الاستقلال القضائي
القاضي عبد الستار بيرقدار
تعتبر السلطة القضائية عنصرا أساسياً لا غنى عنه لتحقيق ديمقراطية دستورية فعالة, فلا يمكن تحقيق سيادة القانون من دون قيام القضاء بتسوية النزاعات عن طريق تطبيق القانون على نحو محايد, كما يلعب القضاء دورا بارزا في الحفاظ على الضمانات الذي يقدمها الدستور من خلال تطبيق الاجراءات القضائية والتي تمكن ضمان عمل سلطات الدولة الاخرى بموجب احكام الدستور.
وفي سبيل الايفاء بهذه المسؤولية على النحو الامثل يحتاج القضاء الى الاستقلال والحرية وتحصينه من التدخل وهكذا نكون أمام ما يعرف باستقلال القضاء والمقصود به انحصار الوظيفة القضائية بالقضاء وعدم تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية كما نكون أمام استقلال القاضي بعدم التدخل بعمله من أية جهة كانت بغية توجيه عمل القاضي بطريقة معينة أو لتعرقل مسيرته أو لتعرض عن أحكامه، بمعنى أن استقلال القاضي يجعله متمتعاً بحرية إصدار الحكم بالمسائل المعروضة عليه بحيث يحكم استناداً إلى الوقائع بموجب القانون بعيداً عن التدخل أو المضايقة أو التأثير من جانب الحكومة أو من يمثلها أو التدخل والتأثير الذي ينشأ بين القضاة أنفسهم بسبب اختلاف المنصب الإداري فيما بينهم أو اختلاف مستويات محاكمهم.
الا ان استقلال القضاء لا يعني الحكم الذاتي للقضاء فيمكن ان تطلب سلطات الدولة الاخرى الالتزام بالتعاون بمستوى محدد كل حسب اختصاصه اي بدون ان تتدخل سلطة باختصاصات السلطات الأخرى وبمستوى محدد من الشفافية وهذا يهدف بصفة رئيسية الحفاظ على نزاهة القضاء, لهذا فأن استقلال القضاء لا يلغي علاقة السلطة القضائية بغيرها من السلطات، سيما ان السلطة التشريعية تمارس دوراً مهماً في تنظيم القضاء من خلال إصدار التشريعات، لذا يقع على عاتق السلطة التشريعية عند تشريعها لقوانين السلطة القضائية الحرص على مراعاة الهيكل التنظيمي الداخلي للقضاء وتنظيمها عند تشريع قوانينها ليس لضمان سريان القانون فحسب بل لضمان شرعية السلطة القضائية ايضا وفي الوقت نفسه يعزز احترام مختلف الثقافات والتقاليد داخل المجتمع وبناءً عليه ينبغي على المشرع تبني المشكلات المرتبطة بالاختصاص القضائي والتنظيم الهرمي للقوانين والحماية الدستورية للحقوق.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً