الأساس القانوني في طلب الأسد الدعم الروسي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
صدر بيان عن رئاسة الجمهورية العربية السورية يؤكد أن التدخل الجوي الروسي جاء بناء على طلب من رئيس الجمهورية بشار الأسد في رسالة وجهها لنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وبعد موافقة مجلس الاتحاد الروسي على استخدام القوات المسلحة خارج البلاد، شنت القوات الروسية الجوية عدة غارات على مواقع الإرهابيين في سورية، بحسب بيان وزارة الدفاع الروسية.
ولكن ثمّة من يطرح التساؤل التالي هل يحق للرئيس الأسد بموجب أحكام الدستور طلب دعم عسكري من دولة أخرى، ولاسيما أننا لسنا في معرض تطبيق المادة 102 من الدستور السوري والتي تنص على أنه: “يعلن رئيس الجمهورية الحرب والتعبئة العامة ويعقد الصلح بعد موافقة مجلس الشعب”.
فما هو الأساس الدستوري والقانوني الذي استندت عليه رئاسة الجمهورية في طلبها الدعم الروسي؟
في الحقيقة إن الطلب جاء مستنداً إلى النص الوارد في المادة 114 من الدستور، والتي تنص على أنه: “إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة أو استقلال أرض الوطن، أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر”.
وتُعرف هذه المادة في فقه القانون الدستوري بنظرية “حالة الضرورة”، حيث تكون فيها الدولة مهددة بمخاطر داخلية أو خارجية، أو حالة تحدق بأمن البلاد وسلامة حدودها وأراضيها، أو مؤسساتها الدستورية أو طبيعة نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أو وحدة ترابها واستقلالها وسيادتها. الأمر الذي يستوجب اتخاذ كافة الاجراءات الاستثنائية المختلفة لدرء الأخطار وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي. ويقتضي ذلك تجاوز الاجراءات والأوضاع المقررة في الظروف العادية التي يحكمها مبدأ الشرعية العادية,
ويجمع الفقه الدستوري على أن نظرية الضرورة لا تعتبر خروجاً على مبدأ المشروعية لأن مصدرها القانوني هو الدستور المقنِن لها وتقيدها بسائر القواعد الدستورية، وهنا يبقى أثر إجراءات الضرورة محدوداً بالمجالين “التشريعي واللوائح”، دون أن يمتد إلى المساس بالقواعد الدستورية، حيث تقر جميع الشرائع بالقاعدة الفقهية القائلة “الضرورات تبيح المحظورات”.
والأساس الذي تستند عليه نظرية الحالة الاستثنائية يمكن ردّه إلى اعتبارين أحدهما يتلخص في أن القواعد القانونية المؤلفة للشرعية وُضعت لمعالجة ظروف عادية، وليس لمجابهة أوضاع وظروف طارئة. وبما أن القانون ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة لتحقيق غاية سامية هي المحافظة على مصالح الدولة وسلامة كيانها، وتحقيق هذه الغاية قد يستدعي في ظروف استثنائية الخروج على بعض القوانين أو تجاهل بعض الإجراءات. ولا جناح على الدولة ولا حرج إذا انتهجت هذا الطريق للدفاع عن كيانها ولتلبية حاجات المواطنين في الأمان والمحافظة على أمنها.
فإذا كان مراعاة مبدأ الشرعية بدقة وبحرفيته يشكل خطراً على وجود الدولة، فإنه في هذه الحالة يكون بقاء الدولة الأولى بالمراعاة. والحقيقة أنّ المشرع الدستوري أجاز لرئيس الدولة كونه المكلف بموجب المادة 96 من الدستور السهر على بقاء الدولة، اتخاذ ما يراه من تدابير وإجراءات لحفظ سلامة كيانها، وهو ما يعرف في فقه القانون العام بأعمال السيادة المحصّنة من الإلغاء. وعليه، فإن طلب المساعدة من القوات الجوية الروسية لمكافحة الارهاب الذي تعاني منه سورية منذ أكثر من أربع سنوات والذي يهدد كيانها واستقلالها ، جاء منسجماً مع قواعد القانون والدستور وفي السياق السليم للإجراءات المتبعة في القانون الدولي والداخلي، والتي تنظم العلاقات بين الدول ذات السيادة، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية السيد وليد المعلم قبل يومين أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك.
اترك تعليقاً