رأي قانوني … التخارج في التركات
في البداية لا توجد في الكويت قوانين خاصة تنظم أحكام تصفية التركات، أو شروط وحدود صلاحيات المصفى، كما أن القانون المدني الكويتي لم يتضمن نصوصا خاصة في هذا الشأن، وإنما اشتملا فقط على قواعد عامة في الشيوع وقسمة المال الشائع. والمقصود بتصفية التركة هو حصر حقوق المتوفى والتزاماته وإظهار الحقوق المتعلقة بالتركة لأصحابها من الدائنين والموصى لهم والورثة.
وموضوع تصفية التركة وتعيين المصفى وما يتعلق بها من أمور، يدخل في عموم مسائل الأحوال الشخصية، باعتبارها متفرعة عن أحكام الميراث وتختص بها دوائر الأحوال الشخصية، ويتم الفصل فيها وفقا للرأي الراجح من مذهب الإمام مالك. ومن المنطق أنه يحق للمصفي أن يتخذ جميع الإجراءات القانونية التي من شأنها الحصول على مستندات أو معلومات حول التركة.
ويلاحظ أن المصفى ليس له سلطان مطلق على التركة، يتصرف فيها كما يشاء، وليس له أن يعطي لنفسه سلطة المالك على أموال هي ملك لآخرين بقوة القانون، وإنما تتحدد صلاحياته في حدود ما يعهد اليه به الحكم وما يتفق مع طبيعة مهمته، ولا يخفى أن الورثة هم أصحاب الحق الأساسي في حفظ التركة واقتسامها والتصرف فيها، فإذا حدث خلاف بينهم ترتب عليه تعيين مصفٍ.
مفهوم التخارج: هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم عن نصيبه في الميراث نظير شيء معين من التركة أو من غيرها، وقد يكون التخارج بين اثنين من الورثة على أن يحل أحدهم محل الآخر في نصيبه في مقابل مبلغ من المال يقدمه له. ولا شك أن المواريث والتخارج من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الأفراد وهي ذمة مالية. فالتخارج طبقا لما أوضحته المذكرة الإيضاحية رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية، إما أن يتم في صورة قسمة إذا تصالح أحد الورثة مع باقيهم على أن يأخذ جزءا معنيا من التركة مقابل حصته، أو أن يتم في صورة بيع إذا ترك الوارث نصيبه لوارث آخر أو أكثر مقابل مال يدفع له من غير التركة، وإذا أقر المتخارج بأنه تخارج من التركة وحصل على كل حقوقه فيها بما مفاده أنه تصرف في نصيبه لباقي الورثة، وهنا يتبين أنه تصرف لا ينتج أثره في نقل الملكية إلا بعد تسجيله طبقا لقانون التسجيل العقاري.
شروط صحة التخارج: التخارج يعتبر عقدا من عقود التراضي، يجب أن تتوافر فيه الشروط الشكلية والموضوعية التي تحكم العقود بصفة عامة.
فيجب على الوريث الذي يريد التخارج أن يكون على بينة ووعي وإحاطة بالتركة التي تركها المتوفى والمحكمة عادة تكلف الورثة بإبراز ما ترك المرحوم مورثهم من أموال ومن عقارات ومنقولات وأيضا الديون النقدية التي للتركة والديون التي هي عليها، وعلى المتخارج أن يسجل ذلك في سجل خاص به، وان يتحمّل مسؤولية تقديم البيانات اذا كانت خلاف ذلك.
ويلاحظ أن الإناث هن الأكثر ضررا في هذا المجال بحكم أن المتزوجات يكن بعيدات عن تفاصيل الأمور في بيوت أهلهن، فلا يعلمن عن ملكية الأب من أمواله المنقولة أو العقارات.
كما أود أن أشير إلى أنه اذا تم التخارج بطريق الإكراه أو الحيلة أو الاستحياء أو الاستغلال أو التدليس، يجعل هذا التخارج فيه عيب من العيوب التي تعطي الحق للطرف الآخر في الطعن والادعاء بأن التخارج لم يتم بصورة شرعية أو قانونية، إذ لابد من البينة والدليل الذي يقتنع به القاضي.
ولاشك أن المواريث والتخارج تعتبر من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الأفراد، وهي ذمة مالية، فلابد أن تكون على بينة وأن تكون الأمور واضحة، وعلى القاضي أن يدرك ويستوعب جيدا الظروف التي يعيشها أفراد الأسرة بعد وفاة المورث، لأن حالة من الحزن تسود هذه العوائل ويكونون متأثرين عاطفيا بوفاة فقيدهم، لذلك يجب عدم التسرع في بت قضايا التخارج خلال فترة الحزن القريبة.
تسجيل التخارج: التخارج يجب تسجيله حتى ينتج أثره القانوني في نقل الملكية، وبيان أن القسّام الشرعي الصادر من قسم المواريث بالمحكمة الكلية ليست له حجية الأحكام، ذلك انه لم يصدر من المحكمة بموجب سلطاتها القضائية. ونرى ضرورة التريث في تسجيل معاملات التخارج، لاسيما في المعاملات التي ترد الى المحاكم خلال الأيام الأولى من وفاء المورث، لكون هذا الوقت يكون فيه الحزن سائدا بين أفراد أسرة المتوفى، حيث يستغل بعض الورثة تلك الظروف ويلجأون الى إقناع الورثة الآخرين بالتخارج، وخاصة الإناث منهم باتباع أساليب الضغط والتضليل والخداع أو قطع الوعود مع التخجيل المفرط لهن. ونحذر من مغبة التسرع في عملية التخارج من باب احياء الضمير لدى المتخارج له والتذكير بأهمية توزيع الميراث على جميع الورثة وفق الأسس التي أقرتها الشريعة الاسلامية السمحة.
نتائج التخارج: يترتب على حجية التخارج الشرعية التي عدلت الأنصبة في التركة إبطال حجية حصر الإرث التي نظمت قبل التخارج، من حيث حصص المتخارج بالتركة، كما تبطل كل البيوع التي أجراها المتخارج على هذه الحصص، لان البائع (المتخارج) لا يملك التصرف في المبيع الذي أصبح ملكا للمتخارج له بموجب حجة عملية التخارج.
ونبين أن الجهة المختصة بتوثيق التخارج وتسجيله، سواء تعلق بمال منقول أو عقار، هي إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، والغاية التي يهدف اليها المشرع في اناطة صلاحية تسجيل التخارج لادارة التسجيل العقاري، هي من اجل تمكينها من تسجيل حصص الورثة الشرعية والانتقالية بصفة رسمية، وهذه الادارة هي الجهة الوحيدة المختصة بهذا التسجيل الرسمي.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً