الطعن 2898 لسنة 84 ق جلسة 25 / 11 / 2014 مكتب فني 65 ق 114 ص 859
برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي ، عصمت عبد المعوض ، مجدي تركي ومعتز زايد نواب رئيس المحكمة .
————
(1) نقض ” أسباب الطعن . توقيعها ” .
تذييل مذكرة أسباب الطعن بالنقض بتوقيع غير مقروء . يوجب الالتفات عنها .
(2) احتكار . حكم ” بيانات التسبيب ” ” بيانات حكم الإدانة ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها وتحديده دور كل طاعن فيها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهمها بأركانها وظروفها .
مثال لتسبيب سائغ في حكم صادر بالإدانة بجريمة ارتكاب فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية .
(3) دعوى جنائية ” قيود تحريكها ” . دفوع ” الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني ” . احتكار . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني في حكم صادر بالإدانة بجريمة ارتكاب فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية .
(4) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . احتكار . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي على المحكمة عدم اطلاعها على العقد موضوع الجريمة . غير مقبول . ما دام الثابت من مدونات الحكم أنه أبان بأكثر من موضع مضمون العقد ومطالعة المحكمة لنموذجين منه .
مثال .
(5) قصد جنائي . احتكار . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
الفصل في توافر القصد الجنائي لجريمة الممارسات الاحتكارية . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال . غير لازم . ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه .
مثال .
(6) حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
اعتناق الحكم صورة واحدة لواقعة الدعوى وإيراده أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته واطراحه دفاع الطاعنين دون تناقض . لا عيب .
(7) إثبات ” خبرة ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير آراء الخبراء ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة للمحكمة والمفاضلة بينهم . موضوعي . عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إليها . ما دامت قد أخذت بها . علة ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . متى اطمأنت إلى ما أوردته منه . إغفالها تفصيلات معينة . مفاده : اطراحها .
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على التقرير الاستشاري الذي لم تأخذ به أو الدفوع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها .
مثال .
(8) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها”.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه . غير جائز .
مثال .
(9) إثبات ” بوجه عام ” ” قرائن ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . احتكار .
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بدليل معين .
إثبات جريمة الممارسات الاحتكارية . لم يجعل القانون الجنائي لها طريقاً خاصاً . تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
النعي على الحكم خلوه من الاستناد لدليل فني يلزم صدوره عن طريق جهاز حماية المنافسة لإثبات الجريمة . جدل موضوعي .
(10) تقادم . دعوى جنائية ” انقضاؤها بمضي المدة ” . إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . ارتباط . دفوع ” الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
الجريمة في باب التقادم . وحدة قائمة بنفسها . غير قابلة للتجزئة لا في تعيين مبدأ المدة ولا ما يقطعها من الإجراءات . الإجراء الذي يوقظ الدعوى العمومية . يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم . ولو لم يكن مُتخذاً ضدهم جميعاً.
إجراءات التحقيق . تقطع مدة سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا فيها . امتداد أثرها في قطع التقادم للواقعة محل التحقيق فيها والجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة . علة ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة .
(11) حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
تحصيل الحكم مما وُجِه للطاعن الثاني من اتهام بشأن الجريمة محل الدعوى والشكوى المقدمة من المبلغ ضد الطاعن الأول المتضمنة قيامه بممارسات احتكارية لمنتج الحديد . يرتد إلى أصول ثابتة . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(12) إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . دفوع ” الدفع ببطلان الإجراءات ” .
النعي على الحكم بشأن رده على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة . غير مقبول . ما دام قد اطرحه بما يسوغ وسرد أوجه اقتناع المحكمة بصحتها .
(13) إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . نيابة عامة . دعوى جنائية ” قيود تحريكها ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي بشأن الغاية من طلب النيابة العامة من الوزير المختص للمرة الثالثة إصدار طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة محل الاتهام . تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(14) نيابة عامة . دعوى جنائية ” تحريكها ” ” قيود تحريكها ” . قانون ” تفسيره ” . إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . احتكار .
اختصاص النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها . مطلق . القيد على حقها في هذا الشأن . لا يرد إلا استثناءً بنص تشريعي ومنه أحوال الطلب . وجوب الأخذ في تفسيره بالتضييق . أساس ذلك ؟
صدور الطلب ممن يملكه قانوناً . أثره ؟
ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية للجريمة المسندة للطاعنين من الوزير المختص طبقاً للمادة 21 من القانون 3 لسنة 2005 . يعيد للنيابة حريتها وسلطتها العامة في مباشرة التحقيق . عدم التزام المختص بإصدار الطلب استطلاع أو أخذ رأي جهة معينة بصدده .
(15) إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
النعي بالتفات الحكم عن أوجه دفاع الطاعنين المؤيد بالمستندات . جدل موضوعي .
(16) دستور . قانون ” سريانه ” ” القانون الأصلح ” . عقوبة ” تطبيقها ” . غرامة . احتكار . نقض ” حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ” . محكمة النقض ” سلطتها ” .
معاقبة شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف . غير جائز . أساس ذلك ؟
تعاقب قانونين لم يكن الثاني أصلح للمتهم . يوجب تطبيق القانون الأول على الأفعال الواقعة قبل تعديله . امتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره .
توقيع الحكم المطعون فيه غرامة على الطاعنين تزيد على الحد الأقصى المقرر بموجب القانون الـــذي وقعت الجريمــة في ظــله . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه .
مثال .
(17) صلح . احتكار . قانون ” القانون الأصلح ” ” تطبيقه ” . غرامة . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
المقارنة في شأن العقوبات المقررة في كل من القانون 3 لسنة 2005 المنطبق على واقعة الدعوى والقانون 56 لسنة 2014 الصادر بعد الحكم النهائي المطعون فيه وقبل البت في الطعن . ليست في صالح الطاعنين . النعي بأن القانون الأخير بمثابة قانون أصلح . غير مقبول . علة ذلك ؟
عدم تقديم أي من الطاعنين ما يفيد تمام التصالح أو اتخاذ إجراءات في شأنه . أثره ؟
(18) نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” . محكمة النقض ” سلطتها ” .
ذكر عبارة جارحة غير لائقة بمذكرة أسباب الطعن لا يقتضيها الطعن في الحكم . يوجب محوها . أساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت مذكرة الأسباب المودعة برقم …. لسنة …. تتابع بتاريخ …. قد ذيلت بتوقيع غير مقروء فإنها تكون موقعة من غير ذي صفة ، مما يتعين معه الالتفات عنها .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوي وعرض لدفاع الطاعنين استعرض مسئوليتهم عن الجريمة محل الاتهام بما مفاده أن مجموعة …. تتضمن ثلاث شركات ذات علاقة مرتبطة تطبيقاً لمعياري الملكية والإدارة ، فإن مسئولية الجريمة المرتكبة تقع علي عاتق المتهمين الثلاثة ، الأول بصفتـه ” الطاعن الأول ” يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة الشركات والعضو المنتدب لشركة …. لصناعة حديد التسليح وقت ارتكاب الجريمة والثاني ” الطاعن الثاني ” كان يشغل وظيفة العضو المنتدب لشركة …. ، بينما الثالث ” الطاعن الثالث ” كان يعمل مدير إدارة مبيعات مجموعة …. ، وباعتبارهم هم المسئولين عن الإدارة الفعلية لهذه المجموعة والقائمين علي وضع السياسة البيعية للمجموعة وإبرام العقود مع الموزعين وتحديد حصة كل منهم من خلال لجنة المبيعات والإدارة العليا المنوط بهما الإدارة المركزية لمبيعات المجموعة ، وقد ثبت علمهم بالجريمة وترتب علي إخلالهم بالواجبات التي تفرضها عليهم تلك الإدارة في وقوعها وذلك استناداً لما شهد به كل من مدير إدارة سياسات المنافسة بجهاز حماية المنافسة ورئيس فريق العمل المكلف بإعداد الدراسة عن أسباب ارتفاع أسعار حديد التسليح ونائب مدير البحوث والتحريات بجهاز حماية المنافسة والذي كان ضمن فريق العمل الذي أعد الدراسة ومدير قطاع التسويق بمجموعة شركات …. بتحقيقات النيابة العامة وما قرره الطاعن الثالث في التحقيقات المذكورة من أنه بصفته مدير مبيعات المجموعة فإنه يختص بالاشتراك في وضع الخطة السنوية لمبيعات منتجات المجموعة وعمل عقود الاتفاق ببيع كميات سنوية مع الموزعين الذين تتوافر فيهم الشروط العامة للتعامل في سلعة حديد التسليح ويقوم بوضع السياسة البيعية لجنة المبيعات والتي هو عضو فيها والإدارة العليا للشركة وهي مجلس الإدارة والعضو المنتدب والذي يعتمد الموازنة السنوية للشركة وأنه هو الذي يقوم بالتوقيع علي العقود مع الموزعين بصفته مدير إدارة المبيعات ، وأن الثابت من أقوال رئيس الفريق الذي أعد الدراسة بتحقيقات النيابة العامة أن المجموعة تستحوذ علي حصة سوقية لا تقل عن 58 % طوال فترة الدراسة فضلاً عن قدرتها علي التأثير الفعال من خلال ممارساتها المنفردة في الأسعار وكذلك في حجم المعروض من منتج حديد التسليح في السوق دون أن يكون لباقي المتنافسين القدرة علي الحد من هذا التأثير ، كما شهد رئيس قطاع التسويق بالمجموعة بأن نسبة استحواذها علي هذه السوق تراوحت بين 58 % إلى 68 % خلال الفترة من عام 2000 وحتي عام 2006 ، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة لتوافر العلم اليقيني للمتهمين الثلاثة بالوضع المسيطر للمجموعة ، كما أنهم قاموا بتحديد السياسة البيعية للمجموعة وتصريف إنتاجها ووضع الخطة السنوية لمبيعات منتجاتها من حديد التسليح وعمل عقود اتفاق البيع الشهرية والسنوية مع الموزعين وذلك من خلال ممارسات احتكارية تمثلت في إساءة استخدام الوضع المسيطر للمجموعة بتضمين عقود الموزعين الجزاء المرتبط بنظام الحصص الشهرية الذي تفرضه المجموعة والذي أدي إلى اقتصار بعض الموزعين في فترات زمنية علي التعامل وبشكل حصري علي منتج حديد التسليح المجموعة دون منتجات باقي المنافسين . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد علي ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وحدد دور كل طاعن فيها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، وأنه متي كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يحقق حكم القانون ويضحى منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه بالقصور في غير محله .
3- لما كان الحكم المطعون فيه في معرض سرده للواقعة ورده علي الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوي الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني أورد مضمون مؤدي طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص في إصداره وأن الطلب المؤرخ 16/3/2011 جاء مستوفياً لشروطه وأنه تضمن صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2011 بتفويض الوزير في تطبيق أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 وأن الطلب تضمن الموافقة علي اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوي الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- لما كان البين أن مدونات الحكم قد أبانت في أكثر من موضع مضمون العقد المحرر بين مجموعة شركات …. والموزعين لمنتج الحديد ، وأن ذلك ورد في تقرير جهاز حماية المنافسة ، كما أورد الحكم في موضع آخر بأن الثابت من أقوال رئيس فريق العمل الذى أعــد دراسة جهاز حماية المنافسة أن نموذج العقد المتضمن للجزاء في بنده الرابع قدمته مجموعة …. بموجب مستند رسمي ضمن المستندات التي طلبها الجهاز وأثبتت المحكمة في حكمها مطالعتها لنموذجين من العقد المقدم متطابقين ولا يختلفان إلا في اسم الشركة وأن الأول خاص بشركة …. والثاني خاص بشركة …. لحديد التسليح وأوردت المحكمة مضمون هذا العقد ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله .
5- لما كان القصد الجنائي في جريمة الممارسات الاحتكارية من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم قد أثبت أخذاً بما جاء بالدراسة الواردة بتقرير جهاز حماية المنافسة وأقوال الشهود انصراف إرادة الطاعنين إلى إساءة استخدام وضع مجموعتهم المسيطر في سوق الحديد وعلمهم بأن هذا الفعل من شأنه أن يؤدى إلى الاقتصار على توزيع منتجهم دون غيره واتجاه إرادتهم رغم هذا العلم إلى تحقيق هذه النتيجة ، ومن ثم فإنه لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن وجه .
6- من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ثم ساق أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته وعرض لدفاع الطاعنين واطرحه دون تناقض ـــــ على النحو المبين بالتحقيقات ـــــ فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد .
7- لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن إغفالها إيراد تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، وكانت المحكمة قـــد أقامت قضاءها على مــا اقتنعت به مــن أسانيد حــواها تقرير حمــاية المنافسة وأقوال رئيس فريق العمل الذى أعد دراسة ذلك التقرير ، واطرحت في حدود سلطتها التقديرية التقرير الاستشاري المقدم من الطاعنين ، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ، وهى غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على التقرير الاستشاري الذى لم تأخذ به أو على الدفوع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كان البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير أو اتخاذ إجراء ما ، ومن ثم فلا يصح لهم من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه .
9- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة الممارسات الاحتكارية طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ــــ كما هو الحال في الدعوى الحالية ــــــ ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الاستناد إلى دليل فني يثبت الجريمة يلزم صدوره عن طريق جهاز حماية المنافسة ، ولا يعدو ما يثيرونه في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- من المقرر قانوناً أن الجريمة تعتبر في باب التقادم وحدة قائمة بنفسها غير قابلة للتجزئة لا في حكم تعيين مبدأ المدة ولا في حكم ما يقطعها من الإجراءات ، ومن ثم فإن أي إجراء يوقظ الدعوى العمومية يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم ولو لم يكن متخذاً ضدهم جميعاً ، وكانت إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات ، والعبرة في ذلك هي بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردد صداها فيستوى فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق بشخص كل من ساهم فيها ، وكان من المقرر أيضاً أن إجراءات التحقيق لا تقتصر على قطع التقادم بالنسبة للواقعة التي يجري التحقيق فيها بل يمتد أثر الانقطاع إلى الجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة واطرحه استناداً إلى أن مدة الانقطاع لم تكتمل لوجود إجراءات أنتجت أثرها في قطع مدة السقوط قبل اكتمالها، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ، ولا يقدح في سلامة ما استطرد إليه الحكم في شأن الفروض الجدلية التي طرحها للبحث ، إذ لا يعدو أن يكون تزيداً لا يعيبه بعد إن استوفى الرد على الدفع المذكور وانقطاعه بأكثر من إجراء من إجراءات الاستدلال في مواجهة أحد المتهمين ، وإجراءات التحقيق التي اتخذت في الدعوى ، وكذا البلاغات والدعاوى الأخرى التي كانت بين يدى جهات التحقيق المشار إليها فيه ، ويضحي ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص ولا سند له .
11- لما كان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة وجهت إلى الطاعن الثاني الاتهام بشأن الجريمة محل الدعوى وأن الشكوى المقدمة من المبلغ ضد الطاعن الأول تضمنت قيامه بممارسات احتكارية لمنتج الحديد ، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من ذلك يرتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وما ورد بالشكوى المشار إليها ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول .
12- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة واطرحه بما يسوغ وسرد أوجه اقتناع المحكمة بصحتها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس .
13- لما كان البين أن ما يثيره الطاعنون في خصوص الغاية من طلب النيابة العامة من الوزير المختص للمرة الثالثة إصدار طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة محل الاتهام وأنها ليست العدالة وإنما أمر آخر لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون لهم أن يثيروه من بعد أمام محكمة النقض .
14- لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناءً بنص الشارع وأحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق ، وأن الطلب متى صدر ممن يملكه قانوناً حقَّ للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها ضد كل المساهمين فيها فاعلاً أصلياً أو شريكاً ، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أية جهة كانت . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة المسندة إلى الطاعنين من الوزير المختص على النحو الذى تستلزمه المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 والتي لم تستلزم إلزام المختص بإصدار الطلب أن يستطلع أو يأخذ رأى جهة معينة في هذا الصدد ، وأنه بصدور هذا الطلب ممن يملكه تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها العامة في مباشرة التحقيق ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول .
15- لما كان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من التفات الحكم عن أوجه دفاعهم المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
16- لما كانت المادة 95 من الدستور تنص على أنه “…. لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون …. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون …. ” ، كما نصت المادة 5/1 من قانون العقوبات على أنه ( يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها …. ) . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقاً للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف فإذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائماً تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره . لما كان ذلك ، وكانت المادة رقم 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بإصدار قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ــــ الذي وقعت الجريمة في ظـله ـــــ قد نصت على أنه ( مع عدم الإخلال بأية عقــوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب على كل مخالفة لأحكام أي من المواد ( 6 ، 7 ، 8 ) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه ، ….) وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلاًّ من الطاعنين الأول والثاني بعقوبة الغرامة بمبلغ مائة مليون جنيه ، فإنه يكــون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ممــا يتعين نقضه ـــــ نقضاً جزئياً – فيما قضى به بالنسبة لعقوبة الغرامة الموقعة على كل من الطاعنين الأول والثاني وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ عشرة ملايين جنيه لكل منهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
17- لما كان القانون رقم 3 لسنة 2005 المنطبق على واقعة الدعوى قد نص في المادة 21 منه على جواز التصالح وفقاً للشروط التي أوردها ، وكان القانون رقم 56 لسنة 2014 الصادر في 2/7/2014 بعد الحكم النهائي المطعون فيه وقبل البت في الطعن قد أورد ذات المبدأ بما أجراه من تعديل على نص المادة المذكورة ، وكان ما ورد بمذكرة النيابة العامة لدى هذه المحكمة من أن القانون الأخير بمثابة قانون أصلح وهو ما أثاره الدفاع عنهم بجلسة نظر الطعن ، وكانت المقارنة في شأن العقوبات المقررة في كل من القانونين ليست في صالح الطاعنين لتجاوز الغرامة الحد الأقصى المقررة في القانون الأول ، كما أن أياًّ منهم لم يقدم ما يفيد تمام التصالح أو أن إجراءات في شأنه قد اتخذت ـــ ولو لم يبت فيها بعد ـــ فإن التمسك بهذا الوجه لا يكون له محل .
18- لما كانت مذكرة أسباب الطعن الموقع عليها من الأستاذ …. المحامي قد تضمنت في صفحتها …. بعد عبارة ” إنما ليكشف أن الطلب الذي قدم لتحريك الدعوى في المرة الثالثة وبعد سابقتين لم يتم تقديم الطلب فيهما لتحريك الدعوى إحداهما بعد الثورة …. بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلاً بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثاً عن أمر آخر …. ” وهى عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن في الحكم ، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات الأمر بمحو العبارة الأخيرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم : بصفتهم رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب ومدير إدارة المبيعات بمجموعة شركات …. المحقق لها السيطرة على منتج حديد التسليح داخل جمهورية مصر العربية والتي تزيد حصتها على 25% من حصة هذا السوق والتي لها القدرة على إحداث تأثير فعال في أسعار هذا المنتج سالف البيان وحجم المعروض منه بالأسواق المعنية دون قدرة الأشخاص المنافسين على الحد من هذا التأثير الفعال ، ارتكبوا فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية أدى إلى اقتصار توزيع منتج حديد التسليح الخاص بمجموعة شركات …. سالفة البيان على أساس فترات زمنية بين أشخاص ذوي علاقة رأسية بتوقيع جزاء على الموزعين المعتمدين المتعاقد معهم مع هذه المجموعة في حالة استخدام حصة شهرية أقل من الحصة المقررة لهم من هذا المنتج سالف البيان الخاص بهذه المجموعة بخفض الحصة المقررة من ذات المنتج لهذا الموزع في الشهر التالي مما ألزمهم باستخدام كامل الحصة المقررة لهم من هذه المجموعة خشية التعرض للجزاء المصاحب فوقعت الجريمة بناء على هذا الفعل .
ومحكمة …. الاقتصادية قضت ببراءة المتهمين مما أُسند إليهم .
استأنفت النيابة العامة ، ومحكمة …. الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 3 ، 4 ، 8 بند ج ، 22 ، 24 ، 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 الصادر بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بتغريم كل متهم من المتهمين الأول …. والثاني …. مبلغ مائة مليون جنيه ، وبتغريم المتهم الثالث …. مبلغ خمسمائة ألف جنيه وبنشر الحكم في الجريدة الرسمية وجريدتي …. و…. على نفقة المحكوم عليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مذكرة الأسباب المودعة برقم …. لسنة …. تتابع بتاريخ …. قد ذيلت بتوقيع غير مقروء فإنها تكون موقعة من غير ذي صفة ، مما يتعين معه الالتفات عنها .
وحيث إن الطاعنين ينعون علي الحكم المطعون فيه – في مذكرات أسبابهم الأربع – أنه إذ دانهم بجريمة ارتكاب فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوي وأركان الجريمة التي دانهم بها ودور كل طاعن فيها والشروط الواجب توافرها لاعتبار الشخص مسيطراً ، وخلا من بيان مؤدي طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص في إصداره ، وما إذا كان سابقاً علي الطلب أم لاحقاً عليه ، وخلت مدونات الحكم من بيان اطلاع المحكمة علي العقد المحرر بين المجموعة والموزعين وإثبات أنه يتضمن توقيعات لأطرافه ، واستخلص الحكم توافر القصد الجنائي من أقوال الشهود دون بيان مضمون الشهادة التي تدل علي علم الطاعنين بعناصر الجريمة واتجاه إرادتهم إلى ارتكابها خاصة وأن أقوال الشهود تنفي توافر هذا القصد ، وأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة لم يخطرهم بوجود مخالفات وحفظ البلاغ المقدم في هذا الشأن ، وجاءت أسباب الحكم متناقضة علي النحو المبين بمذكرات أسباب الطعن ، وعوّل الحكم علي جزء من تقرير صادر عن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة قبل صدور طلب الوزير المختص وأخرج عباراته عن سياقها العام ، خاصة وأن التقرير انتهي إلى عدم وجود مخالفات أو أن هناك اقتصاراً بالمفهوم الذي حددته المادة 8/ج من القانون رقم 3 لسنة 2005 ، والتفت عن دفاعهم الشفوي والمسطور بشأن هذا التقرير الصادر من جهة فنية مختصة ، واطرح الحكم أيضاً تقريرين آخرين صادرين عن جهاز حماية المنافسة وتقريراً استشارياً مقدماً في هذا الشأن تضمنت جميعها عدم وجود ممارسات احتكارية ولم تندب المحكمة خبيراً لاستجلاء هذا الأمر ، هذا إلى أن دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع بُني علي خلو التحقيقات التي أجريت من الدليل الفني علي ثبوت الاتهام ، وأن وجود الجريمة من عدمه لا يتوافر إلا عن طريق تقرير فني يصدر عن جهات حماية المنافسة باعتباره الجهة الفنية المختصة في هذا الشأن ، هذا بالإضافة أن الطاعنين دفعوا بانقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة إلا أن الحكم رد علي هذا الدفع بما لا يصلح رداً ، إذ إن الطاعن الثاني لم يواجه بأي جريمة تضمنها قانون حماية المنافسة ولم تتضمن الشكوى التي أشار إليها الحكم لوقائع تتصل بالجريمة محل الاتهام خلافاً لما أورده الحكم والذي جاء علي خلاف الثابت بالأوراق ، ورد الحكم علي الدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة لاستباقها طلب الوزير المختص وفقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بما لا يصلح رداً خاصاً ، وأن الأمر في حقيقته لم يكن تقديماً لإصدار الطلب من الوزير المختص وإنما كان استصداراً لهذا الطلب بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلاً بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثاً عن أمر آخر ، كما دفعوا بعدم قبول الدعوي الجنائية لأن الطلب صدر بناءً علي ما طلبته النيابة العامة وهو ما لا تملكه لأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة هو الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص في تحديد قيام المخالفة لقانون حماية المنافسة وهو الأمر اللازم تحققه لانعقاد اختصاص الوزير بإصدار الطلب ومن ثم يكون الطلب غير مستوف لشرائطه ، بيد أن الحكم اطرح الدفع بما لا يسوغه ، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين المؤيد بالمستندات بُني علي نفي الاتهام المسند إليهم ، وأن ممثلي تسع شركات منافسة أكدوا أمام ممثلي جهاز حماية المنافسة أنهم يتعاملون مع الموزعين بنظام الحصص وقد يتغير حجم الحصص وفقاً لحالة السوق وظروف الانتاج إلا أن الحكم لم يتناول هذا الدفع ايراداً ورداً ، وأخيراً فقد دان الحكم المطعون فيه الطاعنين الأول والثاني طبقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 190 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005 ، في حين أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين قد جرت قبل سريانه فتظل محكومة بالعقوبة المقررة في المادة 22 من القانون الأخير قبل تعديلها باعتبارها الأصلح للطاعنين ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوي وعرض لدفاع الطاعنين استعرض مسئوليتهم عن الجريمة محل الاتهام بما مفاده أن مجموعة …. تتضمن ثلاث شركات ذات علاقة مرتبطة تطبيقاً لمعياري الملكية والإدارة ، فإن مسئولية الجريمة المرتكبة تقع علي عاتق المتهمين الثلاثة ، الأول بصفتـــــــه ” الطاعن الأول ” يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة الشركات والعضو المنتدب لشركة …. لصناعة الحديد وقت ارتكاب الجريمة والثاني ” الطاعن الثاني ” كان يشغل وظيفة العضو المنتدب لشركة …. ، بينما الثالث ” الطاعن الثالث ” كان يعمل مدير إدارة مبيعات مجموعة …. ، وباعتبارهم هم المسئولين عن الإدارة الفعلية لهذه المجموعة والقائمين علي وضع السياسة البيعية للمجموعة وإبرام العقود مع الموزعين وتحديد حصة كل منهم من خلال لجنة المبيعات والإدارة العليا المنوط بهما الإدارة المركزية لمبيعات المجموعة ، وقد ثبت علمهم بالجريمة وترتب علي إخلالهم بالواجبات التي تفرضها عليهم تلك الإدارة في وقوعها وذلك استناداً لما شهد به كل من مدير إدارة سياسات المنافسة بجهاز حماية المنافسة ورئيس فريق العمل المكلف بإعداد الدراسة عن أسباب ارتفاع أسعار حديد التسليح ونائب مدير البحوث والتحريات بجهاز حماية المنافسة والذي كان ضمن فريق العمل الذي أعد الدراسة ومدير قطاع التسويق بمجموعة شركات …. بتحقيقات النيابة العامة وما قرره الطاعن الثالث في التحقيقات المذكورة من أنه بصفته مدير مبيعات المجموعة فإنه يختص بالاشتراك في وضع الخطة السنوية لمبيعات منتجات المجموعة وعمل عقود الاتفاق ببيع كميات سنوية مع الموزعين الذين تتوافر فيهم الشروط العامة للتعامل في سلعة حديد التسليح ويقوم بوضع السياسة البيعية لجنة المبيعات والتي هو عضو فيها والإدارة العليا للشركة وهي مجلس الإدارة والعضو المنتدب والذي يعتمد الموازنة السنوية للشركة وأنه هو الذي يقوم بالتوقيع علي العقود مع الموزعين بصفته مدير إدارة المبيعات ، وأن الثابت من أقوال رئيس الفريق الذي أعد الدراسة بتحقيقات النيابة العامة أن المجموعة تستحوذ علي حصة سوقية لا تقل عن 58 % طوال فترة الدراسة فضلاً عن قدرتها علي التأثير الفعال من خلال ممارساتها المنفردة في الأسعار وكذلك في حجم المعروض من منتج حديد التسليح في السوق دون أن يكون لباقي المتنافسين القدرة علي الحد من هذا التأثير ، كما شهد رئيس قطاع التسويق بالمجموعة بأن نسبة استحواذها علي هذه السوق تراوحت بين 58 % إلى 68 % خلال الفترة من عام 2000 وحتي عام 2006 ، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة لتوافر العلم اليقيني للمتهمين الثلاثة بالوضع المسيطر للمجموعة ، كما أنهم قاموا بتحديد السياسة البيعية للمجموعة وتصريف إنتاجها ووضع الخطة السنوية لمبيعات منتجاتها من حديد التسليح وعمل عقود اتفاق البيع الشهرية والسنوية مع الموزعين وذلك من خلال ممارسات احتكارية تمثلت في إساءة استخدام الوضع المسيطر للمجموعة بتضمين عقود الموزعين الجزاء المرتبط بنظام الحصص الشهرية الذي تفرضه المجموعة والذي أدي إلى اقتصار بعض الموزعين في فترات زمنية علي التعامل وبشكل حصري علي منتج حديد التسليح المجموعة دون منتجات باقي المنافسين . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد علي ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وحدد دور كل طاعن فيها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، وأنه متي كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يحقق حكم القانون ويضحى منعى الطاعنين علي الحكم المطعون فيه بالقصور في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه في معرض سرده للواقعة ورده علي الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني أورد مضمون مؤدي طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص في إصداره وأن الطلب المؤرخ 16/3/2011 جاء مستوفياً لشروطه وأنه تضمن صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2011 بتفويض الوزير في تطبيق أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 وأن الطلب تضمن الموافقة علي اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوي الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم قد أبانت في أكثر من موضع مضمون العقد المحرر بين المجموعة والموزعين لمنتج الحديد ، وأن ذلك ورد في تقرير جهاز حماية المنافسة ، كما أورد الحكم في موضع آخر بأن الثابت من أقوال رئيس فريق العمل الذى أعــد دراسة جهاز حماية المنافسة أن نموذج العقد المتضمن للجزاء في بنده الرابع قدمته مجموعة …. بموجب مستند رسمي ضمن المستندات التي طلبها الجهاز وأثبتت المحكمة في حكمها مطالعتها لنموذجين من العقد المقدم متطابقين ولا يختلفان إلا في اسم الشركة وأن الأول خاص بشركة …. والثاني خاص بشركة …. لحديد التسليح وأوردت المحكمة مضمون هذا العقد ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة الممارسات الاحتكارية من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم قد أثبت أخذاً بما جاء بالدراسة الواردة بتقرير جهاز حماية المنافسة وأقوال الشهود انصراف إرادة الطاعنين إلى إساءة استخدام وضع مجموعتهم المسيطر في سوق الحديد وعلمهم بأن هذا الفعل من شأنه أن يؤدى إلى الاقتصار على توزيع منتجهم دون غيره واتجاه إرادتهم رغم هذا العلم إلى تحقيق هذه النتيجة ، ومن ثم فإنه لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن وجه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ثم ساق أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته وعرض لدفاع الطاعنين واطرحه دون تناقض ـــــ على النحو المبين بالتحقيقات ـــــ فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن إغفالها إيراد تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، وكانت المحكمة قـــد أقامت قضاءها على مــا اقتنعت به مــن أسانيد حــواها تقرير حمــاية المنافسة وأقوال رئيس فريق العمل الذى أعد دراسة ذلك التقرير ، واطرحت في حدود سلطتها التقديرية التقرير الاستشاري المقدم من الطاعنين ، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ، وهى غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على التقرير الاستشاري الذى لم تأخذ به أو على الدفوع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير أو اتخاذ إجراء ما ، ومن ثم فلا يصح لهم من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة الممارسات الاحتكارية طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ــــ كما هو الحال في الدعوى الحالية ــــــ ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الاستناد إلى دليل فني يثبت الجريمة يلزم صدوره عن طريق جهاز حماية المنافسة ، ولا يعدو ما يثيرونه في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن الجريمة تعتبر في باب التقادم وحدة قائمة بنفسها غير قابلة للتجزئة لا في حكم تعيين مبدأ المدة ولا في حكم ما يقطعها من الإجراءات ، ومن ثم فإن أي إجراء يوقظ الدعوى العمومية يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم ولو لم يكن متخذاً ضدهم جميعاً ، وكانت إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات ، والعبرة في ذلك هي بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردد صداها فيستوى فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق بشخص كل من ساهم فيها ، وكان من المقرر أيضاً أن إجراءات التحقيق لا تقتصر على قطع التقادم بالنسبة للواقعة التي يجري التحقيق فيها بل يمتد أثر الانقطاع إلى الجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة واطرحه استناداً إلى أن مدة الانقطاع لم تكتمل لوجود إجراءات أنتجت أثرها في قطع مدة السقوط قبل اكتمالها، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ، ولا يقدح في سلامة ما استطرد إليه الحكم في شأن الفروض الجدلية التي طرحها للبحث ، إذ لا يعدو أن يكون تزيداً لا يعيبه بعد إن استوفى الرد على الدفع المذكور وانقطاعه بأكثر من إجراء من إجراءات الاستدلال في مواجهة أحد المتهمين ، وإجراءات التحقيق التي اتخذت في الدعوى ، وكذا البلاغات والدعاوى الأخرى التي كانت بين يدى جهات التحقيق المشار إليها فيه ، ويضحي ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص ولا سند له . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة وجهت إلى الطاعن الثاني الاتهام بشأن الجريمة محل الدعوى وأن الشكوى المقدمة من المبلغ ضد الطاعن الأول تضمنت قيامه بممارسات احتكارية لمنتج الحديد ، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من ذلك يرتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وما ورد بالشكوى المشار إليها ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة واطرحه بما يسوغ وسرد أوجه اقتناع المحكمة بصحتها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في خصوص الغاية من طلب النيابة العامة من الوزير المختص للمرة الثالثة إصدار طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة محل الاتهام وأنها ليست العدالة وإنما أمر آخر لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون لهم أن يثيروه من بعد أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناءً بنص الشارع وأحــوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق ، وأن الطلب متى صدر ممن يملكه قانوناً حقَّ للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها ضد كل المساهمين فيها فاعلاً أصلياً أو شريكاً ، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أية جهة كانت . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة المسندة إلى الطاعنين من الوزير المختص على النحو الذى تستلزمه المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 والتي لم تستلزم إلزام المختص بإصدار الطلب أن يستطلع أو يأخذ رأى جهة معينة في هذا الصدد ، وأنه بصدور هذا الطلب ممن يملكه تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها العامة في مباشرة التحقيق ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من التفات الحكم عن أوجه دفاعهم المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 95 من الدستور تنص على أنه “…. لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون …. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون …. ” ، كما نصت المادة 5/1 من قانون العقوبات على أنه ( يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها …. ) لما كان ذلك ، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقاً للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف فإذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائماً تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره . لما كان ذلك ، وكانت المادة رقم 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بإصدار قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ــــ الـــذي وقعت الجريمــة في ظــله ـــــ قد نصت على أنه ( مــع عــدم الإخلال بأية عقــوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب على كل مخالفة لأحكام أي من المواد ( 6 ، 7 ، 8 ) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه ، ….) وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلاًّ من الطاعنين الأول والثاني بعقوبة الغرامة بمبلغ مائة مليون جنيه ، فإنه يكــون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ممــا يتعين نقضه – نقضاً جزئياً – فيما قضى به بالنسبة لعقوبة الغرامة الموقعة على كل من الطاعنين الأول والثاني وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ عشرة ملايين جنيه لكل منهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 3 لسنة 2005 المنطبق على واقعة الدعوى قد نص في المادة 21 منه على جواز التصالح وفقاً للشروط التي أوردها ، وكان القانون رقم 56 لسنة 2014 الصادر في 2/7/2014 بعد الحكم النهائي المطعون فيه وقبل البت في الطعن قد أورد ذات المبدأ بما أجراه من تعديل على نص المادة المذكورة ، وكان ما ورد بمذكرة النيابة العامة لدى هذه المحكمة من أن القانون الأخير بمثابة قانون أصلح وهو ما أثاره الدفاع عنهم بجلسة نظر الطعن ، وكانت المقارنة في شأن العقوبات المقررة في كل من القانونين ليست في صالح الطاعنين لتجاوز الغرامة الحد الأقصى المقررة في القانون الاول ، كما أن أياًّ منهم لم يقدم ما يفيد تمام التصالح أو أن إجراءات في شأنه قد اتخذت – ولو لم يبت فيها بعد – فإن التمسك بهذا الوجه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت مذكرة أسباب الطعن الموقع عليها من الأستاذ …. المحامي قد تضمنت في صفحتها …. بعد عبارة ” إنما ليكشف أن الطلب الذي قدم لتحريك الدعوى في المرة الثالثة وبعد سابقتين لم يتم تقديم الطلب فيهما لتحريك الدعوى إحداهما بعد الثورة …. بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلاً بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثاً عن أمر آخر …. ” وهى عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن في الحكم ، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات الأمر بمحو العبارة الأخيرة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً