أثر الرهن فيما بين المتعاقدين:
أولاً: بالنسبة إلى الراهن:
يبقى الراهن مالكًا للعقار المرهون مع ما يخوله حق الملكية من سلطة التصرف ” مع مراعاة أحكام التزام الراهن بضمان سلامة الرهن ” فيجوز للراهن أن يتصرف في العقار المرهون وأي تصرف يصدر منه لا يؤثر في حق الدائن المرتهن، والمقصود بداهة هو الدائن المرتهن الذي قيد حقه قبل التصرف، وعلى ذلك فللراهن أن يبيع العقار أو يهبه، وله أن يرتب عليه حق انتفاع، كما له أن يرهنه رهنًا آخر، فإذا كان حق المتصرف إليه قد نشأ بعد أن أصبح الرهن نافذًا في حق الغير، فإن تصرف الراهن لا يؤثر في حق الدائن المرتهن، فتنتقل الملكية مثقلة بالرهن، ويكون للدائن المرتهن أن ينفذ على العقار على اعتبار أنه خالٍ من حق الانتفاع كما يتقدم على الدائن صاحب الرهن الثاني.
وكما للراهن أن يتصرف في العقار المرهون فله الحق في إدارته ولهذا نصت المادة (984) التي تقابل المادة (16) من القانون الحالي، على أن للراهن الحق في إدارة العقار المرهون، وله قبض ثماره وكافة إيراداته إلى وقت التحاقها بالعقار على نحو ما يقضي به قانون المرافعات، ويختلف هذا النص عن نص القانون الحالي الذي يقتصر على القول إن ” للراهن الحق في إدارة العقار المرهون وفي قبض غلته ” فنص المشروع يجعل حق الراهن في قبض الثمار وكافة الإيرادات إلى وقت التحاقها بالعقار، والثمار والإيرادات تلحق بالعقار وفقًا لنص المادة (269) من مشروع قانون المرافعات الذي أقرته لجنة المراجعة من وقت تسجيل طلب الحجز على العقار، وتلحق بالعقار وفقًا لنص المادة (270) من هذا المشروع من وقت إنذار الحائز بدفع الدين أو تخلية العقار، إن كان العقار قد انتقل من الراهن إلى الحائز. والتحاق الثمار والإيرادات بالعقار يعني أنها تدخل فيما يشمله الرهن، وتطبيقًا لحق الراهن في إدارة العقار المرهون يكون له أن يؤجره، وقد عرضت المادة (985)، وليس لها مقابل في القانون الحالي، لنفاذ الإيجار الصادر من الراهن في حق الدائن فيجب عليه أن يحترم وجود حق المستأجر فيباع العقار بمراعاة وجود هذا الحق، أما إذا لم يكن نافذًا فيباع العقار على أساس عدم وجود حق المستأجر.
وبمقتضى نص المادة (985) تجب التفرقة، فيما يتعلق بنفاذ الإيجار بين فرضين:
الفرض الأول: أن يكون الإيجار ثابت التاريخ قبل تسجيل طلب الحجز على العقار، فينفذ في حق المرتهن في كل مدته إذا لم تزد هذه المدة على عشر سنوات، فإذا زادت مدته على عشر سنوات فينفذ لمدة عشر سنوات إذا لم يكن قد سُجل قبل قيد الرهن، وينفذ في كل مدته إذا كان قد سجل قبل القيد.
والفرض الثاني: أن يكون الإيجار غير ثابت التاريخ قبل تسجيل طلب الحجز، سواء انعقد قبل تسجيل الطلب أو بعده، وفي هذا الفرض لا يكون الإيجار نافذًا في حق الدائن المرتهن إلا إذا لم تعجل فيه الأجرة وكان داخلاً في أعمال الإدارة الحسنة، ولم يحدد النص متى يُعتبر الإيجار داخلاً في أعمال الإدارة الحسنة لأن تقدير ذلك يختلف بحسب الظروف، فيجب أن يكون بأجر المثل أو أكثر وأن يكون قد عقد لمدة لا تتجاوز المدة المعقولة وهي تختلف باختلاف الظروف ويقدرها القاضي وفقًا لما يُجرى عادة في تأجير مثل العقار المرهون.
ومما يتصل بحق الراهن في الإدارة وتأجير العقار المرهون مسألة نفاذ المخالصة بالأجرة أو الحوالة بها في حق الدائن المرتهن، وهي تفترض أن الإيجار نافذ في حقه، والأجرة باعتبارها نوعًا من الثمار تكون للراهن عن المدة السابقة على إلحاق الثمار بالعقار أي السابقة على تسجيل طلب الحجز، وبالتالي يكون من حق الراهن أن يقبضها وأن يعطي مخالصة بها أو يحولها قبل استحقاقها فلا تثور مسألة نفاذ المخالصة بها أو حوالتها في حق الدائن الذي لا حق له عليها.
أما بالنسبة للأجرة عن المدة اللاحقة لوقت التحاق الثمار بالعقار فتدخل فيما يشمله الرهن، وبالتالي يترتب على قبض المؤجر لها مقدمًا أو حوالتها إنقاص قيمة العقار عند البيع الأمر الذي يقتضي حماية الدائن المرتهن من مثل هذه التصرفات وهذا ما عرضت له المادة (986) من المشروع التي لا مقابل لها في القانون الحالي وبموجب هذا النص يجب التفرقة بين فرضين:
الفرض الأول: أن تكون المخالصة بالأجرة أو الحوالة بها ثابتة التاريخ قبل تسجيل طلب الحجز، فإن كانت عن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات نفذت في حق الدائن المرتهن، أما إن كانت عن مدة تزيد على ثلاث سنوات فلا تنفذ فيما زاد عن أجرة ثلاث سنوات إلا إذا كانت مسجلة قبل قيد الرهن.
والفرض الثاني: أن تكون المخالصة بالأجرة المسجلة أو الحوالة بها غير ثابتة التاريخ قبل تسجيل طلب الحجز فلا تكون نافذة في حق الدائن المرتهن.
الالتزام بضمان سلامة الرهن وأحكام هلاك العقار أو تلفه:
يلتزم الراهن، بمقتضى عقد الرهن، بضمان سلامة الرهن، وهو ما نصت عليه المادة (987) التي تقابل المادة (17) من القانون الحالي، وبمقتضى هذا الالتزام يجب على الراهن أن يمتنع عن أي عمل إيجابي أو سلبي ينقص من الضمان الذي يخوله الرهن للدائن المرتهن، فعليه أن يمتنع عن هدم العقار المبني كله أو بعضه أو نزع المغروسات من الأرض إذا لم يكن نزعها مما يقتضيه استغلالها كما عليه أن يحافظ على العقار فلا يتركه يتخرب، وحتى لا يترتب على هذا الالتزام تعطيل حق الراهن في الإدارة والاستغلال حدد النص الأعمال التي للدائن أن يعترض عليها بأنها التي من شأنها إنقاص ضمانه إنقاصًا كبيرًا، كما يشمل الضمان تعرض الغير قانوني، فعلى الراهن أن يدفع أي ادعاء من الغير بحق لو ثبت لترتب عليه المساس بحق الدائن كأن يدعي الغير أنه يملك العقار المرهون.
وللدائن في سبيل المحافظة على حقه أن يعترض على كل عمل يكون من شأنه إنقاص الضمان إنقاصًا كبيرًا وله في حالة الاستعجال أن يقوم بالوسائل التحفظية كأن يطلب تعيين حارس يتولى المحافظة على العقار أو يطلب الترخيص له بعمل يتولى المحافظة على العقار أو يطلب الترخيص له بعمل الترميمات اللازمة لمنع تهدم العقار.
وإذا أخل الراهن بالتزامه بالضمان الذي قررته المادة (987) فتسبب بخطئه في هلاك العقار المرهون أو تلفه، فيكون للدائن وفقًا للقاعد العامة أن يطلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب ذلك ولما كان الضرر هو زوال التأمين العيني أو ضعفه فيكون الجزاء هو أن يقدم الراهن تأمينًا كافيًا أو يدفع الدين فورًا وهذا ما قررته المادة (988) في فقرتها الأولى ” موافقة للفقرة الثانية من المادة (18) من القانون الحالي ” التي جعلت الخيار للدائن.
أما إذا هلك العقار أو تلف بسبب أجنبي لا يد للراهن فيه، وحيث لا نكون بصدد إخلال بالالتزام بالضمان، وترتب على ذلك زوال التأمين أو ضعفه، ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين، فيكون الخيار للمدين بين أن يقدم تأمينًا كافيًا أو يوفي الدنين فورًا قبل حلول الأجل، وهذا ما قررته الفقرة الثانية من المادة (988)، هذا ولم يتضمن النص الحكم الوارد في الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون الحالي والذي يقرر أنه إذا اختار المدين وفاء الدين فورًا ولم يكن للدين فوائد منفصلة عنه فلا يكون للدائن حق إلا في استيفاء مبلغ يعادل قيمة الدين منقوصًا منه الفوائد بسعر (5) في المائة عن المدة ما بين تاريخ الوفاء وتاريخ حلول الدين، لم يتضمن النص هذا الحكم تمشيًا مع سياسة المشروع في استبعاد نظام الفوائد.
وإذا ترتب على هلاك العقار أو تلفه استحقاق مقابل كما لو كان الهلاك أو التلف بفعل الغير والتزم بدفع تعويض أو كان مؤمنًا عليه والتزمت شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين أو تملكت الدولة العقار المرهون للمنفعة العامة وحيث نكون بما يطلق عليه الهلاك القانوني، فينتقل الرهن بمرتبته إلى المقابل، وهذا ما نصت عليه المادة (989) التي تقابل وتوافق المادة (19) من القانون الحالي.
ثانيًا: أثر الرهن بالنسبة إلى الدائن المرتهن:
وإذا أصبح دين الدائن المرتهن مستحق الأداء، فلهذا الدائن بالإضافة إلى حقه في التنفيذ على كل أموال مدينه بمقتضى حقه في الضمان العام، أن ينفذ على العقار المرهون، ويكون ذلك وفقًا للإجراءات المقررة لذلك، وقد نصت المادة (990) من المشروع، التي تقابل المادة (20) من القانون الحالي، على حق الدائن في التنفيذ على العقار، وذلك دون ذكر ما ورد في نص القانون الحالي من أنه ” وإذا لم يفِ العقار بحقه، فله أن يستوفي ما بقي من الحق كدائن عادي من سائر أموال المدين ” لأن هذه العبارة تقرر حكمًا مسلمًا لا يحتاج إلى نص.
وعرضت المادة (991) التي تقابل المادة (21) من القانون الحالي لحالة ما إذا كان الراهن شخصًا آخر غير المدين، أي للكفيل العيني، وقررت أنه لا يجوز التنفيذ على أمواله إلا ما رهن منها، كما قررت أنه لا يكون لهذا الراهن الدفع بتجريد المدين ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك، كما قررت الفقرة الثانية أنه يجوز للراهن أن يتفادى أي إجراء موجه إليه إذا هو تخلى عن العقار المرهون وفقًا للأوضاع وطبقًا للأحكام التي يتبعها الحائز في تخلية العقار، وكل هذه أحكام مسلمة ترجع إلى أن الراهن ليس مسؤولاً شخصيًا عن الدين.
وتطبيقًا للقاعدة التي تقرر أن حق الدائن المرتهن في استيفاء حقه من العقار المرهون يكون ” وفقًا للإجراءات المقررة لذلك “، وهي قاعدة آمرة، قررت المادة (992) بطلان كل اتفاق على أن يتملك الدائن المرتهن العقار المرهون عند عدم وفاء الدين وكذلك الاتفاق على أن يباع العقار دون مراعاة الإجراءات التي فرضها القانون، وهو حكم أُريد به حماية الراهن الذي قد يقبل مثل هذه الشروط اعتمادًا منه على أنه سيفي بالدين ثم يخيب تقديره ويتعذر عليه الوفاء.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً