الاقرار والاعتراف قراءة في ثنائية المصطلح وحجية الاثبات مدنيآ وجزائيآ
((للأستاذ القاضي عواد حسين ياسين العبيدي))
=====================================
ان المشرع العراقي في أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 وفي المادة (213 / أ) نص على أدلة الإثبات في دعوى الجزائية حيث نصت المادة المذكورة على (( أ- تحكم المحكمة في الدعوى بناء على اقتناعها الذي تكون لديها من الأدلة المقدمة في أي دور من ادوار التحقيق أو المحاكمة وهي الإقرار وشهادة الشهود ومحاضر التحقيق والمحاضر والكشوف الرسمية الأخرى والتقارير الخبراء والفنيين والقرائن والأدلة الأخرى المقررة قانوناً )) ومن خلال قراءة المادة المذكورة أعلاه يتضح جلياً ان المشرع العراقي لم يرد مصطلح (( الاعتراف )) ضمن أدلة الدعوى الجزائية وإنما أورد مصطلح (( الإقرار )) وكذلك ورد مصطلح ((الإقرار)) في المواد ( 127 و 217 و219 ) الأصولية ان هذا الاتجاه هو اتجاه منتقد وكان الأجدر بالمشرع العراقي الاقتصار على مصطلح ((الاعتراف )) في مجال العمل الجزائي والاقتصار على مصطلح (( الإقرار )) في مجال العمل المدني .
إن حجية (( الإقرار )) في المسائل المدنية تختلف عن حجية (( الاعتراف)) في المسائل الجزائية ففي الوقت الذي تكون فيه للإقرار حجية قاصرة على المقر في الإثبات المدني فان حجية (( الاعتراف)) يمكن تتعدى إلى غير الشخص المعترف فإذا اعترف متهم على متهم أخر في نفس الدعوى فأنه يمكن اعتماد اعتراف المتهم باعتباره شهادة على المتهم الأخر بعد تفريق الدعوى الأصلية المادة ( 125) الأصولية ومن ثم يكون دليلاً ضد المتهم المعترف عليه لإحالته على المحكمة المختصة .
إن سلطة المحكمة المدنية في تقدير (( الإقرار )) هي سلطة محدودة جداً لأن (( الإقرار)) ملزم للمحكمة المدنية ويمكن اتخاذه أساساً للحكم في حين ان المحكمة في الدعوى الجزائية لها (( سلطة مطلقة في تقدير الإقرار )) حسب صراحة المادة (217 / أ ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية . وبالتالي فان مقولة (( الاعتراف سيد الأدلة )) خَفَ بريقها وتضعضعت حجيتها في الإثبات وأصبحت العبارة الأدق قانوناً هي ان (( الإقرار سيد الأدلة )) .
التوصيات-
ضرورة إعادة النظر في استعمال مصطلح (( الإقرار )) ومصطلح (( الاعتراف )) ودراسته إمكانية حصر استعمال مصطلح (( الإقرار )) في المسائل المدنية وحصر استعمال (( الاعتراف )) في المسائل الجزائية . حسبما استقر العمل عليه في العرف القانوني هذا من جهة ومن جهة أخرى ان الاقتصار على مصطلح (( الاعتراف )) في العمل الجزائي هو ينسجم مع التعريف اللغوي للاعتراف وما ورد في بعض الآيات القرآنية للدلالة على أن الاعتراف هو إظهار المعرفة بالذنب كما في قوله تعالى :-
{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ }
وقوله تعالى:-
{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} .
وفي الحديث الشريف عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قال:-
((واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فأرجمها)).
إن ما جاء في المادة (217 / أ ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي بان:-
(( للمحكمة سلطة مطلقة في تقدير إقرار المتهم والأخذ به … )) لا ينسجم مع واقع العمل القضائي وآية ذلك ان خضوع قرار محكمة الموضوع لرقابة محكمة التمييز الاتحادية في (( تقدير إقرار المتهم والأخذ به … )) يجعل من عبارة (( للمحكمة سلطة مطلقة )) لا قيمة قانونية لها مما يتطلب الأمر وبغية تحقيق الانسجام والتوافق بين نص المادة ( 217/أ) الأصولية وبين الحق المقرر لمحكمة التمييز الاتحادية في الرقابة على قرارات المحاكم الجزائية إعادة صياغة المادة (217/ أ ) الأصولية بإحلال عبارة
(( للمحكمة سلطة واسعة)) بدلاً من عبارة (( للمحكمة سلطة مطلقة)) في تقدير الإقرار الأخذ به .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً