الاستناد إلى القانون الطبيعي
مبدئياً حجبت الوضعانية القانونية القانونَ الطبيعي واستناده إلى طبيعة واحدة لا تتحرك. فقد بدا القانون الطبيعي بعيداً جداً عن الواقع. ولكن يجب الإقرار بأن العاملين في المجال القانوني يرجعون أكثر فأكثر ومن حين لآخر للقانون الطبيعي ربما لأنهم يرون حدود الشرعانية الشكلية ويكتشفون أن القانون الطبيعي يبقى قانون القوانين رغم صعوبة الإمساك به على المستوى التقني.
المبحث الأول: النصوص
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن للعام 1789
يُذكرُ عادة في مقدمة النصوص المؤسسة لاسيما بعد أن أدخله المجلس الدستوري الفرنسي في الكتلة الدستورية. هكذا فقد اكتسبت ديباجة الدستور قوة دستورية ما فوق تشريعية من منظور القاضي الدستوري، طبعاً لا من منظور القاضي العادي الذي ينبغي أن يُعمل القانون حتى لو كان غير دستوري. وفي لبنان لحق القاضيالدستوري بهذا المسار التقدمي في قرارات عديدة لا سيما في العام 1997 خول دورية الإنتخابات البلدية.
القانون المدني
كانت تنص المادة الأولى من مشروع القانون المدني الفرنسي للسنة الثامنة على ما يلي: “ثمة قانون عالمي وثابت هو مصدر جميع القوانين الوضعية”. وفي حالة الغموض كانت تنص المادة 14 على أن القاضي يصبح وزير العدالة ويعمل قانون العقل reason الثابت والأبدي.
المرحلة المعاصرة
يرى الفقيه جان كاربونييه أن نظرية القانون الطبيعي هي التي بررت الإبطال مع مفعول رجعي للمرسوم الفرنسي الصادر في 9 آب 1944 الذي أصدرته حكومة فيشي والذي سمح بمحاكمة مجرمي حرب. فالقانون الوضعي لم يكن ليحاكم على هذه الجرائم عندما ارتُكبت فيما القانون الطبيعي يعاقب فاعليها بالتأكيد. كذلك في ما يخص قانون 26 كانون الأول 1964 الفرنسي الذي يعتبر أن الجرائم ضد الإنسانية “غير قابلة للتقادم بطبيعتها”.
المبحث الثاني: الاجتهاد
الفقرة الأولى: قانون العائلة
ارتكزت بعض القرارات إلى القانون الطبيعي كي تمنح حق زيارة الطفل، لأن هذا الحق هو “حق طبيعي يلازم العلاقة الأبوية والأمومية”.
الفقرة الثانية: الحق في محاكمة عادلة
في قرار مدني فرنسي قديم وخارج إطار أي نص فرض مبدأ احترام حق الدفاع نفسه في الدعاوى المدنية. فالدفاع، تقول المحكمة في هذا القرار، هو حق (قانون) طبيعي، لأنه لا يمكن الحكم على أحد الأشخاص دون توجيه اتهام إليه والسماح له الدفاع عن نفسه.
الفقرة الثالثة: قانون العلاقات الدولية الخاصة
– القانون الدولي الخاص
كغيره من فروع القانون الوضعي القانون الدولي الخاص لا يستند إلا في ما ندر إلى القانون الطبيعي. ولكن أشار البعض إلى التقاطع بين أهداف القانون الطبيعي وأهداف القانون الدولي الخاص إذ إن هذا الأخير يصبو أيضاً إلى غايات عالمية وجامعية (توحيدية).
– قانون التجارة الدولية
القانون التجاري الدولي مدعو هو أيضاً للنهل من مفاهيم قانونية عامة وجامعة لإيجاد حلول توحيدية للنزاعات التجارية.
اترك تعليقاً