عرف المشرع التحريض في المادة 216 من قانون العقوبات بانه :
(الحمل او محاولة الحمل على ارتكاب الجريمة و المساواة بين الحمل و محاواته)
ونلاحظ هنا ان التحريض يعتبر تاما سواء قبله من وجه اليه او رفضه
ويتميز نشاط المحرض بانه ذو طبيعة نفسية فهو يتجه الى نفسية الفاعل ليؤثر عليه فيدفعه الى الجريمة .
الفرق بين الفاعل والمحرض:
في الحقيقة ان الفرق واضح بين نشاط المحرض ونشاط الفاعل اذ يغلب ان يكون نشاط الفاعل ذو طبيعة مادية باعتباره يستعين بقوانين الطبيعة كي يحقق فعله على نحو مباشرة النتيجة الجرمية.
اما المحرض فهو الذي يخلق التصميم على ارتكاب جريمة لدى شخص آخر بغية دفعه الى تنفيذها او مجرد خلق ذلك التصميم.
الفرق بين المحرض والفاعل المعنوي :
المحرض يحمل او يحاول ان يحمل شخصا مسؤولا على ارتكاب جريمة ويعاقب على تحريضه وان لم يفض التحريض الى اية نتيجة وذلك لان تبعة المحرض مستقلة تبعة الذي وقع عليه التحريض و التشريع السوري اعتبر التحريض جريمة مستقلة قائمة بحد ذاتها ولا تعد صورة من صور التدخل او الاشتراك في الجريمة .
اما الفاعل المعنوي فهو من يحمل شخص غير مسؤول كالمجنون او القاصر او شخص حسن نية على ارتكاب الجريمة ولكن الفاعل المعنوي لا يعاقب الا اذا ارتكب المجنون او القاصر او الشخص حسن النية الجريمة التي ارادها الفاعل المعنوي .
اركان التحريض:
تنقسم اركان التحريض الى ركنين :
أولا : الركن المادي وقوامه النشاط الذي يصدر من المحرض و الموضوع الذي ينصب عليه
فالنشاط الذي يصدر عن المحرض هو كل عمل ايجابي غايته التاثير على تفكير شخص من اجل خلق التفكير الجرمي لديه وتذليل الصعاب في مواجهته وتقليل الاعتبارات والعواقب التي تنجم عن الجريمة ولا بد في التحريض من القيام بعمل ايجابي مفاده الاقناع وخلق الفكرة ودعمها .
اما الموضوع الذي ينصب عليه نشاط المحرض هو جريمة او جرائم معينة ومن ثم كان التحريض بطبيعته مباشرا باعتباره ينصب على موضوع ذو صفة جرمية اما التوجيه الى الجريمة بصورة عير مباشرة فلا يعتبر تحريضا في مدلوله القانوني .
ثانيا : الركن المعنوي للتحريض فهو صورة القصد المتجه الى تنفيذ الجريمة او جرائم موضوعة عن طريق شخص آخر
وللقصد عنصران هما العلم والارادة فيتعين على المحرض ان يفهم دلالة عباراته و مدى التاثير المحتمل للوسائل التي يستعملها ويتوقع ان يقدم من حرضه على ارتكاب الجريمة فاذا لم يدرك المدعى عليه الدلالة الحفيفية لعباراته فلم يكن مريدا بها المعنى الذي فهمه ووجهت اليه واقتصر التحريض على التعبير على الحقد على المغدور ولم تكن الارادة متجهة الى خلق فكرة الجريمة و التصميم عليها فان القصد هنا لا يعد متوفرا .
عقوبة التحريض في التشريع الجزائي السوري :
قلنا بان قانون العقوبات السوري لا يعتبر المحرض متدخلا في الجريمة التي حرض عليها بل اعتبر التحريض جريمة مستقلة قائمة بحد ذاتها و يسال المحرض على تحريضه سواء نجح الفاعل في ارتكاب الجريمة او اخفق.
وقد اتخذ القانون السوري موقفا متشددا من المحرض وعاقبه بالعقوبة المقررة قانونا للجريمة التي ارادها ان ترتكب سواء وقعت تامة او ظلت في حيز الشروع .
فاذا حرض احد الاشخاص شخصا آخر على ارتكاب القتل فان المحرض يعاقب بعقوبة القتل المقصود سواء وفق الفاعل في ازهاق روح المجني عليه او فشل وبقيت جريمته في حيز الشروع وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 217 من قانون العقوبات السوري .
اما اذا لم يفض التحريض الى نتيجة أي اذا لم يقم المحرض باي عمل من اعمال التنفيذ في الجريمة التي حرض عليها كما لو رفض التحريض ولم يقتنع به او قبل التحريض ثم عدل عنه ولم يشرع بما حرض عليه فان عقوبة المحرض تغدو اخف و يعاقب على ضوء الاحكام الواردة في المواد 217-219
اما اذالم يفض التحريض الى اية نتيجة فقد فرق المشرع بين امرين :
الأول : اذا كان التحريض على جناية او جنحة ولم يفض الى نتيجة فان المحرض يعاقب على تحريضه بالعقوبة المخفضة .
الثاني: اذا كان التحريض على مخالفة ولم يفض الى نتيجة فان المحرض لا يعاقب على تحريضه الا اذا كان قد لقي قبولا لدى المحرض أي اذا تم الاتفاق بين المحرض والمحرض وجرى ايجاب وقبول ولا عبرة بعد ذلك للتنفيذ.
بقلم الاستاذ المحامي وسيم ياسين
اترك تعليقاً