لقد نظم قانون الجنسية العراقية ذو الرقم 42 لسنة 1924 في المواد العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة منه موضوع التجنس والذي أٌعطي فيه حق منح الجنسية العراقية للاجنبي لوزير الداخلية وذلك لكل من اقام في العراق بصورة معتادة لمدة ثلاث سنوات اذا توفرت فيه الشروط الواردة في المادة العاشرة (1) . وبصدور قانون الجنسية العراقية ذي الرقم 43 لسنة 1963 حلت المادتان الثامنة والتاسعة محل المواد السابقة وقد شملت المادة الثامنة قانون التعديل الاول ذا الرقم 206 لسنة 1964 وبالتحديد في المادتين الخامسة والسادسة منه (2) وبموجب هذا التعديل قيدت صلاحية وزير الداخلية واصبحت مقتصرة على البت في طلبات التجنس المقدمة من ابناء الدول العربية بعد ان كانت صلاحياته واسعة تشمل كل طلبات التجنس اما الطلبات المقدمة من غير ابناء الدول العربية فانه بموجب التعديل الاول اصبحت ايضاً من صلاحية مجلس الوزراء (3) فالمادة الثامنة قبل التعديل كانت تنص على ان (للوزير ان يقبل تجنس الاجنبي بالجنسية العراقية بالشروط التالية ….) واصبحت بعد تعديلها (1- للوزير ان يقبل تجنس العربي بالشروط التالية ….. 2- لمجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير ان يقبل تجنس الاجنبي غير العربي….) . وانسجاماً مع ما شرعه المشرع من ضرورة جمع شتات العائلة الواحدة كي تستظل بظل جنسية واحدة شرع احكاماً وقتية القصد منها تيسير امر المتجنس للحصول على الجنسية العراقية متى توفرت فيه شروط التجنس والاحكام الواردة بهذا الشأن هي الفقرة الرابعة المضافة الى المادة الثامنة بموجب قانون التعديل الرابع لقانون الجنسية العراقية رقم 43 لسنة 1963 وكذلك الفقرة الاولى والرابعة من قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 180 لسنة 1980 (4) .
وقد بدا على المشرع العراقي التشدد في هذه المادة عندما استلزم شرط اقامة الاجنبي في العراق مدة اطول وهي اكمال خمس عشر سنة متتالية في الوقت الذي اشترط المشرع العراقي في الفقرة الاولى من المادة (8) اقامة لمدة عشر سنوات في العراق وفضلاً عن ذلك لا يقبل تجنس الاجنبي وفق التعديل اعلاه الا اذا كان احد اقاربه من الدرجة الاولى او الثانية قد حصل على الجنسية العراقية وشرط كهذا لم تستلزمه الفقرة الاولى من المادة الثامنة (5) وقد حدد القانون المدني العراقي في المادة (م39/ف3) الاقارب من الدرجة الاولى والثانية . فاذا كان احد الاشخاص الذين حددتهم المادة 39 /ف3 من القانون المدني العراقي قد حصل على الجنسية العراقية كان في استطاعة اقاربه من الدرجة الاولى او الثانية ان يتقدموا بطلباتهم لمنحهم الجنسية العراقية واذا وافق السيد رئيس الجمهورية على هذه الطلبات اصبحوا عراقيين من تاريخ تأديتهم اليمين القانونية ولا يعتد بالطلب الا اذا قدم خلال مدة نفاذ هذا القانون . اما الفقرتان الاولى والرابعة من قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 180 لسنة 1980 . فقد اشترطتا مدة اقامة جديدة تبدأ منذ عام 1958 أي ما يزيد على اثنين وعشرين عاماً وليس كما جاء في التعديل الرابع رقم 131 لسنة 1972 الذي حدد الاقامة بخمس عشرة سنة . اما عن الاشخاص الذين في مقدورهم الاستفادة من هذا القرار هم اولئك الاشخاص الذين ورد ذكرهم في الحالة الاولى التي اتى بها قانون التعديل الرابع ذو الرقم 131 لسنة 1972 أي كل من حصل احد اقاربه من الدرجة الاولى او من الدرجة الثانية على الجنسية العراقية فضلاً عن الاجنبي المتزوج من عراقية والذي يقابل حسن السلوك الذي تتطلبه الحالة السابقة والذي يحل محلها ان لا يكون في وجود طالب التجنس في الاقليم الوطني أي ضرر على امن البلاد وسلامة الجمهورية ويتجسم التساهل الذي اقره المشرع في القرار ذي الرقم 180 لسنة 1980 ان المشرع لم يتطلب في طالب التجنس ان يكون له وسيلة جلية للعيش في العراق هذا من جانب ومن جانب اخر أهم أن السلطة التي خولت منح الجنسية العراقية وفق هذه الحالة هو وزير الداخلية بعد ان كانت من اختصاص رئيس الجمهورية (6) ونعتقد ان اجراءات القانون الجديد اكثر يسراً في قبول التجنس ومن يحصل على موافقة الوزير بموجب المادة الثامنة من قانون الجنسية العراقية رقم 43 لسنة 1963 عليه اكمال اجراءات التجنس المتمثلة بتأدية اليمين والحصول كذلك على شهادة التجنس ومن ثم يعتبر الشخص طالب التجنس عراقي الجنسية من تاريخ اداء اليمين .
وانسجاماً مع المبادئ المثالية التي يؤمن بها المشرع العراقي وبالتحديد في مسألة حرية الشخص في اختيار جنسيته فقد شرع المشرع العراقي في قرار مجلس قيادة الثورة ذو الرقم 944 لسنة 1986 تشريعاً اعطى فيه الحق لكل اجنبي فاتته فرصة الحصول على الجنسية العراقية بموجب القوانين والقرارات السابقة ان يتجنس بالجنسية العراقية وفق شروط حددها القرار المذكور وبذلك تلافى المشرع العراقي حالة عدم المساواة بين الاجانب المقيمين في العراق والذين حصلوا على الجنسية العراقية بموجب القوانين السابقة وبين الاجانب المقيمين في العراق الذين لم يحصلوا على الجنسية العراقية وقد تضمن هذا القرار الشرط الاتي :
(1- لوزير الداخلية ان يقبل تجنس الاجنبي البالغ سن الرشد اذا كان ابوه او احد اشقائه قد حصل على الجنسية العراقية وتوفرت شروط المواطنة الصالحة فيه ولم يكن في جوده ضرر على امن وسلامة الجمهورية العراقية)(7) . اما عن الوضع التشريعي في قانون الجنسية المصرية ذي الرقم 26 لسنة 1975 فقد نصت المادة الرابعة /ف5 منه على انه يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية : (لكل اجنبي جعل اقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية على الاقل سابقة على تقديم طلب التجنس متى كان بالغاً سن الرشد وتوافرت فيه الشروط المبينة في البند رابعاً) . والشروط المبينة في البند (رابعاً) من المادة الخامسة هي 1- ان يكون سليم العقل غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع . 2- ان يكون حسن السيرة والسلوك محمود السمعة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية او بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد اليه اعتباره . 3- ان يكون ملماً باللغة العربية . 4- ان تكون له وسيلة مشروعة للكسب .
والاحكام التي تضمنتها المادة الرابعة /ف5 من قانون الجنسية المصرية ذو الرقم 26 لسنة 1975 النافذ سواء بطريق مباشر او عن طريق الاحالة الى البند رابعاً من نفس المادة منقولة في المتن عن المادة الخامسة من تشريع عام 1958 ، مع ملاحظة ان منح الجنسية المصرية يتم بموجب تشريع عام 1975 النافذ بقرار من وزير الداخلية باعتباره صاحب السلطة في الفصل بطلبات التجنس وهو ذات الوضع الذي كان مقرراً بموجب قانون الجنسية المصرية ذي الرقم 82 لسنة 1958 قبل تعديله بالقانون ذي الرقم 282 لسنة 1959 الذي جعل صلاحية وسلطة اصدار قرارات التجنس لرئيس الجمهورية ، والنص النافذ منقول ايضاً عن المادة الخامسة من تشريع الجنسية المصرية الصادر عام 1956 ومن المادة الخامسة من تشريع الجنسية المصرية الصادر عام 1950 المادة الثامنة من تشريع الجنسية المصرية لعام 1929 مع ملاحظة ان هذا التشريع الاخير لم يكن يتطلب صراحة شرط سن الرشد ولا شرط سلامة العقل او شرط عدم المحكومية الجنائية على طالب التجنس(8) . واذا كان هذا هو الوضع التشريعي لهذه الحالة في قانون الجنسية المصرية فان الامر لا يكاد يختلف عن ما هو عليه الحال في التشريع الاردني فقد نصت المادة 12 من قانون الجنسية الاردني ذو الرقم 6 لسنة 1954 على أنه (لأي شخص غير اردني ليس فاقداً للأهلية ممن توافرت الشروط الاتية ان يقدم طلباً الى مجلس الوزراء لمنحه شهادة التجنس بالجنسية الاردنية :
1- ان يكون قد اتخذ محل اقامته العادية في المملكة الاردنية الهاشمية لمدة اربع سنوات قبل تاريخ طلبه .
2- ان لا يكون محكوماً عليه باي جريمة ماسة بالشرف والاخلاق .
3- ان ينوي الاقامة في المملكة الاردنية الهاشمية .
4- ان يعرف اللغة العربية قراءة وكتابة .
5- ان يكون حسن السيرة والسمعة .
6- ان يكون سليم العقل وغير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع .
7- ان تكون له وسيلة مشروعة للكسب مع مراعاة عدم مزاحمة الاردنيين في المهن التي يتوافر فيها عدد منهم.
فالشروط اعلاه لا لبس فيها ولا غموض وما نلاحظه في الشرط الرابع ان هذه الفقرة قد عدلت باضافة عبارة (قراءة وكتابة) بموجب القانون ذي الرقم 7 لسنة 1963 اما الفقرتان السادسة والسابعة من هذه المادة فقد اضيفتا بموجب القانون نفسه (9) .
وقد اخذ المشرع الاردني في قانون الجنسية الاردني ذي الرقم (6) لسنة 1954 بالتجنس العادي الذي يستند على مجرد الاقامة في الاردن من قانون جنسية شرق الاردن 1928 والتي حلت محلها المواد 12 و 13 و 14 من القانون النافذ المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1963 والقانون رقم 22 لسنة 1987 (10) . وفي ضوء ما تقدم من نصوص في التشريع العراقي والمقارن يتضح لنا ان التشريعات المقارنة القديمة ومنها التشريع العراقي كانت اكثر مرونة في منح الاجنبي الجنسية الوطنية وبدء التشدد عليها بمرور التقدم التاريخي لهذه التشريعات حيث اضافت شروطاً اخرى في منح الاجنبي الجنسية الوطنية .
اما عن قانون الجنسية العراقية النافذ ذي الرقم 43 لسنة 1963 والقرارات اللاحقة له قد ارتئت في معالجتها لتجنس الاجنبي بالاقامة الطويلة ان يكون احد من اقربائه من الدرجة الاولى او الثانية قد حصل على الجنسية العراقية وهذا لم نراه في التشريعات المقارنة ونحن نقترح ان يأخذ المشرع العراقي بنص المادة الرابعة فقرة 5 من قانون الجنسية المصرية النافذ وهو بنفس اتجاه المشرع العراقي في المادة الثامنة من قانون رقم 43 لسنة 1963 قبل التعديل التي كانت تنص على ما يلي : (للوزير ان يقبل تجنس الاجنبي بالجنسية العراقية بالشروط الاتية : 1- ان يكون بالغاً سن الرشد . 2- دخل العراق بصورة مشروعة ومقيماً فيه عند تقديم الطلب . 3- اقام في العراق بصورة مشروعة مدة عشرة سنوات متتاليات على الاقل سابقة على تقديم طلب التجنس . 4- ان يكون حسن السلوك والسمعة ولم يحكم عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف . 5- ان تكون له وسيلة جلية للعيش . 6- ان يكون ملماً باللغة العربية او اية لغة معترف بها قانوناً . 6- ان يكون سالماً من الامراض والعاهات الجسمية والعقلية) … .
_______________________
[1]- لمزيد من التفصيل حول المادة العاشرة والمادة الحادي عشر ينظر قانون الجنسية العراقية ذو الرقم 42 لسنة 1924 الملحق بالرسالة .
2- انظر المادة الخامسة والسادسة من قانون التعديل الاول ذو الرقم 206 لسنة 1964 والملحق بالرسالة وينظر كذلك عبدالحميد عمر وشاحي ، المصدر السابق ، ص 647 .
3- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، ط1972 ، المصدر السابق ، ص 145 وما بعدها
4- انظر : قرار مجلس قيادة الثورة ذو الرقم 180 في 2/2/1980 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية ذي العدد (2757) في 18/2/1980 والملحق بالرسالة .
5- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، ط4 ، المصدر السابق ، ص 174 .
6- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، ط4 ، المصدر السابق ، ص 175 وما بعدها .
7- ينظر قرار مجلس قيادة الثورة ذو الرقم 944 في 8/2/1986 والمنشور في جريد الوقائع العراقية ذي العدد 3181 في 15/12/1986 والملحق بالرسالة .
8- د. هشام علي صادق ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، المصدر السابق ، ص 389 وما بعدها . وينظر كذلك د. عز الدين عبدالله ، المصدر السابق ، ص 411 وما بعدها .
9- المحامي محمد ابو بكر ، المصدر السابق ، ص 13 .
0[1]- د. حسن الهداوي ، الجنسية واحكامها في القانون الاردني ، المصدر السابق ، ص 140
المؤلف : : يونس محمود كريم النعيمي
الكتاب أو المصدر : احكام التجنس في قانون الجنسية العراقية
الجزء والصفحة : ص90-94
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً