الاختصاص المكاني لبعض مسائل الأحوال الشخصية
من الاستثناءات التي أوردها قانون الإجراءات المدنية والتجارية على مسائل الأحوال الشخصية الاختصاص المكاني أو المحلي ويقصد به : قدر ما لمحكمة معينة من محاكم الطبقة الواحدة من اختصاص بنظر المنازعات في دائرة إقليم معين أو حدود مكانية معينة ” .
والقاعدة العامة في الاختصاص المحلي هي : انعقاد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه أو محل إقامته .
وقد كرس المشرع هذه القاعدة من خلال المادة “44” من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي تنص على أنه (يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه مالم ينص القانون على خلاف ذلك فإن لم يكن للمدعى عليه موطن في السلطنة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته).
وهذه القاعدة واجبة التطبيق في كل حالة لم يضع المشرع نصاً مخالفاً لها فإذا وجد نص في حالة بعينها فيعتبر خروجاً عن القاعدة العامة وحينئذ يطبق النص الخاص وعلة هذه القاعدة هي : أن الأصل براءة ذمة المدعى عليه من أي حق ما لم يثبت المدعي عكس ذلك .
ومن ثم فعلى المدعي أن يسعى إلى المدعى عليه في موطنه فيقاضيه أمام محكمة قريبة منه تجنباً لعنت المدعي ومكابرته برفع الدعوى في مكان بعيد عن شخص قد يكون بريء الذمة.
وتقوم هذه القاعدة بإيجاد نوع من التوازن بين مراكز الخصوم في الدعوى وتحقيق المساواة بين الأطراف , فكما أن المدعي من حقه أن يرفع الخصومة في الوقت الذي يحدده كان عليه أن يذهب إلى حيث يقيم المدعى عليه وقد أورد المشرع استثناءات إجرائية في الاختصاص المحلي في بعض مسائل الأحوال الشخصية خروجاً من القاعدة العامة مراعاة لمصلحة المتقاضين , فقد يكون رافع الدعوى امرأة أو وصي أو قيم بصفته نائب عن القصر فهؤلاء وأمثالهم يجب مراعاتهم , والدعاوى التي استثناها المشرع في مسائل الأحوال الشخصية هي :
دعاوى الطلاق والنفقات وحضانة الصغير ورؤيته ودعاوى الصداق ؛ حيث استثنى المشرع هذه الدعاوى من القاعدة العامة في الاختصاص المحلي فقد نصت المادة “284” من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنه ( ترفع دعاوى الطلاق والتطليق ودعاوى النفقات والأجور وما في حكمها , سواء للزوجة أو الأولاد أو الأقارب , وحضانة الصغير وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به , ودعاوى الصداق وما في حكمه إلى المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعى عليه أو المدعي ).
فقد أجاز القانون للمدعي ـ رفع مثل هذه الدعاوى ـ أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه هو , فعلى سبيل المثال : إذا تقدمت امرأة تسكن ولاية صور بدعوى طلاق ضد زوجها يسكن ولاية بدية , فيجوز لها أن ترفع دعواها أمام المحكمة الابتدائية بصور , كما يجوز لها رفع الدعاوى أمام المحكمة الابتدائية ببدية استصحاباً للقاعدة العامة
والغاية من هذا الاستثناء أن مثل هذه الدعاوى غالباً ما ترفع من الطرف الضعيف , لذا فهو جدير بالعناية والرعاية , فلا يكلف بالانتقال إلى المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه , فالعدالة تقتضي عدم تحميله مشقة الانتقال إلى خصمه والذي قد يكون موطنه أو محل إقامته بعيداً الأمر الذي يكلفه نفقات الانتقال وعناء الطريق.
فضيلة القاضي د.محمد بن عبدالله الهاشمي.
نقلا عن جريدة الوطن
اترك تعليقاً