الاختصاص النوعي لمحكمة العدل الدولية
المحامية: منال داود العكيدي
نصت الفقرة الاولى من المادة 36 من النظام الاساسي للمحكمة لعام 1946على : ( تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها المتقاضون كما تشتمل جميع الوسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الامم المتحدة او في المعاهدات او الاتفاقيات المعمول بها ) . وبناء على هذا النص فان محكمة العدل الدولية تتمتع بتخصص نوعي واسع اذ ان كل نزاع يقوم ويتفق اطرافه على رفعه الى المحكمة بغض النظر عن طابعه سواء كان قانونياً ام سياسياً فان للمحكمة صلاحية النظر فيه .
وتجدر الاشارة الى ان المنازعات السياسية يصعب حلها عادة بموجب القانون لذلك فان المتنازعين اذا عزموا عرض النزاع ذي الطابع السياسي على المحكمة فانهم يقرنون هذا العزم على ان تفصل المحكمة فيه وفقا لمبادئ العدل والانصاف وقد سبق وان ابدت المحكمة نفورها من النظر في المنازعات التي لا تتطلب امر الفصل فيها تطبيق القانون .
وقد نظرت المحكمة ومنذ نشأتها في العديد من القضايا المختلفة بالاضافة الى الالتماسات والفتاوى وكانت اكثر من نصف القضايا التي نظرت فيها تتعلق بالمنازعات على الحدود واعادة ترسيمها بالاضافة الى المنازعات التي تتعلق بالقانون الدبلوماسي والقنصلي واستخدام القوة غير المشروع ، ولها ايضا صلاحية النظر وبصورة عامة في المنازعات التي تتعلق بالمناطق الاقتصادية وكذلك مسائل تتعلق بحرية استخدام اعالي البحار والمضايق الدولية وحقوق دول العالم وحقوق الحدود .
وفي مجال حقوق الانسان فقد نصت المادة التاسعة من النظام الاساسي على صلاحيتها في النظر في قضايا الابادة الجماعية بالاضافة الى الجرائم ضد الانسانية المذكورة في المادة الثالثة من النظام الاساسي للمحكمة حيث تقول : (تعرض على محكمة العدل الدولية بناء على طلب اي الإطراف المتنازعة النزاعات التي نشبت بين الإطراف المتعاقدة بشأن تفسير او تطبيق او تنفيذ هذه الاتفاقية بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما إبادة جماعية او عن اي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة ) .
وقد اصدرت المحكمة في عام 1970 في قضية التزامات الدول ازاء المجتمع الدولي ومنها تحريم العدوان والإبادة الجماعية وتنفيذ المبادئ والقواعد الخاصة بحقوق الإنسان بما فيها الحماية من الرق والتمييز.
وقد ثبت اختصاص محكمة العدل الدولية الافتائي في المادة 96 من ميثاق الامم المتحدة 1945 حيث نصت على : ( لأي من الجمعية العامة او مجلس الامن ان يطلب الى محكمة العدل أمور افتائية في ايه مسالة قانونية كما ان الفقرة 2 من المادة 96 ولسائر فروع الهيأة والوكالات المختصة المرتبطة بها مما يجوز ان تاذن لها الجمعية العامة بذلك وفي اي وقت ان يطلب ايضا من المحكمة افتائيا لها من المسائل القانونية الداخلية في نطاق اعمالها) .
ومن تلك الافتاءات ماصدر عن المحكمة في عام 1948 حيث اعلنت المحكمة (انه اذا استوفت دولة مرشحة للانضمام الى الامم المتحدة بالشروط الواردة في المادة الرابعة من الميثاق التي تضمن العضوية في الامم المتحدة مباحة لجميع الدول الاخرى والتي تاخذ على نفسها بالالتزامات التي تقتضيها في هذا الميثاق والتي ترى الهيأة انها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات) .
وقد حدد النظام الاساسي للمحكمة كيفية اقامة الدعوى حيث يتم تقديم اخطار للمحكمة باتفاق خاص ثنائي وتبرمه دولتان ترغبان في عرض النزاع على المحكمة وتقدم الى المسجل صورة من اتفاق الطرفين المتنازعين على احالة المسالة الى المحكمة في حالة اذا كانت ولاية المحكمة اختياريا . اما اذا كانت ولاية المحكمة اجبارية فيتم تقديم طلب الى المحكمة حيث تقدم دولة ما طلبا انفرادا بالصيغة ضد الدولة أخرى استنادا الى شروط التخصص المنصوص عليه في معاهدة ما او الى الإعلانات الصادرة بموجب شرط التمييز. على ان تقديم الوثائق اللازمة واسماء الاطراف المتنازعة يجب ان تكون مشفوعة برسالة من وزير خارجية الدولة المعنية او سفيرها في لاهاي .
ويجب ان يضم الطلب تفاصيل تتعلق بالاساس القانوني الذي بني عليه الادعاء وكذلك الاقرار بتخصص المحكمة فضلا عن تحديد طابع الادعاء وتقديم بيان موجز بالحقائق والأسس التي تبنى عليها الادعاء .ويجب اخيرا ان يرسل رئيس قلم المحكمة فور الاتفاق الخاص او الطلب الى الطرف الاخر والى الامين العام للامم المتحدة والى جميع الدول التي يحق لها المثول امام المحكمة ويدرج في السجل العام .
ويقوم مسجل المحكمة بتبليغ الطلب الى المتنازعين كما يخطر به اعضاء الامم المتحدة عن طريق الامين العام وكذلك يتم تبليغ أي دولة اخرى لها مصلحة من الحضور امام المحكمة وذلك استنادا الى المادة 40 من النظام الاساسي ويحضر المحكمة ممثلون عن اطراف النزاع والذين لهم الحق في الاستعانة بمحامين ومستشارين (المادة 42) وتكون جلسات المحكمة علنية الا اذا قررت المحكمة خلاف ذلك من تلقاء نفسها لو بناء على طلب الخصوم ( المادة 46) وتتم المناقشة بتبادل المذكرات والمرافعات الشفوية وسماع الشهود واراء الخبراء (المادة 43) واللغات الرسمية للمحكمة هي الفرنسية والانكليزية.
وفي حالة تخلف احد الخصوم عن الحضور او عجز عن الدفاع عن وجهة نظره فيجوز للطرف الاخر ان يطلب من المحكمة ان تحكم له بدعواه وعلى المحكمة قبل ان تجيب هذا الطلب ان تتثبت من ان لها ولاية القضاء في النزاع المطروح امامها ومن ان دعوى الخصم الحاضر تقوم على اساس صحيح من حيث الواقع والقانون استنادا الى المادة 53 من النظام الاساسي.
اترك تعليقاً