الطعن 845 لسنة 56 ق جلسة 17 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 101 ص 494
برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود نبيل البناوي، عبد العال السمان نائبي رئيس المحكمة، علي شلتوت وأحمد عبد الرازق.
————-
– 1 قرار إداري.
القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله . ماهيته .
القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
– 2 اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية “. عقد ” تكييف العقد”.
القضاء العادي . صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين احدى وحدات الدولة . عقود البيع التي تبرم مع الأفراد أو غيرهم من الجهات بشأن أملاك الدولة الخاصة . عقود مدنية . اختصاص المحاكم المدنية بنظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود بعد إبرامها وتمام التصرف فيها يستتبع اختصاصها بالأعمال التي تأتيها جهة الإدارة والقرارات التي تصدرها للتمهيد والإعداد لهذه العقود .
حق الدولة وغيرها من الجهات العامة في أملاكها الخاصة هو حق ملكية مدنية محضة شأنها في ذلك شأن سائر الأفراد فإن مقتضى ذلك أن عقود البيع التي تبرم في شأنها مع الأفراد أو غيرها من الجهات تعد عقودا مدنية ومن ثم فإن الأعمال التي تأتيها جهة الإدارة والقرارات التي تصدرها قبل التصرف فيها بوضع شروط البيع للتمهيد والإعداد لهذه العقود ومنها تقدير الثمن تعد من الأعمال المدنية التي تختص المحاكم المدنية بنظر كل نزاع ينشأ عنها تبعا لاختصاصها الأصيل بنظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود بعد إبرامها وتمام التصرف فيها باعتبار أن القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين إحدى وحدات الدولة عدا ما استثنى بنص خاص.
– 3 نقض ” أسباب الطعن بالنقض . الأسباب الجديدة”.
عدم جواز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع.
– 4 بيع ” بيع أملاك الدولة”. محكمة الموضوع “سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود “.
تقرير المشرع بيع الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة لأصحاب المباني المشيدة عليها بالثمن الذى تساويه الأرض وقت البيع . المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 . ليس مقتضاه جعل تحديد الإدارة لثمن المبيع تحديدا مطلقا متروكا لمحض تقديرها . لقاضي الموضوع عند المنازعة فيه رد التقدير إلى السعر المناسب وقت البيع . لا رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة لها سند في الأوراق .
النص في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 على أن “يرخص للمحافظين كل في دائرة اختصاصه في أن يبيعوا بالممارسة العقارات المملوكة للحكومة ملكية خاصة الواقعة داخل نطاق المدن والقرى وذلك بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة ويجب أن يكون البيع إلى إحدى الجهات الآتية وبالشروط المبينة قرين كل منها….. أصحاب المباني المقامة على أراضي الحكومة بعد 1952/11/12 وذلك بالسعر الذي تساويه الأرض وقت البيع….” يدل على أن المشرع رأى لاعتبارات خاصة بيع الأرض لأصحاب المباني المشيدة عليها وأن يكون ثمنها مساويا لقيمتها وقت البيع فإن مقتضى ذلك أن تحديد الإدارة لثمن المبيع ليس مطلقا يتوقف على محض إرادتها تقدره كيفما تشاء وإنما يخضع عند المنازعة فيه لسلطة قاضي الموضوع الذي يملك رد التقدير إلى السعر المناسب وقت البيع بغير معقب من محكمة النقض عليه في ذلك طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة لها سندها في الأوراق.
– 5 حكم ” بطلان الحكم “. نقض ” سلطة محكمة النقض”.
قصور الحكم في أسبابه القانونية . لا يبطله طالما خلص إلى النتيجة الصحيحة . لمحكمة النقض أن تستكمل القصور دون نقضه .
إذا كان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي في تقديره لثمن المتر من أرض – النزاع – وبغير نعي مقبول من الطاعنين – قد جاء في نتيجته متفقا مع النظر القانوني الصحيح فلا يبطله قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه دون أن تنقضه.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 3730 لسنة 1982 مدني سوهاج الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلغاء تقدير سعر المتر من الأرض المبينة بالصحيفة وتخفيضه إلى خمسة وعشرين قرشا للمتر تأسيسا على أن الطاعن الأول أصدر قراره رقم 60 لسنة 1982 ببيع تلك الأرض لهم باعتبارهم واضعي اليد عليها مقابل سعر المتر الواحد منها مائة جنيه وأن هذا التقدير مبالغ فيه بالنظر لقيمة المثل وطبيعة الأرض, دفع الطاعنون بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع, ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره النهائي حكمت برفض الدفع وبتقدير ثمن المتر المربع من أرض النزاع بمبلغ عشرة جنيهات استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط “مأمورية سوهاج” بالاستئناف رقم 265 لسنة 60 ق طالبين إلغاءه والقضاء أصليا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى واحتياطيا رفضها, كما أستأنفه المطعون ضدهم أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 268 لسنة 60 ق لتخفيض التقدير بجعل سعر المتر خمسة جنيهات, ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول ثم قضت بتاريخ 16 من يناير سنة 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقولون إن القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية وتستهدف بها التمهيد لإبرام عقد سواء أكان من عقود القانون الخاص أو العام هي قرارات إدارية يختص بنظر الطعن عليها محاكم مجلس الدولة وإذ كان الطاعن الأول – محافظ سوهاج بعد أن أصدر قرار بتشكيل لجنة لتقدير ثمن المتر من أرض النزاع قد وافق على التقدير الصادر منها ثم أصدر قراره رقم 60 لسنة 1982 بالموافقة على البيع لشاغلي الأرض طبقا لكشوف الحصر المرفقة بها والمعتمدة منه وبالثمن المحدد التزاما بقواعد لائحة بيع أملاك الدولة والقرار الجمهوري رقم 945 لسنة 1976, فإن هذه القرارات وإن اتخذت بصدد التعاقد بشأن عقد من عقود القانون الخاص إلا أنه قد توافرت لها خصائص القرار الإداري ومقوماته من حيث كونها إفصاحا من الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر قانوني تحقيقا لمصلحة عامة مما ينعقد معه الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بها لمحاكم مجلس الدولة, إذ أن دعوى المطعون ضدهم بإلغاء تقدير ثمن الأرض مما يقتضي التعرض للقرار الإداري بالإلغاء أو وقف تنفيذه وتجاهل آثاره, فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ فصل في موضوع الدعوى وأعاد تقدير ثمن المتر من أرض النزاع بمقولة أنها منازعة مدنية بين الأفراد والحكومة بشأن عقد بيع ينعقد الاختصاص بها للمحاكم العادية يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث عليه مصلحة عامة, ولما كان حق الدولة وغيرها من الجهات العامة في أملاكها الخاصة هو حق ملكية مدنية محضة شأنها في ذلك شأن سائر الأفراد فإن مقتضى ذلك أن عقود البيع التي تبرم في شأنها مع الأفراد أو غيرهم من الجهات تعد عقودا مدنية, ومن ثم فإن الأعمال التي تأتيها جهة الإدارة والقرارات التي تصدرها قبل التصرف فيها بوضع شروط البيع للتمهيد والإعداد لهذه العقود ومنها تقدير الثمن تعد من الأعمال المدنية التي تختص المحاكم المدنية بنظر كل نزاع ينشأ عنها تبعا لاختصاصها الأصيل بنظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود بعد إبرامها وتمام التصرف فيها باعتبار أن القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين إحدى وحدات الدولة عدا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك وكان النزاع المطروح يدور حول طلب المطعون ضدهم تعديل سعر المتر من أرض النزاع الصادر قرار الطاعن الأول ببيعها لهم باعتبارهم واضعي اليد عليها والشاغلين لها, فإن جهة القضاء العادي تكون هي المختصة بنظر هذه المنازعة, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بمخالفة قواعد الاختصاص الولائي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقولون إن ما تتخذه جهة الإدارة في سبيل التمهيد لبيع أملاك الدولة طبقا للقواعد المنصوص عليها في لائحة بيع أملاك الميري الصادرة سنة 1902 والقرار الجمهوري رقم 945 لسنة 1976 من إجراءات متمثلة في تقدير ثمن الأرض أو الموافقة عليه لا يعتبر إيجابا من جانبها وإنما يكون بمثابة مفاوضات حول البيع ويكون الإيجاب من راغب الشراء بتقدمة للشراء بسعر معين ولا ينعقد البيع في هذه الحالة إلا بالتوقيع عليه من المحافظ المختص, وإذ لم تعمل المحكمة تلك القواعد القانونية الواجب عليها تطبيقها من تلقاء نفسها والتي لو أعملتها لثبت لها عدم أحقية المطعون ضدهم في طلباتهم بإلغاء تقدير الحكومة لثمن الأرض لأنه فضلا عن أن هذه التقديرات نهائية طبقا لقرار وزير الإسكان الصادر في أكتوبر سنة 1962 فإنهم لم يصيروا مشترين بعد فإن حكمها المطعون فيه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع, لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يسبق لهم التمسك بهذا الدفاع الوارد بسبب النعي أمام محكمة الموضوع فإن تمسكهم به ولأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا, ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه إذ لم يحل إلى أسباب الحكم الابتدائي في تقدير التعويض واكتفى بقوله إن هذا التقدير مناسب دون أن يبين الأساس القانوني لقضائه بتخفيض الثمن الذي لا يجد سنده إلا في نظرية الظروف الطارئة وهو ما لم يقل به الحكم فإنه يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن النص في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 على أنه “يرخص للمحافظين كل في دائرة اختصاصه في أن يبيعوا بالممارسة العقارات المملوكة للحكومة ملكية خاصة الواقعة داخل نطاق المدن والقرى وذلك بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة ويجب أن يكون البيع إلى إحدى الجهات الآتية وبالشروط المبينة قرين كل منها…….. (3) أصحاب المباني المقامة على أراضي الحكومة بعد 12/11/1952 وذلك بالسعر الذي تساويه الأرض وقت البيع …….” يدل على أن المشرع رأى لاعتبارات خاصة أن يكون بيع الأرض لأصحاب المباني المشيدة عليها وأن يكون ثمنها مساويا لقيمتها وقت البيع فإن مقتضى ذلك أن تحديد الإدارة لثمن المبيع ليس مطلقا يتوقف على محض إرادتها تقدره كيفما تشاء وإنما يخضع عند المنازعة فيه لسلطة قاضي الموضوع الذي يملك رد التقدير إلى السعر المناسب وقت البيع بغير معقب من محكمة النقض عليه في ذلك طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة لها سندها من الأوراق, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي في تقديره لثمن المتر من أرض النزاع – وبغير نعي مقبول من الطاعنين – قد جاء في نتيجته متفقا مع هذا النظر القانوني الصحيح فلا يبطله بعد قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل الحكم في بيانه دون أن تنقضه, ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً