لقد أوجب المشرع المصري في المادة ( 940 ) من القانون المدني على من يريد الأخذ بالشفعة إعلان رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمس عشرة يومًا من تاريخ الإنذار الرسمي الموجه من أيهما إليه وإلا سقط الحق في الشفعة وذلك لأن هذا الإنذار هو الذي يتحقق به علم الشفيع بوقوع البيع فإن لم يقم المشتري أو البائع بإنذار الشفيع أو كان الإنذار باطلا فإن المشرع قد وضع للمشتري طريقًا يطمئن من خلاله إلى سقوط حق الأخذ بالشفعة وذلك بانقضاء أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع وبذلك افترض المشرع افتراضًا لا يقبل إثبات العكس إن الشفيع قد علم بالبيع أو سجله المشتري وحيث أن هذا العلم كان افتراضيًا في القانون فقد أطال القانون المدة التي أوجب على الشفيع أن يطلب الشفعة خلالها وهي أربعة أشهر من وقت التسجيل فإذا أعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة في مواجهة البائع أو المشتري قبل أن تنقضي هذه المدة فقد حافظ على حقه من السقوط وعليه أن يكمل باقي الإجراءات التي .
لذا وحيث أن هذه الإجراءات افترض المشرع أنها تبدأ من تاريخ إخطار البائع أو المشتري للشفيع بوقوع البيع. والإنذار وسيلة للبائع أو المشتري لحسم الموقف بالنسبة للشفيع ويقصد منه إثبات علم الشفيع بوقوع البيع علمًا يقينيًا لوضعه بالخيار بالمطالبة بالشفعة من عدمه وترقب الخطوات بعد ذلك أو قد يغفل عن إتباع إجراء أو عدم اتخاذه في الموعد المحدد(1) ويجب أن نلاحظ أن للشفيع أن يبادر بإعلان رغبته قبل الإنذار فلم يقصد المشرع من هذا الإجراء (الإنذار) تحديد بداية الأجل الذي يجوز للشفيع خلاله إعلان رغبته فيه وكذلك لم يوجب المشرع أيضًا هذا الإجراء وأن قصد بذلك بيان لزوم هذا الإنذار لسريان ميعاد الخمسة عشر يومًا التي قررها المشرع لسقوط حق الشفيع فيما إذا أنذره البائع أو المشتري بوقوع البيع.(2) وان علم الشفيع بحصول البيع لا يعتبر ثابتًا في نظر المشرع المصري إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الموجه للشفيع ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يومًا المسقط لحق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انتهائه مما يعني أن الشفيع لا يلزم بإعلان رغبته إلا إذا قام البائع أو المشتري بإنذاره حتى وإن علم بهذا البيع قبل ذلك، وقد قضت محكمة النقض المصرية بذلك(3) و”الإنذار ورقة من أوراق المحضرين يسري عليها ما يسري على الأوراق القضائية من أحكام الصحة والبطلان ويترتب على الإنذار أن يقوم الشفيع بإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الإنذار وألا سقط حقه في الأخذ بالشفعة“(4) ولم يقصد المشرع أن يجعل من هذا الإنذار عرضًا ينعقد بموجبه عقد بين المشتري والشفيع وإنما أراد أن يحسم المنازعات التي تنشأ بشأن علم الشفيع بالبيع المثبت بالشفعة وأن يجعل من هذا التاريخ بداية لتحديد المدة المقررة لسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة، وقد نص المشرع المصري في المادة 940 على وجوب اشتمال الإنذار الرسمي على بيانات معينة تحت طائلة البطلان وهي:
1. بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بيانًا كافيًا.
2. بيان الثمن والمصروفات الرسمية بشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ولقبه وصناعته وموطنه.
يتبين من خلال النص أن البيانات التي أوجب المشرع اشتمال الإنذار عليها تهدف إلى أن يعلم الشفيع علمًا شاملا بأركان البيع لكي يقدر مصلحته في طلب الشفعة ويتمكن من توجيه طلبه إلى من يجب أن يوجه إليه فيجب تعريف الشفيع بالعقار المبيع تعريفًا تنتفي معه الجهالة وهذه مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع تخضع لسلطته التقديرية وعلى الرغم من ذلك يجب أن يوضح في هذا الإنذار كل ما يتعلق بالعقار من حيث المساحة والحدود ورقم القطعة والحوض بحيث لا تنتابه الجهالة وهي على نوعين جهالة فاحشة وجهالة يسيرة والأولى توجب البطلان أما الثانية فيمكن استيضاح الأمر فيها ويعود تقدير ذلك لقاضي الموضوع. “وكذلك أوجب المشرع اشتمال هذا الإنذار على اسم البائع والمشتري وموطنهما والثمن والمصروفات الرسمية وشروط البيع، واعتبر أن أي بيان لم يذكر في هذا الإنذار من البيانات المشترطة فإن الإنذار يكون بهذه الحالة باطلا ولا يرتب أثرًا“(5) ويجب أن يوجه هذا الإنذار إلى الشفيع أو الشفعاء في حالة تعددهم على اختلاف طبقاتهم ولا يجوز الاكتفاء بإنذار شفعاء طبقة دون أخرى وذلك لاحتمال أنه لا يرغب أحد منهم في الأخذ بالشفعة مما يجعل المجال مفتوحًا أمام من هم أدنى منهم طبقة(6) أما المشرع الأردني فلم يوجب مثل هذا الإنذار ولم يرد له ذكر في أي من مواد القانون المدني المتعلقة بأحكام الشفعة وكذلك لم يرد مثل هذا الأمر في مجلة الأحكام العدلية. إذ لا يلتزم البائع أو المشتري في التشريعين الأخيرين بشيء مما ورد بخصوص إنذار الشفيع بوقوع البيع(7).
________________
1- البدراوي، عبد المنعم، حق الملكية، الطبعة الثالثة جامعة القاهرة، 1994 ، ص 391
2- أبو السعود، رمضان، الوجيز في الحقوق العينية الأصلية، دار الجامعة الجديدة، 2004 ، ص 258
3- إن علم الشفيع بحصول البيع لا يعتبر ثابتًا إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يومًا الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعرض رغبته بالأخذ بالشفعة انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار نقض مدني مصري في الطعن264س49 ،ق تاريخ 31/10/ 1984 ، مجموعة الأحكام القضائية لمحكمة النقض، المكتب الفني، 1986 ، صفحة 412
4- سعد، نبيل إبراهيم، الشفعة علمًا وعملا، بدون طبعة، الإسكندرية منشأة المعارف، 1997 ص85
5- لشواربي عبد الحميد، الشفعة والقسمة، الشفعة والقسمة، الطبعة الثانية ، دار النصر للنشر والتوزيع 1979 ص 103
6- سعد نبيل ابراهيم ، الشفعة علما وعملا ، المرجع السابق ص 87
7 – أما المشرع الفلسطيني فقد أورد ذلك في المواد 1075 و 1076 ضمن أحكام الشفعة في مشروع القانون المدني فقد نص في المادة 1075 على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الأخطار العدلي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا اسقط حقه في الشفعة، ويزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك. وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع: “تتعرض هذه المادة للإجراءات الواجب إتباعها للأخذ بالشفعة، وهي على النحو الآتي:
أولا: أخطار عدلي (رسمي) يوجه من البائع أو المشتري إلى الشفيع.
ثانيا: أن يعلن الشفيع رغبته بالشفعة خلال خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ الأخطار العدلي.
ثالثا: يزاد على الخمسة عشر يوما مدة أخرى وذلك اعتبارا للمسافة التي تفصل بين الشفيع والأرض التي يستعمل حقه بالشفعة من اجلها وهي تقدر بقدر الضرورة وتخضع إلى السلطة التقديرية للقاضي. يتطابق حكم هذه المادة مع المادة 940 من القانون المدني المصري، و 944 من القانون المدني الليبي، والمادة 799 من القانون المدني الجزائري، علما بأن هذه المادة تجعل المدة ثلاثين يوما لا خمسة عشر يوما، والمادة 247/2 من قانون الملكية العقارية اللبناني وهذه المادة تجعل المدة عشرة أيام بدلا من خمسة عشر يوما”. وكذلك في المادة 1076 التي نص على يشتمل الأخطار العدلي المنصوص عليه في المادة السابقة على البيانات الآتية وإلا كان باطلا:
أ. بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بيانا كاملا.
ب. بيان الثمن والنفقات وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ولقبه وصناعته وموطنه.
وتقول المذكرة الإيضاحية في ذلك إن الإخطار العدلي يعتبر أول الإجراءات التي يجب القيام بها من قبل البائع أو المشتري للعقار التي تحققت فيه شروط الشفعة، وهو أخطار رسمي يتولى إعلانه محضر، يوجه من البائع أو المشتري، إلى الشفيع، وذلك بهدف أخطار الشفيع بوقوع البيع الذي يجوز الأخذ فيه بالشفعة حتى يتدبر الشفيع أمره سواء أكان ذلك باستعمال حقه بالشفعة أم لا وفقا لقدراته المالية ورغبته كذلك في الشراء، وفي حال تعدد الشفعاء لا يكفي أخطار أحدهم دون الآخرين، وإنما يجب أخطار كل واحد منهم على انفراد، وسواء أكان الشفعاء من طبقة واحدة أو من طبقات متعددة. والأخطار يجب أن يتم بطريقة رسمية، فلا يكفي أن يكون مكتوبا أو شفويا، ولا يكفي أن يرسل في البريد سواء أكان مسجلا أو بعلم الوصول. ويجب أن يشمل الأخطار على بيان وافٍ عن العقار المبيع، موقعه، وحدوده ومساحته، وكل بيان متعلق به ويكون من شأنه أن ينفي الجهالة به، كما يجب أن يشتمل الأخطار على الثمن الذي بيع به العقار، والمصروفات الرسمية وهي رسوم توثيق البيع إذا كتب بورقة رسمية ورسوم التسجيل إذا سجل، كما يجب أن يذكر في الأخطار اسم البائع والمشتري ولقب كل منهما وصناعته وموطنه. والشفيع يجوز له أن يعلن رغبته باستعمال حقه بالشفعة حتى قبل أن يصله الأخطار من قبل البائع أو المشتري يتطابق حكم هذه المادة مع المادة 941 من القانون المدني المصري، والمادة 800 من القانون المدني الجزائري، والمادة 945 من القانون المدني الليبي، ويتوافق مع المادة 1138 من القانون المدني العراقي.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً