التحكيم كوسيلة بديلة للقضاء العادي فى تسوية النزاعات
بقلم / يمنى مروان نعساني
مستشارة قانونية
أصبح التحكيم الآن يشغل حيزاً واسعاً من الاهتمام في يومنا الحالي من حيث الأداء والتطوير وذلك باعتباره وسيلة بديلة عن القضاء في تسوية المنازعات ؛ خاصة فيما يتعلق بالمنازعات ذات الطابع التجاري والدولي وهو ما جعل المملكة العربية السعودية تعطي له الاهتمام فى الفترة الاخيره تماشيا مع الاجراءات الاقتصادية الجديده التى تنتهجها المملكة ؛ حيث قامت باصدار نظام التحكيم الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34 )وتاريخ 24/5/1433ه ؛ وذلك لغايات ايجاد حلول بديلة لتقليل العبء عن القضاء العادي لذا سوف القي نظره مختصرة عن أوجه المقارنه بين التحكيم والقضاء العادي
فعند المقارنة بين التحكيم والقضاء يجدر بنا الاشارة الى عدة نقاط يتميز بها التحكيم والتي جعلته من أهم الوسائل البديلة لفض المنازعات وهي :
سرعة حسم النزاع : فمثلا المعاملات التجارية تقوم على مبدأين أساسيين هما الثقة، والسرعة التي أصبحت سمة هذا العصر، فالقضاء العادي قد يطيل أمد النزاع ليس باعتبار أن هذه صفة ملازمة له ولكن طبيعة الإجراءات القضائية، وقلة عدد القضاة أمام التزايد المستمر في عدد القضايا أدى إلى تراكم القضايا أمام المحاكم لسنين عددا .
إنهاء النزاع بلا خصومة ومشاحنة بين الخصوم:- لأنهم بإرادتهم قد اختاروا من يرتضونهم من المحكّمين وهذا التراضي يشكل أرضية جيدة للتنفيذ، وإلى محو آثار الخصومة. كما أن جو سير إجراءات التحكيم والمكان المقام فيه نظر الدعوى التحكيمية يزيل أي إحساس بالخصومة
التخصص...أحياناً عند نظر القاضي إلى قضية ما قد يحتاج إلى تعيين خبير للحصول على رأي فني في الدعوى، بينما نجد أن المحكّم يتميز بأنه غالباً ما يكون خبيراً بموضوع النزاع. مثلاً إذا عرض نزاع في عقد من عقود التشييد جاز للمتحكمين أن يختاروا مهندساً للفصل في خصومتهم بينما لايتوفر لهم هذا الخيار أمام قضاء الدولة فالقاضي الذي يقع النزاع أمامه قد يكون خارج نطاق تخصصه أو خبراته العملية فيستغرق وقتاً في الفهم وبالتالي وقتاً أطول في النظر بعكس المحكّم الذي يكون السبب الأساسي في اختياره هو تخصصه في موضوع النزاع.
السرية …فالاصل في اجراءاته وجلساته السرية ...سواء من حيث الحق المتنازع فيه أو الدفوع المتبادلة بين الاطراف المتنازعة ..فالتحكيم وسيلة ناجحة لحل المنازعات التجارية التي تتميز بنوع من الحساسية، فالتجار يحرصون عموماً على عدم إطلاع الغير على مراكزهم المالية، وطبيعة الصفقات التي يعقدونها، ومع من يتعاملون، حيث إن التحكيم يحصر الحضور في أضيق نطاق ممكن، كما أن الجلسات التحكيمية ليست علنية والأطراف وحدهم من يتلقى منطوق الأحكام التحكيمية ولا يجوز حضور أي شخص غير الأطراف إلاَّ بإذن المحتكمين كتابة ويثبت ذلك في المحضر .
نهائية حكم التحكيم ...لا تخضع القرارات التحكيمية لطرق الطعن التي تعرفها الأحكام الصادرة عن المحاكم، ولها حظوظ كثيرة في أن تكون نهائية
المرونة :- يمكن إجراء التحكيم في أي بلد وبأي لغة وتحت قيادة محكّمين من أية جنسية ، كما أن هيئة التحكيم تكون مرنة في إجراءات التحكيم بحيث لاتلتزم بالإجراءات الحرفية للقانون الإجرائي مع الالتزام الكامل بمبدأ أساسي وهو إتاحة الفرصة الكافية والعادلة وعلي قدم المساواة للأطراف لعرض دعواهم أو دفاعهم ..كما يمكن أن تحدد جلسات التحكيم في أي زمن وفي أي تاريخ حتى أيام الجمع والعطلات الرسمية
اعتماد أسلوب التحكيم يجذب الاستثمارات التي لاترغب بالخضوع لقوانين أجنبية..حيث يتيح التحكيم للشركات المتعددة الجنسيات اختيار القانون الواجب التطبيق عند وقوع أي نزاع وبالتالي يكون التحكيم مخرجا لمسألة تنازع القوانين.
المحافظة على العلاقات الودية بين الخصوم ... فى التحكيم يرتضي الأطراف مقدما وعن طيب خاطر ما تنتهى إليه هيئة التحكيم من حكم بما أنهم من اختار اعضاء التحكيم وهو ما يساعد على استمرار العلاقات بينهما . كما أن السرية من أهم مزايا نظـــام التحكيم على عكس علانية القضاء العادى . وهذه السرية تساعد على استمرار العلاقة بين الطرفين .
أحكام المحكمين الأجنبية و إكسابها قوة الأمر المقضي :
يحوز حكم المحكمين على قوة الأمر المقضي ويكون واجب النفاذ بعد تذييله بأمر التنفيذ وهذا ما أشارت له المادة (9) فقرة (2) من نظام التنفيذ.…على أنه اذا تم تضمين حكم التحكيم الأجنبي أي مخالفة لأحكام الشريعة الأسلامية أو النظام العام في المملكة فأنه لايتم تنفيذ الجزء المخالف كما نصت المادة (9) فقرة (1) من لائحة التنفيذ .. كما يجب ألا يتعارض حكم المحكمين الأجانب مع حكم أو أمر صدر في الموضوع نفسه من جهة قضائية مختصة في المملكة .
والجدير بالذكر فيما يتعلق بالجهة المنوط بها تنفيذ أحكام المحكمين فقد شهد التحكيم تعديلا على اختصاص تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية...وذلك بصدور نظام التنفيذ السعودي بالمرسوم الملكي رقم (53) وتاريخ 13/8/1433 حيث ألغت المادة (96) منه اختصاص ديوان المظالم في تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية بعد أن كان صاحب الاختصاص لفترة طويلة بتنفيذها حيث نص على ذلك في الفقرة (ز)من المادة (13) من نظام ديوان المظالم … وبذلك فقد تم توحيد جهة التنفيذ في التحكيم بالنسبة للحكم التحكيمي الوطني والأجنبي .وجعل اختصاصها لدى دوائر التنفيذ في المحاكم العامة كما نصت المادة (8)
أخيرا كان جليا اهتمام المشرع بتحديد قاض مختص بتنفيذ الأحكام الأجنبية وذلك في المادة (14) من نظام التنفيذ والتي نصت على أن تقدم الأحكام والأوامر القضائية وأحكام المحكمين والمحررات الموثقة الصادرة في بلد أجنبي إلى قاضي التنفيذ المختص بتنفيذ الأحكام الأجنبية ليتحقق من استيفاء السند شروط التنفيذ ويضع عليها خاتم التنفيذ.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً