مقال قانوني مميز عن الإرث بسبب الرحم في القانون الكويتي
أ* أحمد أبو زنط
المواد (319 – 327 ):
ذوو الأرحام وأولو الأرحام بمعنى واحد في اللغة، وهم الأقارب الذي تربطهم الأرحام، فتشمل الكلمة كل الأقارب مهما تكن درجات توريثهم.
أما في الاصطلاح فذوو الأرحام هم الأقارب الذين ليسوا أصحاب فروض، ولا عصبة، ويكونون الإناث أو الذكر الذين تتوسط بينهم وبين الميت أنثى غالبًا، ومرتبتهم في التوريث كما جاء في القانون بعد الرد على أصحاب الفروض النسبيين، فهم في ميراثهم قد توسطوا نوعي الرد، فيقدم عليهم الرد على غير الزوجين، ويليهم الرد على الزوجين.
وذوو الأرحام أصناف أربعة، مقدم بعضها على بعض في التوريث، وقد بين ذلك في القانون في المواد: 319 – 325
وميراث ذوي الأرحام موضع خلاف بين الصحابة، ومن بعدهم، فذهب الإمام علي، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، عبد الله بن مسعود، وغيرهم من كبار الصحابة رضي الله عنهم إلى توريثهم بعد العصبات، والرد على ذوي الفروض النسبية.
وذهب زيد بن ثابت، ومعه بعض الصحابة إلى أنهم لا يأخذون شيئًا، ويكون المال لبيت مال المسلمين، وقد اختار القول الأول الإمامان: أبو حنيفة وأحمد – رضي الله عنهما – مستدلين:
أولاً: بقوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وأولو الأرحام كلمة عامة تشمل الأقارب جميعًا سواء أكانوا عصبات، أم ذوي سهام مقدرة، أم لم يكونوا من الفريقين، فذوو الأرحام الذين ليسوا أصحاب فروض، ولا عصبة داخلون في الأولوية التي ذكرها القرآن الكريم، ومن الأولوية أن يأخذوا مال بعضهم إن لم يكن سواهم، فهم أولى من غيرهم بنص كتاب الله، فيكونون بلا ريب أولى من بيت المال.
ثانيًا: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطى الخال عند عدم وجود غيره، وأسند ذلك الحكم إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الله ورسوله ولي من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له، فكان هذا سنة صريحة في صحة توريث ذوي الأرحام، ولا يمكن لأحد من هذا النص أن يقول أن توريث الأرحام لا سند له.
ثالثًا: أنه إذا لم يأخذ ذوو الأرحام التركة أعطيت لبيت المال، أي جماعة المسلمين، ذوو الأرحام من جماعة المسلمين، ويزيدون أنهم من قرابة الميت، فيرجحون على غيرهم من المسلمين في أخذ ما تركه قريبهم.
واختار قول زيد بن ثابت رضي الله عنه الإمامان: مالك والشافعي – رضي الله عنهما – مستدلين بأن الله تعالى بين في محكم كتابه الورثة وأنصباءهم، ولم يعطِ ذوي الأرحام شيئًا، ولم تصح في ميراثهم سنة، فيكون إعطاؤهم من غير نص، ولا حمل على نص، ولا يعطى أحد حقًا بغير نص، ولا حمل على نص، بل لقد صح عندهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ميراث العمة، والخالة، فقال: أخبرني جبريل ألا شيء لهما.
وقوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وقوله تعالى: للرجال نصيب ما ترك الوالدان، والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، آيتان مجملتان بينتها آيات الموارث، فلا تدلان بعمومهما على شيء زائد، لأنه إذا اجتمع عام وخاص، حمل العام على الخاص، كما إذا وجد المجمل، وما بينه حمل المجمل على المبين.
وإذ كان الأمر كذلك عند الإمامين: مالك والشافعي، وألا رد على ذوي الفروض كان بيت المال عندهما أولى من الرد، ومن إعطاء ذوي الأرحام، وعندهما أن بيت المال يكون أولى من الرد، ومن ذوي الأرحام إذا كان القائم عليه عدلاً، يعطي كل ذي حق حقه، ويصرف مال بيت المسلمين في معارفه، أما إذا لم يكن بيت المال منظمًا، ولم يكن القائم عليه عدلاً، يصرف المال في مصارفه الشرعية، فإن الأساس الذي بنيت عليه الأولوية قد تغير، وبذلك يتغير الحكم، ولذلك فإنه لما فسد نظام بيت المال في القرن الثالث الهجري، واستمر الفساد، أفتى بعض علماء المالكية، والشافعية بتوريث ذوي الأرحام بدل إعطاء بيت المال، وصار هذا الرأي هو المفتى به، وقد صرح الإمام الشافعي بأن أخذ ذوي الأرحام في هذه الحالة هو من باب رعاية المصلحة، لا من باب التوريث.
هذا والذين رأوا توريث ذوي الأرحام اختلفوا في ذلك على ثلاث طرائق: إحداهما الطريقة الواردة في القانون، وهي مذهب الإمام علي رضي الله عنه، وبه أخذ الحنفية، وهي طريقة أهل القرابة، أي ترتيبهم بحسب قرابتهم في ذاتها، من حيث قوة الأولوية في ذاتها، إذ أن القرابة مختلفة في قوتها، فالمستحق من ذوي الأرحام هو أول قريب، كما أن المستحق في التعصيب هو أقرب رجل ذكر، فقاسوا الأولوية في القرابة بالنسبة لذوى الأرحام على الأولوية في القرابة بالنسبة للعصبات، وعلى ذلك قسموا ذوي الأرحام إلى أصناف، كما قسمت العصبات، إلى جهات، واعتبروا الأولى من ذوي الأرحام للفرع، كما كان الحال بالنسبة للعصبات، واعتبروا الترجيح بقوة الدرجة، ثم بقوة القرابة، ثم يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، كما هو الشأن في العصبات، ولا اعتبار لتعدد وجهات القرابة في وارث من ذوي الأرحام إلا عند اختلاف الجهة، على معنى أن قرابة الأب جهة، وقرابة الأم جهة، فإذا اجتمع قريب من ذوي الأرحام من جهة الأب، وقريب من جهة الأم، كان لقرابة الأب الثلثان، ولقرابة الأم الثلث، كعمة لأب وأم، وخالة الأم، فإن للعمة الشقيقة ثلثي تركة الميت، وللخالة للأم الثلث وهذا هو ما نصت عليه المادة (326).
اترك تعليقاً