الأوراق التجارية.. وسيلة لتسهيل التعاملات التجارية وتعزيز الضمانات
البيئة التجارية وتعاملات التجار المختلفة هما من أنشأ الأوراق التجارية تلبية لاحتياجاتهم وتسهيلا للتبادل التجاري، وقد تعارف التجار على استخداماتها إلى جانب النقود لتسوية معاملاتهم التجارية والحاجة إلى مستندات تنظم هذه الأعمال التجارية، ثم تطورت وسميت بالأوراق التجارية، وهي مختلفة عن الأوراق المالية مثل النقود والأسهم والصكوك، وبعد ذلك جاءت التشريعات والأنظمة المختلفة لتنظمها وتبين استخداماتها. الأوراق التجارية لها أهمية بالغة ولا بد من التفرقة بين أنواعها، الأمر الذي يختلط على كثير من رجال الأعمال وقد لا يكون لديهم المعرفة الكافية بالظروف التي يكون فيها الشيك هو الأفضل والظروف التي تكون فيها الكمبيالة أو السند لأمر أفضل.
دور الأوراق التجارية في التعاملات بين التجار التبادل التجاري وخصوصا الدولي جعل التعامل بالأوراق التجارية شبه ضرورة لتعزيز الثقة بين التجار وتيسير الأعمال التجارية واستمراريتها وتفعيل التعاملات بينهم، لذلك فُرضت فكرة التعامل بالأوراق التجارية والتي تقوم مقام النقود في المعاملات أحيانا، وبذلك فهي تؤدي الوظيفة نفسها التي تؤديها النقود من حيث استخدامها كوسيلة للوفاء بالديون والالتزامات، ولذلك فإنها لا بدّ من أن تكون ميسرة للتداول بين الأفراد، وأن تكون محاطة بالضمانات التي تجعل الأفراد يطمئنون إلى قبولها في تعاملهم كوسيلة للوفاء، ولها القيمة العملية والقانونية ذاتها. ولا تخفى حاجة التجارة إلى الائتمان، ويكون ذلك في شكل منح المدين أو المشتري فترة زمنية يسدد بعدها القيمة المطلوبة، ولذلك أيضا نشأت الحاجة إلى مستندات تنظم هذه الأعمال التجارية.
أنواع الأوراق التجارية • الكمبيالة • السند لأمر • الشيك تعرف بأنها؛ “محررات مكتوبة وفقا لأوضاع شكلية يحددها القانون قابلة للتداول بالطرق التجارية وبمثل حق موضع مبلغ من النقود وتستحق الوفاء بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين، أو قابل للتعيين ويستقر العرف على قبولها كأداة لتسوية الديون شأنها شأن النقود”.
وقد حدد نظام الأوراق التجارية البيانات الواجب توافرها في الأوراق التجارية تحديدا دقيقا ورتب على عدم توافرها فقدان المحرر أو الصك لهذه الصفة، أي صفة الورقة التجارية، وتحوله عندئذ إلى سند دين عادي يخضع للقواعد العامة وليس للقواعد التي جاء بها نظام الأوراق التجارية، أي أن النظام اشترط لانعقاد الورقة التجارية صحيحة أن ترد بالشكل الذي حدده النظام، إضافة إلى توافر أركانها الموضوعية، وقد استهدف النظام من وراء ذلك التسهيل والتيسير على المتعاملين بها، ولم يقصد التضييق عليهم؛ لأن الورقة بعد أن تستوفي الشكل المتعارف عليه تنطلق في التداول كأداة وفاء وأداة ائتمان دون عائق. الكمبيالة: تتضمن أمرا صادرا من الساحب وموجها إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود لمصلحة شخص ثالث، فأطراف الكمبيالة ثلاثة هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد، والكمبيالة ترد بصيغة الأمر بالدفع.
السند لأمر: صك محرر وفق شكل معين حدده النظام يتضمن تعهدا من محرر السند بدفع مبلغ معين من النقود لمصلحة شخص يسمى المستفيد، فالسند له طرفان فقط هما محرر السند وهو المسحوب عليه، والمستفيد.
ويترتب على هذا أن السند لأمر لا يقدم للقبول لأن محرره هو الذي يلتزم بالوفاء، كما أنه لا وجود لمقابل الوفاء في السند لأمر ويرد السند لأمر بصيغة التعهد بالوفاء.
الشيك: صك محرر وفق شكل معين حدده النظام يتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى المسحوب عليه (وهو بنك) بأن يدفع بمجرد الاطلاع مبلغا معينا من النقود للساحب نفسه أو لشخص معين أو لأمره أو للحامل ويسمى كل منهم بالمستفيد. الورقة التجارية من حيث الشكل؛ لابد أن تكون مكتوبة ولابد من توافر بيانات معينة يتطلبها القانون، فالشكلية فيها لازمة لسهولة تداولها والاطمئنان إلى استيفائها في ميعاد الاستحقاق.
الشيك اكتسب الحماية الجنائية وهو أقوى أنواع الحمايات في القانون، نجد أن الشيك من أكثر الأوراق التجارية تعاملا بين التجار لقوته، رغم أنه أداة وفاء وليس ائتمانا، ويخطئ بعض المتعاملين بالأخذ بالشيك في تعاملات تتطلب الضمان وليس الوفاء، وهذه ليست وظيفة الشيك وإنما الكمبيالة أو السند لأمر.
بقيت الإشارة إلى ضرورة العناية بصياغة الورقة التجارية والاهتمام بالجوانب الشكلية فيها، وهذا يستدعي الاستفادة من المختصين، حيث إن بعض الملاحظات الشكلية قد تفقد الورقة قوتها تماما، كما يجب الاهتمام بمناسبة الورقة للحاجة التي وضعت لأجلها، فالشيك للأداء فقط وليس للضمان، وهناك عقوبة قاسية في حال استخدامه كورقة ضمان، وهذا مما يخطئ فيه الكثير من الناس، أما الكمبيالة والسند لأمر فهما أداتا ضمان ووفاء معا.
نظام التنفيذ وأثره في الأوراق التجارية لا يتم التنفيذ الجبري إلا على السندات التنفيذية التي ذكرها النظام في مادته التاسعة، ومن ضمنها الأوراق التجارية، وبلا شك فلقضاء التنفيذ ونظامه دور فاعل في حفظ الكثير من الحقوق بشكل أسهل وأسرع، الأمر الذي قاد إليه نظام التنفيذ ودوره الفعال في جعل الأوراق التجارية من السندات التنفيذية واجبة التنفيذ فورا. وبهذا نجد أن الكمبيالة والسند لأمر قد استعادا قوتهما القانونية كونهما من الأوراق التجارية التي نص عليها النظام صراحة، وسيساعد هذا إلى نمو التعامل بالكمبيالة والسند لأمر نتيجة لحاجة التعاملات التجارية المختلفة لأدوات وضمانات ذات مصداقية عالية، والاعتماد على الكمبيالة والسند لأمر مستقبلا أمر في غاية الأهمية لمصلحة الاقتصاد الوطني وتنمية التبادل التجاري.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً