أولاً: الالتزام التخييري:
جاء المشروع بالمادتين (336 و337) متفقًا مع ما تقضي به المادتان (248 و249) من قانون التجارة الحالي. ويعتبر الالتزام تخييريًا في حكم المادة الأولى إذا كان هناك تعدد في محل الالتزام على نحو يحقق مكنة الاختيار بين ما تعدد إليه المحل. فإذا لم يصح الالتزام بأكثر من أمر واحد بسبب عدم توفر الشروط القانونية فيما عداه لعدم مشروعيته أو لعدم إمكانه مثلاً فإن الالتزام يكون مجردًا من وصف التخيير وليس له إلا محل واحد وهو ذاك الذي صح الالتزام به، ويلزم ألا يتداخل في منطقة الالتزام التخييري نظم قانونية أخرى تشتبه به وأخصها الشرط الجزائي الذي لا يعدو أن يكون تقديرًا اتفاقيًا للتعويض عن إخلال المدين بالتزامه فهو بمثابة كل تعويض آخر لا يقوم محلاً ثانيًا إلى جانب المحل الأصلي الذي انصب الالتزام عليه فيمتنع على المدين أن يختار التعويض بالشرط الجزائي دون التنفيذ العيني إذا كان هذا التنفيذ ممكنًا وطالب به الدائن، كما يمتنع على الدائن أن يختار الشرط الجزائي إذا كان التنفيذ العيني ممكنًا وعرضه المدين، واستكمالاً لما تقرره المادة (249) من قانون التجارة أضاف المشروع إلى المادة (337) المقابلة لها حكمين جديدين يقضي أولهما بأنه إذا لم تعين مدة الخيار تولت المحكمة تعيين المدة المناسبة تبعًا للظروف، ويعالج الآخر حالة تعدد من يكون لهم الخيار كما هو الشأن في تعدد المدينين أو خلفاء المدين أو تعدد الدائنين أو خلفاء الدائن وقد استلزم النص اتفاق أولئك أو هؤلاء جميعًا الخيار في المدة المحددة له وإلا تولته المحكمة في الصورة الأولى وانتقل الخيار إلى المدين في الصورة الثانية، وقد استمد هذا الحكم الأخير من القانون المصري (مادة 276 والتشريعات العربية التي نقلت عنه المادة 276 سوري والمادة 263 ليبي وتقابلها في القانون العراقي المادة 299) والالتزام التخييري يقابله في الفقه الإسلامي خيار التعيين، ولا يجوز عندهم أن يقع على أكثر من ثلاثة أشياء ويلزم فيه ذكر المدة على خلاف في الرأي.
ويتفق حكم المادة (338) مع ما تنص عليه المادة (251) من قانون التجارة مع تعديلات لفظية فيه لضبط الصياغة ويقابله في التشريعات العربية وبغير مخالفة في الأحكام المادة (277) مصري، (277) سوري، (264) ليبي، (301) عراقي و(61) وما بعدها لبناني. ومؤدى ذلك النص الذي أورده المشروع أنه إذا هلك أحد الشيئين موضع الخيار لسبب أجنبي فإن الالتزام ينحصر محله في الشيء الباقي ولا يكون للمدين إلا أن يختاره وهذا هو ما تقتضيه أيضًا تطبيق القواعد العامة، فإذا شمل الخيار أكثر من شيئين وهلك أحدهما كان للمدين أن يعين محل الالتزام في شيء من الخيارات الباقية، وإن هلكت الخيارات جميعًا انقضى الالتزام لاستحالة التنفيذ، أما إن كان الهلاك بخطأ المدين وتناول شيئًا واحدًا فإن محل الالتزام يتركز في الشيء الآخر أو يبقى للمدين خياره في الأشياء الباقية إذا تعدت وإن ترتب على خطأ المدين هلاك الشيئين أو الأشياء جميعها فإن التزام المدين ينحصر في آخر شيء هلك منها وبذلك يلتزم بدفع قيمة هذا الشيء الذي هلك أخيرًا.
وتقابل المادة (339) ما تنص عليه المادة (250) من قانون التجارة وتتفق معها في الحكم بأن المدين إذا مات قبل أن يعمل الخيار المقرر له انتقل حقه في هذا الشأن إلى ورثته، ويتفق هذا الحكم مع القواعد العامة في القانون وقد ورد عليه نص صريح بالمادة (300) من القانون العراقي والمادة (59) من القانون اللبناني وكذلك يرى الفقهاء المسلمون أن خيار التعيين ينتقل إلى الورثة بعد موت المدين. ويترتب على تعدد ورثة المدين وامتناع أحدهم فقط أو بعضهم عن اختيار أحد محال الالتزام ما يترتب على مثل هذا الوضع في حالة تعدد المدينين في الأصل إذ يعتبر الورثة جميعهم في حكم الممتنعين عن إعمال حق الخيار ويتولى القاضي بنفسه تعيين محل الالتزام بناءً على طلب الدائن.
ثانيًا: الالتزام البدلي:
أخذ المشروع في المادة (340) بما يقرره قانون التجارة بالمادة (252) في شأن الالتزام البدلي ويكون الالتزام بدليًا كما هو واضح في النص إذا انحصر المحل في أمر واحد يعين ابتداء مع تخويل المدين الحق في الوفاء بمحل بديل عنه، ومثاله أن يتفق المقرض مع المقترض على أنه يجوز عند حلول الأجل بدلاً من الوفاء بمبلغ القرض تقديم عروض معينة أخرى وينبني على تقديمها براءة ذمة المقترض.
وإذا كان التكليف الأصلي هو وحده محل الالتزام البدلي على وجه الإفراد فإنه من ثم يكون هو المناط في تعيين طبيعة ذلك الالتزام، فتتحدد ماهية الالتزام البدلي على أساسه باعتباره عقاريًا أو منقولاً كما يقدر الالتزام بقدره فيما يتعلق بالقيمة والاختصاص، وإذا هلك التكليف الأصلي بخطأ المدين فلا يكون للدائن إلا أن يطالب بالتعويض عنه وليس له أن يطلب البدل فليس البدل محلاً للالتزام وإنما يجوز للمدين إذا شاء أن يوفي بالبديل فيتوقى دفع التعويض. ويقابل تلك المادة في التشريعات العربية ويتفق معها في الحكم المواد (287) مصري، (378) سوري، (265) ليبي، (302) عراقي، (68) و(69) لبناني.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً