مقال قانوني عن الاصول التاريخية لتشريعات الشركات
المستشار التحكيمى
طارق مجاهد العربي
التطور التاريخي والتشريعي لتشريعات الشركات
فكرة الشركة فكرة قديمة وكانت تتمثل فيما كان يلجأ إليه الأفراد قديماً من قيام شخص بتقديم المال وقيام شخص أخر بتقديم عمله وخبرته في التجارة، فإذا ما تحقق الربح قسم بين صاحب المال وصاحب العمل، وتمثل ذلك في فكرة القرض البحري التي كانت سائدة لدي الإغريق قديمًا حيث كان صاحب المال يقرض مجهز أو مستغل السفينة للقيام بالرحلة على أن يقتسم أرباح الرحلة عند عودة السفينة ولذلك كان القرض يسمى قرض المخاطر الجسيمة.
وكان عقد الشركة يختلط بعقد القرض إلا إنه وجد في مجموعة حمورابي التي صدرت في عام 2083 قبل الميلاد في عصر الدولة البابلية نصوصاً مخصصة لموضوع الشركات() حيث أقام المشرع فيها تفرقه واضحة بين عقد الشركة وعقد القرض().
أما في روما نشأت فكرة الشركة مرتبطة بالنظام العام في المجتمع الروماني، حيث قامت الشركة في إطار الملكية المشتركة بين افراد العائلة الواحدة التي ترتبط بينهم رابطة الدم، وكانت تسمى بالملكية العائلية وكانت هذه الملكية تقوم على إستغلال الأموال المملوكة لإفراد العائلة على أن يوزع بينهم المكسب أو الخسارة وكانت الشركة تقوم على فكرة الرائية مثل عقد البيع ,الوكالة.
كما وجد في القانون الروماني نوع من الشركات أخذت بطابع الشركات في العصر الحديث كانت تتميز بوجود شخص يمثل الشركة المنفصلة عن ذمة الشركاء، وكان رأس المال بالتالي يعتبر مملوكاً للشركاء، وكانت هذه الشركات تعد خروجاً على الأصل السائد في القانون الروماني، وهو عدم ترتيب أثار خاصة بعقد الشركة: كنشوء الشخصية المعنوية لها، واعتبار المال مملوكاً ملكية شائعة بين الشركاء وليس مملوكاً للشركة. مع ملاحظة إن الرومان لم يتوصلوا إلى فكرة الشخصية المعنوية وهي الفكرة التي تقوم عليها نظرية الشركة، ويذهب إتجاه في الفقه إلى القول بأن القانون الروماني عرف الشركة وعرف فكرة الشخص المعنوي، مثل عقد الشركة بين الورثة.
في حين يذهب إتجاه إلى القول بأن القانون الروماني لم يستطيع في أي دور من أدوار تطوره أن يدرك جوهر فكرة الشخصية المعنوية.
وفي أوائل القرن الثاني عشر حين بدأت المدن الإيطالية تسود مجال التجارة، ظهرت تجمعات من التجار للقيام بالأعمال التجارية الكبيرة فبدأ ظهور نوع جديد من الشركات يقوم أساساً على تجمعات هؤلاء التجار وبدأ الإعتراف بوجود كائن منفصل عن أشخاص الشركاء المكونة له وهو الشركة، ولكن يلاحظ أن تلك الفكرة لم تكن الشخصية المعنوية للشركة فإن كانت إفتراض يقوم على وجود شخص غير ظاهرة وليس على إفتراض وجود شخصية قانونية منفصلة عن شخصية الشركاء، وكان ظهور هذه الشركة يتميز بعدة خصائص، وهي وجود مدير يعمل باسم الشركة وتضامن الشركاء، ووجود ذمة مالية للشركة منفصلة عن ذمة الشركاء، وتخصيص هذه الذمة للوفاء بحقوق دائنين للشركة وإشهار الشركة ومديرها ليعلم الغير بوجودها والشخص المتولي إدارتها، وكانت شركة التضامن هي أهم نوع من الشركات بل هذه السمات كانت هي سمات شركة التضامن.
ثم ظهر بعد ذلك نوع جديد من الشركات هي شركات التوصية وتقوم فكرة هذا النوع من الشركات على وجود نوعين من الشركاء، شخص يسأل في ذمته وماله، وشخص لا تتعدى مسئوليته الحصة التي يقدمها في رأس مال الشركة، ويرجع أصل هذه الشركة إلى القانون الروماني، حيث كان الروماني نتيجة الظروف الاجتماعية السائدة في المجتمع الروماني يعزف الكثيرعن الإشتغال بالتجارة فكان يقوم بتقديم المال إلى ربان السفينة ليقوم برحلته، ويقتسم معه الربح الناتج من عملية المتاجرة، وإذا هلكت السفينة أو تحققت خسارة ضاع المال على صاحب الحصة المالية، وهو ما يمكن تسميته بعقد المراجعة البحرية، وقد ترتب على هذا العقد وجود عدة عقود مازالت معروفة بأسمائها حتى الآن كعقد التأمين البحري، وعقد المخاطر الجسيمة، وعقد شركة التوصية.
وانتشرت عقود شركات التوصية في المدن الإيطالية في العصور الوسطى، ويرجع ذلك إلى المناخ الاجتماعي الذي كان سائغاً بين كبار الأسر في هذه الفترة، كما كان حادثاً في المجتمع الروماني، وهي العزوف عن العمل في التجارة، إلا أن المكاسب الكبيرة التي حققتها التجارة جعلتهم يلجئون إلى هذا النوع من العقود الذي يقوم على تقديم شخص المال إلى شخص آخر ليتاجر بهذا المال ويظهر أمام الغير بمكانه صاحب المال، وكان يتفق في هذا العقد على نسبة توزيع الربح والخسارة يبن كل من صاحب المال والشريك الظاهر الذي يتاجر باسم نفسه، وكان يطلق على هذا العقد اسم عقد التوصية، وإذا ما تحقق المكسب وزع بينهما بالنسبة المتفق عليها، أما إذا تحققت خسارة فإن الشريك الظاهر يتحمل الخسارة في ذمته بالكامل وأما الشريك صاحب الحصة المالية فلا يتحمل بها إلا في حدود الحصة المقدمة منه في الشركة، ولجأ الدائنون إلى هذا العقد بقصد التحايل على المبدأ السائد بتعاليم الكنسية من تحريم الفائدة. فكانوا يتعاقدون مع التاجر المدين على أن يتقاضوا نسبة من الربح مقابل القرض بدلاً من الفائدة، وكان هذا تحايلاً غير مشروع لأن هذه الأرباح كانت تقوم مقام الفائدة.
1) وقد ساعد إزدهار التجارة مع الشرق على انتشار الشركات في المدن الإيطالية، كما ساهم الفقه الإسلامي مساهمة فعالة في التطور القانوني لفكرة الشركة() على ما سنوضحه فيما بعد.
أدى هذا إلى ازدهار شركات الأشخاص، وهي شركات التضامن شركات التوصية، وصدور التشريعات المنظمة لهذين النوعين من الشركات واشتراط إشهارها منذ إنشائها وقد نظمت مجموعة مافارية عام 1673 هذين النوعين من الشركات ونقل المشروع الفرنسي معظم هذه الأحكام عند وضع مجموعة القانون التجاري عام 1807.
ويرجع تاريخ شركات المساهمة إلى أوائل القرن الخامس عشر حيث تأسس في مدينة جنوة بإيطاليا مصرف سان جورج الذي أنشئ في عام 1409(). ويرجع سبب إنشاء هذا المصرف إلى استدانة مدينة جنوة بقرض مغري بضمان حصيلة الرسوم الجمركية للوفاء بقيمة هذا القرض وتكونت على أثر ذلك جمعية سان جورج وتحولت هذه الجمعية آلة مصرف للدولة ثم تحولت إلى شركة للاستعمار.
زيادة حركه الاستعمار والاكتشافات الجغرافية زاد دور هذه الشركات في أوروبا خاصة فرنسا وانجلترا وهولندا وإذا أمكن عن طريق هذه الشركات تكوين رؤوس أموال ضخمه تتمكن من استثمار المستعمرات واستطاع بعض من هذه الشركات أن يحصل على تصريح بإنشاء جيش وسك نقود، وجمع ضرائب ووضع لوائح وأصبحت وكأنها دولة صغيرة داخل الدولة ومن أهم الأمثلة لهذا النوع من الشركات، شركات الهند الشرقية التي أنشئت في إنجلترا في ديسمبر عام 1599 لاحتكار التجارة مع الهند وشركة نيوانجلاند لإستعمار شمال أمريكا عام 1620 والشركة الأفريقية الملكية لتجارة الرقيق في أفريقيا عام 1672 وفي هولندا تكونت شركة الهند الشرقية للتجارة مع الهند في عام 1602 وتكون بنك أمستردام في سنة 1608 لتمويل عمليات هذه الشركة وفي عام 1626 تكونت في فرنسا شركة سان خريسوف لاستثمار المارتينك والجواد لوب وسان ديمونج. كما تكونت في عام 1628 شركة فرنسا الجديدة لإستعمار كندا. وفي عام 1664 أقيمت الشركة الفرنسية للهند الشرقية وفي عام 1673 تكونت شركة السنغال لتجارة الدقيق في أفريقيا().
وتميز هذا النوع من الشركات المسئولية المحدودة للشريك وفي حدود حصته في رأس المال وإصدار صكوك قابلة للتداول يمثل كل منها جزء من رأس المال وأطلق على هذه الصكوك فيما بعد تسمية الأسهم وقد زادت أهمية هذه الشركات والدور الذي تضلع به في الاقتصاد القومي وأصبحت تسيطر على المشروعات الضخمة بسبب ضخامة رؤوس الأموال التي تحوزها واجتذابها للشركاء ذوي الإدخار الصغير.
ولقد أسهم نجاح هذه الشركات إلى إندفاع الراغبين لاستثمار أموالهم نحوها معتمدين على مسئوليه الشريك المحدودة بقدر عددها بحيازة عدد من الأسهم في رأس مالها وبقصد الحصول على الأرباح طائلة، إلا أنه نتيجة وقوع مضاربات عنيفة وقيام شركات وهمية فإن هذه الشركات فقدت ثقة أصحاب الأموال بل تعرضت للهجوم من المنادين بحرية التجارة أنفسهم في خلال القرن الثامن عشر ويذهب اتجاه الفقه المصري إلى القول بان القرن الثامن عشر كان بمثابة سحب الثقة من هذه الشركات فأصدرت إنجلترا قانوناً سمي بقانون الفقاقيع، حرم على هذه الشركات أن تصدر أسهما وتطرحها على المكتتبين إلا بإذن من البرلمان أو بمرسوم ملكي وفي فرنسا نظرت الثورة الفرنسية إلى شركات الأموال نظرة شك وريبه وبالذات شركات المساهمة بالرغم من أن الثورة الفرنسية نادت بمبدأ الحرية الاقتصادية بإصدار مرسوم بإلغاء هذه الشركات وتجريم إنشائها مستقبلاً تحت أي شكل من الأشكال تم صدور قانون في السنة الرابعة للثورة يقضي بإنشاء شركة مساهمه بلا قيد ولا شرط وإلى أن صدرت المجموعة التجارية الفرنسية في عام 1807 حيث نظمت نوعين من شركات الأموال هي شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم() حيث يجوز تأسيس الأخير دون أذن سابقه أما شركات المساهمة فلا تؤسس إلا بإذن الأخير دون أذن سابقه أما شركات المساهمة فلا تؤسس إلا بإذن من الحكومة وفي سنة 1867 ألغى الأذن الحكومي بالنسبة لشركات المساهمة.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها تنظيم لشركات التوصية بالأسهم فهذا النوع من الشركات هو من خلق المجموعة التجارية الفرنسية، ويذهب بعض الفقه إلى القول بأن المشروع الفرنسي أوجد هذا النوع من الشركات إستجابه للمشروعات المتوسطة ولتكون نوعاً وسطاً بين شركات المساهمة وشركات الأشخاص، ولذلك قرر لها المشروع بعض من المميزات. كإعفائها من الحصول على الأذن الحكومي المسبق بالإنشاء، كما هي القاعدة بالنسبة لشركات المساهمة.
ونشأت الشركات ذات المسئولية المحدودة في ألمانيا وإنجلترا ولم تدخل في أطار التشريع الفرنسي إلا بالقانون الصادر في مارس عام 1925.
وقد تأثرت الشركات بالتيارات الاشتراكية فظهرت عمليات التأميم حيث تؤول ملكيه الشركات إلى الدولة كما دخلت الدولة في مجال الشركات مكونه ومنشئه لشركات برأسمال مملوك لها بالكامل مما أدى إلى ظهور نوع جديد من الشركات، وهو ما يعرف بالشركات العامة كما دخلت الدولة مشاركة أصحاب رؤوس الأموال في ملكيه رأس المال في بعض الحالات، فأصبح رأس مال هذه الشركات مختلطاً من المال الخاص والمال العام.
ولم يكن مفهوم الشركة خافياً على العرب، فقد عرف العرب نظام الشركة من قبل الإسلام وحينما انتقل العرب إلى عصر الإسلام لم تكن الشركة نظاماً مناقضاً أو متعارضاً مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
والشركة في الفقه الإسلامي هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف وهي ثابتة بالكتابة والسنة والإجماع فمن السنة ما روى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم )أنه قال: «يقول الله: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما».
وبالنسبة للإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة واختلفوا في أنواع منها().
والشركة على ثلاثة أنواع شركة إباحة وشركة ملك وشركة عقد وتعرف شركة الإباحة بأنها اشتراك العامة في حق تملك الأشياء المباحة التي ليست لاحد وتعرف شركة الإباحة بأنها اشتراك العامة في حق بأخذها وإحرازها وتعرف شركة الملك بأنها تملك اثنين فأكثر عيناً أو ديناً لأرث أو الشراء أو الهبة أو الوصية أو نحو ذلك من أسباب التملك، ويكون كل منهما اجنبيا في نصيب صاحبه ممنوعاً من التصرف فيه أما بالنسبة لشركة العقد فذهب راى إلى القول بأن فقهاء الشريعة يتفقون على أن المراد بشركة العقد أنها شركة التجارة لكونها تنشأ بالعقد بين أطرافها ولكن تعددت أقوالهم وتفاوتت مذاهبهم في تعريفها ويرجع ذلك إلى إختلافهم في الأحكام المترتبة على شركة العقد من حيث تنوع أقسامها وشرعية التعامل بها() وتعرف الشركة العقد بأنها «عقد بين اثنين أو أكثر على الاشتراك في المال وربحه أو على الاشتراك في ربحه دون الاشتراك في رأس المال، أو الاشتراك في أجر العمل، أو الاشتراك فيما يباع ويشترى دون أن يكون هناك رأس مال لهم يتاجر فيه».
ويختلف فقهاء الفقه الإسلامي في تقييم شركة العقود بحسب ما اعتمدوه من قواعد ورجحوه من أسس فيختلف فقهاء الأحناف في تقييم شركة العقد إلى رأيين الرأي الأول أنها تجمع في تقيمها أربعة أنواع وهي شركة مفاوضه.
وهي التي تعقد بين الشركاء على أساس المساواة بينهم وفي التصرف والمال والربح والخسارة وشركة عنان، وهي التي تعقد بين الشركاء مع لا التفاضل أو المساواة بين كل شريك في المال أو الربح، وشركة صنائع وهي التي تكون بين الشركاء على العمل في المصانع أو العمل بأبدانهم ويكون الربح بينهم بحسب اتفاقهم وشركة وجوه أن يشترك اثنان أو أكثر لا مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويكون الربح بينهما على حسب ما يشترطان.
الرأي الثاني، أن شركة العقد تنقسم حسب الأصل إلى ثلاثة أقسام هي، شركة أموال وهي التي يكون محلها رأس المال وشركة أعمال وهي التي يكون محلها العمل بالأبدان وشركه وجوه وهي التي تعتمد على وجاهه الشركاء التي تتحقق بالثقة فيهم، ولا يكون لهم مال ولا حرفه، ولكنهم يجمعون الخبرة بأعمال التجارة والقدرة على ممارستها وكل نوع من هذه الأقسام الثلاثة ينقسم إلى شركة عنان وشركة مفاوضه، فتكون أقسام الشركة عندهم ستة أقسام:
الحنابلة يرون شركة العقد خمسة أنواع هي، شركة العنان والأبدان والوجوه والمضاربة والمفاوضة.
والشافعية يرون أن شركة العقد تصح في نوعين هما شركات العنان والمضاربة، أما الأنواع الأخرى فباطله في نظرهم والمالكية تنقسم شركة العقد عندها إلى سبعه أنواع هي العنان والمفاوضة والعمل والزمم، والأخيرة هي أن يتعاقد اثنان على أن يشتريا بثمن مؤجل في ذمتها بالتضامن ثم يبعانه وما يكون من ربح يقم بينهما، وهي تقابل شركة الوجوه عند الأحناف والحنابلة. وشركة الجبر() وشركه وجوه وشركه مضاربه.
ويرى بعض الفقه أن المختار هو تقسيم شركة العقود إلى أربعة أقسام وهي: شركة أموال وشركة أعمال وشركة وجوه وكل قسم منها يكون عناناً أو مفاوضه، وشركة المضاربة ولا يترتب عقد الشركة في الفقه الإسلامي نشؤ شخصيه معنوية لها وإنما يكون رأس المال معلوماً للشريكين وقت العقد فلا يصح أن يكون مجهولاً ولا جزافاً وأن يكون رأس المال حاضراً عند العقد. فلا تصح الشركة بمال غائب ولا دين في الذمة لأنه لا يمكن التصرف فيه وأن يكون الربح شائعاً معلوماً. فإذا كان الربح مجهولاً أو معيناً بعدد تفسخ الشركة وأن يكون المتعاقد عليه قابلاً للوكالة وأن يكون تصرف الشركاء بما يناسب المصلحة ويتفق مع تحقيقها().
8- كان السائد في مصر قبل صدور المجموعة التجارية عام 1883 في عهد الخديوي توفيق أحكام الشريعة الإسلامية فكانت أنواع الشركات السائدة في أطار التشريع المصري هو الأنواع المعروفة في أطار الفقه الإسلامي، وبعد صدور المجموعة التجارية ظهرت تقسيمات الشركات على النحو الوارد في المجموعة التجارية وهي شركات الأشخاص وشركات الأموال. وكانت شركات الأشخاص تتمثل في شركات التضامن وشركات التوصية أما شركات الأموال فتتمثل في شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم ونتيجة للتطورات السياسية والاجتماعية التي حدثت في المجتمع المصري والتي ترتب عليها وجود نظام الإمتيازات الأجنبية والمحاكم المختلطة عام 1875 فقد عمد المشرع إلى إجراء حركة إصلاحات قضائية وتشريعية تتفق والسائد في المجتمع الحديث.
ويرى البعض أن الدافع وراء الإصلاحات القضائية والتشريعية التي تمت في مصر في خلال هذه الفترة هو إتاحة الفرص لرأس المال الأجنبي لكي يعمل في واقع اقتصادي متشابه هياكله القانونية مع واقع البلاد النازح منها ومنح الشركات الأجنبية التي تساندها القوى الاستعمارية نوعاً من الضمانية() وبعد صدور مجموعة التجارة عام1883 اظهر التطبيق وجود نقض تشريعي في الأحكام الخاصة بشركات المساهمة فأصدر مجلس الوزراء مرسوماً في 17 أبريل عام 1899 ويوليه 1923 و31 مايو1927 و13 يناير عام 1929 ومارس عام 1930 وقد ورد في قرار 31 مايو عام 1927 أن «لا يقبل مجلس الوزراء الطلبات الخاصة بتأسيس الشركات المساهمة إلا إذا كان عقد الشركة الإبتدائي ونظامها مطابقين للأحكام التي اشتمل عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 مايو سنة 1899 ويونيه سنة 1906 وللأحكام التي اشتمل عليها هذا القرار الأخير».
ثم قرار في 6 أغسطس سنة 1936 صرح فيه بأن «الأحكام والقرارات التي تصدر فيما بعد منظمه للشركات المساهمة تعتبر متمماً لهذا النظام» ثم صدر القانون رقم 138 لسنة 1947 الخاص بشركات المساهمة ثم عدل بالقانون رقم 120 لسنة 1952 ثم عدل بالقانون رقم 156 لسنة 1953 ثم صدر القانون رقم 26 لسنة 1954 وقدر المشروع بهذا القانون إعادة تنظيم شركات المساهمة والتوصية بالأسهم الواردة أحكامها في المجموعة التجارية وأضاف المشرع في هذا القانون نوعاً جديداً من الشركات هي الشركات ذات المسئولية المحدودة.
وقد تعرض هذا القانون بدوره للكثير من التعديلات نظراً للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع حتى بات من الضروري إستبدال هذا القانون بقانون جديد يتفق ويتواءم وظروف المجتمع فألغى المشرع هذا القانون واستحدث قانوناً جديداً هو القانون رقم 159 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية().
وفي خلال الستينات لجأت الدولة إلى تأميم كثير من المشروعات وكان التأميم سمه من سمات فترة من الفترات التي مر بها المجتمع المصري وترتب على ذلك أن أتسع نطاق شركات القطاع العام، فأصدر المشروع القانون رقم 60 لسنة 1963 ثم صدر القانون رقم 32 لسنة 1966 الخاص بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام ثم صدر القانون رقم 97 لسنة 1983 الخاص بهيئات القطاع العام وشركات القطاع العام ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 203 لسنة 1991 الذي حول شركات القطاع العام إلى شركات تابعه وشركات قابضه وأصبح يطلق عليها شركات قطاع الأعمال العام().
كما صدر القانون رقم 43 لسنة 1974 والمعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 الخاص باستثمار المال العربي والأجنبي وكان هذا القانون انعكاس لما طرأ على المجتمع المصري من تطور من إتاحة الفرصة للقطاع الخاص بأن ينشط في مجال التنمية في مصر.
وكي يساعد على تدفق رأس المال الأجنبي لدفع عجلة التنمية فيها وخلق قطاع قوي بجانب القطاع العام وكلاهما يعتمد عليها الاقتصاد المصري في فترة التنمية ثم عدل هذا القانون رقم 230 لسنة 1989 الخاص بقانون الاستثمار().
القانون رقم 159 لسنة 1981 وبطبيعة الحال فيرجع دائماً إلى قواعد وأحكام القانون المدني فيما لم يرد فيه حكم في مجموعة القانون التجاري أو قانون الشركات أو أي قانون خاص بأي نوع من أنواع الشركات ولذلك فإن الدراسة قد جرت على أن الأحكام العامة في عقد الشركة إنما يلجأ إلى دراستها عادة على ضوء الأحكام الواردة في القانون المدني.
كما صدر تعديل بالقانون رقم … لسنة 205 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 159 لسنة1981().
والشركة باعتبارها تنظيماً قانونياً قد تتخذا عدة أشكال قانونية ويمكن تقسيم الشركات من عدة وجوه فمثلاً إذا نظرنا إلى الشركة من ناحية الغرض نجد أن هناك نوعين من الشركات , الشركات المدنية والشركات التجارية ويتميز كل نوع منها بخضوعه لقواعد قانونيه خاصة به لا تتفق في كثير من الوجوه مع تلك التي يخضع لها النوع الآخر فمثلاً تضامن الشركاء غير موجود في الشركة المدنية في حين تجد الشركة التجارية تقوم فكرة التضامن.
كما يمكن تقسيم الشركة من حيث الشركاء إلى شركات أشخاص وشركات أموال والعنصر الغالب في الأولى أشخاص الشركاء أما الثانية فالعبرة فيها برأس المال.
وإذا نظرنا إلى الشركة من ناحية رأس المال فإننا نجد أن الشركات تنقسم إلى نوعين شركات ذات رأس مال متغير وشركات ذات رأس مال ثابت.
ومن حيث الكيان القانوني، يمكن تقسيم الشركات إلى شركات تضامن وشركات توصيه بسيطة وشركات محاصة وشركات مساهمة وشركات توصية بالأسهم وشركات ذات مسئولية محدودة ومن حيث ملكية رأس المال تقسم الشركات إلى شركات ذات رأس مال مملوك للإفراد الخاصة وشركات ذات رأس مال مملوك للدولة وهناك شركات رأس مالها مملوك ملكية خاصة للإفراد الوطنيين وشركات ذات رأس مال مملوك ملكيه مشتركة بين الوطنيين والأجانب.
اترك تعليقاً