الإستحسان كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي
تعريفه
الاستحسان في اللغة عد الشيء حسنا. و في اصطلاح الأصوليين: هو” عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي إلى قياس خفي أو عن حكم كلي إلى حكم استتنائي لدليل انقدح في عقله رجح لديه هدا العدول”.
أنواعه
الاستحسان نوعان أولا ترجيح قياس خفي على قياس جلي بدليل
ثانيا استتناء مسألة جزئية من أصل كلي أو قاعدة عامة.
1-ترجيح قياس خفي على قياس جلي:
قد يتجاذب المسألة قياسان، الأول قياس ظاهر يتبادر إلى الذهن ،و التاني قياس خفي دقيق غير متبادر الى الذهن و لكنه أقوى من الأول و يظهر عند التأمل في المسألة فيميل المجتهد إليه و يأخذ بمقتضاه و يترك القياس الأول الجلي. و مثاله بيع الأراضي الزراعية دون النص في عقد البيع على حقوق ارتفاقها كحق الشرب و المسيل و المرور، فهده الحقوق لا تدخل تبعا مع البيع عند الحنفية. فإدا وقف الشخص أرضا زراعية و لم يذكر حقوق إرتفاقها صراحة، لا تدخل في الوقف قياسا على البيع، كما يقتضي به القياس الجلي، لأن كلا من البيع و الوقف أخراج المال من مالكه ولكن عند التأمل في المسألة يظهر لنا أن قياسها بالإجارة أولى لأن الموقوف عليه لا يمتلك الموقوف، و إنما يمتلك المنفعة فقط و مقتضى هذا القياس الخفي، دخول حقوق الارتفاق تبعا في الوقف ولو لم ينص عليها في الوقف قياسا على دخولها في الإجارة من غير ذكرها، لأن منفعة الموقوف لا يمكن تحصيلها من الأرض الموقوفة بدون حقوقها الارتفاقية كما هو الحال في إجارتها.
2-استثناء جزئية من أصل أو قاعدة عامة
قد تقتضي القاعدة العامة حكما كليا ينطبق على جميع جزئيات القاعدة، و لكن يظهر للمجتهد دليل يقتضي استثناء مسألة معينة من هذا الحكم الكلي، فتنفرد تلك المسألة بحكم خاص، ودليل الاستثناء قد يكون نصا أو مصلحة أو عرفا أو غيرها.
أ-الاستحسان بالنص: القاعدة العامة تقتضي بأن بيع ما ليس عند الانسان باطل لأنه بيع على معدوم. و لكن السلم-بشد السين مكسورة- وهو بيع معدوم استثني من البطلان لورود النص بجوازه، و هو ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال” من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم” ودليل جواز السلم هنا هو السنة، ولكن الحنفية يقولون إن السلم جاز استحسانا بالسنة.
ب-الاستحسان بالمصلحة: الأصل العام أن المحجور عليه لسفه لا تصلح التبرعات و منها الوقف. ولكن استثني من هدا الأصل جواز وقفه على نفسه للمصلحة استحسانا. ووجه الاستحسان حفظ ماله من الضياع.
ج-الاستحسان بالعرف: الأصل العام في الوقف التأبيد. و مقتضى هذا الأصل عدم صحة وقف المنقول لأنه غير قابل للتأبيد بطبيعته، ولكن استثنى العلماء وقف المنقول إدا جرى العرف استحسانا كوقف الكتب و نحوها.
حجيته
الاستحسان مصدر من مصادر الفقه المعتبرة، لأنه ليس إلا أخذا بالقياس أو بالنص أو بالمصلحة أو بالعرف أو غيرها، وليس مصدرا تشريعيا مستقلا.
اترك تعليقاً