_ أولاً : مفهوم الارادة المنفردة :
هى تصرف قانوني من جانب واحد يمكن أن يرتب آثاراً قانونية معينة ، وهى تتميز عن العقد الذي لا ينشأ الا بتوافق ارادتين أو أكثر على احداث أثر قانوني محدد . أما التصرف الانفرادي ينشأ ويتكون بارادة واحدة فقط وهو بهذا يختلف عن العقد الملزم لجانب واحد الذي لا ينعقد الا بالتراضي بين ارادتين ولكنه يرتب التزامات على عاتق أحد طرفيه دون الآخر كالهبة ، ويمكن للارادة المنفردة أن ترتب بعض الآثار القانونية في مجالات كثيرة متفرقة ومتباينة .
وتلعب الارادة المنفردة دوراً هاماً في مجال العقود حيث يمكنها تصحيح العقد القابل للابطال ويتم ذلك عن طريق الاجازة التي تعتبر نزولاً عن حق التمسك بالبطلان وتؤدي الى انقضاء هذا الحق ، ويمكن للارادة أن تجعل العقد يسري في حق الغير أي نافذاً في مواجهته وذلك باقرار الغير له ، وتستطيع الارادة المنفردة انهاء العقد في حالات معينة كعقد الوكالة حيث يستطيع كل من الموكل والوكيل انهاء الوكالة في أي وقت بارادته منفردة أو انهاء عقد العمل . وبالنسبة الى الحق الشخصي أو الالتزام تستطيع الارادة المنفردة أن تنزل عنه بالابراء وتستطيع كذلك أن تنشأ التزاماً في ذمة صاحبها .
_ ثانياً : الارادة المنفردة كمصدر الالتزام :
ان التساؤل حول مدى صلاحية الارادة المنفردة كمصدر للالتزام يعني أمرين :
_ الأول : البحث عما اذا كانت تلك الارادة يمكن أن تثقل عبء صاحبها بالتزام أي ترتب حقاً للغير ويصبح هذا الالتزام نهائياً لا يجوز العدول عنه أو الرجوع فيه حتى ولو لم يصدر بعد أي قبول ممن وجه اليه التعبير .
_ الثاني : القول بأن الارادة المنفردة تكسب حقاً للغير لا يعني اطلاقاً أن الشخص يمكن أن يصبح دائناً دون ارادته ولكن لا يلزم صدور القبول منه لأكتساب الحق بل يكفي عدم رفضه للحق الذي تقرر لمصلحته . واكتساب الحق يتم بأثر رجعي أي من وقت صدور التعبير عن الارادة المنفردة وليس من تاريخ قبول المكتسب أو عدم رفضه .
كان المشروع التمهيدي للقانون المدني يجعل الارادة المنفردة مصدراً عاماً للالتزام وذلك على غرار المشروع الفرنسي الايطالي الذي انفرد بجعل فصل خاص للارادة المنفردة بوصفها مصدراً عاماً للالتزام . ولكن المشرع المصري حذف هذا النص وكان حذفه عدولاً عن وضع قاعدة عامة تجعل الارادة المنفردة ملزمة ، واكتفاء بالحالات المنصوص عليها في القانون من أن الارادة المنفردة تنشئ التزاماً . وبذلك يكون القانون المصري قد تبنى مذهباً وسطاً أسوة بالتشريعات المعاصرة واعتبر الارادة المنفردة مصدراً استثنائياً للالتزام .
وهناك عدة تطبيقات للارادة المنفردة كمصدر للالتزام وقد وردت تلك الحالات في أماكن مختلفة في القانون نذكر منها ما يلي :
1- الايجاب الملزم يكون مصدر الالتزام فيه ارادة الموجب المنفردة ، حيث يلتزم الموجب بالبقاء على ايجابه المدة التي يحددها أو التي تحددها ظروف الحال أو طبيعة المعامل .
2- تستطيع الارادة المنفردة انشاء مؤسسة خاصة أي توجد شخصاً اعتبارياً ، وتنشئ التزاماً في ذمة صاحبها نحو هذا الشخص الاعتباري .
3- الوقف وهو تصرف يتم بارادة الواقف وحدها وفقاً لأحكام التشريع الاسلامية . ويقصد بالوقف حبس العين عن أن تكون مملوكة لأحد وجعلها على حكم ملك الله سبحانه وتعالى وتخصيص ريعها لجهة من جهات البر .
4- الوصية وهى تتم بالارادة المنفردة للموصي ، وهى تصرف من شخص في جزء من ماله الى جهة أو شخص معين يستحقه بعد وفاة الموصي .
5- يستطبع الحائز تطهير العقار المرهون رهناً رسمياً .
6- الوعد بجائزة الموجه الى الجمهور .
_ ثالثاً : أحكام التصرف بالارادة المنفردة :
التصرف بالارادة المنفردة هو تصرف قانوني يقوم على الارادة ، ومن ثم فهو يخضع كقاعدة عامة لنفس الأحكام التي تسري على العقد وذلك فيما عدا ما تعلق منها بتوافق الارادتين . ويتم التعبير عن الارادة المنفردة غالباً بصورة صريحة . ويجب أن يكون التصرف الانفرادي صادراً عن ارادة سليمة خالية من عيوب الرضاء وأن تتوافر الأهلية اللازمة لصاحبه وهى نفس الأهلية اللازمة في العقد ويجب توافر المحل والسبب بنفس الشروط القانونية التي ستعرض في العقد .
19 مايو، 2019 at 11:30 ص
شكراااان استفاده منها