مشاكل المقاولين القانونية والدور المأمول من الهيئة
اليوم سألقي نظرة عامة على المشاكل التي يعاني منها قطاع المقاولات، مع ذكر الإرباك الذي حدث للقطاع بسبب هبوط أسعار النفط وضعف الإيرادات النفطية، والسياسة التي انتهجتها الدولة لإصلاح الاقتصاد، والتدابير لمعالجة عجز موازناتها مع التأخير في دفع المستحقات المالية للمقاولين، وبالتأكيد أن الذي تضرر من الإصلاح الاقتصادي بشكل كبير هي الشركات المتوسطة والصغيرة في قطاع المقاولات، خصوصا التي تعمل في العقود من الباطن لعدم صرف مستحقاتها من الشركات الأصلية المتضررة هي الأخرى، ولكن بصورة لربما تكون أقل ضررا من الشركات المتوسطة والصغيرة من تأخير صرف المستحقات المالية من المشاريع الحكومية.
إن صناعة المقاولات تعتبر ركنا مهما في قطاع التشييد والبناء، فهو أكبر ثاني قطاع غير نفطي في المملكة، ولكن للأسف يعاني من إشكاليات متعددة، مثل الفساد والاحتكار وتعثر المشاريع، والنزاعات القضائية، والخلافات القانونية بين المقاولين وعملائهم من الجهات الحكومية، بسبب عدم الاعتناء من بعض الجهات بإعداد وثائق المشروع قبل طرحها للمنافسة، وعدم وضوح بنود العقود وعموميتها واستخدام كراسات الشروط والمواصفات لأكثر من مشروع رغم الخلاف في طبيعة كل مشروع عن الآخر، أضف إلى ذلك هذه الإجراءات التعاقدية القانونية تدار أحيانا بعيدا عن الإدارات القانونية، أو مكاتب المحاماة أو المستشارين القانونيين، ولو أن القارئ الكريم سألني عن المشكلة التي تتجاهلها بعض الجهات لقلت جريمة التستر التي ضربت بأطنابها في قطاع المقاولات، مع هذا كله لا يوجد بشكل دقيق تصنيف للمقاولين.
كل هذه الملفات هي عبء أخلاقي على الهيئة السعودية للمقاولين، فهي الجهة المعنية بالمبادرة إلى تطوير القطاع ليتوافق مع تطلعات المملكة في رؤيتها 2030، ومن وجهة نظري أن قطاع المقاولات سينتعش وتكون عائداته عالية وحصصه السوقية كبيرة بعد أن تنتهي مرحلة الإصلاح الاقتصادي في البلد، لاعتبارات عدة أولها المشاريع الضخمة التي وضعتها الدولة في أولى مبادراتها ضمن رؤيتها، ومن أبرزها على الساحة الإعلامية والاقتصادية المشروع الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمعروف بـ «نيوم»، والذي تبلغ مساحته الإجمالية 26,500 كلم2 يشمل على أراض داخل الحدود الأردنية والمصرية، ومدعوم بقيمة 500 مليار دولار، هذا مع المشاريع الحكومية الأخرى، والطلب المتزايد على السكن، مع الاستراتيجية التي ستقوم بها الدولة لمعالجة أزمة السكن في المجتمع، فما سبق الإشارة إليه يعطينا أن صناعة المقاولات سوف تنمو بشكل غير عادي بعد فترة الإصلاح الاقتصادي الراهنة، وسيصبح قطاع التشييد والبناء مسرحا تنافسيا للشركات الأجنبية والعربية والسعودية، وحصصه السوقية كبيرة تتقاسمها مجموعة من الشركات بعقود من الباطن لطبيعة عمل المقاولات وتنوعها وتعدد أعمالها، ولكن أعتقد أنه إذا لم يتعاف قطاع المقاولات من مشاكله فسوف ينعكس على التنمية والعملية التنفيذية للمشاريع، وسوف تتعثر ونعود إلى المربع الأول الذي نعاني منه، ولن يحقق قطاع المقاولات تطلعاتنا في التحول الوطني 2020 ولا ما نصبو إليه في أن تكون المملكة نموذجا رائدا في كافة المجالات، والدور المأمول من الهيئة السعودية للمقاولين أن تقوم بإعداد استراتيجيات للتحول الوطني، ومبادرات وشراكات استراتيجية مع الجهات ذات المصلحة في القطاع لإصلاح المشاكل القانونية في القطاع حتى يكون القطاع والمقاولون مهيئين إلى المستقبل الاقتصادي الزاهر، ويساهمون في حركة النمو والتنمية بالمجتمع.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً