الأدوية المغشوشة وحكم القانون الليبي ؟
الأدوية المغشوشة وحكم القانون ؟
الدواء هو : أي مادة كيميائية لها القدرة على تعديل أو تغيير الوظائف الجسدية أو الحيوية الطبيعية للكائن الحي سواء كان إنسان أو حيوان أو نبات حال إمتصاصها ودخولها داخل جسد هذا الكائن . كما عرف بأنه : أي مادة كيميائية تستخدم في العلاج بهدف الشفاء من الأمراض ؛ أو تخفيف وطأة وحدة المرض أو لأجل الوقاية منه ، أو لتعزيز الصحة البدنية والنفسية للكائن الحي . وإذا كانت الحاجة لاستخدام الدواء باتت ملحة للإنسان كما للحيوان الذي قد تعد الإساءة إليه جريمة اقتصادية ، فأنه يجب أن لا ننسي أهمية الحفاظ على نوعية الغذاء وضرورة فرض رقابة صارمة على المواد المستخدمة لمكافحة الآفات الزراعية والتي هي سلاح ذو حدين لان الإخلال بالتوازن الطبيعي للبيئة باستخدام ما يعرف اصطلاحا بمواد قد تصنف كأدوية يؤثر سلبا لا على الغذاء فحسب بل ويهدد صحة الإنسان وحقه في الحياة الآمنة الصحية ، ويؤسفنا القول أن حالة فوضي الأدوية التي نعيشها من الأمور الملموسة فهذا الدواء استورد من الجارة تونس وآخر من مصر والثالث من العربية السعودية والأردن إلى جانب المستورد من الدول الغربية التي تفاجأ بأنها حظرت الدواء لخطورة المضاعفات الناتجة عنه ، ومع ذلك لازال متداولا بالأسواق الوطنية ، وكيف نواجه الأدوية المقلدة والمغشوشة التي تفتقر إلى المواد الفعالة مما يفقدها أي قيمة علاجية ؟ وقد تتسبب في إحداث أثار جانبية تنعكس سلبا على صحة الإنسان الذي يبحث عن الدواء الأرخص ثمنا في البلدان التي لا يتواني فيها البعض عن المتاجرة بصحته مقابل تحقيق مكاسب طائلة فلا يختلفون في ذلك عن تجار المخدرات والمؤثرات العقلية .
ورغم وجود الأجهزة الرقابية المنوط بها الرقابة السابقة واللاحقة على ما يتم استيراده من مواد دوائية أو طبية بأنواعها ؛ فأن المتابع لسوق الأدوية ونخص بالذكر المتعلق منها بصحة الإنسان يلاحظ ويلمس الخلل والقصور وغياب تطبيق النصوص العقابية التي تجرم غش أو تقليد المواد الطبية وتقرر للمخالف عقوبة الحبس وفقا لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 307 عقوبات ، والمادة 309 عقوبات التي جرمت الاتجار بالأغذية أو الأدوية الفاسدة والتي ساوت بين من يحوز تلك المواد أو يعرضها للبيع ومن يوزعها أو سلمها للغير وهو عالم بأنها مقلدة أو مغشوشة ، والمادة 310 من القانون ذاته التي أخضعت نشاط من يمارس فعل الاتجار بالأدوية بترخيص أو بدونه إلى وصف الجنحة أيضا ، وجرمت فعل أعطا ء تلك المواد بشكل وصفة أو كمية لا تتفق مع توصيات الطبيب أو تختلف مع المعلن عنه أو المتفق عليه .
ومع ضبط بعض الصيدليات التي تتعامل في أدوية منتهية الصلاحية كان يتعين سحب الرخصة وحظر مزاولة مهنة الصيدلة بالنسبة لمن يضبط مرتكبا أيا من الجرائم السابقة التي صنفها المشرع الليبي تحت مسمي ” جرائم الغش التي يترتب عليها خطر عام ” ولم يغفل تجريم السلوك في صورته غير العمدية وفقا لأحكام المادة 316 المعنونة ” الجرائم الخطيئة ضد الصحة العامة ” ؛ إي أن سلوك من يتعامل في أدوية مقلدة أو مغشوشة بطريق الإهمال أو لمخالفة اللوائح والقوانين ذات العلاقة يقع تحت طائلة العقاب وليس للشخص أن يبرر تصرفه بأنه لم يكن يعلم بأن الدواء مغشوش أو مقلد ، وهو ما ينبئ عن رغبة المشرع في التصدي للأفعال التي تهدد الصحة العامة وعدم السماح لمن يتعامل بها عمدا أو بطريق الخطأ من الإفلات بنتائج سلوكه .
هذا كما يسأل المتعامل في منتجات لها علاقة بالصحة والبيئة عن جريمة خاصة إذا لم يراع وجود البيانات الخاصة التي تكفل ضمان جودة المنتج وتسهل على الجهات الرقابية القيام بدورها ؛ بإلزامه بوجود ما يعرف بالعناصر الداخلة في تركيبته ونسبها ، وبيان إذا ما كانت السلعة معدلة وراثيا أو تحتوى على مواد خطرة أو كانت معالجة بالإشعاع ، واخضع المخالف لنص المادة 1280 من القانون رقم 23 لسنة 2010 بشأن النشاط التجاري التي قررت عقوبة الحبس مدة لاتزيد عن سنة وغرامة حدها الأدنى ألف دينا والاقصي خمسة آلاف دينار ، وفى حالة العود يغلق المحل التجاري مدة لاتقل عن خمسة عشر يوما ولاتزيد على ستة أشهر مع نشر الحكم ومصادرة البضائع المخالفة.
ولا نغفل القانون الصحي رقم 106 لسنة 1973م الذي نظم عمل ما أطلق عليه بالمنشآت الصيدلية وحظر مزاولة الصيدلة إلا على من تتوافر فيه الشروط اللازمة وفى مقدمتها الشهادة العلمية ، إضافة إلى الاشتراطات الصحية والفنية المحددة بموجب أحكامه والواجب مراعاتها في المنشآت الصيدلية ، كما حظر الجمع بين نوعين من التراخيص الخاصة بهذه المنشآت بمعني انه لايجوز للصيدلي أن يدير مصنع للأدوية ، فكيف الحال وهو المورد الرئيس للدواء في بعض الأحيان ؟ وهو ما سمح بتحويل الدواء إلى سلعة للمزايدة عليها من قبل أشخاص لا ذمة لهم ؛ بعيدا عن الغاية الإنسانية التي تستهدف تأمين الحق في الصحة ، وأخيرا نذكر باللائحة التنفيذية للقانون المذكور التي حظرت الإعلان التجاري عن الدواء بأي وسيلة من وسائل الإعلان وفقا لأحكام المادة 541منها ، فماذا عن الإعلانات المنتشرة بلوحات الإعلان المضيئة بالشوارع الرئيسية ، وهل ألغي القانون المذكور ؟ أم أن سن القواعد القانونية ما هو إلا ترف يطبق عندما تريد السلطة الإدارية تقييد التصرف لا تنظيمه بعيدا عن مصلحة المواطن الذي تضرر بترك الاتفاق على التعامل بالدواء لمذكرات تفاهم رسمية لاتكفل له الضمانات التي اقرها القانون ، خاصة وأن من يوقع على هذه الاتفاقيات يعلم يقينا أن علاجه يأتي في علب خاصة من الخارج كما هو حال حفاضات أطفاله .
اترك تعليقاً