الاختصاص بنظر أعمال السيادة في ضوء قرارات وأحكام محكمة النقض المصرية .
الطعن 2018 لسنة 58 ق جلسة 28 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 182 ص 260
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وعبد الحميد الحلفاوي.
————
– 1 اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية : ما يخرج من ولاية جهة القضاء . اعمال السيادة”. محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الاختصاص بنظر الدعوى . الاختصاص المتعلق بالولاية”.
أعمال السيادة . منع المحاكم من نظرها . للقضاء سلطة وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان من أعمال السيادة من عدمه .
إذ كان المشرع لم يورد تعريفا أو تحديدا لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهو لم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة11من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التى نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية، فإنه يكون منوط بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكى يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قدر يثار بشأنه من مطاعن.
– 2 اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية : ما يخرج من ولاية جهة القضاء . اعمال السيادة”.
أعمال السيادة . ماهيتها . تميزها عن الأعمال الإدارية العادية بعناصرها وأهمها الصبغة السياسية .
لئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها مع الدول الاخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلا للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحا للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها فيه.
– 3 اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية : ما يخرج من ولاية جهة القضاء . اعمال السيادة”. حكم ” عيوب التدليل : الخطأ في تطبيق القانون . ما يعد كذلك”.
استيلاء القوات المسلحة على أرض النزاع ، إذا كان الهدف منه تأمين نطاق اعمالها العسكرية . يعد من أعمال السيادة التي تنأى به عن تعقيب جهة القضاء أو بسط رقابتها عليه . مخالفة ذلك . خطأ في تطبيق القانون .
إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن دفع في صحيفة استئنافه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلق الأمر بعمل من أعمال السيادة لأن وضع القوات المسلحة يدها على أرض النزاع كان من مستلزمات أعمال الأمن والدفاع، وكان البين من المعاينة التي أجراها الخبير الذى انتدبته المحكمة أن عين النزاع والأراضي المجاورة لها محاطة بأسلاك شائكة بمعرفة القوات المسلحة ووجود حراسة معينة عليها من قبل تلك القوات وهو ما يستخلص منه أن استيلاء تلك القوات عليها ـ وهو مأ أقرت به المطعون ضدها الأولى في صحيفة دعواها ـ كان الهدف منه تأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوط بها حفاظا على أمن الوطن وسلامة أراضيه بما يتأدى معه القول بأن هذا العمل من أعمال السيادة وينأى به عن تعقيب جهة القضاء أو بسط رقابتها عليه بطريق مباشر أو غير مباشر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي ـ رغم تعلق الأمر بعمل من أعمال السيادة ـ فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1054 لسنة 1979 مدني كلي الزقازيق على الطاعن والمطعون ضده الثاني ومدير كلية الطيران ببلبيس بصفته الشخصية للحكم باسترداد حيازتها للعين المبينة بصحيفة الدعوى وإلزام الطاعن والأخير – متضامنين – بأن يؤديا لها مبلغ 55000 جنيه على سبيل التعويض وقالت شرحا لدعواها إنها وضعت يدها على أرض النزاع منذ خمسة عشر عاما سابقة على سريان أحكام القانون 147 لسنة 1957 وقامت باستصلاحها وأعدتها للزراعة وبذلك تكون قد تملكتها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية كما أنها دفعت مبلغ 360.600 جنيه ثمنا للأراضي إلى صندوق استصلاح الأراضي وأقامت عليها مباني وإذ قام مدير كلية الطيران ببلبيس بسلب حيازتها عام 1978 وهدم المباني التي شيدتها وجعلها مهبطا للطائرات فقد أقامت دعواها. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره قضت باسترداد حيازة المطعون ضدها الأولى لأرض النزاع وألزمت الطاعن بصفته بأن يؤدي لها مبلغ 19510.120 جنيه تعويضا عما أصابها من أضرار. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 440 لسنة 30ق المنصورة “مأمورية الزقازيق”. وبتاريخ 6/3/1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استرداد الحيازة وبعدم قبول هذا الشق من الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة ثاني درجة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلق الأمر بعمل من أعمال السيادة لدخول أرض النزاع في خدمة كلية الطيران بإقرار المطعون ضدها الأولى ولما ثبت من تقرير الخبير المنتدب أنها والأراضي المجاورة لها محاطة جميعها بسور من السلك الشائك تحرسه بعض أفراد القوات المسلحة وإذ كان استيلائه على أرض النزاع بغرض تأمين الأعمال الحربية الخاصة بكلية الطيران يعد عملا من أعمال السيادة يخرج عن ولاية المحاكم نظر النزاع المتعلق به وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع على سند من أنه بصفته لم يقدم الدليل على الغرض الذي من أجله استولت وزارة الدفاع على الأرض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المشرع لم يورد تعريفا أو تحديدا لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وهو لم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية. فإنه يكون منوطا بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، ولئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها من الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلا للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحا للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها فيه وكان المبين من الأوراق أن الطاعن دفع في صحيفة استئنافه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلق الأمر بعمل من أعمال السيادة لأن وضع القوات المسلحة يدها على أرض النزاع كان من مستلزمات أعمال الأمن والدفاع، وكان البين من المعاينة التي أجراها الخبير الذي انتدبته المحكمة أن عين النزاع والأراضي المجاورة لها محاطة بأسلاك شائكة بمعرفة القوات المسلحة ووجود حراسة معينة عليها من قبل تلك القوات وهو ما يستخلص منه أن استيلاء تلك القوات عليها – وهو ما أقرت به المطعون ضدها الأولى في صحيفة دعواها – كان الهدف منه تأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوط بها حفاظا على أمن الوطن وسلامة أراضيه بما يتأدى معه القول بأن هذا العمل من أعمال السيادة وينأى به عن تعقيب جهة القضاء أو بسط رقابتها عليه بطريق مباشر أو غير مباشر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي – رغم تعلق الأمر بعمل من أعمال السيادة – فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 440 لسنة 30ق المنصورة – مأمورية الزقازيق – بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً