الطعن 79 لسنة 56 ق جلسة 15 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 38 ص 212
جلسة 15 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: أحمد نصر الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.
————
(38)
الطعن رقم 79 لسنة 56 القضائية “أحوال شخصية”
(1)دعوى الأحوال الشخصية “الطعن في الحكم: النقض”.
استناد الحكم إلى قرائن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها. عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها.
(2)دعوى الأحوال الشخصية “الإثبات”.
عدم طلب الطاعنون إحالة الدعوى إلى التحقيق أمام محكمة الموضوع. النعي على الحكم المطعون فيه بعدم اتخاذ هذا الإجراء. غير مقبول. علة ذلك.
(3)دعوى الأحوال الشخصية “إجراءات”.
تدخل المطعون ضده في دعوى إرث طالباً رفضها واستحقاقه للتركة. اعتباره خصماً فيها. تعجيلها بعد ذلك من الطاعنين دونه. أثره. إعادة اتصاله بها ويتعين على المحكمة الحكم في طلباته.
(4)إرث.
الردة من موانع الإرث. موت المرتد عن الإسلام. أثره. لا يرثه أحد. المنازعة في حجية الإعلام الشرعي المخالف لذلك. غير منتج.
———–
1 – إذا كانت القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا يجوز معه مناقشة كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها.
2 – لما كان الطاعنون لم يطلبوا أمام محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعونه وكان الحق المخول لمحكمة الموضوع في المادة 70 من قانون الإثبات من أن لها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق للإثبات بشهادة الشهود متروك لمطلق تقديرها ولا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض فإنه لا يقبل النعي بأن الحكم المطعون فيه لم يتخذ هذا الإجراء ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
3 – لما كان الثابت من الأوراق أن طلبات الطاعنين في الدعوى قد انتهت إلى طلب الحكم ببطلان إشهار إسلام المتوفى… وسريان حجية الإعلام الشرعي رقم… وكان تدخل المطعون ضده الثاني في ذات الدعوى بطلب رفضها وبطلان ذلك الإعلام الشرعي واستحقاقه للتركة فإنه يعد بذلك خصماً في الدعوى وتعجيلها بعد ذلك يعيد اتصاله بها وتكون طلباته معروضة فيها ويتعين على المحكمة الحكم فيها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بطلانه لعدم رده على ذلك الدفاع على غير أساس.
4 – لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الردة – أي الرجوع عن الإسلام من موانع الإرث وكان الحكم قد انتهى صحيحاً في مدوناته إلى أن… مات مرتداً عن الإسلام ومن ثم فلا يرثه أحد ويفقد الإعلام الشرعي المخالف لذلك حجيته ويكون النعي على الحكم عدم رده على ما تمسك به الطاعنون من دفاع في شأن منازعة المطعون ضده الثاني لهم في تلك الحجية. أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين وآخرين أقاموا الدعوى رقم 122 لسنة 1973 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد المطعون ضده الأول بطلب الحكم ببطلان إشهار إسلام مورثهم برقم 8966 لسنة 1959 توثيق القاهرة في 5/ 7/ 1959 وبصحة إعلام الوراثة رقم 104 لسنة 1967 وراثات مصر القديمة فيما تضمنه من وفاته وانحصار إرثه فيهم. واحتياطياً بإثبات وفاته بتاريخ 12/ 3/ 1967 ووراثتهم له بوصفهم أولاد أخته. وقالوا بياناً لذلك أن مورثهم المذكور وهو قبطي أرثوذكسي كان قد أصيب بحالة مرضية أفقدته عقله وأشهر إسلامه خلالها بتاريخ 5/ 7/ 1959 وبعد أن شفي منها عاد إلى ديانته الأولى وإذ كان من بين تركته مباني مقامة على أرض مملوكة لمصلحة الأملاك الأميرية فقد أقاموا الدعوى. تدخل المطعون ضده الثاني بنك ناصر في الدعوى طالباً رفضها واستحقاقه لتركة المتوفى لموته مرتداً عن الإسلام. عدل الطاعنون طلباتهم إلى الحكم بسريان حجية إعلام الوراثة رقم 104 لسنة 1967 وبطلان إشهار إسلام المورث ورفض طلب التدخل وفي 16/ 4/ 1976 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليه الثاني وسائر إعلام الوراثة واستحقاق المطعون عليه الثاني للتركة. استأنف الطاعنون وآخرون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 116 لسنة 66 ق بتاريخ 17/ 12/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وبعد تعجيل الدعوى أمام محكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 20/ 2/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالثالث منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استبعد الشهادة الطبية المثبتة لمرض مورثهم العقلي خلال فترة إشهار إسلامه على سند من أنه لم يلحق بإحدى المستشفيات لعلاجه من ذلك المرض كما لم تتخذ قبله إجراءات الحجر عليه بسببه وأنه بقى على دين الإسلام فترة طويلة وهذه ليست بأسباب سائغة تؤدي إلى عدم الأخذ بتلك الشهادة كما لم يحل الحكم الدعوى إلى التحقيق لإثبات حقيقة هذه الحالة مما يشوبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه إذا كانت القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا يجوز معه مناقشة كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها لما كان ذلك وكان الحكم قد استبعد الشهادة الطبية على ما أورده في مدوناته من أن “المحكمة لا تطمئن إلى هذه الشهادة لصدورها من طبيبه المعالج ولو كان مريضاً بذلك المرض لدخل إحدى المستشفيات المخصصة لذلك هذا فضلاً عن أنه لو كان مريضاً بمرض عقلي يذهب بتصرفاته إلى مرحلة اللاوعي أو عدم الإدراك لظهر جلياً في تصرفاته في أمواله وإصابة عدم الوعي والإدراك في التصرف فيها مما يدفعهم إلى الحجر عليه للتصرف في أمواله – أما ولم يفعل فإنه يكون سديد التصرف واعية وعاقلة ويدركه مما تستبعد معه هذه المحكمة هذه الشهادة الطبية المقدمة من المستأنفين. وحيث إن ما سلف البيان يمثل ناحية ومن ناحية أخرى فإن إسلام مورثهم على يد موثق رسمي ومشهد عليه شخصان في إشهار الإسلام بالشهادتين أمام الموثق وظل على حاله أي مسلماً مدة منذ إسلامه في 5/ 7/ 1959 وحتى تاريخ انضمامه إلى البطريركية الأرثوذكسية في 6/ 3/ 1962 فإن بقاءه مسلماً هذه المدة إنما يظهر عقلية صاحبها بأنها سليمة وعادية ولا عاهة أو آفة بها الأمر الذي يطمئن وجدان المحكمة إلى أن مورث المستأنفين كان صحيح العقل كامل الإرادة عند إشهار إسلامه “وكانت هذه القرائن التي استند إليها الحكم لاستبعاد دلالة تلك الشهادة الطبية على المرض العقلي للمتوفى خلال فترة إسلامه هي قرائن سائغة لها مأخذها من الأوراق وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه فإنه لا يجوز المجادلة فيها بمناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يطلبوا أمام محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعونه وكان الحق المخول لمحكمة الموضوع في المادة 70 من قانون الإثبات من أن لها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق للإثبات بشهادة الشهود متروك لمطلق تقديرها ولا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض فإنه لا يقبل النعي بأن الحكم المطعون فيه لم يتخذ هذا الإجراء. ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولون أن الدعوى كانت قد أوقفت أمام محكمة أول درجة حتى يفصل في الجنحة التي أقيمت بشأن تزوير الإعلام الشرعي وبعد زوال سبب الوقف قام الطاعنون بتعجيلها ولم يقم المطعون ضده الثاني – الخصم المتدخل – بتعجيل دعواه بما يعني أنه ليس له طلبات مطروحة أمام المحكمة فإذا قضى الحكم الابتدائي رغم ذلك باستحقاقه تركة المتوفى فإنه يكون باطلاً لقضائه بما لم يطلبه الخصوم وإذ أيده الحكم المطعون فيه ولم يرد على هذا الدفاع رغم تمسكهم به أمامه فإنه يكون مشوباً بالبطلان والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن طلبات الطاعنين في الدعوى قد انتهت إلى طلب الحكم ببطلان إشهار إسلام المتوفى… وسريان حجية الإعلام الشرعي رقم 104 لسنة 1967 وراثات مصر القديمة وكان تدخل المطعون ضده الثاني في ذات الدعوى بطلب رفضها وبطلان ذلك الإعلام الشرعي واستحقاقه للتركة فإنه يعد بذلك خصماً في الدعوى وتعجيلها بعد ذلك يعيد اتصاله بها وتكون طلباته معروضة عليها ويتعين على المحكمة الحكم فيها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بطلانه لعدم رده على ذلك الدفاع على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الثاني بوصفه ممثلاً لبيت المال لا يعتبر وارثاً ومن ثم فليس له أن ينازعهم بإنكار وراثتهم للمتوفى طبقاً للإعلام الشرعي المذكور والذي له حجيته قبل الغير. وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك إنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الردة – أي الرجوع عن الإسلام – من موانع الإرث وكان الحكم قد انتهى صحيحاً في مدوناته إلى أن… مات مرتداً عن الإسلام ومن ثم فلا يرثه أحد ويفقد الإعلام الشرعي المخالف لذلك حجيته ويكون النعي على الحكم عدم رده على ما تمسك به الطاعنون من دفاع في شأن منازعة المطعون ضده الثاني لهم في تلك الحجية أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً