الطعن 197 لسنة 44 ق جلسة 16 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 97 ص 497 جلسة 16 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب، إبراهيم فوده وعماد الدين بركات.
—————-
(97)
الطعن رقم 197 لسنة 44 القضائية
(1)إيجار. التزام. عقد.
صيانة العين المؤجرة. عدم التزام المؤجر بها في ظل التقنين المدني الملغي. جواز التزامه بها في عقد الإيجار أو في اتفاق لاحق.
(2)مسئولية “مسئولية عقدية”. التزام. مقاولة.
وقوع خطأ من المقاول الذي عهد إليه مالك المتبقي بترميمه أدى إلى هدمه. مسئولية المالك قبل المستأجر عن هذا الخطأ. لا محل لتعليق الحكم في دعوى المستأجر بالتعويض على الحكم في دعوى المالك بالتعويض ضد المقاول.
(3) إثبات. “الإحالة إلى التحقيق”. نقض “السبب الجديد”.
النعي بعدم جواز الإثبات بالبينة. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك.
—————-
1 – لئن كان عقد الإيجار موضوع الدعوى قد أبرم في ظل التقنين المدني الملغي الذي لم يتضمن التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة، إلا أن للمتعاقدين حرية التراضي على إضافة هذا الالتزام إما في عقد الإيجار وإما في اتفاق لاحق ويكون هذا الالتزام التزاماً عقدياً في الحالتين.
2 – إذ كان المدين مسئولاً عن خطأ الأشخاص الذين يستخدمهم في تنفيذ التزامه العقدي، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن المقاول الذي عهد إليه الطاعن – المالك – بتنفيذ عملية الترميم قد أخطأ في عمله خطأ ترتب عليه هدم المبنى، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطاعن مسئولاً أمام المطعون عليه – المستأجر – عن الخطأ الذي ارتكبه المقاول دون تعليق دعوى المطعون عليه على الفصل في الدعوى التي رفعها الطاعن ضد المقاول. لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 – قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من النظام العام. فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك لمحكمة الموضوع قبل البدء في سماع شهادة الشهود، فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلاً منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون. وإذ كان الواقع أن محكمة أول درجة حكمت قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعن هدم المدرسة حتى سطح الأرض على ما كان فيها ومقدار ما لحقه من جراء ذلك من ضرر، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يبد أي اعتراض على هذا الحكم لا قبل سماع أقوال الشهود ولا بعد سماع أقوالهم بل سكت عن ذلك إلى أن صدر الحكم في الدعوى فإن ذلك يعتبر تنازلاً عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ولا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1818 لسنة 1967 مدني القاهرة الابتدائية للحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه، وقال بياناً للدعوى إنه بعقد مؤرخ 13/ 1/ 1938 استأجر من وزارة الأوقاف المنزل رقم……. قسم السيدة زينب لاستعماله مدرسة وظل يستعمله لهذا الغرض حتى أخطره الطاعن في 15/ 9/ 1965 بأنه اشتراه من الوزارة ثم استصدر أمر تنكيس رقم 78 لسنة 1966 وطلب منه مساعدته في إجراء الإصلاحات الواردة به وتحرر بينهما عقد مؤرخ 22/ 12/ 1966 في هذا الشأن نص فيه على أن تنتهي الإصلاحات في مدى شهرين، إلا أن الطاعن بدلاً من تنفيذ الاتفاق قام بهدم المدرسة جميعها وعلى ما فيها حتى سطح الأرض، فأقام المطعون عليه الدعوى رقم…… مستعجل جزئي القاهرة انتدب فيها خبير قدم تقريراً ثبت منه مسئولية الطاعن عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمطعون عليه وبتاريخ 11/ 1968 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعن هدم المدرسة حتى سطح الأرض، على ما كان فيها ومقدار ما لحق بالمطعون عليه من ضرر، وبعد سماع أقوال شهود الطرفين حكمت في 11/ 6/ 1969 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 1500 ج. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله والقضاء له بمبلغ 5000 ج وقيد الاستئناف برقم 1733 سنة 86 ق كما استأنفه الطاعن طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 1733 لسنة 86 ق القاهرة وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للأول حكمت بتاريخ 22/ 1/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أنه لم يكن قائماً بترميم العقار وفاء لالتزام عقدي بل كان يمارس حقه كمالك يعمل على إصلاح ملكه، والاتفاق المؤرخ 22/ 12/ 1966 المبرم بينه وبين المطعون عليه ليس مصدراً لالتزام عقدي بالترميم حتى يطالبه المطعون عليه بالتعويض على أساس المسئولية العقدية إذ أن أثر هذا الاتفاق ينحصر في تحديد مدة الترميم وتعيين طبيعة وضع يد الطاعن على العقار خلال هذه المدة وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يرتكب أي خطأ شخصي في عملية الترميم وأنه إنما عهد بها إلى مقاول أخطأ في عمله مما ترتب عليه سقوط حجرات المبنى فإنه لا تجوز مساءلة الطاعن عن هذا الخطأ لأن المقاول ليس تابعاً له وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى مستقلة عن الدعوى رقم 3925 لسنة 67 مدني كلي القاهرة التي رفعها ضد المقاول لطلب التعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان عقد الإيجار موضوع الدعوى قد أبرم في 13/ 1/ 1938 في ظل التقنين المدني الملغي الذي لم يتضمن التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة، إلا أن للمتعاقدين حرية التراضي على إضافة هذا الالتزام إما في عقد الإيجار وإما في اتفاق لاحق، ويكون هذا الالتزام التزاماً عقدياً في الحالتين. وإذ أورد الحكم المطعون فيه “ومن حيث إنه علاوة على قيام علاقة عقدية بين الطرفين بموجب الاتفاق المؤرخ 22/ 12/ 1966 الذي تعهد المالك……. (الطاعن) بمقتضاه أن يقوم بتنكيس شامل لمبنى وإجراء الإصلاحات اللازمة له في مدة لا تجاوز ستين يوماً من أول يناير 1967 وتسليمه كامل التشطيب إلى المستأجر (المطعون عليه) فإنه من المقرر أن التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة هو التزام عقدي وأن المسئولية عن الخطأ في تنفيذه تكون بالتالي مسئولية عقدية”. وكانت مجادلة الطاعن في أن الاتفاق المؤرخ 22/ 12/ 1966 لا يتضمن التزاماً بالصيانة على عاتقه دفاعاً عارياً عن الدليل لأنه لم يقدم لهذه المحكمة هذا الاتفاق، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن التزاماً عقدياً بالصيانة قد نشأ بموجب الاتفاق المشار إليه، دعامة تكفي وحدها لإقامة قضاء على أسس قانوني سليم فلا يعيبه ما ساقه تزيداً بعد ذلك من قوله كقاعدة عامة من التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة بالرغم من أن عقد الإيجار تم في ظل القانون المدني القديم ما دام قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة. لما كان ذلك وكان المدين مسئولاً عن خطأ الأشخاص الذين يستخدمهم في تنفيذ التزامه العقدي وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن المقاول الذي عهد إليه الطاعن تنفيذ عملية الترميم قد أخطأ في عمله خطأ ترتب عليه هدم المبنى، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطاعن مسئولاً أمام المطعون عليه عن الخطأ الذي ارتكبه المقاول دون تعليق دعوى المطعون عليه على الفصل في الدعوى التي رفعها الطاعن ضد المقاول – لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من المستندات المقدمة أن العقار كان غير صالح أصلاً للاستعمال كمدرسة مما يقطع بانتفاء الضرر، كما وأن المطعون عليه لم يقدم أي مستند يفيد أنه سلم الطاعن أدوات المدرسة ومهماتها ولا يجوز إثبات مسئولية الطاعن عنها استناداً إلى أقوال الشهود لأن قيمتها تزيد على عشرة جنيهات، عملاً بقواعد الإثبات التي كانت سارية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن العقار كان في حاجة إلى ترميم عهد به الطاعن إلى مقاول أخطأ فيه وترتب على ذلك هدم المبنى وضياع منقولات المدرسة وأدواتها وما استتبع ذلك من انفساخ الإيجار قبل انقضاء مدته وتوقف نشاط المدرسة وكان إثبات حصول الضرر أو نفيه من الأمور الواقعية التي تقدرها محكمة الموضوع ولا معقب على حكمها من محكمة النقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاًَ موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولما كان ذلك وكانت قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من النظام العام، فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك لمحكمة الموضوع قبل البدء في سماع شهادة الشهود، فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلاً منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون.
وإذ كان الواقع أن محكمة أول درجة حكمت قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعن هدم المدرسة حتى سطح الأرض على ما كان فيها ومقدار ما لحقه من جراء ذلك من ضرر، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يبد أي اعتراض على هذا الحكم لا قبل سماع أقوال الشهود ولا بعد سماع أقوالهم بل سكت عن ذلك إلى أن صدر الحكم في الدعوى مما يعتبر تنازلاً عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ولا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض – فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً