراسم الدينية.
وفي البلاد العربية عرفت المخدرات أيضا منذ فترة طويلة وعلى المنوال السابق في بعض بلاد العالم الأخرى، فالحشيش كما يقول ابن البيطار، كان يزرع في مصر، وكان الفقراء يتعاطون هذا العقار.
أما القات فقد انتقل إلى اليمن حينما غزتها الحبشة عام 925 م، وانتقل من اليمن إلى بعض المناطق في فلسطين مع هجرة اليهود من اليمن. وعرفت بلاد الرافدين وحضارة النيل سابقا الأفيون، وتكلمت أوراق البردي المصري عنه منذ 1500 قبل الميلاد، كما سبق، إلا انه لم يتحول إلى موضوع للتعاطي كما تحول الحشيش والقات.
أنواع المخدرات
النوع الأول : مخدرات طبيعية
وهي التي تكون في الأصل نباتات وتستعمل مباشرة بشكلها الأصلي عن طريق الفم ، ومثال ذلك الحشيش والأفيون والكوكا والقات .
النوع الثاني : مخدرات تصنيعية ( نصف طبيعية )
هي المواد المخدرة التصنيعية التي تستخلص من المواد الطبيعية ، وتجرى عليها بعض العمليات الكيميائية ، وتصبح مواد أخرى أشد تركيزاً وأثراً ، ومن أمثلة هذا النوع المورفين والهيروين والكوكايين والكودايين وغير ذلك من المواد التصنيعية .
النوع الثالث : المخدرات التخليقية
هي عقاقير من مواد كيميائية لها نفس تأثير المواد المخدرة الطبيعية أو التصنيعية ، وهي تصنع على شكل حبوب او أقراص أو كبسولات ، أو حقن أو مساحيق ، وكذلك أشربه ، وتنقسم هذه النوعية إلى عدة أقسام منها :
· المخدرات التخليقلية المهبطة او المخدرة مثل الميثادون والسيكونال والفاليوم .
· المخدرات التخليقية المنشطة مثل الامفيتامينات والكبتاجون
· المخدرات التخليقية المهلوسة مثل أل-أس-دي (LSD) أم.أم.دي (MMD) وغيرهما .
أسباب وعوامل انتشار تعاطي المخدرات
تختلف الأسباب من دولة إلى أخرى بل من مجتمع محلي إلى آخر في نفس الدولة .
وسوف نستعرض هنا الأسباب بشكل عام ثم المتغيرات الخاصة بالمجتمع الخليجي والتي أسهمت في انتشار المخدرات
1- تركيب الشخصية :
يعتقد بعض الباحثين أن هناك أفراداً يميلون إلى إدمان المخدرات بحكم تكوينهم النفسي والجسمي . ومن بعض الشخصيات الموجودة في المدمنين على النحو التالي:
أ – شخصية طبيعية سوية :
يحدث الإدمان عند هؤلاء نتيجة سوء استخدام للمادة المخدرة العلاجية .
ب – الشخصية القلقة :
وهي التي تتعاطى العقار لإزالة الشعور بالقلق مثل الشخصية الإنطوائية .
ج – الشخصية السيكوبائية :
وهي التي تتعاطى العقار لغرض الحصول على النشوة او لاكتساب الشعور بالأهمية أو للتعبير عن كراهية المجتمع .
د – الشخصية المريضة عقلياً :
وتشمل المصابين بالاكتئاب الشديد والذين يتعاطون المخدر لإزالة الشعور بالقلق والتوتر .
2 – ضعف الوازع الديني :
من أهم الأسباب خصوصا في حالة عدم قيام الأسرة أو المدرسة أو المجتمع بإبراز الأحكام الشرعية المتعلقة بالمخدرات .
3- سهولة توافر المخدرات وتساهل المجتمع نحو تعاطيها :
حيث ترتفع نسبة تعاطي المخدرات في المجتمعات التي يسهل الحصول على المخدرات فيها , وكذلك فإن التسامح في تعاطي بعض أنواع المخدرات كتناول المشروبات الكحولية مثلا قد يكون البداية لتعاطي مواد مخدرة أخرى .
4- وسائل الإعلام :
وتبرز المشكلة عند قلة وجود التوجيه والرقابة من قبل الأسرة والمجتمع والدولة على نوع المادة المعروضة ( كالأفلام ) ومدى خطورتها على الأطفال والمراهقين .
5- تأثير الأصدقاء والأصحاب :
يعتبر أقران السوء من أهم أسباب انتشار المخدرات , حيث يضغط الأقران على زملائهم حتى يقعوا في حمأة الرذيلة ومستنقع المخدرات .
6 – النقص في وسائل الترويح وقضاء الأوقات :
يعتبر وجود وسائل الترويح لاستخدامها في وقت الفراغ من العوامل المهمة الواقية من الانحراف والضجر والسأم وتشتت الفكر وانتشار بعض الظواهر مثل المخدرات .
7- تناول المخدرات لأغراض صحية :
قد ترجع أسباب تناول المخدرات للاعتقاد في أنها تفيد علاج أمراض جسمية كالربو وآلام المفاصل والبواسير وغيرها
8- تناول المخدرات لغرض النشوة الجنسية :
لعل من الأسباب الرائجة في تعاطي المخدرات البحث عن اللذة الجنسية من ناحية الإثارة والإطالة في فترة الجماع ،وهذا وهم ، فقد تزداد الإثارة الجنسية لذة بسيطة في بداية تأثير المخدر ، فمثلا متعاطي الحشيش يشعر بالسعادة ويغرق في الأحلام الوردية والتخيلات وينتابه السرحان فيتخيل أن الوقت يمر بطيئاً وطويلا . ومن هنا يكون الوهم بأنها تطيل فترة الجماع واللذة الجنسية ، ولكن باستمرار تعاطي المخدرات فأن الشخص يدخل في دائرة الإدمان ويفقد اهتمامه بالجنس ويتجه كلياً إلى البحث عن المخدر .
9 – المشاكل الأسرية :
وسوف نستعرض في هذا البحث دور الأسرة في انتشار المخدرات بشيء من التفصيل في الفصل القادم
10 – التقليد الأعمى للآخرين :
تبين أغلب الدراسات الاجتماعية أن أغلب المتعاطين من الشباب بغرض الاستطلاع التجريبي .
11- انتشار البطالة :
من العوامل المباشرة للانحراف عدم وجود فرص العمل المناسبة الأمر الذي يدفع العاطل للاتجاه للمخدرات بغرض الهروب من الواقع والشعور بالإحباط .
دور الأسرة في انتشار المخدرات
تشكل المتغيرات الأسرية بشقيها البنائي والوظيفي عوامل مؤثرة بنسب محددة متفاوتة في انتشار المخدرات في المجتمع ، وسنستعرض فيما يلي التغيرات البنائية والوظيفية وأثرها في انتشار المخدرات .
أولاً : المتغيرات البنائية للأسرة
وتنقسم لقسمين :
أ- انهيار بناء الأسرة : مثل الطلاق أو وفاة الوالدين أو أحدهما وتؤدي هذه الظروف إلى زعزعة الأمن الحياتي والمعيشي والاجتماعي عند الأبناء سيما الأطفال منهم , كما يفقد الأبناء الاستقرار النفسي والحنان العاطفي ، بالإضافة إلى فقدان السلطة الأبوية المشرفة والموجهة في حالة وفاة الأب . أما في حالة وفاة الأم فيفتقد الأطفال الحنان ، وقد تؤدي مثل هذه الظروف إلى الإحباط واليأس وظهور شخصية عدوانية قابلة للانحراف ببعض أشكاله ونماذجه ومنه تعاطي المخدرات .
ب- اختلال بناء الأسرة : مثل غياب أحد الوالدين لفترة طويلة كغياب الأب عن أسرته لوجوده في الخارج لغايات العمل أو التجارة يؤدي ذلك الغياب إلى حرمان الأطفال من الحنان والعطف الأبوي ، ويقلل من فرص متابعتهم ومراقبتهم وتوجيههم وبالتالي يحدث خلل في العملية التربوية والعاطفية عندهم ويقلل من فرص تنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة والمتكاملة حيث يسهل وقوعهم في دائرة السوء والانحراف ومنها تعاطي المخدرات .
ثانياً : المتغيرات الوظيفية :
ترتبط المتغيرات الوظيفية للأسرة بالأمور التالية :
1- المتغيرات الصحية :
تكمن في حالات مرض أحد الوالدين أو كليهما لفترات طويلة وينتج عن ذلك تراجع في أداء دور المريض نحو أفراد أسرته ، كالإشراف على الأبناء ومراقبتهم وتوجيههم .ومما لاشك فيه أن مثل هذه الظروف تساعد في تهيئة أسباب ومقومات الانحراف ومجاراة رفاق السوء والوقوع في شباكهم بسبب ضعف الرقابة والتوجيه
2- المتغيرات الاجتماعية :
وتتمثل في ظهور ملامح ضعف الوازع الديني واضمحلال في يقظة الضمير عند أحد الوالدين أو كليهما ، وهذا من شأنه أن يزرع في نفوس الأبناء مفاهيم وأفكار ومعطيات قيمية خاطئة
3- المتغيرات الاقتصادية :
كالفقر والبطالة وتدني مستوى الدخل ، ومن شأن هذه الظروف المالية الصعبة أن تولد عند البعض نقصاً أمام زملائهم في الأسر الميسورة ، فيقبلون على ممارسة الانحراف كالسرقة مثلا ، أو استغلالهم من قبل عصابات الاتجار بالمخدرات مقابل اغراءات مادية .
اترك تعليقاً