حجية الأحكام الجنائية في دعاوى التعويض المدنية
– لما كانت المادة (53) من القانون رقم 39/1980 بشأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية تنص على أنه ( الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ).
– ونصت المادة (54) من ذات القانون على أنه ( لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا بالوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله ضرورياً ).
بمعنى أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية تكون له حجية في الدعوى المدنية في الوقائع التي فصل فيها فصلاً لازماً يتعلق بوقوع الفعل المكون الأساسي المشترك بين الدعوى الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
ونشير هنا إلى أن الجريمة هي سبب الدعوى الجنائية وهي في ذات الوقت أساس الدعوى المدنية التابعة باعتبارها منشأ للضرر المرتب للتعويض المدني.
وكان الأصل أن تطرح هذه أمام المحاكم المدنية بيد أنه إستثناء أجيز طرحها أمام المحاكم الجنائية.
فإذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها، وهو مايتعين على المحكمة المدنية أن تترقب صدور الحكم الجنائي من المحكمة المختصة لتحكم بالتعويض أو ترفضه.
وذلك كون الحكم الجنائي له حجية أمام القضاء المدني عند طرح الدعوى المدنية عليه بالحكم الصادر من المحكمة الجنائية وهو ما يعرف قانوناً بأن ( الحكم المدني يدور وجوداً وعدماً مع الحكم الجنائي ).
أي أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية تكون له حجية في الدعوى المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعوتين الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
فإذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً لحجية الحكم الجزائي السابق له.
فإذا قضت المحكمة الجزائية بإدانة المتهم لإقترافه الجريمة المنسوبة إليه وبإلزامه في الدعوى المدنية بأداء التعويض المؤقت لا تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على ما فصل فيه في الدعوى الجزائية من ارتكاب المتهم الجريمة التي دين عنها بل تمتد الحجية أيضاً إلى قضائه في المسألة الأساسية التي حسمها في الدعوى المدنية في شأن تحقق مسئولية مرتكب الجريمة عن التعويض يتوافر بتوافر أركان هذه المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ومن ثم فإنه تمتنع في دعوى تكملة التعويض العودة إلى مناقشة تلك المسألة التي فصل فيها الحكم ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم.
مؤدي ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعوتين الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. فإذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزم في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجزائي السابق له.
والجدير بالذكر في هذا المقام أن نشير إلى أن الأصل أنه لا تلازم بين المسئولية الجزائية والمسئولية المدنية، إلا أن الحكم الصادر بالبراءة في الدعوى الجزائية تكون له الحجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية فتلتزمه هذه الأخيرة وتتقيد به في بحث الحقوق المدنية المتصلة بالوقائع التي فصل فيها.
وإذا كان حكم البراءة قد بنى على نفي نسبة الواقعة إلى المتهم تأسيساً على تخلف عنصر من عناصر الجريمة وحدوث النتيجة غير المشروعة وعلاقة السبيبة بينهما وبالتالي إنتهى إلى انتفائها، فإن القاضي المدني يتقيد بهذا الحكم إلا إذا كانت الدعوى المدنية لم تتأسس على ذات العنصر الذي انتهت المحكمة الجزائية إلى تخلفه.
وخلاصة القول في هذا الشق أن شرط الحكم بالتعويض المدني رغم القضاء بالبراءة ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
مكتب المحامية موضي الموسى
اترك تعليقاً