عرض المشروع بنصوص المواد (من 958 إلى 970) لتنظيم حقوق الارتفاق بوجه عام وحق الارتفاق، كما عرفته المادة (958) هو تكليف على عقار لمنفعة عقار آخر مملوك لغير مالك العقار الأول، فهو يفترض عقارين، الأول مملوك لصاحب حق الارتفاق، ويطلق عليه العقار المرتفق، أو العقار المخدوم، والثاني مملوك لشخص آخر غير مالك العقار الأول وهو الذي يرد عليه حق الارتفاق ويسمى العقار المرتفق به أو العقار الخادم، ويعتبر حق الارتفاق تكليفًا على العقار المرتفق به، يحد من منفعته لمنفعة العقار المرتفق، مثل حق الارتفاق بالمرور الذي يخول صاحب العقار المرتفق المرور في العقار المرتفق به، وكذلك حق الارتفاق بالمطل الذي يخول صاحب العقار المرتفق حق فتح فتحة يطل منها على عقار جاره دون أن يترك المسافة القانونية.
وبعد تعريف حق الارتفاق أشارت المادة (959) إلى المرجع في أحكام حقوق الارتفاق فنصت على أن تخضع حقوق الارتفاق لما هو مقرر في سند إنشائها ولما جرى عليه عرض الجهة والأحكام الواردة في المواد التالية.
وعرضت المادة (960) لسبب خاص من أسباب كسب الارتفاق، هو المعروف بتخصيص المالك الأصلي، وصورته أن يوجد عقاران مملوكان لشخص واحد ويحمل أحدهما بعبء لمنفعة آخر على نحو ظاهر يدل على وجود ارتفاق لو كان العقاران مملوكين لشخصين مختلفين، وبعد ذلك يصبح العقاران مملوكين لشخصين مختلفين كما لو تصرف المالك في أحدهما واحتفظ بالآخر أو تصرف فيهما لشخصين مختلفين، فينشأ حق الارتفاق إلا إذا وجد شرط صريح يخالف ذلك.
ثم قرر نص المادة (961) أولاً حق مالك العقار المرتفق في إجراء الأعمال الضرورية لاستعمال حقه والمحافظة عليه. فإذا كانت هذه الأعمال تتم في العقار المرتفق به فليس لمالك هذا العقار أن يمنعه منها فله أن يمهد الطريق الموجود في العقار المرتفق به، كما يفرض النص على صاحب العقار المرتفق واجب استعمال حقه على الوجه الذي لا ينشأ عنه إلا أقل ضرر ممكن للعقار المرتفق به.
وإذا جد من حاجات العقار المرتفق ما من شأنه زيادة عبء الارتفاق على العقار المرتفق به، كما لو كنا بصدد حق ارتفاق بالمرور، وتغير استعمال صاحب الارتفاق للعقار المرتفق إلى مصنع أو مخزن وبالتالي إلى توسعة الطريق ليسمح بمرور السيارات الكبيرة، وفي هذه الحالة أعطت المادة (962) للقاضي الحق في أن يقضي بتعديل الارتفاق على النحو الذي يجعله صالحًا لمواجهة الاستعمال الجديد، وذلك بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أي بين الضرر الذي يلحق مالك العقار المرتفق به نتيجة التعديل، والضرر الذي يلحق مالك العقار المرتفق من الإبقاء على الارتفاق بوضعه الأصلي، وإذا قرر القاضي التعديل بما يزيد في عبء الارتفاق، فيكون ذلك في نظير مقابل عادل يلتزم به صاحب الارتفاق.
والأصل الذي نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (963) أن نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال الارتفاق والمحافظة عليه تكون على صاحب حق الارتفاق، ولكن ليس ثمة ما يمنع من أن يشترط غير ذلك كأن يتفق المالكان على أن تكون النفقات عليهما معًا أو على مالك العقار المرتفق به، فإذا فرض أن وجد اتفاق على أن يتحمل مالك العقار المرتفق به تلك النفقات، فله وفقًا للفقرة الثانية من النص أن يتخلص من التزامه بالإنفاق بأن يتخلى عن ملكيته للعقار المرتفق به كله أو بعضه لمالك العقار المرتفق.
وإذا كانت الأعمال اللازمة لاستعمال الارتفاق والمحافظة عليه تفيد كلاً من المالكين، كما لو كان الطريق مشتركًا كانت نفقاتها وفقًا للفقرة الثالثة عليهما معًا كل بنسبة ما يعود عليه منها من منفعة.
وتمكينًا لصاحب الارتفاق من استعمال حقه دون معوقات نصت المادة (964) على أنه لا يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يعمل شيئًا يؤدي إلى الإنقاص من استعمال الحق أو جعله أكثر مشقة، فليس له مثلاً أن يشغل الممر بما يعوق استعماله، أو يغير موضع المرور إلى وضع جديد يجعل المرور أكثر مشقة على صاحب حق الارتفاق، هذا هو الأصل العام، ولكن قد يحدث أن يكون الموضع الذي تحدد أصلاً لاستعمال حق الارتفاق قد أصبح من شأنه أن يزيد في عبء الارتفاق على العقار المرتفق به، أو أصبح الارتفاق مانعًا من إحداث تحسينات في العقار المرتفق به، كما لو كان حق المرور مقررًا على أرض فضاء ثم بنى فيها صاحبها منزلاً فلمالك العقار المرتفق به، وفقًا لنص المادة (964) أن يطلب نقل الارتفاق إلى موضع آخر من العقار أو إلى عقار آخر يملكه هو أو إلى عقار يملكه شخص ثالث قبل أن يتحمل عقاره بالارتفاق، بشرط أن يكون استعمال الارتفاق في الوضع الجديد الذي يعرضه صاحب العقار المرتفق به ميسرًا كما كان في وضعه السابق.
وتعرض المادتان (965 و966) لأثر تجزئة العقار المرتفق أو العقار المرتفق به على حق الارتفاق، فإذا جزِّئ العقار المرتفق كما لو قسمت الأرض إلى قسمين بحيث يملك كل قسم منها مالك، فالأصل أن يبقى الارتفاق مقررًا كما كان لفائدة كل جزء، ولكن يجب ألا يترتب على ذلك زيادة العبء الواقع على العقار المرتفق به، فإذا ترتب على التجزئة أن الارتفاق لا يفيد إلا جزءًا من الأجزاء فلمالك العقار المرتفق به أن يطلب إنهاء الارتفاق عن الأجزاء الأخرى.
وكذلك إذا جزِّئ العقار المرتفق به إلى أجزاء، فالأصل أن يبقى الارتفاق واقعًا على كل الأجزاء، كما لو كان المرور بوضعه الأصلي يتم باختراق كل أجزاء العقار، ولكن إذا ترتب على التجزئة أن يصبح استعمال الارتفاق مقصورًا على بعض الأجزاء ولا يمكن أن يستعمل على الأجزاء الأخرى، فيكون لمالك كل جزء من الأجزاء التي لا يستعمل عليها حق الارتفاق أن يطلب إنهاء الارتفاق عن الجزء الذي يملكه.
وأخيرًا عرض المشروع بنصوص المواد من (967 إلى 970) لانتهاء حقوق الارتفاق، فهي تنتهي، بمقتضى المادة (967) أولاً: بانقضاء الأجل إذا كان هناك أجل، فليس ثمة ما يمنع من أن يتقرر الارتفاق لمدة ثلاث سنوات مثلاً، كما ينتهي الارتفاق بهلاك العقار المرتفق به أو العقار المرتفق هلاكًا تامًا وهي صورة نادرة، فالغالب ألا يترتب على الهلاك إلا استحالة استعمال الارتفاق استحالة مؤقتة، ومع ذلك فمن المتصور أن يكون إنهاء الارتفاق نهائيًا كما لو استكملت الدولة العقار المرتفق به وخصصته للمنفعة العامة، وينتهي الارتفاق ثالثًا: باجتماع ملكية العقارين لشخص واحد إذ لا يتصور أن يكون للشخص حق ارتفاق على عقار يملكه، ولكن إذا زالت حالة اجتماع الملكية، كما لو فسخ العقد الذي اشترى به مالك أحد العقارين العقار الآخر، أو أُبطل ففي هذه الحالة يعود حق الارتفاق.
وإذا لم يستعمل صاحب الارتفاق حقه مدة خمس عشرة سنة، فلا تُسمع الدعوى به وفقًا لنص المادة (968) إذا أنكره صاحب العقار المرتفق به، ما لم يكن الارتفاق مقررًا لمنفعة عقار مملوك للدولة أو لجهة وقف فلا يترتب على عدم الاستعمال مهما طال عدم سماع الدعوى، وكما هي الحال بالنسبة لحق الانتفاع، فإذا كان العقار المرتفق مملوكًا على الشيوع لعدة شركاء فاستعمال أحدهم حق الارتفاق يقطع المدة لمصلحة الشركاء الآخرين كما أن وقف المدة لمصلحة أحدهم يجعلها موقوفة لمصلحة الآخرين.
وثمة سبب مؤقت لانتهاء حق الارتفاق نصت عليه المادة (969) هو استحالة استعمال الحق نتيجة تغير وضع الأشياء، كما لو غمرت مياه الأمطار الأرض التي تقرر عليها المرور بحيث يستحيل المرور منها فإذا زالت الاستحالة عاد حق الارتفاق.
وأخيرًا فقد يحدث أن يصبح الارتفاق عديم الجدوى، أو لم تبقَ له إلا منفعة قليلة لا تتناسب مطلقًا مع العبء الذي يقع على العقار المرتفق به، ففي هذه الحالة يكون لمالك العقار المرتفق به وفقًا لنص المادة (970) أن يطلب تحريره من حق الارتفاق، إذ يكون إصرار صاحب حق الارتفاق على بقاء حقه تعسفًا يجب منعه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً