الاسباب القانونية لتخفيف عقوبة الاعدام أو الإعفاء منها
الأعذار و الظروف في العقوبات و أسباب تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها (( عقوبة الإعدام ))
أ- الأعذار القانونية: هي الأسباب التي نص عليها المشرع و التي يكون من شأنها تخفيف العقوبة على الجاني أو رفعها عليه ، و لقد عرفتها المادة 52 من قانون العقوبات بالقول: “الأعذار هي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة و المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار معفية، و إما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة، و مع ذلك يجوز للقاضي في حالة الإعفاء أن يطبق تدابير الأمن على المعفي عنه” و يفهم من هذه المادة أن القاضي لا يجوز له الأخذ بأي عذر مهما كان منصوصا عليه في القانون، كما يجوز له أن يتجاوز هذا العذر حال قيامه، و بذلك بخلاف الظروف كما سنأتي إليه و الأعذار القانونية، إما أن تكون معفية من العقاب أصلا، و إما أن تكون مخففة.
1) الأعـذار المخففـــــــــة :
تنقسم إلى: أعذار قانونية مخففـــة عامـــــــة و أعذار قانونية مخففـــة خاصـــــــة
أ ـ الأعذار القانونية المخففة العامة: هي التي تشمل كل الجرائم أو أغلبها (كصغر السن، الإفتزاز، و وقوع الجريمة إثر ثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق و على جانب من الخطورة أثاره المجني عليه جاء في المادة 277 من قانون العقوبات :”يستفيد مرتكب جرائم القتل و الجرح و الضرب من الأعذار إذا دفعته إلى ارتكابها وقوع ضرب شديد من أحد الأشخاص” .
ب ـ الأعذار القانونية المخففة الخاصة: هي التي يقررها القانون في جرائم خاصة و محددة مثلا
أن يفاجئ الزوج زوجته و هي في حالة بالزنا فيقتلها هي و شريكها .
و لقد ورد في نص المادة 279من قانون العقوبات بأنه:”يستفيد مرتكب القتل و الجرح و الضرب من الأعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج الأخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا “
و يشمل هذا العذر الزوج و الزوجة معا و يشترط تطبيقه قيام علاقة زوجية، فلا يستفيد منه الخطيب، و لا المطلق طلاقا بائنا، شريطة تحقق عنصر المفاجئة في حالة الزنا.
و يقتصر أثر العذر على من توافر فيه سببه فلا يستفيد منه سائر المساهمين معه في الجريمة، أي أن الأعذار القانونية شخصية كقاعدة عامة.
موقف المشرع الجزائري من مسألة الأعذار القانونية: جاءت في المادة 52 من قانون العقوبات أن:”الأعذار هي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها قيام 1 قيام جريمة
2 المسؤولية و بالتالي عدم عقاب المتهم إذا كانت الأعذار معفية.
تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة.
و مع ذلك يجوز للقاضي في حالة الإعفاء أن يطبق تدابير الأمن على المعفي عنه”.< BR>
و من أمثلة العذر المعفي في قانون العقوبات الجزائري ما جاءت به المادة 179 من قانون العقوبات ” يستفيد من العذر المعفي وفقا للشروط المقررة في المادة 52 من يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود الجمعية، و ذلاك قبل الشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق قبل البدء في التحقيق”.
و إذا توفر العذر المخفف فعلى القاضي أن ينزل بالعقوبة وجوبا إلى الحدود التي نص عليها القانون، و له بعد ذلك أن يستعمل سلطة التقديرية لتحديد العقوبة ضمن الحدين اللذين أوجب القانون الأخذ بهما و هذا ما تضمنته المادة 283 و التي نصت على مايلي:” إذا ثبت قيام العذر فتخفض العقوبة على النحو التالي:
1) الحبس من سنة إلى خمسة سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2) الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأية جناية أخرى.
3) الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة”.
و يستفاد من هذا النص أنه يتعين على القاضي أن ينزل وجوبا في حالات توافر العذر في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد إلى عقوبة تتراوح ما بين سنة و خمسة سنوات، و للقاضي ضمن هذين الحدين أن يعين العق وبة التي يراها ضمن سلطته التقديرية في حدود الجديدة المنصوص عليها، أما في الجنايات الأخرى التي عقوباتها السجن المؤقت فعلى القاضي أن ينزل إلى عقوبة تتراوح ما بين ستة أشهر و سنتين و له أن ينزل إلى عقوبة تتراوح بين شهر واحد و ثلاثة أشهر في الجنح.
و أخيرا نشير إلى عذر صغير السن: الذي يعد الصورة الثانية الأعذار القانونية المخففة بعد الاستقرار، و يقصد هنا بصغير السن القاصر الذي لم يتجاوز سنة 13 و لم يكمل 18 سنة (الفقرة 3 المادة 49ق.ع) أما القاصر الذي لم يتجاوز 13 سنة فيستفيد من الإعفاء من العقوبة بحيث لا تطبق عليه إلا تدابير الحماية أو التربية.
يترتب على عذر صغير السن تخفيض العقوبات على النحو الأتي: ـ الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد ـ الحبس لمدة تساوي نصف العقوبة المقررة قانونا للبالغ بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت. ـ الحبس لمدة تساوي نصف العقوبة المقررة قانونا للبالغ بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالحبس.
التوبيخ أوغرامة في المخالفات (المادة 51 ق.ع.ج).
2) الأعــذار المعفيـــــــة :
و هي تلك الأعذار التي تؤدي إلى عدم عقاب المتهم تم اما و من خلال نص المادة 52 نجد أن الأعذار المعفية من العقاب هي غير موانع المسؤولية، بمعنى أن الجاني قد ارتكب جريمة مع توفر حريتي الاختيار و الإرادة، مما يؤهله في الأصل إلى أن يتحمل مسؤولية فعله بالعقاب و لكن وجود عذر نص عليه القانون هو الذي أعفاه من العقاب و لكن يجوز للقاضي أن يطبق تدابير الأمن عليه .
و الأعذار المعفية من العقاب نجدها في الأحوال التالية:
1) تعاقب المادة 177 بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات كل شخص يشترك في جمعية أشرار، و يعفي من العقاب الشريك الذي يكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم، أو عن وجود هذه الجمعية، و ذلك قبل الشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق و قبل البدء في التحقيق (المادة 179).
2) المادة 92 التي تقضي بالإعفاء من العقوبة المقررة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن جناية أو جنحة ضد أمن الدولة قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها.
3) كما نجد كذلك المادة 199 التي تعفي كل من يخبر أو يكشف أو يسهل للسلطات عملية اكتشاف جرائم تزوير النقود أو السندات أو الأذونات أو الأسهم المنصوص عليها في المادتين 197ـ198 و كذلك تقليد خاتم الدولة أو استعمال خاتم مقلد المنصوص عليه في 20 5 .
4) المادة 217 التي تعف الشاهد الذي يعدل عن يعدل شهادته الكاذبة أمام الموظف قبل أن يترتب على استعمال المحرر أي ضرر للغير. على أن توافر العذر المعفي لا يمنع من إنزال أحد تدابير الأمن على المعفي عنه، و خطة المشرع موفقة، إذا لا يجوز أن يكون المعفي عن العقاب سببا لترك المجتمع تحت رحمة المجرمين الخطرين الذين استفادوا من العفو، و لهذا فقد أجاز المشرع أن نواجه خطورتهم متى ثبتت باتخاذ أحد تدابير الأمن للقضاء عليها.
5) يعاقب القانون على السرقات بأنواعها و تعفي المادة 368 من العقاب السرقات التي تقع بين الأصول و الفروع، و بين الزوجين و لا تخول إلا الحق في التعويض المدني.
6) يعاقب القانون مرتكبي الجرح و الضرب بحسب الضرر الناتج عن ذلك، و المادة 281 تعفي من فعل ذلك إذا ارتكبها ضد شخص بالغ يفاجأ في حالة تلبس بهتك عرض قاصر لم يكمل 16 سواء بعنف أو بغير عنف. 7) يعاقب القانون على تخريب ألعمدي للمباني أو الخيم أو البواخر أو المركبات من أي نوع كانت، أو أماكن أشغال أو توابعها… بواسطة الألغام أو المتفجرات (م 400،401،402،403) و ينتفع بالعذر المعفي الشخص الذي يرتكب هذه الجنايات إذا أخبر السلطات العمومية بها و كشف له م عن مرتكبها و ذلك قبل إتمامها و قبل اتخاذ أية إجراءات جزائية في شأنها أو إذا مكنوا من القبض على غيرهم من الجناة حتى و لو بدأت تلك الإجراءات.
و حرم المشرع من التمتع بالعذر المعفي أو المخفف للعقوبة من يقتل أحد والديه أو أحد أصوله حسب المادة 282 من ق ع ج.
و أجاز القانون الفرنسي للقاضي منح الإعفاء من العقوبة عند توافر عدة شروط أهمها:
ثبوت إصلاح المتهم، و بأن الضرر الناشئ عن الجريمة قد تم إصلاحه بالفعل مع توقف الاضطراب المترتب عن الجريمة.
كما أن الإعفاء يتعلق بالجنحة و المخالفة دون الجناية، كما يجوز للقاضي و على قدر تعلق الأمر بالشخص المعنوي أن يحكم بعدم وضع الحكم في صحيفة الحالة الجنائية مثلما يجوز له إعفائه لمصاريف الدعوى.
ب- الظروف المشـددة و المخففــة:
1)الظــروف المشـــــددة :
و يقصد بها أن القاضي عند النطق بالعقوبات يجب عليه التمسك بحديها الأعلى و الأدنى تطبيقا لمبدأ الشرعية، و بالتالي فإن الظروف المشددة تخضع لتحديد القانون شأنها في ذلك شأن الأعذار القانونية فلا يستطيع القاضي أن يتجاوز العقوبة الأصلية، إلا بوجود ظرف مشددة نص عليها القانون، وحدد العقوبة حال توفر، و الظروف الم شددة بعضها عام يتعلق بكل الجرائم مثل العود، و بعضها الأخر خاص يختلف من جريمة إلى أخرى، فللقتل ظروفه المشددة، وللسرقة ظروفها، و للنصب ظروفه أيضا، و لتسهيل دراسة هذه الظروف نقسمها إلى قسمين:
1) العـــــــود: يعرف العود على أنه ارتكاب الشخص بعد الحكم عليه نهائيا عن جريمة سابقة.
و الشروط الواجب توافره هو: الحكــم البــــــات و الحكــم النهائـــــي .
يختلف العود كظرف مشدد عن تعدد الجرائم: الذي يعني ارتكاب الشخص لعدة جرائم دون الحكم عليه بحكم بات عن واحدة منها.
لدى تبني المشرع لتشديد العقوبة على الجاني الذي يحمل درجة عالية من الخطورة الإجرامية، و ما يؤكد على خطورته هو أن: العقوبة السابقة عن الجريمة السابقة على جريمة العود لم تردعه و تثنيه عن ارتكاب الجريمة مرة أخرى.
و العود كظرف تشديد شخصي: بمعنى أن أثره لا يمتد إلا لمن تنطبق عليه أحكامه التي حددها المشرع بنص قانوني، و لا يشمل المساهمين الآخرين في الجريمة ممن لا تتوافر فيه شروط العود.
من خلال ما سبق نستنتج أن أسباب تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها هي:
الحالات أو الظروف الخاصة التي تتعلق بالجريمة ذاتها أو بشخص مرتكبها، و تؤدي إلى ضرورة
استبدال العقوبة المقررة للجريمة قانونا بعقوبة أحق منها نوعا و مقدارا، ولا يعد من قبل التخفيف نزول
القاضي إلى الحد الأدنى إنما التخفيف يقصد به :
النزول عن حدها الأدنى أو إحلال العقوبة محل أحق منها أو استبعادها كليا وهي نوعين:
ـ أسباب حصرها المشرع وبينهما في القانون (الأعذار القانونية)
ـ أسباب لا يمكن للمشرع حصرها وهي الظروف القضائية المخففة أي التي تعود لفطنة القاضي الذي
يستنتجها من وقائع الدعوى، كما أن هناك ظروف مشددة تتمثل في تطبيق العود، لكن هذا لا ي عني أنه في
كل الأحوال القانون يلزم القضاة بتطبيق العود حال توافر شروطه، وعليه تخرج بنتيجة مهمة ألا وهي:
العود أمر جوازي متروك لتقدير قضاة الموضوع.
اترك تعليقاً