الاستغلال ليس مصدر عام للالتزام
تطبيقات لا تعني تقرير نظرية عامة للاستغلال في الشريعة الإسلامية أعني بهذا الافتراض أن الاستغلال ليس مصر عام للالتزام في الفقه الإسلامي و إنما هناك تطبيقات متناثرة في كتب الفقه لا تعني من قريب أو بعيد أن هذه التطبيقات يمكن ردها إلى نظرية عامة للاستغلال بل يمكن ردها إلى أصول أخرى تتلائم مع الفقه الإسلامي ونظرياته.
ومن هذه التطبيقات :
1- استغلال عدم الخبرة: وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي المعترف به ببيع المسترسل،فبيع المسترسل يمكن رده إلى نظرية الغبن وليس له نظرية الاستغلال.
2- استغلال ضعف الإدراك : ولعل أوضح مثال على هذا التطبيق الحديث المشهور ب{لا خلابة} .
3- استغلال الحاجة : وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي ببيع المضطر وهو أن يضطر إلى الطعام أو الشراب أو اللباس أو غيره ولا يبيعه البائع إلا بأكثر من ثمنه بكثير وكذلك في الشراء منه[1]
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وبيع الغرر وبيع الثمر قبل أن تدرك[2].
4-استغلال طيش المتعاقد: وهو ما يمكن أن يتشابه في الفقه الإسلامي مع حالة السفيه الذي يبذر أمواله على ملذاته وشهواته.
ومن هذه التطبيقات أستطيع بأن أقول بأن الفقه الإسلامي عالج الاستغلال عن طريق نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن التي تتمتع بمعيار مرن وموضوعي بالإضافة إلى أن معيار الغبن في الفقه الإسلامي معيار منضبط ومعلوم وسهل الإثبات.
وأخيراً أستطيع أن أرجح الافتراض الثاني القائل بأن الاستغلال ليس مصدر عام للالتزام وإنما هناك تطبيقات لا تعني بتقرير نظرية عامة للاستغلال في الفقه الإسلامي ،ولا ضرر في عدم معرفة الفقه الإسلامي للاستغلال كنظرية متكاملة ،لأن لكل فقه منهجه الخاص وأسلوبه في معالجة قضاياه ،والفقه الإسلامي عالج آثار الاستغلال ووسائله من خلال نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن .
( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( البقرة : 286 ) .
[1] -السفدي ،علي بن حسين بن محمد ،النتف في الفتاوى ،تحقيق الدكتور صلاح الدين الناهي ،دار الفرقان ،الطبعة الثانية 1402هـ/1948م ،مج1/468
[2] أبو داوود ،سليمان بن الأشعث ،سنن أبي داوود ،دار إحياء السنة النبوية ،بيروت ،كتاب البيوع ،ج3/255
اترك تعليقاً