الإجراءات النموذجية لاستخراج الجثث وتحليل بقايا هياكلها ”
تتضمن هذه الإجراءات النموذجية لاستخراج الجثث وتحليل بقايا هياكلها قائمة مرجعية بالخطوات التي يتضمنها الفحص الطبي الشرعي الأساسي. وأغراض الفحص الأنثروبولوجي هي نفس أعراض الفحص الطبي القانوني للشخص المتوفى حديثا. وقد يجمع عالم السلالات (الأنثروبولوجيا) معلومات تحدد هوية المتوفى، ووقت الوفاة ومكانها، وسبب الوفاة، وطريقة الوفاة أو أسلوبها (القتل، أو الانتحار، أو حادث، أو الوفاة الطبيعية).
غير أن نهج عالم البشريات يختلف بسبب طبيعة المادة التي تفحص. ففي العادة، يتعين علي المشرح فحص الجثة، في حين يتعين علي عالم السلالات فحص هيكل عظمي. ويركز المشرح علي المعلومات التي يتم التحصل عليها من الأنسجة الرخوة، في حين يركز عالم البشريات علي المعلومات التي يتم التحصل عليها من الأنسجة الصلبة. ويمكن أن يتداخل عمل كل من الأخصائيين، لأن التحلل عملية مستمرة. فقد يقوم عالم البشريات بفحص جثة جديدة عندما يكون العظم متعريا أو عندما يكون رض العظام أحد العوامل. وقد يلزم وجود مشرح ذي خبرة عندما تكون هناك أنسجة محنطة. وفي بعض الظروف، يمكن أن يكون استعمال كل من هذه الإجراءات والإجراءات النموذجية لتشريح الجثث ضروريا للحصول علي أقصى قدر من المعلومات. وستفرض درجة تحلل الجثة نوع الفحص، وتفرض بالتالي الإجراءات التي ينبغي اتباعها.
وتختلف الأسئلة التي يتناولها عالم البشريات عن الأسئلة التي يتناولها تشريح الجثث عادة. ويخصص الفحص الأنثروبولوجي قدرا أكبر من الوقت والعناية لأسئلة أساسية مثل الأسئلة التالية:
(أ) هل البقايا بشرية،
(ب) هل البقايا لشخص واحد أم عدة أشخاص؟
(ج) ماذا كان *** المتوفى وعنصره وقامته ووزن جسمه ويدويته (أيمن أم أيسر) وبنيته؟
(د) هل هناك أية خواص طبيعية أو أوجه شذوذ في الهيكل العظمي يمكن أن تساعد علي تحديد هوية المتوفى تحديدا قاطعا؟
كما يتناول عالم السلالات أيضا وقت الوفاة وسببها وطريقتها، غير أن هامش الخطأ يكون عادة أكبر من هامش الخطأ الذي يمكن أن يحققه تشريح الجثة الذي يجري بعد الوفاة بوقت قصير.
ويمكن أن تكون هذه الإجراءات النموذجية مفيدة في كثير من الحالات المتنوعة. غير أن تطبيقها يمكن أن يتأثر بالظروف غير المواتية، أو عدم كفاية الموارد المالية، أو عدم توفر الوقت. وقد يكون الاختلاف عن هذه الإجراءات حتميا، أو حتى يكون مفضلا في بعض الحالات. غير أنه يقترح أن يشار في التقرير الختامي إلي أية اختلافات رئيسية، مع الأسباب التي تبرر ذلك.
الإجراءات النموذجية المقترحة لتحليل الهياكل العظمية
1. التحقيق في الموقع
ينبغي أن ينال استخراج البقايا المدفونة نفس الحرص البالغ الذي يناله التفتيش في موقع الجريمة. وينبغي تنسيق الجهود ما بين الباحث الرئيسي وعالم السلالات الطبيعية أو عالم الآثار الاستشاريين. وكثيرا ما يقوم باستخراج البقايا البشرية الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين أو عمال المقابر الذين ليست لهم مهارة في تقنيات أنثروبولوجيا الطب الشرعي. ويمكن أن تضيع علي هذا النحو معلومات قيمة، وتنتج أحيانا معلومات خاطئة. وينبغي أن يحظر علي الأشخاص غير المدربين القيام باستخراج الجثث. وينبغي أن يكون عالم السلالات الاستشاري حاضرا لإجراء عملية استخراج الجثة أو الإشراف عليها. وحفر أي نوع من أنواع المدافن يلازمه مشاكل وإجراءات محددة. وتتوقف كمية المعلومات التي يتم الحصول عليها من الحفر علي معرفة حالة المدفن أو الرأي المستند إلي الخبرة. وينبغي أن يتضمن التقرير الختامي مبررات إجراءات الحفر.
وينبغي اتخاذ الإجراءات التالية أثناء استخراج الجثة:
(أ) يسجل تاريخ استخراج الجثة وموقعه ووقت البدء ووقت الانتهاء منه وأسماء جميع العاملين فيه،
(ب) تسجل المعلومات بسرد الوقائع مدعومة بالرسوم التخطيطية والصور الفوتوغرافية،
(ج) تصور منطقة العمل من نفس مظهرها الحقيقي قبل بدء العمل وبعد انتهائه كل يوم، بغية توثيق أي تشويش يطرأ لا يتصل بالإجراءات الرسمية،
(د) يلزم في بعض الحالات أن يتم أولا تحديد موقع القبر داخل منطقة معينة. وهناك وسائل متعددة لتحديد مواقع القبور، تتوقف علي عمر القبر،
“1” يمكن أن يقوم عالم آثار متمرس بالتعرف علي قرائن مثل التغيرات في تضاريس السطح والاختلافات في النباتات المحلية،
“2” يمكن استعمال مجس معدني لتحديد موقع التربة الأقل تماسكا والتي تميز تربة القبر،
“3” يمكن تنظيف المنطقة التي سيجري استكشافها وجرف التربة العلوية بجاروف مسطح. ويظهر تراب القبور أكثر قتامة من التربة المحيطة بها لأن التربة العلوية الأدكن لونا قد اختلطت بالتربة السفلية الأفتح لونا من تراب القبر. وفي بعض الأحيان يمكن إعادة وضوح حدود القبر برش سطحه بقليل من الماء،
(هـ) تصنف المدافن علي النحو التالي:
“1” فردية أو مختلطة. يمكن أن يحتوي القبر علي بقايا شخص واحد مدفون وحده، أو قد تحتوي علي بقايا مختلطة لشخصين أو أكثر دفنوا في وقت واحد أو خلال فترة من الزمن،
“2” منعزلة أو متلاصقة، والقبر المنعزل منفصل عن المقابر الأخرى ويمكن حفره دون خشية التعدي علي قبر آخر. والقبور المتلاصقة، مثل التي توجد في المقابر المزدحمة، تتطلب أسلوبا مختلفا في الحفر لأن حائط أحد القبور يكون أيضا حائط قبر آخر،
“3” أولية أو ثانوية، والقبر الأولي هو القبر الذي يوضع فيه المتوفى أول مرة. وإذا نقلت البقايا بعد ذلك وأعيد دفنها، يعتبر القبر ثانويا،
“4” متغير أو غير متغيرة. والمدفن غير المتغير هو المدفن الذي لم يتغير (إلا بالعمليات الطبيعية) منذ وقت الدفن الأول. والمدفن المتغير هو المدفن الذي تم تغييره بتدخل بشري بعد وقت الدفن الأول. وتعتبر جميع المدافن الثانوية مدافن متغيرة، ويمكن استعمال أساليب علم الآثار لاكتشاف التغيير الذي يحدث في المدفن الأولي،
(و) يخصص للمدفن رقم لا لبس فيه. وإذا لم يوجد نظام نافذ بالفعل للترقيم، ينبغي علي عالم السلالات وضع نظام،
(ز) تحدد نقطة بيانية، ثم يحصر موقع المدفن وترسم له خريطة باستعمال شبكة متسامتة ذات حجم مناسب وباستعمال تقنيات علم الآثار المعتادة. وفي بعض الحالات، قد يكفي مجرد قياس عمق القبر من السطح إلي الجمجمة ومن السطح إلي القدمين. ويمكن بعد ذلك تسجيل المواد ذات الصلة من حيث موقعها بالنسبة إلي الجمجمة،
(ح) يزال الغطاء الترابي، ويغربل التراب لاستخراج المواد ذات الصلة. ويسجل مستوي (عمق) أي مواد من هذا النوع يعثر عليها وتسجل احداثياتها النسبية. ويؤثر نوع المدفن، وخصوصا كونه أوليا أو ثانويا، علي ما ينبغي بذله من عناية واهتمام بهذه المرحلة. ويستبعد أن تؤدي المواد ذات الصلة الموجودة في موقع مدفن ثانوي إلي كشف ظروف الدفن الأولي، ولكن يمكن أن توفر المعلومات عن الأحداث التي وقعت بعد ذلك الدفن،
(ط) يجري البحث عن أشياء مثل طلقات الرصاص أو الحلي، ويمكن أن يكون مكشاف الفلزات مفيدا في ذلك، وخصوصا في المستويات التي تعلو مستوي البقايا مباشرة أو تقع تحته مباشرة،
(ي) تحصر الجثة داخل حدود دائرة، بعد تحديد مستوي الدفن، ويجري، إذا أمكن، فتح حفرة المدفن بعمق لا يقل عن 30 سنتيمترا علي جميع جوانب الجثة،
(ك) يسند المدفن بأعمدة أثناء الحفر علي جميع جوانبه إلي أدني مستوي للجثة (30 سنتيمترا تقريبا). وتقعد أيضا أية مصنوعات ذات الصلة،
(ل) تكشف البقايا باستعمال فرشاة ناعمة أو منفضة من الريش ولا تستعمل الفرشاة علي المنسوجات لأنها يمكن أن تدمر البينات المتعلقة بالألياف. ويفحص التراب الموجود حول الجمجمة بحثا عن الشعر. ويوضع هذا التراب في حقيبة لكي يفحص في المختبر. ولا يقدر الصبر بثمن في هذه المرحلة. فقد تكون البقايا هشة، بينما العلاقات المتبادلة بين العناصر هامة ويمكن الإخلال بها بسهولة. ويمكن أن يؤدي التلف إلي إقلال خطير في كمية المعلومات التي تتوفر من التحليل،
(م) تصور البقايا وترسم لها خريطة في الموقع. وينبغي أن تشمل جميع الصور الفوتوغرافية علي رقم تعريفي، والتاريخ، ومقياس للرسم، وعلامة تدل علي الشمال المغناطيسي،
“1” يصور أولا المدفن كله، ثم يركز علي التفاصيل الهامة بحيث يكون من السهل تصور علاقاتها مع الكل،
“2” ينبغي أن يصور عن قرب كل شئ يبدو غير عادي أو ملحوظ، وينبغي الاهتمام بالبالغ بما يدل علي الإصابة المفضية إلي الموت أو التغيير المرضي، سواء أكان حديثا أو تم شفاؤه،
“3” يصور ويرسم خريطة لجميع المواد ذات الصلة (الملابس والشعر والتابوت والمصنوعات وطلقات الرصاص والأغطية الخ.). وينبغي أن تشمل الخريطة علي رسم تخطيطي تقريبي للجمجمة وكذلك لأية مواد ذات صلة،
(ن) قبل تحريك أي شئ، تؤخذ مقاييس الشخص،
“1” يقاس الطول الكلي للبقايا، وتسجل النقاط الفرعية للقياس، مثل المسافة بين قمة الرأس والسطح الأخمصي لعظم العقب (ملاحظة: هذا ليس قياسا للقامة)،
“2” إذا كان الهيكل العظمي هشا بحيث ينكسر عند رفعه، يؤخذ أكبر عدد ممكن من المقاييس قبل تحريكه من الأرض،
(س) تؤخذ جميع العناصر وتوضع في أكياس أو صناديق، مع الحذر تفاديا للتلف، ويكتب علي كل وعاء رقمه وتاريخه والتوقيع بالأحرف الأولي عليه،
(ع) تحفر التربة في المستوي الذي يلي المدفن مباشرة وتغربل. وينبغي تحديد مستوي التربية “العقيمة” (أي الخالية من الأشياء المصنوعة) قبل التوقف عن الحفر والبدء في الردم.
2. التحليل المختبري لبقايا الهياكل العظمية:
ينبغي اتباع البروتوكول التالي أثناء التحليل المختبري لبقايا الهياكل العظمية:
(أ) يسجل تاريخ تحليل بقايا الهياكل العظمية ومكانة ووقت البدء ووقت الانتهاء وأسماء جميع العاملين،
(ب) تصور بالأشعة السينية جميع عناصر الهياكل العظمية قبل المضي قدما في التنظيف.
“1” تؤخذ صور بالأشعة السنية لمجموعة الأسنان منطبقة وصور لها من القمة وصورة مستعرضة، إذا أمكن،
“2” ينبغي تصوير الهيكل العظمي بأكمله بالأشعة السينية. وينبغي توجيه عناية خاصة إلي الكسور، وأوجه الشذوذ النمائي، وآثار العمليات الجراحية. وينبغي أن يشمل ذلك صورا لتجويف الجبهة من أجل تحديد الهوية،
(ج) يحتفظ ببعض العظام في حالتها الأصلية، وتكفي فقرتان قطنيتان. وتنظف بقية العظام بغسلها ولكن دون أن تتشرب الماء أو تحك. وتترك العظام لتجف،
(د) يرص الهيكل العظمي بأكمله بطريقة منتظمة،
“1” تميز الأجزاء اليسرى من الأجزاء اليمني،
“2” تحفر جميع العظام وتسجل علي مخطط للهيكل العظمي،
“3” تحصر الأسنان وتسجل علي مخطط للأسنان. ويشار إلي الأسنان المتسوسة، والمستبدلة، والمفقودة،
“4” يصور الهيكل العظمي كله في صورة واحدة. وينبغي أن تحتوي جميع الصور علي رقم تعريفي ومقياس للرسم،
(هـ) إذا كان يتعين إجراء تحليل لأكثر من شخص واحد، وخصوصا إذا كان هناك أي احتمال لإجراء مقارنات بين الأفراد، يرقم كل عنصر بحبر لا بمحي قبل البدء في أي عمل آخر،
(و) تسجل حالة البقايا، أي سليمة ومتماسكة، أو متآكلة وسهلة التفتت، أو متفحمة أو محروقة،
(ز) تحديد الهوية المبدئي،
“1” يحدد السن والجنس والعنصر والقامة،
“2” تسجل أسباب كل استنتاج (مثل تحديد ***** استنادا إلي الجمجمة والكرمة (رأس عظم الفخذ))،
“3” تصور جميع الأدلة التي تدعم هذه الاستنتاجات،
(ح) تحديد هوية الفرد،
“1” يبحث عن الأدلة المتعلقة بالحالة اليدوية (أيمن أم أيسر)، والتغيرات المرضية، والإصابة المفضية إلي الموت، وأوجه الشذوذ النمائي،
“2” تسجل أسباب كل من الاستنتاجات،
“3” تصور جميع الأدلة التي تدعم هذه الاستنتاجات،
(ط) تجري محاولة للتمييز بين الإصابات الناجمة من التدابير العلاجية والإصابات التي لا علاقة لها بالمعالجة الطبية. وتصور جميع الإصابات:
“1” يفحص العظم اللامي بحثا عن الشقوق أو الكسور،
“2” يفحص الغضروف الدرقي بحثا عن أي ضرر،
“3” ينبغي فحص كل عظم بحثا عن أدلة تشير إلي تلامس بأشياء معدنية. وتحتاج الأطراف العلوية والسفلية للإضلاع إلي تدقيق خاص. ومن المفيد استعمال مجهر تشريحي،
(ي) إذا كانت البقايا ستدفن قبل تحديد الهوية، يحتفظ بالعينات التالية لإجراء المزيد من التحاليل:
“1” مقطع عرضي لمنتصف جسم عظم الفخذ لكل من الفخذين، بارتفاع 2 سنتيمترا أو أكثر،
“2” مقطع عرضي لمنتصف جسم الفخذ لكل من القصبتين الصغريين، بارتفاع 2 سنتيمترا أو أكثر،
“3” مقطع ارتفاعه 4 سنتيمترات لأحد الإضلاع من ناحية العظم القصي (الضلع السادس، إذا أمكن)،
“4” أحد الأسنان (يفضل أن يكون أحد قواطع الفك السفلي) وكانت تدب فيه الحياة وقت الوفاة،
“5” تنزع الطواحن لكي يتيسر لاحقا أخذ البصمات بواسطة ديوكسي الحامض النووي الريبي (deoxyribonudeic acid) من أجل تحديد الهوية،
“6” يعمل قالب مصبوب للجمجمة لكي يتيسر إعداد شكل مشابه للوجه،
“7” تسجل العينات التي تم الاحتفاظ بها، مع وسم جميع العينات برقم تعريف، والتاريخ، واسم الشخص الذي أخذ العينة.
3. التقرير الختامي:
ينبغي اتخاذ الخطوات التالية في إعداد التقرير الختامي:
(أ) يجهز تقرير كامل بجميع الإجراءات والنتائج،
(ب) يشتمل التقرير علي ملخص قصير للاستنتاجات،
(ج) يوقع علي التقرير ويبين تاريخه.
4. مستودع البيانات:
في حالات عدم إمكانية التعرف علي الجثة، ينبغي حفظ البقايا المستخرجة أو الأدلة الأخرى لمدة معقولة من الزمن. وينبغي إنشاء مستودع لحفظ الجثث لمدة 5 إلي 10 سنوات تحسبا لإمكانية التعرف عليها لاحقا.
اترك تعليقاً