الاجتهاد القضائي
القاضي عماد عبدالله
لا يوجد فرق بين الاجتهاد القضائي وغيره من سائر الاجتهادات. والاجتهاد مأخوذ من الجهد وفي الاصطلاح بذل الطاقة العلمية لاكتشاف الحكم الحقيقي للموضوع المعنى به.
وكان القاضي في الاسلام لا يتولى ممارسة وظيفة القضاء مالم يكن مجتهدا أي متمتعا بأهلية الاجتهاد ولو كان ذلك في بعض المسائل دون بعضها فلم يشترط أن يكون مجتهدا مطلقا في جميع الامور، وبالنسبة للأحكام الشرعية يشترط في المجتهد ثلاثة أمور هي أن يفهم روح الشريعة الإسلامية وغايتها وأن يفهم جوهر الحياة ومتطلباتها وأن يفهم الصلة بين الشريعة والحياة.
أما بالنسبة للاجتهاد في القوانين فيشترط في المجتهد أن يكون ملما بالقوانين ذات العلاقة وأن يفهم طبيعة الموضوع الذي ينظر فيه وأن يدرك الصلة بين القانون الواجب التطبيق والموضوع.
إن الاجتهاد القضائي هو بذل القاضي جهده في استنباط الأحكام القانونية من مصادرها الرسمية، الا أن مصطلح الاجتهاد القضائي يقصد به غالباً الرأي الذي يتوصل إليه القاضي في مسألة قانونية والذي يقضي به. وعلى هذا يقال اجتهادات المحاكم بمعنى الآراء التي أخذت بها هذه المحاكم في أحكامها.واجتهاد القاضي أما يكون في مورد النص او في حالة غياب النص.
والاجتهاد في مورد النصوص غير الجزائية لا يكون لاجتهاده نصيب في الحكم، الا في المسائل التي غاب فيها النص فيتحول الى المراتب التي ترتبت بعد النص (فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف فاذا لم يوجد فبموجب مبادئ الشريعة الإسلامية، وإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة). المادة/1 الفقرة 2ـ من القانون المدني العراقي النافذ.
كما ان المادة الثانية من ذلك القانون اشارت الى انه لا مساغ للاجتهاد في مورد النص أما بالنسبة للاجتهاد في النصوص الجزائية فلا مجال الى ذلك حيث أن القاضي مقيد فيها بمبدأ الشرعية فعليه أن لا يتوسع في الاجتهاد بالنسبة للنصوص الجزائية لأنه لا يملك سلطة استحداث الجريمة والعقوبة لكن له سلطة الاجتهاد في تفسير النصوص الجزائية الغامضة وله تخصيص النص العام بالنص الخاص كتخصيص عموم المادة (6) من قانون العقوبات العراقي (تسري أحكام هذا القانون على جميع الجرائم التي تقع في العراقي) بالمادة (11) من القانون نفسه (لا يسري هذا القانون على الجرائم التي تقع في العراق من الاشخاص المتمتعين بحصانة مقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية او القانون الدولي او القانون الداخلي) ويجب التمييز بين الاجتهاد القضائي والعمل القضائي، حيث ان العمل القضائي عملية منظمة قانونا لحسم كل نزاع يثور بين الأفراد، سواء في ما يتعلق بإجراءات تقديم الدعوى أو في ما يتعلق بطرق التحقيق ووسائل الإثبات وطرق الطعن في الأحكام الصادرة بشأنها،بينما لا يخص المشرع الاجتهاد القضائي بقواعد قانونية محددة بشكل مسبق، حيث أن الاجتهاد القضائي نفسه يساهم في خلق قواعد تؤطر العملية القضائية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً