بحث قانوني ودراسة عن الآثار القانونية الناجمة من انعقاد الجلسة الأولي و أهميتها
المعنى القانوني للجلسة الأولى في التقاضي
د.طالب حسن موسى
ABSTRACT
This research expresses a functional case in the Inadjudication jurisprudence, in which, the lot of Lawsuit elefine the title of the paper. Under this topic, many questitions are raised and answered such as: Is there any connection between our being there and what happened in the first session?
Is the helding of the court concentrat on it’s speciallist to choose the apponents for the first time to stand infront of the Judge; in their turn, they citate orally or written Citation, then the judge asked for cancelled the Session; it’s possible to connect the session with introducting of document that results the fail of session, because the citate (or) can introduce any documents which are essential any time. A connection means in complete of the session.
This means also that session in intime unless these documents don’t givento the court”.
Under the jurdicals effects arising from the first sssion. We noticed the defenes which dvided by the expainers of law of Pridures: among these formals, we must understand the consequently between them and introdues it in the first sessionl, but this is not meant that we wait an isolated decesion for each defense and the arbitral condition must appear before any defence and before the entrance of the object case. The arbitral condition is nont at place in the objective case the court has not competence to judge by it self.
ملخص
يجيء هذا البحث تعبيراً عن حالة عملية نظرها القضاء العراقي، حيث كان مصير الدعوى يتوقف على تحديد معنى عنوانه، ففي مبحثه الأول (انعقاد الجلسة الأولى) تمّت الإجابة عن عدّة أسئلة، هل يوجد ترابط لازم بين ما يدور في الجلسة وبين أمور انعقادها؟ وهل أن انعقادها يتوقف على أن تكون المحكمة مختصة بتشكيل الطرفين لأول مرة أمام القاضي؟ وهل يجب ربط انعقاد الجلسة بتقديم كل المستندات؟ فتمت الإجابة من خلال المناقشة والاستدلال إضافة إلى الأصول الإجرائية السارية لدى المحاكم الأردنية وصولاً إلى القول بعدم وجود أي ترابط بين ما يقدّم من مستندات ولوائح وبين انعقاد الجلسة .
وفي مبحثه الثاني (الآثار القانونية الناجمة عن انعقاد الجلسة الأولى) تمت معالجة الدفوع الفرعية والشكلية وأحكامها من حيث التدرج لا سيما الدفع بشرط التحكيم، وهل أنّ هذا الشرط يشمل المسائل التي تدخل في اختصاص القضاء المستعجل وأثر التمسّك بهذا الدفع أمام هذا القضاء تجاه اختصاصه المستعجل إضافة إلى أثره في الدعوى الموضوعية عند عدم إثارته في جلستها الأولى، مستنتجين بأن التمسك بالتحكيم في دعوى القضاء المستعجل لا يغني عن وجوب التمسك به في الدعوى الموضوعية كام أن محكمتها ليست لها الصلاحية لأن تحكم به من تلقاء نفسها.
1. تمهيد:
يجيء هذا البحث تعبيراً عن حالة عملية نظرها القضاء العراقي، وكان مصير الدعوى متوقفاً على الفصل في تحديد عنوان هذا البحث، فكان الفضل للهيئة الاستئنافية في محكمة استئناف بغداد حيث، كلفت الخصوم بإعاد دراسة فقهية في هذا العنوان، إن هذا التكليف يعطي انطباعاً مشجعاً على أن قضائنا لا زال بخير، وأنه يهتم بالفقه القانوني والذي كما نعلم يعد من المصادر الاحتياطية للقانون.
2. وقائع القضية :
إن هذه الحالة العملية بدأت بدعوى الكشف المستعجل(1) لتثبيت الوضع الراهن لعدد من البيوت الجاهزة وملحقاتها ونوع الاستعمال الحادث لها، وتثبيت الشاغل إضافة إلى الأضرار الحادثة وعند إرجاء المرافعة فيها، دفع الخصم برد الدعوى لوجود شرط التحكيم بين الطرفين، غير أن هذا الدفع لم تأخذ به المحكمة، لأن الدعوى هي دعوى إثبات حال وبإمكان الخصم إبداء ما لديه من دفوع عند إقامة الدعوى الموضوعية، ولكن الخصم لم يقتنع، فقدّم طلباً للتمييز لدى محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية، فجاء قرارها مصدقاً لقرار محكمة الموضوع(2) وهذا تم تعيين ثلاثة خبراء وتم إجراء الكشف وقدم التقرير حسب الأصول ثم أقيمت الدعوى الموضوعية أمام محكمة بداءة الرصافة في عام 1982، فادعى المدعي أنه بناء على أمر من المدعى عليها الأولى باعتبارها المشترطة بتوريد دور جاهزة مع أثاثها إلى المدعى عليها الثانية باعتبارها المنتفعة (وهو شركتان انكليزيتان وكان لكل منهما فرع في العراق)، ولدى مطالبتهما بسداد الثمن المتبقي في أمتعتنا بالرغم من إنذارهما، وكانت أدلة الإثبات هي إضبارة الكشف المستعجل أعلاه وقوائم الشراء المصدّقة حسب الأصول ومستندات الشحن، وكانت أول جلسة أمام هذه المحكمة بتارخي 10/8/1982 حيث لم يحضر وكيل الدعى عليها الأولى لعدم التبلّغ وحضر وكيل المدعى عليها الثانية، فأجّلت إلى 14/9/1982، فحضر الوكيلان وبوشر بالمرافعة الوجاهية العلنية، فدفع الخصم بعدم الاختصاص المكان طالباً نقل الدعوى إلى المحكمة بداءة الكرادة حيث أن مركز إدارة الشركة هناكط وأن بيوتها تقع ضمنها، فقرّرت المحكمة تأجيل المرافعة للتدقيق إلى 10/10/1982، قرّرت المحكمة ردّ الدفع وبناءً على تمسّك الخصم بدفعه قرّرت المحكمة الاستيضاح من الإدارة المحلية عن الحدود الإدارية وتأجيل الجلسة إلى 27/10/1982 والتي تاجلت بدورها إلى 28/10/1982 بسبب كون اليوم السابق عطلة رسمية وفي هذه الجلسة الخامسة وبعد ورود جواب الإدارة المحلية لمحافظة بغداد تبين أن مركز أعمال المدعى عليها تشمل الكرادة والأعظمية، فأعطت المحكمة الخيار للمدعي الذي اختار محكمة بداءة الأعظمية فقرّر ذلك، وتأجيلها إلى 20/11/1982 حيث كانت الجلسة السادسة أمام المحكمة الأخيرة، فبوشر بالمرافعة ولم يقدّم وكيل المدعى عليها الأولى دفعاً شكلياً أياً كان نوعه لعدم حضوره الجلسة بالرغم من تبلّغه بموعد الجلسة وعدم تقديمه لأي معذرة مشروعة، وفي الجلسة السابعة في 12/12/1982 تم الدفع بشرط التحكيم إضافة إلى الدفع بعدم توجه الخصومة، غير أن المحكمة قرّرت ردّ الدعوى لعدم توجه الخصومة، ولم تقرّر شيئاً في الدفع الآخر، فكان الاستئناف أمام محكمة استئناف بغداد في عام 1983 وبعد جلسات اقتنعت المحكمة ببطلان القرار المستأنف من حيث حكمه بعدم توجه الخصومة، فكان لزاماً عليها التدقيق في الدفع الآخر، فكانت نقطة الحل تكمن في تحدي المعنى القا نوني للجلسة الأولى، إذ يمكن التساؤول هل ما تم من مرافعات من 14/9/1982 لغاية 20/11/1982 سواءً أكان ذلك أمام محكمة بداءة الرصافة أم أمام محكمة بداءة الأعظمية، لا تشكل ولو جلسة قانونية واحدة؟ وهل أن هذه الجسات لم تتضمن مرافعة أولى وبالتالي مرافعات متتالية وحسب الجلسات السبعة المذكورة آنفاً؟
3. خطة البحث :
إن هذا التساؤل يؤدي بنا إلى بحث متى تعتبر الجلسة الأولى منعقدة قانوناً وما هي الآثار القانونية الناجمة من جرّاء انعقادها؟ وهذا ما سنراه بالتعاقب.
الفصل الأول انعقاد الجلسة الأولى
4. تمهيد :
يمكن التساؤل هل هناك ترابط لازم بين ما يدور في الجلسة وبين أمر انعقادها؟ وبمعنى آخر هل يشترط القانون تقديم كافّة المستندات الثبوتية للمدعي لكي نكون أمام جلسة؟ كما يمكن التساؤل فيما إذا كان انعقاد الجلسة متوقفاً على أن تكون المحكمة مختصة من حيث المكان؟
5. الترابط بين ما يدور في الجلسة وبين أمر انعقادها :
ولمباشرة الإجابة، يعرّف المختصّون الجلسة الأولى حيث يعبّرون عنها اصطلاحاً “بتشكيل الطرفين لأول مرة أمام القاضي” ويترك مجال الكلام أولاً للمدعي وبعد أن يتم كلامه ويتلخص عادة بالعبارة المأولفة بأنه يكرر ما جاء بعريضة الدعوى ويطلب الحكم بموجبها، وإن كانت لديه إضافة، ويمكنه ذلك إما شفاهاً، وإما بتقديم لائحة إيضاحية، وبعد أن ينتهي يطلب القاضي من المدعى عليه الرد على الدعوى(3) وهكذا تتبادل الأقوال إلى أن يتم تأجيل الجلسة إلى موعد آخر وهذا ما أشارت إليه المواد (15ف1 و 58 ف2) من قانون المرافعات المدنية العراقي، فالجلسة الأولى تتطابق مع الجواب الذي يضعه شرّاح قانون المرافعات وهو : ما هو أول الميعاد ؟
الجواب: “اليوم الذي حصل فيه عمل من أعمال المرافعات(4) وأن مبدأ تلك المرافعات عريضة افتتاح الدعوى وهذا ما يمكن فهمه بوضوح في حكم قضائي صادر بإبطال المرافعة، جاء فيه ” الحكم بإبطال المرافعة يلغي كافة المرافعات التي حصلت قبل صدوره بما فيها عريضة افتتاح الدعوى التي هب مبدأ تلك المرافعات، بحيث يرد الأخصام إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع القضية(5).
6. الجلسة أمام محكمة غير مختصّة من حيث المكان :
فالجلسة الأولى هي جلسة أول مرافعة جرت ولو أمام محكمة غير مختصّة من حيث الصلاحية المكانية، فإذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها أمرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، أي أن الدعوى تحال بما اشتملت عليه من إجراءات وأحكام فرعية وما تمّ أمام المحكمة المحلية صحيحاً يبقى صحيحاً أمام المحكمة المحال إليها الدعوى، ويجوز للخصم التمسك به وتتابع الدعوى سيرها أمام هذه المحكمة الأخيرة على الحالة التي وقفت عليها أمام المحكمة التي أحالتها، ويجوز للخصوم أن يبدوا ما يرونه من أوجه دفاع وجطلبات لم تبد أمام المحكمة الأولى ما لم يكن قد سقط حقهم في ذلك وكلما حكمت المحكمة بالإحالة كان عليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى(6).
7. الجلسة وتقديم المستندات الثبوتية :
فالجلسة تعدّ منعقدة ولو لم يقدّم الطرفان سواء أكان المدعي أم المدعى عليه كل مستمسكاته. فلو ربطنا انعقاد الجلسة بتقديم كل المستندات وتبليغها للطرف الآخر، تكون النتيجة بعدم انعقاد أي جلسة، إذ تبقى هذه الجلسات غير مكتملة لشروط انعقادها، لأن المستندات لم تقدم بعد، إن مثل هذا المنطق غير صحيح من الناحية القانوينة، لأن المستندات هي أدلة إثبات وهذه لا يمكن حصرها ابتداء، ولا يمكن معاملتها معاملة البينة الشخصية التي يجوز حصرها ابتداء، فالبينة الشخصية هي إحدى وسائل الإثبات ويمكن للمحكمة أن تكلف أثناء أي مرافعة أي من الطرفين بتقديم أدلة إثبات جديدة(7). بالإضافة إلى حق أي من الخصمين تقديم دليل إثبات جديد من تلقاء نفسه عندما يستطيع التوصل إليه أو يرى من المناسب تقديمه ليعالج ما ثار أو يثور خلال المرافعات الجارية، فلو سلمنا بربط اكتمال الجلسة مع تقديم الخصوم كل ما لديها من مستندات، فإن الجلسة تبقى غير مكتملة حتى ختام المرافعة وصدور القرار انلهائي، ففي هذه المرحلة بالذات يستنفذ كل طرف ما لديه من أدله، إن هذا المنطق لا يمكن قبوله وإن أكبر دليل على فساده هو ما أعطاه القانون من حق بالدفع برد الدعوى بسبب عدم تقديم المستندات الثبوتية الكافية وعلى فرض استجابة المحكمة لهذا الدفع (وهو ما لم يدفع به في القضية موضوع البحث) فهل أن الحكم الذي يصدر بناء عليه لا يعتبر صادراً عن مرافعة أو عن جلسة مكتملة بسبب عدم تقديم المستندات الكافية؟ وهل ما تم أمام المحكمة في مثل هذه الحالة لا ينتج أثره تجاه الخصوم؟ الجواب: واضح من خلال تصديق محكمة التمييز لقرار محكمة استئناف بغداد موضوع البحث(8)، إن مسألة عدم تقديم المستدات الكافية يشبه مسألة عدم تقديم اللوائح الوافية، فعدم كفاية أي منهما، لا يعني عدم انعقاد الجلسة، فمن خلال الجلسات المنعقدة، تتمكن المحكمة من تدقيق ذلك، فإن توصلت إلى عدم الكفاية، فحينئذ تطلب التوضيح، وهذا ما ينص عليه صراحةً قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني حيث أعطى السلطة للمحكمة أن تقرّر وجوب تقديم لائحة أخرى، استناداً لمادته (117) بنصّها “يجوز للمحكمة في جميع القضايا أن تقرّر وجوب تقديم لائحة أرى أو في ما يتعلق ببسط الادعاء أو الدفاع توضيحاً لأية مسألة وردت في المرافعة”، وهذه القاعدة تسري على كل المحاكم، وهذا ما حصل فعلاً في القضية موضوع هذا البحث، عندما طلبت محكمة الاستئناف من الطرفين لا من طرف واحد، تقديم لائحة تتضمن دراسة فقهية عنوانها هو عنوان البحث امذكور، كما أن القانون الأردني أجاز للمحكمة أيضاً أن تطلب إبراز المستندات التي تراها لازمة استناداً لقانون أصول المحاكمات المدنية في مادته (100) بنصّها “يحق للمحكمة أن تأمر أي فيق أن يبرز ما في حوزته أو تحت تصرّفه من مستندات ترى أنها ضرورية للفصل في الدعوى” وبذلك لم يلزم المحكمة باتخاذ موقف سلبي عند النظر في الدعوى(9) فلا يمكن القول أيضاً في ظل القانون الأردني بأن الجلسة تُعدّ غير مكتملة بسبب أن المستندات واللوائح التي كانت مقدّمة هي غير كافية لكي نقول أن الجلسة غير منعقدة، والجدير بالذكر، قد لا تقدم لوائح ومستندات غير المقدّمة مع عريضة الدعوى، ثم تجري المرافعة شفاهاً ولا يوجد شيء يقدّمه الطرف الآخر، فيعلن القاضي ختام المرافعة ليصدر الحكم، فهل يمكن القول عدم انعقاد الجلسة؟ الجواب : هو النفي طبيعاً. ويوجد سؤال يفرض نفسه في ظل القانون الأردني لوجود المحاكم الصلحية حيث تنص المادة (9) من قانون محاكم الصلح رقم (15) لسنة 1952 في صيغته المعدّلة بموجب القانون رقم (25) لسنة 1988 “وفي اليوم المعين للمحاكمة يستدعي القاضي الطرفي، وبعد أن يتلو عليهما الأوراق ويورد عليهما الأسئلة المتعلقة بموضوع الدعوى، يبذل الجهد في الصلح بينهما، فإذا وفق للصلح بمقتضى شروطه القانونية، يأمر كاتب الضبط بتنظيم صك صلح….الخ(10) فالمحكمة التي لم تلتزم بهذا النص وباشرت المرافعة، هل يعني أن الجلسة تُعدذ غير منعقدة بسبب هذه المخالفة؟ يجب المتخصّون بعدم البطلان والجلسة تُعدّ منعقدة، عملاً بمبدأ لا بطلان إلا بنص(11). وتأييداً لما تقدّم وفي نفس الاتجاه ما جاء في المادة 72 ف 4 من قانون الأصول الأردني، حيث أعطى المحكمة صلاحية الحكم على من يتخلف من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعة في الميعاد الذي تحدّده المحكمة بغرامة لا تزيد على عشرين ديناراً(12)، فهل يمكن القول أن هذا القرار لا يعتبر صادراً عن جلسة أو عن مرافعة؟ الجواب : هو النفي طبعاً.
المبحث الأول الآثار القانونية الناجمة من انعقاد الجلسة الأولى
8. تمهيد :
يقسّم شرّاح قانون المرافعات المدنية الدفوع إلى ثلاثة أنواع هي : الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية والدفوع بعدم قبول الدعوى(13) ويجب ملاحظة تسلسل هذه الدفوع وإلا سقط الحق بالتمسك بها إلا في بعض الحالات كالدفع بعدم توجه الخصومة أو الاختصاص الوظيفي أوس بق الحكم في الدعوى، إذ يجوز الدفع بهذه الدفوع في أية مرحلة كانت فيها الدعوى ولو أمام محكمة التمييز(14) ومع ذلك فإن قانون المرافعات خصص دفوعاً إذا لم تقم في المرافعة الأولى سقط الحق في التمسك بها بعد ذلك لا سيما الدفوع الشكلية حيث يجب ملاحظة التدرّج بين هذه الدفوع ذاتها كما يظهر عملياً في القرار موضوع البحث، إن ما يشير إليه الكتاب بهذا الصدد يمكن إجماله كما يلي :
9. الأحكام الخاصة بتقديم الدفوع الفرعية و (الشكلية) :
أ. يجب على الخصم تقديم الدفوع الفرعية دفعة واحدة في أول جلسة لا سيما الدفع بعدم صلاحية المحكمة ولا يستلزم ذلك تقديمها في لائحة واحدة، بل يجوز رفعها بمذكرتين … إذا كان قد أبدى الخصم بعضها في مذكرة قبل الجلسة ثم بادر في أول جلسة لاستكمال ما فاته أو أن الخصم قد أدبى بعض الدفوع في أول كلامه وأبدى البعض الآخر في أثناء كلامه في ذات الجلسة(15).
ب. ولا يجوز أن يطلب لكل “دفع شكلي” قرار على حده دفعاً لضياع الوقت بتعدّد جلسات المرافعة وتمكين المحكمة من حسكم الدعوى بما يمكن من السرعة وعلى المحكمة أن تنظر في هذه الدفوع وتحسمها مع ذكر الأسباب، وأن ذكر هذه الدفوع الشكلية دفعة واحدة لا يضر بمصالح المدعى عليه كالاعتراض على الصلاحية وغيرها، فبمقدور المدعى عليه أن يورد اعتراضه على الصلاحية قبل اعتراضه على غيرها بحيث يورد اعتراضه على الصلاحية مثلاُ ثم يقوم : “…. إن لم تر المحكمة اعتراضي هذا مقبولاً وقررت صلاحيتها لرؤية الدعوى فجوابي على أساس الدعوى هو كذا……(16) وهذا ما يفهم أيضاً من قانون الأصول الأردني في مادته (109 ف3) حيث لم تلزم المحكمة بالفصل في الدفع بالتقادم على حده، ولها أن تقرر ضمه إلى الموضوع لتفصل فيه مع باقي الدفوع الأخرى(17)، ولكن لا يمنع هذا من تقديم الدفع المذكور مع الاحتفاظ بحق تقديم الدفوع الأخرى لأن مثل هذه السياسة تلزم المحكمة التدقيق وللاقتصاد في الوقت للطرفين.
ج. والدفع بعدم الاختصاص المحلي يجب إبداؤه قبل إبداء أي طلب أو دفع في الدعوى وإلا سقط الحق في التمسك به(18) فلكون الصلاحية تتعلق بحقوق الشخص أو بتسهيل أمر رؤية الدعوى. فيجوز غض النظر عنها إذا لم يقع اعتراض بشأنها من قبل المدعى عليه، لا، المحكمة مفوّضة أن ترى وتفصل الدعوى وإن لم تكن داخل صلاحيتها إذ أن المدعى عليه أسقط حقه ووافق على قضاء المحكمة غير ذات الصلاحية(18) ومن العدالة أن لا يبقى المدعي مهدداً بالدفوع الكشلية ومنتها الدفع بالصلاحية في جميع مراحل الدعوى ويتراخى فيها، وكذلك تهديد القرارات بالبطلان(20).
د. وجوب إبداء شرط التحكيم قبل أي دفع شكلي آخر، وهذا ما قضى به القضاء المصري حيث “أنه لم يدفع الخصم الذي أعلن للحضور أمام تلك الجهات بعدم الاختصاص مستنداً إلى شرط التحكيم، فإنّ الجهة القضائية التي رفع إليها النزاع تبقى مختصة غذا كان القانون يعطيها هذا الا ختصاص أصلاً(21).
10. التحكيم والقضاء المستعجل:
يقصد بالمسائل المستعجلة بالمعنى القانوني في قانون الأصول تلك التي يخشى عليها من فوات الوقت (م32 ف1) ويتحقّق ركن الاستعجال كلما توافر أمر يتضمّن خطراً داهماً أو ضرراً لا يمكن تلافيه إذا ما تمّ لجوء الخصم إلى القضاء العادي (غير المستعجل) والقاعدة أن شرط التحكيم لا يشمل هذه المسائل المستعجلة إلاّ إذا تضمّن الشرط ذلك ومع ذلك فقضت محكمة النقض الفرنسية أنه حتى في حالة الاتفاق الصريح على اختصاص المحكم بنظر المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت، فإنّ القاء المستعجل يختصّ بنظر تلك المسائل إذا كان ليس من الميسور لهيئة التحكيم أن تفصل على الفور فيها بسبب يتصّل بتشكيلها مثلاً ولأي سبب جدّي آخر(22). وأكد البعض على أنه ولو في حالة الاتفاق فإنّ إيقاع الحجز التحفّظي باعتباره من الأمور المستعجلة يترك عادة للقاء، وأمّا الأمور الأخرى المرتبطة بموضوع التحكيم كوصف الحالة الراهنة وإجراء الخبرة وتقرير صرف نفقة ضرورية واتخاذ ما يلزم للصيانة أو لتفادي ضرر معين، فإنّ كل هذا يدخل في صلاحية المحكم ومع ذلك يبقى للطرفين المتحاكمين حرية مراجعة القضاء في هذا الخصوص بشرط إحاطة المحكمة التحكيمية علماً بذلك(23).
11. أثر الدفع بشرط التحكيم أمام القضاء المستعجل عند إقامة الدعوى الموضوعية :
يتّضح من القضية موضوع التعليق أن كلاً من محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز في العراق لم تعتبر الدفع بشرط التحكيم المقدّم أمام القضاء المستعجل كدفع منتج في الجلسة الأولى الخاصة بالدعوى الموضوعية، لأنه تمّ إفهام المدعى عليه أنه بإمكانه تقديم هذا الدفع عند رفع الدعوى المذكورة وإنّ كلاً من المدعويين مستقلة عن الأخرى من حيث الغرض الذي تسعى إليه، فدعوى القضاء المستعجل لا تمسّ الحكم في موضوع النزاع وإنّما هي من قبيل التحضير للأدلة التي تكون سنداً عند رفع الدعوى الموضوعية. وقضيتنا المستعجلة هنا لا تحقٌق أي غرض سوى تثبيت الوضع الراهن للدور الجاهز ليس إلاّ، وهذا القضاء ينسجم أيضاً مع ما ورد في القه، حيث يشير إلى استقلال لشرط التحكيم عن العقد الخاضع له، فشرط التحكيم اتفاق إرادي ملزم لجلانبين وهو مستقل عن العقد المبرم بين الطرفين، وإن كان وارداً كنص في العقد الأصلي بالرغم من عدم امتزاجه من حيث المحل والسبب، فالتقاء الإرادات في العقد الأصلي ينصّ على الشيء الذي يلتزم الأطراف القيام به (موضوع التقاعد وكيفيته وشروطه وسببه) وهو الغرض المباشر الذي يقصده كل طرف من هذا التعاقد، وأمّا محل شرط التحكيم فهو التزام أطراف العقد باللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات الناشئة عن هذا العقد، فشرط التحكيم لا يعدو أن يكون عقداً داخل عقد(1) وما عبّر عنه البعض الآخر بانعدام التضامن بين الاثنين وهذا ما التزم به القضاء في فرنسا أيضاً، ففي قضية أبرمت شركة كويست الفرنسية عقد شراء بضاعة من شركة غيطالية ولكن لم تحصل على إجازة الإدخال اللازمة من الجمارك الفرنسية ولدى إعمال شرط التحكيم وصدور القرار التحكيمي بإلزام الشركة الفرنسية بدفع التعويض للشركة السويدية، دفعت ببطلان عقد البيع وبالتالي بطلان شرط التحكيم بالتبعية، غير أن محكمة التمييز الفرنسية قضت ببقاء شرط التحكيم نافذاً ولو بطل العقد موضوع النزاع وسواء ورد شرط التحكيم في ذات العقد المذكور أم في اتفاق مستقل(25).
12. الخلاصة :
إن أول جلسة هي أول مرافعة شفوية بعد إجراء التبليغات وفق الأصول “وأن الدعوى تعتبر قائمة بمجرد رفعها… ولو رفعت أمام قاض غير مختص ….(26) ولا يوجد بنص المادة (253/فقرة 2) من قانون المرافعات المدنية العراقي ما يخالف هذا المعنى وأما بالنسبة للدفع بالتحكيم فلا بد لذي المصلحة أن يبادر بتقديمه في أول جلسة ولا يمكن انتظار هذا من قبل المحكمة ومن تلقاء نفسها بحجة أن نص المادة (252) من قانون المرافعات المدنية هن نص أمر يوجب على المحكمة ومن دون دفع من أحد الخصمين أن تقرر اعتبار الدعوى مستأخرة إلى أن يصدر قرار التحكيم، إن مثل هذا القول غير صحيح ولم يقل به أحد لسبب بسيط هو أن هذه المادة تتناول مواضيع معينة هي : شرط ثبوت التحكيم وجواز الاتفاق عليه أثناء المرافعة إن لم يكن مكتوباً أو متفقاً عليه قبل رفع الدعوى، فإن حصل الاتفاق عليه أثناء المرافعة أو ثبت للمحمة وجود اتفاق عليه، فعندئذ تعطي هذه المادة إلى المحكمة صلاحية اعتبار الدعوى مستاخرة لحين صدور قرار التحكيم. أما لو كان هناك اتفاق على شرط التحكيم ومع ذلك لجأ أحد المتعاقدين إلى رفع الدعوى دون اعتداد به ولم يعترض المتعاقد الآخر في الجلسة الأولى، فإن هذه الحالة تدخل في نطاق المادة (253 فقرة 2) من قانون المرافعات المدنية. إذ يفسّر سكوته بأنه تنازل عن شرط التحكيم وقبل اللجوء إلى القضاء .
الهوامش
1. رقم 70/م/1982 لدى محكمة بداءة الرصافة. (غير منشور) .
2. رقم الإعلان 52، رقم الإضبارة 53/مستعجل/ 1982، وتعليلها هو “وجد أن قرار المحكمة بإجراء الكشف بتثبيت الحالة الراهنة للبيوت الجاهزة هو من القرارات الإعدادية غير القابلة للطعن بها تمييزاً إذا لم تكن من بين القرارات الواردة في المادة 216 فقرة 1 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل”. (غير منشور).
3. الأستاذ داود سمرة، شرح قانون أصول المحاكمات الحقوقية العراقي، ط5، بغداد، سنة 1950، ص138. ونفس المعنى في القانون السوري، الأستاذ فارس الخوري، أصول المحاكمات الحقوقية، الدار العربية للنشر والتوزيع، عمان، ط2، 1987، ص309، حيث استعمل المؤلف عبارة “تشكيل الطرفين”.
4. الدكتور عبد الحميد أبو هيف، المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في امصر، سنة 1921، القاهرة، ص465، بند 640.
5. القاضي عبد العزيز ناصر، مرجع القضاء، ج3، ص2142، بند 8452، حيث يشير إلى حكم صادر في مايو 1891.
6. الدكتور إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، ج1، الاسكندرية، ص524.
7. كا يجوز للمحكمة إمهال الخصم وتكرره وعليها أن تحكم برد الدعوى عند عجز المدعي عن تقديم مستنداته بالرغم من ذلك: تميز 639 مدنية ثالثة في 15/11/1980، الوقائع العدلية، ع44، سنة 1981، ص300، بغداد، ومن الجدير بالذكر أن رد الدعوى لا يأتي إلا بعد حدوث مرافعات في جلسات قضائية .
8. محكمة التمييز، رقم الإعلام 571 في 13/9/1989، الإضبارة 162/مدنية أولى/1989. (غير منشور).
9. راجع أستاذنا د. صلاح الدين الناهي، الوجيز في مبادئ التنظيم القضائي والتقاضي والمرافعات في المملكة الأردنية الهاشمية، دار المهد، ط3، عمان، 1982، (ص110-111).
10. ونفس الشيء في سوريا، د. محمد مصطفى الزحيلي، مطبعة دار الكتاب، دمشق، 1989، ص141 بند 5.
11. المصدر المذكور سابقاً، د. صلاح الدين الناهي، ص110.
12. د. مفلح عواد القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط1، عمان، 1988، ص234.
13. راجع الدكتور أحمد أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، سنة 1983، ص261 وما يليها، ولأستاذ ضياء شيت خطاب، الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية، سنة 1973، ص117.
14. للتفصيل راجع الأستاذ ضياء شيت طاب، المصدر السابق، ص119، والأستاذ أحمد أبو الوفا، ص263.
15. حكم محكمة النقض المصرية في أول مايو 1947، أشار إليه الأستاذ عبد الرحمن العلام، قواعد قانون المرافعات العراقي، ج1، بغداد 1961، ص278/الهامش، وهذا هو نص م 110 ف1 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24، لسنة 1988. الأستاذ فارس الخوري، المصدر المذكور سابقاً، ص304 بند 78 وللتفصيل فيما يخص الدفع بعدم صلاحية المحكمة من حيث المكان، نفس المصدر، ص198-199 .
16. الأستاذ داود سمرة، المرجع المذكور سابقاً، ص16.
17. د. مفلح عواد القضاة، المصدر السابق، ص 27، والجدير بالذكر أن الدفع بالتقادم هو من الدفوع الشكلية ولا يجوز إبداؤه إذا لم يدفع به في الجلسة الأولى، لأنّ الدفع بالتقادم لا يعتبر من النظام العام وهذا ما ينص عليه قانون أصول المحاكمات المدنية بمادته (110) بقولها “الدفع بالبطلان غير المتصل بالنظام العام وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات غير المتصلة بالنظام العام والدفع بعدم الاختصاص المكاني يجب إبداؤها معاً قبل إجراء أي دفع ف يالدعوى وإلاّ يسقط الحق فيها كما يسقط حق الطاعن في هذه الدعوى إذا لم يبدها في لائحة الطعن” قارن ما جاء في ص270 و ص271 من المصدر المشار إليه .
18. الدكتور إبراهيم نجيب سعد، المرجع المذكور سابقاً، ص522.
19. الأستاذ داود سمرة، المرجع السابق، ص149.
20. الأستاذ عبد الرحمن العلام، نفس المرجع، ص209، ونفس الشيء بالنسبة للمدعى عليه الذي لم يطلب إبطال الدعوى بسبب عدم حضور المدعي، حيث يعد مستعملاً خياره الوارد في المادة 256 فقرة 2 من قانون المرافعات المدنية العراقي، ما دام قد أبدى دفوعه فيها، ولا يجوز له في الجلسة التالية طلب الإبطال للسبب المذكور، كما تعد الجلسة الأولى منعقدة والمرافعة جارية أصولياً بالرغم من عدم حضور المدعي حيث قضت محكمة التمييز العراقية “وجد أن وكيل المدعى عليه قد حضر في الجلسة المؤرخة 9/7/1980 ولم تحضر المدعية ولا وكيلها فطلب وكيل المدعى عليه إجراء المرافعة الحضورية بحق المدعية وقررت المحكمة إجرائها بحقها حضورياً، وأبدى وكيل المدعى عليه دفعاً للدعوى……. وبذلك فإن وكيل المدعى عليه قد اختار النظر في دفع الدعوى بغياب المدعية مستعملا الخيار الوارد في الفقرة 2 من المادة 56 من قانون المرافعات المدنية، وترك إبطال عريضة الدعوى، واستجابت المحكمة لما اختاره، فليس لوكيل المدعى عليه أن يطلب في الجلسة التالية …….. إبطال عريضة الدعوى وكان على المحكمة الاستمرار في نظر الدعوى حضورياً والفصل في موضوعها “رقم القرار 2012/شخصية / 1980 في 20/11/1980 الوقائع العدلية، ع46، سنة 1981، ص346-بغداد.” ونفس الشيء في سوريا، الأستاذ فارس الخوري، المصدر السابق، ص 305.
21. القاضي عبد العزيز ناصر، نفس المرجع، بند 7592، العياط جزئي، 17 ديسمبر 1921.
22. نقلاً من الدكتور أحمد أبو الوفا، التحكيم في القوانين العربية، ط1، الاسكندرية، ص23 و 24.
23. د. سامي سركيس، حسم المنازعات بالالتجاء إلى التحكيم والتوفيق، مجلة الرائد العربي، ع46، 1995، ص52، تصدرها شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين، دمشق.
24. د. محمد شوقي شاهين، الشركات المشتركة، ص481-483.
25. MATHIEU DE BOISSESON, le droit francais del’arbitrage, paris, 1983, p. 407, N. 486. Æ، ولمزيد من الأمثلة القضائية في هذا الاتجاه راجع د. ماجد عمّار، عقد نقل التكنولوجيا، القاهرة، 1987، ص245- 250، لاحظ للتفصيل المحامي سمير سامي الحلبي والمحامية ريما تقي الدين الحلبي، اجتهادات قضاء الأمور المستعجلة، بيروت، 1987، ص 451 بند 459، ص452 بند 461، ص 453 بند 464 في تعليقهما على قوة القرارات الصادرة من القضاء المستعجل حث يؤكدان المبادئ المقررة قانوناً واجتهاداً بأنها لا تحوز قوة القضية المحكمة تجاه محاكم الأساس، طالما أن الأسباب فيها تتغير تبعاً لتحقق أو انتفاء عنصر العجلة، ص 457، بند 468.
26. المحامي الأستاذ محمود كامل، شرط التحكيم في العقود المدنية والتجارية، مجلة القضاء، العددان الثالث والرابع، ../1961، بغداد، ص542، ويشير المصدر إلى حكم بنفس المعنى لمحكمة النقض الفرنسية الصادر في 29 أكتوبر 1934، ولدائرة العرائض في 21 يونيو 1904.
اترك تعليقاً