الاسس القانونية لعدالة العقوبة
ترتبط عدالة العقوبة بأمور هامة:
1- تعني عدالة العقوبة أن يكون هناك ضرورة لتقريرها ذلك أن العقوبة ضرورة اجتماعية والضرورة تقدر بقدرها دون إفراط أو تفريط ومؤدى ذلك أن العقوبة لا تكون عادلة إلا إذا كانت لازمة لا غنى عنها لتحقيق مصلحة المجتمع في مكافحة الإجرام، أي إذا كان وجه الضرورة في تقريرها والالتجاء بها واضحا أما إذا كان من الممكن حماية المصلحة الاجتماعية المراد حمايتها بوسائل أخرى غير العقوبة الجنائية فإن لجوء المشرع إلى العقاب الجنائي يكون من قبل التعسف في استعمال حق العقاب، ومنافياً لما تقتضيه العدالة ومراعاة العدالة في مرحلة التجريم والعقاب من أهم الضوابط التي ينبغي أن توجه المشرع حين يزن المصالح الاجتماعية ليقدر ما يكون من بينها أولى بالحماية الجنائية( ).
2- لا تكون العقوبة عادلة إلا إذا كانت متناسبة مع الجرم المرتكب، فيجب أن تتضمن معني الإيلام بغير زيادة أو نقصان، فلا فائدة في عقوبة غير رادعة ولا قسوة لا تبررها مصلحة كذلك يجب أن تتناسب العقوبة مع شخصية الجاني وظروفه وما أحاط بالجريمة من ملابسات.
وتناسب العقوبة مع الجريمة مسألة موضوعية تخضع لتقدير محكمة الموضوع وتحقيقاً للعدالة منح المشرع القاضي سلطة تحديد مقدار العقوبة بحيث تتراوح بين حدين أعلى – وأدنى يختار القاضي أيهما أقرب إلى تحقيق العدالة استناداً إلى الظروف والملابسات التي أحاطت بارتكاب الجريمة.
3- الأمر الثالث أن عدالة العقوبة المساواة في العقوبة بين الناس جميعاً بغير تفريق بينهم تبعاً لمراكزهم الاجتماعية ولكن هذه المساواة لا تعني أن يحكم القاضي بعقوبة واحدة على جميع من يرتكبون جريمة من نوع معين، فالقاضي له سلطة تقديرية تخوله إن يحدد لكل مجرم القدر من العقوبة التي تتناسب مع ظروفه وفقاً للحدود التي يقررها القانون طالما كانت العقوبات مقررة لجميع الناس على السواء مهما اختلفت مراكزهم الاجتماعية( )ولمبدأ المساواة في الخضوع للعقوبة في الشريعة الإسلامية مكانة هامة سواء من حيث النص عليه كمبدأ أو من حيث تطبيقاته الزاخرة في صدر التاريخ الإسلامي( ).
وهذا المبدأ المنصوص عليه كمبدأ بما يستفاد من قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” الآية 13 من سورة الحجرات ويستخلص المبدأ كذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”(
اترك تعليقاً