اتفاقات الشركاء
د. ملحم بن حمد الملحم
أحد أهم العوامل الأساسية في الشركات هو المستندات التأسيسية لهذه الكيانات، وهي المستندات التي يقوم عليها أساس الشركة، سواء كان هذا المستند عقد تأسيس بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو النظام الأساس للشركة المساهمة، أو اتفاقية المساهمين، أو الشركاء.
المستندات التأسيسية هي الأساس الأول الذي تقوم عليه الشركة، وهي الأساس الذي تنطلق منه الشركة، وهي الأساس الذي يرسم علاقة الملاك فيما بينهم وعلاقة الملاك والمديرين وعلاقة الملاك المديرين بالشركة بشكل عام. من خلال هذه المستندات التأسيسية تتحدد أشياء كثيرة في مسار الشركة، وحولها يدور الشركاء في تعديلاتهم على هذه المستندات، كلما تغيرت كفة القوى في هذه الشركة من خلال التملك في رأسمال الشركة، والأنصبة المقررة اللازمة للسير في قرارات الشركة.
هذه المستندات التأسيسية في جوهرها اتفاق بين الملاك، ومن المهم في مثل هذه الاتفاقات أن تكون هناك مساحة كبيرة في التعاقد، ولا سيما أن المسائل التجارية مسائل سريعة التحدث والتغير نسبيا، والمستثمرون بشكل عام أو الشركاء يتطلعون إلى بيئة تضمن ولو بشكل نسبي تنفيذ عقودهم، وهو- أي إلزامية العقود- يعد أحد المحركات أو المحفزات الأساسية لتوافر عنصر الاستقرار للاستثمارات.
من الأمثلة على مجموعة من البنود التي تظهر في تعاقدات الشركاء هو ما يسمى حق السحب أو حق إلزام البيع drag along right أو الارتباط عند البيع أو التعليق tag along right، فالحق الأول يعني عندما يبيع شركاء أغلبية، يملكون نسبة معينة من الشركة؛ فإنه يجب على الشركاء الأقلية أن يبيعوا معهم في وقت بيع الأكثرية. أما الحق الثاني فيعني عندما يبيع الأغلبية فإن الأقلية مرتبطون بالأغلبية، ويجب بيع ملكية الأقلية مع الأغلبية. هذه الحقوق أو التكنيكات تستخدم إما لضمان سهولة بيع الشركة بكاملها؛ ما يعني تسهيل البيع على الأكثرية، وإما في الحالة الثانية فالحق لحماية الأقلية التي ترغب في مغادرة الشركة عند مغادرة الأكثرية أو غيرها.
هذه البنود أو الحقوق قد تكون محل نقاش ونظر قانوني أو شرعي من حيث تطبيقها ومدى إلزاميتها، ومن حيث كونها وعدا بالبيع، إلا أن مثل هذه الحقوق التي بدأت بالانتشار، وبدأت تصبح حاجة ملحة لحماية مصلحة أحد أطراف التعاقد، وتحتم النظر في حجم الضرر الذي قد ينتج في ظل عدم وجود مثل هذه البنود وحجم النزاعات التي قد تنشأ.
ختاما، قد يكون أحد الاقتراحات أن يضمن نظام الشركات مسائل أساسية يسعى لحمايتها، أو أن يضع إطارا عاما لعقود الشركات في حال عدم وجود اتفاق محدد بين الشركاء، وما عدا ذلك فإنه ينص على أهمية وإلزامية اتفاقية الشركاء فيما بينهم، ولا مانع من وضع مبادئ أساسية لتوضيح التوجه وتوضيح حدود تدخل القضاء في تلك الاتفاقات، لكن ينبغي أن يوجد مبدأ، وهو منح الشركاء الضمانة والمرونة التي توجد بيئة جاذبة وآمنة نسبيا للاستثمارات والشراكات والاتفاقيات.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً