الإفراج الشرطي
القاضي علي كمال
الجريمة ظاهرة اجتماعية دأبت المجتمعات على مكافحتها ومعالجة موضوعها منذ القدم وقد بدأت المجتمعات عندما كان الانسان يعيش ضمن مجموعات صغيرة من بني جنسه ابتداءً بالطرد وعقوبات بدنية طابعها الانتقام الفردي من الجاني، وما ان ظهرت الدولة حتى انتقل حق ايقاع العقوبة الى الدولة لتمارسه بدلاً من الافراد وقد صاحب ذلك ظهور عدة اشكال للعقوبة والتعويض والدية للعقوبات القاسية البدنية.
وقد شهدت اوربا في عهد الإقطاع عقوبات بدنية اشد بشاعة ووحشية وكذلك ظهرت عقوبة السجن الى جانب العقوبات البدنية وما ان حل عصر النهضة في أوربا حتى ارتقت أصوات العلماء والمفكرين المقاربة بوضع حد لتلك المآسي التي يعاني منها الافراد كون العقوبات السالبة للحرية مازالت تحتل مكانه الصدارة بين العقوبات على الرغم من وجود اشكال اخرى للعقوبات المصاحبة بها ولكي تحقق هذه العقوبات السالبة للحرية هدفها الاسمى في إصلاح وتقويم المحكوم علية لابد من ان يجري تطوير السبل في تنفيذ العقوبة ومعاملة المحكوم عليه بها. وقد بدأت الاصوات المنادية بضرورة الافراج عن النزلاء بعد قضاء القسم الاكبر من مدة محكوميهم على ان يلتزموا بشروط معينة بعد الافراج عنهم.
ويعد الكابتن الكسندر ماكونوفوش الذي يعتبره البعض اب الافراج الذي طبق لأول مرة في عام 1843 عندما كان حاكماً لجزيرة نوفولك الاسترالية التي كانت مستعمرة بريطانية نظاماً للافراج عن السجناء يجري تنفيذه بموجب مراحل تدريجية وقد كان العراق من الدول التي بدأت بتطبيق هذا النظام وللافراج الشرطي.
تم الاخذ بموجب الافراج الشرطي عند استحدث قانون الاحداث رقم 11 لسنة 1962 حيث طبق لأول مرة في العراق وبعد ذلك صدر قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بموجب الفقرة (د) في المادة 331 منه لما له من حماية المجتمع من الجريمة وهو الهدف الذي يسعى كل مجتمع الى تحقيقه ويتمثل ذلك من خلال ايقاع احسن السبل في اصلاح الجناة واعادتهم اعضاء ناجحين في المجتمع بدلاً من العودة مرة اخرى الى الجريمة.
والإفراج الشرطي هو اخلاء سبيل المحكوم عليه بعقوبة أصلية مقيدة للحرية بعد انقضاء المدد المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية بعد ثبوت استفادته من النظم الإصلاحية ورفع تقرير بذلك من قبل ادارة السجن والمشرفين على الأقسام بذلك على ان يلتزم مجموعة الشروط المفروضة عليه بعد الافراج عنه وبذلك يكون المشرع العراقي قد ساير أغلبية الدول التي اخذت بهذا النظام رغم اختلاف التسميات بين تلك الدول، وسماه الإفراج المشرط او الشرطي.
وتجب هنا الاشارة الى ان هناك بعض الجرائم التي ظهرت عقب صدور قانون الاصول المحاكمات الجزائية وبما لها من الخطورة الاجرامية وما تتطلب من نظم عقابية فانها تفوق وبعض الجرائم المستثناة من احكام الافراج الشرطي المنصوص عليه في الفقرة (د) من المادة 331، هذا من جهة ومن جهة أخرى فان تعدد جهات الافراج الشرطي الناظرة بالطلب جعل من المعاملة تأخذ وقتاً طويلاً فلا بأس لو قام المشرع العراقي بإعادة النظر في بعض الجرائم وكذلك توحيد جهات النظر في الطلب بغية توحيد وتسهيل الإجراءات في النظر بالطلب وبذلك يكون قد زاد من تحقيق النفع للمواطن والمجتمع.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً