الاهمية القانونية لسرية التحقيق مع الحدث الجانح
أ/ احمد أبو زنط
تضمنت غالبية التشريعات سواء العربية أو الغربية إشارات واضحة لمنع الإعلان عن اسم الحدث أو عنوانه أو اسم مدرسته أثناء التحقيق، كما حظرت نشر صورته بأية وسيلة إعلامية لحماية الحدث من مغبة الإساءة إلى سمعته أو التشهير به وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من انعكاسات سلبية تتعارض والمبدأ العام الذي أقره تشريع الأحداث العربي المقارن في التعامل مع قضايا جنوح الأحداث.
وقد جاء في نص المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية بأن تكون إجراءات التحري و التحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك و دون إضرار بحقوق الدفاع، وكل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السر المهني و ذلك تحت طائلة الجزاءات المنصوص عليها في قانون العقوبات
وما يجدر بنا ذكره هو أن قاضي الأحداث يتمتع أثناء التحقيق مع الحدث الجانح بسلطة اتخاذ الأوامر التي يتمتع بها قاضي التحقيق الخاص بالبالغين كالأوامر القسرية مثل الأمر بالقبض وأمر ضبط وإحضار والإيداع وكذلك أوامر التسوية كأمر الإحالة على محكمة المخالفات وفقاً لنص المادة 459 من قانون الإجراءات الجزائية وأمر الإحالة على محكمة الجنح المادة 460 من قانون الإجراءات الجزائية والأمر بألا وجه للمتابعة وفقا لنص المادة 458 من قانون الإجراءات الجزائية.
ويجب على قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق مع الأحداث بتبليغ وكيل الجمهورية في نفس يوم صدور الأمر كل أمر يتم إصداره، وذلك لممارسة النيابة العامة سلطة مراقبة حسن سير التحقيق، ويتم الاستئناف في خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدورها وفقاً لنص المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية، وحسب نص المادة 171 من نفس القانون فإنه يحق للنائب العام استئناف أوامر قاضي التحقيق ويجب أن يبلغ استئنافه للخصوم خلال العشرين يوما التالية لصدور الأمر، كما لا يوقف هذا الميعاد و لا رفع الاستئناف تنفيذ الأمر بالإفراج ولكن استئناف وكيل الجمهورية يبقي المتهم محبوسا مؤقتا حتى يفصل في الاستئناف.
وفيما يخص الحدث الجانح أو محاميه أو نائبه القانوني فله حق استئناف الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت والرقابة القضائية والإفراج والأوامر المتعلقة بالخبرة والمنصوص عليها في المواد 74 . 123 مكرر. 125 ، 125 – 1 ، 125 مكرر، 125مكرر 1 ، 125 مكرر 2 و 127 ، 143 و 154 .
أو الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق فيما يخص اختصاصه بنظر الدعوى إما من تلقاء نفسه أو بناءً على دفع أحد الخصوم بعدم الاختصاص وهذا ما جاء في نصّ المادّة 172 من قانون الإجراءات الجزائية.
كما نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية أنه:
« يجوز للمدعي المدني أو لوكيله أن يطعن بطريق الاستئناف في الأوامر الصادرة بعدم إجراء التحقيق، أو بألا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوقه المدنية، غير أن استئنافه لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم مؤقتاً.
ويجوز له استئناف الأمر الّذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدّعوى، سواء من تلقاء نفسه أو بناءً على دفع الخصوم بعدم الاختصاص».
وبالرجوع لنص المادة 466 من قانون الإجراءات الجزائية نجد أن الأوامر التي تصدر من قاضي الأحداث وقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث تستأنف أمام غرفة الاتهام، أما التدابير المؤقتة المنصوص عليها في المادّة 455 من قانون الإجراءات الجزائية تكون محل استئناف أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي من طرف الحدث أو نائبه القانوني وتكون مهلة الاستئناف محددة بعشرة أيام، وهذا ما جاء في قرار المحكمة العليا والصّادر بتاريخ 02 ديسمبر 1986 رقم 49 . 163 حيث جاء فيه:
«من المقرر قانوناً أن غرفة الاتهام بصفتها جهة تحقيق من الدرجة الثانية تختص بالفصل في الاستئنافات المرفوعة ضد الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث، أما الأوامر القاضية بالتدابير المؤقتة المنصوص عليها بالمادة 455 من قانون الإجراءات الجزائية فإن استئنافها يكون أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي،وبناء على ذلك يعتبر مخالفا لقاعدة جوهرية في الإجراءات ويستوجب النقض قرار غرفة الاتهام القاضي بعدم اختصاصه بنظر الاستئناف المرفوع ضد الأمر بأن لا وجه للمتابعة الصادر عن قاضي الأحداث».
وبعد استكمال إجراءات التحقيق المشار إليها سابقاً وإبلاغ النيابة العامة يحيل قاضي الأحداث القضية إلى محكمة الأحداث التي يرأسها شخصياً، أما الجنايات التي يحقق فيها قاضي التحقيق تحال مباشرة على محكمة الأحداث بمقر المجلس القضائي بموجب أمر الإحالة.
أمّا على الصعيد الدولي نجد أن مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المذنبين والذي انعقد بمدينة كاراكاس عاصمة فنزويلاّ عام 1980 وتناول المؤتمر موضوع قضايا الأحداث قبل بداية الجنوح وبعده وقد خلص إلى بعض التوصيات الهامة في هذا المضمار من أبرزها:
أ. ضرورة أن يكفل للأحداث الذين يواجهون مشاكل مع القانون سبل الحماية القانونيّة وأن تكون هذه السبل محددة بعناية.
ب. عدم احتجاز الأحداث قبل المحاكمة إلا كملاذ أخير، و أن لا يودعوا في السجن أو منشأة أخرى يكونون فيها عرضة للتأثيرات السلبية إلى جانب المجرمين البالغين وينبغي دائماً مراعاة الحاجات الخاصة بأعمارهم.
ج. عدم حبس أيّ حدث في مؤسسة إصلاحية مالم يكن قد أدين بارتكاب فعل جسيم ينطوي على عنف ضد شخص آخر وإذا تمادى بشكل خطر في ارتكاب الجرائم كما يجب أن يكون هذا الحبس ضرورياً لحماية الحدث.
وفي آخر هذا المطلب يجدر بنا الذكر أنه على قاضي الأحداث وأثناء التحقيق مع الحدث يجب أن يعطي الإجراءات التي يتخذها الصبغة الإنسانية المكرسة لمبادئ العدالة الجنائية الحديثة التي تتوخى معالجة المنحرف وإصلاح ذات بينه أكثر من توخيها إنزال العقوبة به.
اترك تعليقاً