مصر ومياه النيل ( الاتفاقيات الإقليمية والقوانين الدولية)
ما يتعلق بالقانون الدولي الذي تمت مناقشته لمدة تصل إلى (27) سنة، منذ 1970، ليقر في 1997 .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لا يُمنعن: الماء والكلأ والنار”
الاصل ان المشاكل بين الدول الجارة تحل بالمفاوضات والمباحثات الثنائية أو الثلاثية، وفق مبادئ “حسن الجوار” و”لا ضرر ولا ضرار” و”العرف العالمي”، والقوانين الموجودة فعلا أو الممكن أخذها كقرينة. في كل الأحوال عندما لا تتوصل الجهات المتفاوضة إلى نتائج ملموسة ومكتوبة وموثقة، فعند ذاك يجب الذهاب إلى جهات أخرى كالتحكيم، او مجلس الأمن (قرارات مجلس الأمن التي تقع تحت البند السابع، حين يقع الأمر تحت ما يسمى “تهديد السلم والأمن الدوليين”) أو محكمة العدل الدولية أو كليهما.
ومن الملاحظ أن جميع المعاهدات ، وغيرها، تنص صراحة على أن أحكامها هي تطبيق لقواعد القانون الدولي، والمقصود بالقانون الدولي هنا، هو ليس مجموعة قوانين محددة يمكن الإشارة إلى رقم القانون وتاريخه، وماذا يحدث في حالة عدم تنفيذه، ولكن المقصود به هو توجهات عامة يمكن الرجوع إليها كدليل عمل، مثل حسن الجوار، وعدم الإضرار بضرر “بالغ” للدول المجاورة، والتشاور، والإنصاف، والعدل، وغيرها
بدأت جهود الجمعية العامة للأمم المتحدة في العمل على تطوير قانون المجاري المائية وتدوينه في العام 1959 الذي أصدرت فيه قراراً بالشروع في إجراء دراسات تمهيدية عن المشاكل القانونية المتعلقة باستخدام الأنهار الدولية والانتفاع بها وعليه تم جمع معلومات قانونية مفيدة في التقرير الذي قدمه الأمين العم للأمم المتحدة في 15 نيسان (أبريل) 1963م
وقد اشار ذلك القرار بصفة خاصة إلي مبادرة البروفيسور س ايقلتون من جامعة نيويورك التي قدمها في مؤتمر أندبرة والتي اعتمدت عليها رابطة القانون الدولي (ila) في تأسيس ” لجنة استخدامات مياه الأنهار ” في عام 1954 . وهي التي اعتمد مؤتمر هلسنكي تقريرها النهائي عام 1966 متضمناً قواعد هلسنكي الشهيرة . وعند انتهاء أعمالها أوصت تلك اللجنة القديمة بتكوين لجنة جديدة لقانون الموارد المائية الدولية لتواصل عمل اللجنة القديمة .
لقد أوصى مؤتمر هلسنكي بأن تختص اللجنة الجديدة بتدوين ودراسة جوانب مختارة من قانون الموارد المائية مثال ذلك المياه الجوفية والاستخدامات المنزلية والهيدروليكية للمياه بما في ذلك توليد الطاقة والري وضبط الفيضان والترسب وتنظيم الانسياب وقواعد الملاحة على الأنهار وتلوث الشاطئ .
ووفقاً لتوصية مؤتمر هلسنكي تكونت اللجنة الجديدة في نوفمبر عام 1966م حيث بادرت جمعية القانون الدولى بإقرار ما أطلق عليه “قواعد هلسنكى” لتنظيم المجاري المائية الدولية لغير أغراض الملاحة، وهي القواعد التي إعتبرت بمثابة كشف لقواعد القانون الدولي العرفية لأستخدام مياه الأنهار الدولية، ما لم يكن هناك اتفاق بين دول حوض النهر الدولي على هذا الإستخدام، وكان أبرز هذه القواعد ما نصت عليه (المادة الثانية) :من الاستخدامات العادلة لمياه النهر الدولى ، و(المادة الرابعة) :حق كل دولة من دول الحوض في الإنتفاع بمياه النهر المشترك بشكل معقول وعادل ، كما وضعت بعض المعايير المعقولة والعادلة في استخدام مياه النهر الدولي ،
وكذلك الاستخدامات السابقة للمياه في حوض النهر ومنها بصفة خاصة الاستخدامات القائمة في الوقت الحاضر، والحاجات الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة من دول الحوض ومدى اعتماد سكان كل دولة من دول حوض النهر على مياهه، والتكلفة المقارنة بالوسائل البديلة لتغطية الاحتياجات الاقتصادية، ومدى توافر المصادر المائية الأخرى، وتجنب الفاقد بغير مبرر في استخدامات مياه الحوض، ومدى إمكانية تعويض دولة أو أكثر من دول الحوض كوسيلة لتسوية الخلافات بشأن الإستخدام، والمدى الذى يمكن معه تلبية حاجات الدولة بغير أن ينجم عن هذا أضرار هامة لدولة أخرى من دول الحوض. ثم قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 إحالة الموضوع إلى لجنة القانون الدولى التابعة لها كي تقوم بدراسة القانون المتعلق باستخدام المجاري المائية الدولية فى غير أغراض الملاحة النهرية وذلك بموجب قرارها رقم 669 (25) الصادر بتاريخ 8 ديسمبر 1970.
وقد قامت لجنة القانون الدولي بإدراج هذا الموضوع على جدول أعمالها اعتبارا من دورتها الثالثة والعشرين في عام 1971، وبعد أكثر من خمسة وعشرين عاما فرغت لجنة القانون الدولي من إعداد مشروع تضمن 33 مادة، قدمته للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1997، التى أقرت اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية في مايو 1997، وفتح باب التوقيع عليها، وقد تحفظت مصر. وقد لوحظ أن عددا كبيراً من دول المنابع قد وقف ضد هذه الاتفاقية بشدة، وهو نفس موقف بعض دول المصب (ومنها مصر) وان كانت معارضتها أكثر إعتدالاً.
وأيا ما كان الأمر، فقد أصبحت هذه الاتفاقية منذ دخولها حيز النفاذ بمثابة القانون العام للإستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية. وبشكل عام يمكن القول بأن هناك قواعداً أساسية يمكن إستخلاصها من مجمل الجهد الفقهي الدولي وما أرساه العرف الدولي، وأهم هذه القواعد ما يلى: أولاً: أهمية إحترام الإتفاقيات القائمة التي تنظم الإنتفاع بمياه النهر الدولي.
ثانياً: مراعاة مبدأ التوزيع العادل لمياه النهر الدولى وفقاً لمعايير مختلفة أهمها عدد السكان والإستخدامات القائمة والمساحة الجغرافية. إلخ. ثالثاً: يتوازن مع المبدأ السابق، ويتعادل معه موضوعياً مبدأ آخر لا يقل أهمية وهو مبدأ عدم التسبب في إحداث ضرر لأي دولة مشاطئة للنهر، بسبب إستخدامات لدولة مشاطئة أخرى. رابعاً: يتفرع عن المبدأ السابق قاعدة جوهرية تقضى بضرورة الإخطار المسبق قبل البدء في أي عمل أو سلوك على مجرى النهر، وكذلك التعويض عن أي آثار سلبية تترتب على ذلك.
وباستعراض مواد الاتفاقية خاصة المتعلق باثيوبيا
وقد سمّت الاتفاقية هذا الباب بـ “المقدمة”، حيث يتضمن “نطاق سريان الاتفاقية”، و”استخدام المصطلحات” أي التعاريف، و”اتفاقات المجرى المائي”، و”الأطراف في اتفاقات المجرى المائي”.
حيث نصت المادة 1- نطاق سريان هذه الاتفاقية
تسري هذه الاتفاقية على جميع فعاليات استخدام المياه عدا الملاحة. (بأن الاتفاقية تسرى على جميع استخدامات المجري المائي ما عدا الملاحة) وان المجري المائي الدولي” يشمل المجري نفسه والمياه الموجود فيه ، في حالة وجود أي اختلاف بين الاثنين. كما أن الاتفاقية تنطبق على استخدامات المياه المحولة من المجري المائي
وتنص المادة 2 الفقرة “ج” أن تكون دولة المجري المائي طرفاً في الاتفاقية ، وأضافت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تلك الفقرة عبارة : ” أو طرف يكون في منظمة إقليمية للتكامل الاقتصادي يقع إقليم دولة أو أكثر من الدول الأعضاء فيها جزء من مجري مائي دولي”
تنص المادة 3 على الحل الذي وضعته لجنة القانون الدولي حالة عدم وجود اتفاق وأوضحت لجنة القانون الدولي في تعليقاتها على المادة 3 أنه ، بينما تأمل اللجنة أن تأخذ الاتفاقات المتصلة بمجار مائية دولية معينة أحكام الاتفاقية في الاعتبار اللازم ، تكون الاتفاقية تكميلية أساساً لطبيعتهاحيث توضح العبارة الاستهلالية للفقرة 4 من المادة 3 والتي تنص على : “عندما يعقد اتفاق مجري مائي بين دولتين أو أكثر من دول المجري المائي ” واكدت إن أكفأ طريقة لمعالجة شؤون المجري المائي وأكثرها فائدة هي أخذه ككل بما في ذلك اهتمامات جميع دول المجري المائي. ولكن عدداً كبيراً جداً من معاهدات المجاري المائية النافذة يقتصر على جزء من شبكة المجري المائي وإن الالتزام بالتفاوض بإبرام اتفاق على نحو ما ورد في الفقرة 5 من المادة 3 يمكن إنفاذه ، على سبيل المثال ،
في حالة القيام بلا مبرر بقطع المحادثات أو الارجاءات غير العادية ، أو عدم مراعاة الإجراءات المقررة ، أو التمادي في رفض لاقتراحات أو مصالح الخصم، وبصفة أعم في حالة انتهاك قواعد حسن النية. والفقرتان اللتان أضيفتا إلى مشاريع مواد لجنة القانون الدولي هما الفقرتان (1) و (2) من المادة 3 من الاتفاقية واللتان تنصان على أنه لا يؤثر أي مما نصت عليه الاتفاقية في حقوق والتزامات دولة المجري المائي الناشئة عن اتفاقات يكون معمولاً بها بالنسبة لهذه الدولة في اليوم الذي تصبح فيه طرفاً في هذه الاتفاقية ، ما لم يكن هنالك اتفاق على نقيض ذلك ، وأنه على الرغم من ذلك يجوز للأطراف في الاتفاقات المشار إليها أن تنظر عند اللزوم في اتساق تلك الاتفاقات مع المبادئ الأساسية للاتفاقية.
وحيث أن لجنة القانون الدولي لم تتعرض إطلاقاً للاتفاقات القائمة بين الدول وترى بعض الوفود كالوفد الأثيوبي عند تفسير تصويته على الاتفاقية أن تحقيق الاتساق ، الوارد في الفقرة 2 من المادة 3 ، يجب أن يكون إلزامياً. ويرى بعض الفقهاء أنه “نظراً لكثرة وتنوع الاتفاقات القائمة ، فإن مثل هذا الاشتراط ليس عملياً. إلا أن هذا لا يعنى أن المبادئ التي تجسدها الاتفاقية ليست ذات أهمية في تفسير الاتفاقات القائمة”
نلاحظ أن الموقف الأثيوبي أعلاه اختلف عن الاقتراحات التي تقدم بها قبل التصويت وهي
أ- لا تنطبق هذه الاتفاقية على اتفاقات المجاري المائية القائمة إلا في الحالات التي تكون فيها هذه الاتفاقات مخالفة للمبادئ والقواعد الجوهرية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
ب- تحاول دول المجري المائي في الحالات التي تكون فيها اتفاقات المجاري المائية القائمة مخالفة لمبادئ هذه الاتفاقية وقواعدها الجوهرية ، عقد اتفاق جديد للمجري المائي يعكس بالقدر الكافي أحكام هذه الاتفاقية – لا تحيد اتفاقات المجري المائي المستقبلية حيداً كبيراً عن الأحكام الجوهرية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
ج- في حالة عدم وجود اتفاقات محددة ثنائية أو متعددة الأطراف بين دول المجري المائي تنطبق أحكام هذه الاتفاقية على الأغراض التي يستخدم فيها ذلك المجري المائي.
أما جمهورية مصر العربية فإنها قد اقترحت في 10 أكتوبر 1996م إضافة فقرتين في نهاية المادة 3 من مشاريع مواد لجنة القانون على النحو التالي :
– ” لا تؤثر هذه الاتفاقية على الالتزامات والحقوق المكتسبة الناشئة عن الاتفاقات القائمة والأعراف السارية بين دول المجري المائي.
– “ومع ذلك يجوز للدول الأطراف في اتفاق قائم ، إذا ما سمحت الظروف بذلك ، أن تنظر في مواءمة هذا الاتفاق مع المبادئ الأساسية لهذه الاتفاقية ، بموافقة جميع الدول الأطراف في هذا الاتفاق على ذلك”. ورئيس اللجنة السادسة قد قدم اقتراحه استناداً إلى مواقف العديد من الدول التي قدمت اقتراحات تضمنت ذلك المعني ، بما في ذلك مصر كما ذكرنا أعلاه وإيطاليا والهند وتركيا وإسرائيل.
ولجنة القانون الدولي افترضت أن من الطبيعي أن يستمر العمل بالاتفاقات القائمة دون تغيير ، ما لم تقرر الأطراف المعنية في تلك الاتفاقات إلغاءها أو تعديلها في ضوء الاتفاقية الجديدة.
وترى بعض الدول خاصة البرتغال وأثيوبيا أن بعض أحكام الاتفاقية تقنينا لقواعد عرفية قائمة. ولذلك فإنه بمقتضى المادة 64 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 ينبغي بطلان كافة الاتفاقات القائمة بشأن المجاري المائية الدولية التي تخالف تلك القواعد. وعلى الطرف المقابل أعلنت دولة أخرى مثل مصر وفرنسا وسويسرا رفضها لذلك التفسير. وفي نهاية المطاف تم التوصل إلى المعادلة الواردة في الفقرتين 1 و 2 من المادة 3.
ولقد اعتمدت بعد أن صوتت لصالحها 36 دولة وعارضتها 3 دول (مصر ، فرنسا ، تركيا). ولقد كان ذلك فوزاَ متواضعاً نظراً لأنه كان هنالك 21 دولة امتنعت عن التصويت. ولم تصوت مصر وفرنسا للمادة 3 . ظناً إنها لم تنص بوضوح وقوة كافيين على بقاء تلك الاتفاقات ، أو أنهما آثرتا اتخاذ الموقف الأكثر سلامة
مواد الباب الثاني (المواد 5 ـ 10):
يقع هذا الباب تحت عنوان “مبادئ عامة”، ويتضمن مواد مهمة جدا، تتعلق بحقوق المجرى المائي والتزاماته، والتي تعتبر لب الاتفاقية، وخصوصا المادتين (5) و(7) وما يتعلق بهما من مواد:
المادة 5- الانتفاع والمشاركة المنصفين والمعقولين الواردين في المادة 5 من الاتفاقية هما حجر الزاوية في قانون المجاري المائية الدولية. ونشير هنا بصفة خاصة إلى اعتماد محكمة العدل الدولية في قضية على الفقرة 2 من المادة 5 من الاتفاقية في أنه لا يمكن تحقيق انتفاع منصف ومعقول لأي مجري مائي دولي وحمايته وصون نظمه في الوقت نفسه من خلال عمل منفرد تقوم به كل دولة من الدول المشاطئة بمعزف عن الدول الأخرى.
المادة 6- العوامل ذات الصلة بالانتفاع المنصف والمعقول ويستفاد من المادة 6 أنه يجب على دول المجري المائي ، بغية ضمان أن سلوكها يتفق مع الالتزام بالانتفاع المنصف ، أن تأخذ في الاعتبار وعلى نحو مستمر جميع العوامل ذات الصلة لضمان احترام حقوق الدول الأخرى.
المادة 7 – الالتزام بعدم التسبب بضرر جسيم
وجمهورية مصر العربية قد اقترحت إعادة صياغة المادة 7 لتقرأ كالآتي:
– تتخذ دول المجري المائي كافة التدابير الضرورية للانتفاع بالمجري المائي الدولي على نحو لا يسبب ضرراً “أي ضرر” لدول المجري المائي الأخرى.
– متى لحق الضرر بدولة أخرى من دول المجري المائي ، تعين على الدولة التي يسبب استخدامها ذلك الضرر في حالة عدم وجود اتفاق على هذا الاستخدام ، أن تتشاور فورا مع الدولة المصابة بهذا الضرر في طرق ووسائل إزالة الضرر بما في ذلك مسألة إجراء تكييفات خاص لانتفاعها بالمجري وفي مسألة التعويض.
وبرز حل وسط قدمته النمسا وكندا والبرتغال وسويسرا وفنزويلا وهو أنه إذا نجم ضرر ذو شأن تسببت دولة مشاطئة في وقوعه فإن على الدولة التي تسبب ذلك الضرر ، في حالة عدم وجود اتفاق ، أن تتخذ كل التدابير المناسبة وفقاً لأحكام المادتين 5 و 6 بالتشاور مع الدولة المتضررة ، من أجل إزالة أو تخفيف هذا الضرر ، والقيام ، حسب الملائم بمناقشة مسألة التعويض. ومن الملاحظ أن العنصر الرئيسي في الاقتراح هو عبارة “وفقاً لأحكام المادتين 5و 6” وعليه فالإضرار في المادة 7 لا تصبح سارية المفعول إلا عندما لا ينطبق مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول المتضمن في المادتين 5 و 6 . ولقد تم التصويت على جملة المواد 5 و 6 و 7 في اللجنة وتمت إجازتها بأغلبية 38 صوتاً مقابل 4 أصوات وامتناع 22 دولة عن التصويت من بينها مصر وأثيوبيا.
ولقد ورد في بيانات التفاهم الآتي : “لكي يتحدد أن كان أحد الاستخدامات المعنية منصفاً ومعقولاً ، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار المنافع وكذلك الآثار السيئة لذلك الاستخدام المعين”.
المواد 8 و 9 و 10 تتناول المادة 8 الالتزام العام بالتعاون ، في حين أن المادة 9 هي إحدى تطبيقات ذلك التعاون العملية إذ أنها تنص على التبادل المنتظم للبيانات والمعلومات عملاً بأحكام المادة 8 أما المادة 10 نصت على أن الاستخدامات الملاحية لم تعد تتمتع بالأولوية المتأصلة على الاستخدامات غير الملاحية.
الباب الثالث “التدابير المزمع اتخاذها” (المواد 11 ـ 19)
وهذا الباب يتعلق بتنظيم تبادل المعلومات للدول المشتركة في المجرى المائي والتشاور والتفاوض بشأن الآثار المحتملة للتدابير المزمع اتخاذها على حالة المجرى المائي الدولي. حيث تتضمن أيضاً قواعد إجرائية ينبغي على دولة المجرى المائي التي تطلب القيام بأعمال معينة التقيد بها، وإلا فإنها تتحمل المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بدول المجرى المائي الأخرى، ومن ضمنها التعويضات حيث تضم هذه المواد مجموعة من الإجراءات التي ينبغي اتباعها لكل نشاط قد يكون له أثر سلبي على دول أخرى تشترك في المجرى المائي الدولي. وتدل تلك المواد على أن المجتمع الدولي برمته يرفض قطعياً فكرة أن لدولة ما وحدها الحرية غير المقيدة في أن تفعل ما ترغب بالجزء الواقع في نطاق ولايتها من مجري مائي دولي ما.
علماً بأن بعض الدول لم تقبل بتلك الفكرة وهي أثيوبيا ورواندا وتركيا. ولقد اقترحت أثيوبيا حذف مدة الأشهر الستة من الفقرة (أ) من المادة 13 وأن يستبدل بها عبارة “مدة معقولة” ، كما أنها اقترحت حذف الفترة (ب) من المادة 13. وكذلك اقترحت أثيوبيا حذف الفقرة (ب) من المادة 14 مما يفقد المواد مضمونها.
ونوضح بأنه رغم إدخال بعض التعديلات فإن نص الجمعية العامة لتلك المواد لا يختلف جوهرياً عن نص لجنة القانون الدولي ، ولذلك يمكن القول بأن تلك المواد تتضمن نصوصاً متوازنة. وتفيد تلك المواد بأن الدولة التي تزمع تنفيذ استخدام جديد أو تغيير في استخدام قائم لمجري مائي دولي ما ، يمكن أن يكون له أثر ضار ذو شأن على دولة مشاطئة أخرى يجب أن توجه إخطاراً مسبقاً للدول التي يمكن أن تتأثر بذلك. وتعطى تلك الدول مهلة ستة أشهر ينبغي أن ترد فيها على الإخطار. فإن عارضت الاستخدام المزمع وجب عليها أن تدخل في مناقشات مع الدولة التي وجهت الأخطار بقصد التوصل إلى تسوية منصفة للوضع وقد تستغرق هذه العملية بكاملها مدة سنة واحدة أو أكثر. فإن لم تتم تسوية المسألة بما يرضي أياً من الدول المعنية ، تطبق إجراءات تسوية المنازعات التي تنص عليها المادة 33.
مواد الباب الرابع “الحماية والحفظ والإدارة” (المواد 20 ـ 26)
المادتان 27 و 28 : الأحوال الضارة وحالات الطوارئ والالتزام المترتب على الدول سواء كانت تلك الأحوال ناتجة عن أسباب طبيعية أو عن سلوك بشري ، مثل الفيضانات ، أو الجليد ، أو الأمراض المنقولة بالماء ، أو ترسب الطمي ، أو تسرب المياه المالحة ، أو الجفاف ، أو التصحر فعلى كل دولة من دول المجري المائي بأن تقوم دون إبطاء وبأسرع الوسائل المتاحة، بإخطار الدول الأخرى التي يحتمل أن تتأثر والمنظمات الدولية المختصة بكل حالة طوارئ تنشأ داخل إقليمها وأن تتخذ فوراً جميع التدابير العملية التي تقتضيها الظروف بالتعاون مع الدول التي يحتمل أن تتأثر ، ومع المنظمات الدولية المختصة عند الاقتضاء ، لمنع الآثار الضارة لحالة الطوارئ وتخفيفها والقضاء عليها.
الباب الخامس أحكام متنوعة “الأحوال الضارة وحالات الطوارئ”، المواد (29 ـ 33)
المادة 29 تذكير بأن مبادئ وقواعد القانون الدولي المنطبقة في حالات النزاع المسلح الدولي وغير الدولي تتضمن أحكاماً هامة بشأن المجاري المائية الدولية والمنشآت ذات الصلة. ومبادئ وقواعد القانون الدولي المنطبقة في حالة خاصة هي التي تلزم الدول المعنية. وتعطى المادة 30 دفعة عملية قوية لواجب التعاون الوارد في الاتفاقية حتى في الحالات التي لا يوجد فيها تواصل مباشر بين الدول ، حيث نصت على أنه في الحالات التي توجد فيها عقبات جدية تعترض الاتصالات المباشرة بين دول المجري المائي ، تنفذ الدول المعنية التزاماتها بالتعاون ، المنصوص عليها في هذه الاتفاقية ، بما في ذلك تبادل البيانات والمعلومات ،
والأخطار ، والإبلاغ ، والمشاورات ، والمفاوضات ، عن طريق أي إجراء غير مباشر يحظى بقبولها وتوضح المادة 32 بأنه لا يجوز لدولة المجرى المائي أن تجري أي تمييز ، على أساس الجنسية أو الإقامة أو المكان الذي وقع فيه الضرر ، والا حق اللجوء إلى الإجراءات القضائية أو غيرها من الإجراءات ، أو حق المطالبة بالتعويض أو غيره من أشكال الإنصاف فيما يتعلق بالضرر الجسيم الناجم عن تلك الأنشطة. والمادة 33 والتي تنص على أنه إذا لم تتمكن الأطراف المعنية ، بعد ستة أشهر من وقت طلب المفاوضات ، من تسوية نزاعها عن طريق التفاوض أو أي وسيلة أخرى حددتها المادة ، يعرض النزاع على لجنة محايدة لتقصى الحقائق ما لم تتفق الأطراف على خلاف ذلك.
المواد 34 – 37 : أحكام نهائية
وفيما يتعلق بالإتفاقات السابقة أو القائمة، فأن إتفاقية الأمم المتحدة للإستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية التي اعتمدت في 21 مايو 1971 قد نصت فى الفقرة الأولى من المادة الثالثة على أنه: “لا يؤثر ما نصت عليه هذه الإتفاقية في حقوق دول المجرى المائى أو إلتزاماتها الناشئة عن إتفاقات يكون معمولاً بها بالنسبة لهذه الدول في اليوم الذي تصبح فيه طرفاً في هذه الإتفاقية”، ما لم يكن هناك إتفاق على نقيض ذلك. وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه: “رغم ما نصت عليه أحكام الفقرة الأولى، يجوز للأطراف في الإتفاقيات المشار إليها في الفقرة الأولى أن تنظر عند اللزوم في اتساق هذه الإتفاقيات مع المبادئ الأساسية لهذه الإتفاقية.
“النيــــل نجاشى حليـوة أسمـر عجب للونه دهب ومرمر أرغوله فى إيده يسبح لسيده حياة بلادنــا يارب زيــده”
قال تعالى: ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ 30 المادة
دمتم جميعا بخير وجزيتم الجنة ولا حرمنا الله نهرنا العظيم
حمدي صبحي
المحامي بالنقض
اترك تعليقاً