ينص دستور دولة الكويت في مادته التاسعة على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة»، كما ينص في مادته العاشرة «ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، وهو الذي بناء عليه قامت الدولة بتقديم الرعاية للأيتام ومجهولي الوالدين عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، التي أنشأت دار الطفولة عام 1961، وصدر مرسوم بقانون رقم 82 لعام 1977 في شأن الحضانة العائلية لتنظيم علمية الاحتضان العائلي للأطفال.
شروط
يضع القانون شروطاً للمحتضنين أهمها: حسن السيرة والسلوك، والقدرة المادية والسكنية، وشرط الديانة (الإسلام)، والخلو من الأمراض العقلية، بالإضافة إلى شرط الجنسية الكويتية لطالب الاحتضان، وأجاز القانون للمرأة الكويتية الاحتضان، بغض النظر عن كونها متزوجة من غير كويتي أو كويتي أو مطلقة أو أرملة أو غير متزوجة.
وبما أن قانون الجنسية الكويتي يمنح الأطفال مجهولي الوالدين الجنسية الكويتية، فلا تواجه الأسر المحتضنة أي عراقيل من هذه الناحية، بل توفر الدولة الأوراق اللازمة للشخصية القانونية للطفل منذ دخوله دار الحضانة، بما فيها شهادة الميلاد التي لا يتم تسجيل أسماء الوالدين فيها واختيار اسم للطفل لا يحمل لقباً أو «آل» التعريف للعائلة، ويحق للعائلة المحتضنة تغيير الاسم من دون أن يكون التغيير إلى اسم العائلة المحتضنة.
نظام الادخار
ويتوافر للطفل المتحتضن ما يسمى بنظام الادخار، الذي بدأ عام 1970، وهو عبارة عن قيام الإدارة بمخاطبة إدارة الرعاية الأسرية، التابعة لقطاع التنمية الاجتماعية، لفتح حسابات ادخار للأبناء مجهولي الوالدين بوضع مبلغ شهري لكل طفل منذ بداية الشهر التالي لولادته إلى أن يبلغ 21 عاماً (تودع في البنوك عن طريق إدارة الشؤون المالية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل)، ويدرج ما يسدد في حسابات الأطفال بسجلات الادخار لدى إدارة الحضانة العائلية وإدارة الرعاية الأسرية، وتضاف الأرباح التي يدفعها البنك على الأموال المودعة بحسابات الأبناء، ويحق للابن تسلم ادخاره بعد بلوغه سن الرشد على دفعات، ولا تتجاوز الدفعة الأولى 25 في المائة من إجمالي المبلغ، ويجوز بقرار من الوزير صرف نسبة لا تتجاوز 50 في المائة من المبلغ المدخر للابن قبل سن 21 عاماً إذا ثبتت حاجته الملحة للنقد واستحال توفيره من جهة أخرى.
كما حدد القرار الوزاري رقم 67 لسنة 1977م دواعي صرف المساعدات المالية للأسرة الحاضنة، وفقاً للآتي:
ـ إذا واجهت الأسرة ظروفاً اقتصادية صعبة يتعذر معها توفير الرعاية اللازمة للطفل المحتضن.
ـ إذا توفي أحد الزوجين أو انفصلا واحتفظ الطرف الآخر بحضانة الطفل وكان غير قادر مادياً على رعايته والإنفاق عليه.
ـ إذا توفي أحد الزوجين، وتم تحويل مسؤولية الحضانة إلى حاضن جديد من أقرباء الأسرة وكان بحاجة للمساعدة المالية.
ـ إذا تبين حسن رعاية الأسرة للطفل وحاجتها لتحسين ظروفها الاقتصادية.
كما تتابع حاضنات ومرشدات نفسيات من قسم الحضانة العائلية في الوزارة الأطفال المحتضنين، للوقوف على أوضاعهم لدى الأسر المحتضنة.
إحصاءات
ووفق الإحصاءات الصادرة من إدارة الحضانة العائلية، فقد بلغ عدد من تم احتضانهم داخل الأسر الكويتية 534، وذلك للفترة منذ عام 1967 وحتى عام 2010، ويمثل هذا الرقم ما نسبته 60 في المائة من جملة فئة مجهولي الوالدين والبالغ عددهم الإجمالي خلال الفترة نفسها 898 من الذكور والإناث.
«الطليعة» التقت إحدى الأمهات الحاضنات، صفاء الفيلكاوي، للحديث عن تجربة الحضانة، فقالت:
إن «العائق الوحيد الذي واجهناه في الاحتضان كان صغر سننا، فلم يكن قد مضى على زواجنا أكثر من 3 سنوات، ولكن بفضل الله تمت الموافقة علينا بعد ثمانية أشهر».
استشارات
وحول الاستشارات الدينية والقانونية قبل الاحتضان، قالت الفيلكاوي: «كوننا احتضنا طفلاً ذكراً، فقد حرصت على أن يكون رضيعا ليتم إرضاعه من قبل الأهل، وكذلك قمت أنا بإرضاعه عن طريق أخذ حبوب مدرة للحليب، بعد أن تمت استشارة أهل الدين بذلك.. وبالنسبة للاستشارات القانونية، تواصلنا مع المحامي حسن الحداد، لمساعدتنا والرجوع إليه في حالة أي استشارة قانونية».
وتضيف: لم تكن الاستشارات النفسية خارج حساباتنا، فقد تواصلنا مع دكتورة نفسية متخصصة، وبدأت في تأهيلي أنا وزوجي كأبوين حاضنين، لتأهيل طفلنا، وضرورة إخباره بحقيقة احتضانه بالطرق الإيجابية والتربوية عن طريق القصص، والتي بدأناها معه منذ عامه الأول.. فكلما أخبرنا الطفل في سن صغيرة تفادينا الصدمة النفسية له.
نقد
وفي ما يخص مواجهة المجتمع، أوضحت الفيلكاوي: «في البداية كان موضوع الاحتضان أو عرضه علنا شيئا مثيراً للضجة، وقد واجهت بعض النقد بعدم نشر قصتي بحجة «لا يروح الأجر» فما أقوم به هو مشاركة تجربتنا لنقوم بنشر مفهوم الاحتضان، الذي للأسف يغفل عنه كثير من الناس، وتتخوف بعض الأسر الحاضنة وتقوم بإخفاء أطفالها، وكأن ما فعلته عار أو شيء مخجل، فهذا التفكير كان يؤلمني.. ولله الحمد الاحتضان بدأ يأخذ حقه، وبدأت الأسر الحاضنة التي تواصلت معي بإظهار أطفالها وإدماجها في المجتمع، وهناك أكثر من خمس أسر تواصلت معي، وبشرتنا بالاحتضان، بعد أن تأثرت بتجربتنا، وهذا بحد ذاته دافع كبير لنا».
وحول مقارنتها للاحتضان بين الكويت ومحل إقامتها الحالي الولايات المتحدة، التي تقيم فيها للدراسة، قالت الفيلكاوي: «ما أعجبني هنا هو انتشار الاحتضان بشكل كبير، وتقبل هذه الفئة ودمجها بالمجتمع، وقد تواصلت مع أسرة حاضنة يدرس أطفالها في نفس مدرسة طفلي وكانوا مستعدين لتقديم الاستشارات ومشاركتنا ببعض الكتب المفيدة للطفل المحتضن، لذلك يجب أن ننشر ثقافة الاحتضان في الكويت، والذي أراه، ولله الحمد، بدأ يأخذ حقه من التشجيع من جمعية كيان، الداعمة للاحتضان في الكويت، والتي كان لها دور في تجميع الأسر الحاضنة، وكذلك الجهود التي تقوم بها الأمهات الحاضنات من اجتماعات مفيدة بحضور بعض المرشدين النفسيين».
ووجهت الفيلكاوي رسالة للأسر المترددة في الاحتضان، قائلة: «لكل أسرة تملك في قلبها وفي بيتها مكاناً، فلتحتضن طفلاً، فبالاحتضان تحربة رهيبة وجميلة تنزل البركة والخير والرزق، وتكون طريقا لكافل اليتيم إلى الجنة بإذن الله».
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً