التزام الحائز سئ النية برد الثمار في أحكام القانون والقضاء المصري
الطعنان 1724 لسنة 55 ق ، 2277 لسنة 57 ق جلسة 30 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 196 ص 1272
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ. د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.
————-
– 1 حكم ” الطعن في الحكم . الأحكام الجائز الطعن فيها”. نقض ” جواز الطعن بالنقض . الأحكام الجائز الطعن فيها”.
الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. عدم جواز الطعن عليها استقلالا . الاستثناء . حالاته . م 212 مرافعات . صدور حكمين أحدهما لا يقبل الطعن المباشر والآخر يقبله . أثره جواز الطعن فيهما معا . شرط ذلك وعلته.
مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وضع قاعدة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهى لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقواعد المقررة بالمادة سالفة الذكر والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء فإن الطعن فيهما معاً يكون جائزاً لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا قولاً واحداً بالنسبة للحكم الآخر وهو ما يتفق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات.
– 2 حكم ” الخصوم في الطعن”. نقض ” الخصوم في الطعن بالنقض”.
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. أثره.
المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذى لم يقضى له أو عليه بشيء لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه في الطعن.
– 3 اختصاص ” الاختصاص الولائي . اختصاص المحاكم العادية”. تأميم ” المنازعات المتعلقة بالتأميم”. حراسة “الحراسة الادارية .
محكمة القيم. اختصاصها دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون 34 لسنة 1971 م 6 ق 141 لسنة 1981 . نطاقه. المنازعات التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه . أثره. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالتأميم إلا ما استثنى منها بنص خاص عله ذلك.
إذ كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أن المشرع قد أناط لمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت، وتختص المحاكم العادية بنظر هذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص.
– 4 استئناف ” اثار الاستئناف . الطلبات الجديدة”. التزام ” انقضاء الالتزام . المقاصة القضائية”. دعوى ” نطاق الدعوى . الطلبات العارضة”. نظام عام ” المسائل المتعلقة بالنظام العام “.
المقاصة القضائية . وسيلتها . بدعوى أصلية أو طلب عارض . م 123 مرافعات ابداؤها لأول مرة في الاستئناف . طلب جديد غير مقبول . عله ذلك . للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله. م 235/1 مرافعات.
إذ يشترط للادعاء بالمقاصة القضائية – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن ترفع مع دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم الآخر قبل يوم الجلسة أو يبدى شفاها في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات. وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف و تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، فمن ثم لا يجوز إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
– 5 تقادم ” التقادم المسقط “. حيازة ” التزام الحائز سيء النية برد الثمار”. ريع ” التزام الحائز سيء النية برد الثمار”.
التزام الحائز سيء النية برد الثمرات . تقادمه بانقضاء خمس عشرة سنة . م 375/2 مدني . عله ذلك.
المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن التزام الحائز سيء النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي و من ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني.
– 6 تأميم ” نطاقه”. شركات ” تأميم الشركات”.
التأميم. اقتصاره على الحقوق والأموال المملوكة للشركة المؤممة وقت التأميم . ومؤداه.
تأميم شركة …. ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها بموجب آحاكم القانون رقم 72 لسنة 1963 قصداً إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو موصين.
– 7 اختصاص ” الاختصاص الولائي اختصاص لجان تقييم المنشآت المؤممة”. تأميم” لجان التقييم”. قوة الأمر المقضي “حجية قرارات لجان التقييم”.
اختصاص لجان التقييم . م 3 ق 72 لسنة 1963 . نطاقه. تقييم الأموال التي أممت. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد . أثره. إهدار حجية قرارها في هذا الخصوص . علة ذلك. للمحاكم صاحبة الاختصاص الفصل في المنازعات التي تثور بين الغير وبين المنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
من المقرر أن اختصاص لجان التقييم المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون 72 لسنة 1963 ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهى الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم و تتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة. ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئاً أو تستبعد منها شيئاً إذ لا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانه ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
– 8 دعوى ” نطاق الدعوى . الطلبات في الدعوى”. محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للطلبات في الدعوى”.
العبرة في طلبات الخصوم . بما يبدونه منها على وجه جازم وصريح . تقيد المحكمة بها.
المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه جازم وصريح وتلتزم المحكمة بطلباتهم وبعدم الخروج عن نطاقها.
– 9 حكم ” حجية الأحكام “. قوة الأمر المقضي “نطاقها”.
قوة الأمر المقضي, عدم ورودها على ما لم يفصل فيه الحكم.
من المقرر أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
– 10 حكم ” إصدار الحكم. إغفال الفصل في الطلبات”. دعوى ” نطاق الدعوى . الطلبات في الدعوى”. نقض ” أسباب الطعن بالنقض . مالا يصلح سببا للطعن بالنقض “.
إغفال المحكمة الفصل في طلب موضوعي. سبيل تداركه . الرجوع لذات المحكمة للفصل فيه م 193 مرافعات . عزم جواز الطعن بالنقض لهذا السبب . عله ذلك.
مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذى تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله و معلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك، ما فاتها الفصل فيه ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التى فصل فيها صراحة أو ضمناً.
– 11 استناف ” نطاق الاستئناف “. حكم ” تسبيب الأحكام . تسبيب الحكم الاستئنافي”.
تأييد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في شق من قضائه لأسباب خاصة تغاير المنحى الذي نحاه الحكم الأخير وإلغائه فيما قضى به في الشق الآخر. لا قصور . عله ذلك . (مثال) .
إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد رفض إزالة المنشآت وأقام قضاءه على أسباب خاصة أنشأها لنفسه ونحى فيها منحى آخر مغايراً لأسباب الحكم الابتدائي الذى ألغى قضاءه في خصوص طلبي تثبيت الملكية والريع، وكان تأييده لقضاء هذا الحكم برفض طلب الإزالة ينصرف بطرق اللزوم إلى المنطوق وحده فإنه يكون بمنأى عن عيب القصور.
– 12 إثبات ” اجراءات الاثبات – العدول عن اجراءات الاثبات”. حكم ” تسبيب الحكم . التسبيب الكافي”. محكمة الموضوع “سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات “.
محكمة الموضوع . عدولها عما أمرت به من إجراءات الإثبات . لا عيب . عدم التزامها ببيان الأسباب . شرط ذلك وعلته.
المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب لذلك، لأنه متى كان لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم فلا يلزم تبريره.
————-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأول في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية الطاعنين في الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية – …… – أقاموا الدعوى رقم 2287 لسنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لمساحة 21س و18ط و6ف المبينة بالصحيفة وإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده السادس وزير الصناعة بصفته في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية – المطعون ضدهما الأولين في الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية – بتسليمها إليهم خالية وإزالة ما عليها من منشآت ومبان وبالريع المستحق عنها بواقع 500 مليم للمتر المربع اعتبارا من يوم 8/8/1963 حتى تاريخ التسليم. وقالوا بيانا لذلك إن الحكومة أممت في التاريخ المشار إليه شركة مصانع …… للغزل والنسيج واستولت بدون وجه حق على المساحة آنفة الذكر التي يمتلكونها بصفاتهم الشخصية بموجب العقد المسجل برقم 5960 لسنة 1953 القاهرة وامتنعت عن تسليمها إليهم فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان وبرفضها لمن عداه. استأنف المطعون ضدهم المذكورون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2423 لسنة 95 قضائية وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الصناعة وبندب خبير فيها ثم عادت وندبت ثلاثة خبراء لبيان ما إذا كانت أرض النزاع تعتبر من أصول شركة مصانع …… للغزل والنسيج المؤممة وبعد أن قدم الخبراء المنتدبون تقريرهم الثاني حكمت المحكمة بتاريخ 9 من مارس سنة 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدهم سالفي الذكر لأرض النزاع وبندب خبير قبل الفصل في طلب الريع وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الريع وبإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول بأن تؤدي إلى هؤلاء المطعون ضدهم مبلغ 131076 جنيها قيمة الريع عن المدة من 8/8/1963 حتى 31/10/1984 ومبلغ 540 جنيها شهريا عن المدة اللاحقة وحتى تاريخ التسليم وقبل الفصل في طلب التسليم بندب خبير، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 7 من مايو سنة 1987 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بطلب إزالة المنشآت والمباني. طعنت الشركة المذكورة بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 القاضي بإلزامها بالريع وفي حكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9 من مارس سنة 1983 بالطعن الأول رقم 1724 لسنة 55 القضائية ودفع المطعون ضدهم الخمسة الأول بعدم جواز الطعن في هذا الحكم الأخير كما طعنوا بالنقض في الحكم الصادر بتاريخ 7 من مايو سنة 1987 في خصوص قضائه في طلبي التسليم والإزالة بالطعن الثاني رقم 2277 لسنة 57 القضائية وأودعت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بعدم قبول الطعن الأول بالنسبة للمطعون ضدهما السادس والسابع – وزيري الصناعة والمالية بصفتيهما – وبرفض الطعنين، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعن الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد ودفعت الطاعنة في الطعن الأول بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائيا بنظر الدعوى والتزمت النيابة رأيها.
———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهم الخمسة الأول بعدم جواز الطعن الأول رقم 1724 لسنة 55 القضائية بالنسبة لحكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9/3/1983 أن الطاعنة لم تطعن بطريق النقض على هذا الحكم وقت صدوره فصار بذلك باتا وغير قابل للطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد. ذلك بأن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وضع قاعدة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري. إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقا للقواعد المقررة بالمادة سالفة الذكر والآخر يقبله وفقا للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتما البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء فإن الطعن فيهما معا يكون جائزا لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا قولا واحدا بالنسبة للحكم الآخر وهو ما يتفق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات التي تنص على أن “وإذا أبدى الطاعن سببا للطعن بالنقض فيما يتعلق بحكم سابق على صدور الحكم المطعون فيه ذات الدعوى اعتبر الطعن شاملا للحكم السابق ما لم يكن قد قبل صراحة، لما كان ذلك وكان حكم تثبيت الملكية الصادر أثناء سير الخصومة بتاريخ 9/3/1983 ليس من الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري وبالتالي فلم يكن من الجائز الطعن فيه استقلالا وقت صدوره إلا أن قضاءً للمطعون ضدهم الخمسة الأول بالملكية التي تعتبر أساسا مشتركا بينه وبين الحكم الصادر بإلزام الطاعنة بالريع استنادا إلى هذه الملكية من شأنه أن يجعل الطعن فيه مع الطعن في حكم الإلزام بالريع القابل للتنفيذ الجبري جائزا ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما السادس والسابع في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية (المطعون ضدهما الثاني والثالث في الطعن رقم 2277 لسنة 55 القضائية – وزيري الصناعة والمالية بصفتيهما – أن وزير المالية لم يكن خصما حقيقيا إذ اختصم لأول مرة في الاستئناف لتقديم ما لديه من مستندات، كما أنه ووزير الصناعة قد وقفا من الخصومة موقفا سلبيا ولم يقض لهما بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقضي له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. ولما كان الثابت أن وزير الصناعة بصفته المطعون ضده السادس في الطعن الأول، المطعون ضده الثاني في الطعن الثاني – لم يكن خصما للطاعنة في الطعن الأول في الدعوى بل كان مدعى عليه معها فيها وقد قضى ابتدائيا بعدم قبول الدعوى بالنسبة له وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف أثناء سير الخصومة بتاريخ 22/4/1979 ولم يطعن الطاعنون في الطعن الثاني على هذا الحكم بالنقض مع الحكم المنهي للخصومة فامتنع عليهم بذلك اختصامه في الطعن، كما أن وزير المالية بصفته المطعون ضده السابع في الطعن الأول – المطعون ضده الثالث في الطعن الثاني – قد اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقض له بشيء وبالتالي فلا يعتبر خصما حقيقيا، ومن ثم يتعين عدم قبول اختصام المطعون ضدهما المذكورين في الطعنين على السواء.
وحيث إن الطعنين فيما عدا ذلك استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية:
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب أضافت إليها الطاعنة بالجلسة سببا رابعا متعلقا بالنظام العام تنعى به وبالشق الثاني من السبب الأول على الحكمين المطعون فيهما الصادرين في 6/3/1983، 11/4/1985 مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن النزاع في الدعوى الحالية ناشئ عن الحراسة التي خضع لها المطعون ضدهم الخمسة الأول باعتبارهم من أصحاب شركة مصانع …… للغزل والنسيج التي أممت بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963 وبالتالي فإنه يخرج عن ولاية المحاكم العادية وتكون محكمة القيم المنصوص عليها في القانون رقم 95 لسنة 1985 هي المختصة بنظر الدعوى طبقا لنص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وإذ خالف الحكمان المطعون فيهما مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام بفصلهما في الدعوى والتفت ثانيهما عما تمسكت به في هذا الخصوص فذلك ما يعيبهما ويستوجب نقضهما.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك بأنه لما كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أن المشرع قد أناط لمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت، وتختص المحاكم العادية بنظر هذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الخمسة الأول قد استندوا في طلب ثبوت ملكيتهم لأرض النزاع وسائر طلباتهم الأخرى المرتبطة به إلى أن الطاعنة قد استولت على هذه الأرض المملوكة لهم بصفاتهم الشخصية بأن وضعت يدها عليها دون سند متجاوزة في ذلك قرار لجنة التقييم الذي يقتصر نطاقه طبقا لهذا القانون على أموال وممتلكات الشركة المؤممة ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن شخصية وذمة أصحابها ولا يمتد إلى أموال وممتلكات هؤلاء الأصحاب، فإن النزاع موضوع الدعوى بهذا الوصف يعتبر متعلقا بالتأميم وتجاوز نطاقه ولا شأن له بالحراسة ومن ثم فإن هذا النزاع يدخل في ولاية المحاكم العادية ولا تختص به محكمة القيم. وإذ التزم الحكمان المطعون فيهما هذا النظر في قضائهما وواجه ثانيهما دفع الطاعنة بعدم الاختصاص الولائي وأطرحه بما يتفق وصحيح حكم القانون فإن النعي عليهما في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 11/4/1985 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أنه رفض طلبها إجراء المقاصة القضائية مستندا في ذلك إلى أن الضرائب المستحقة على مصنع …… قبل التأميم والبالغة 646 مليما و31166 جنيها تسأل عنها شركة مصانع …… المؤممة التي آلت إلى الطاعنة دون المطعون ضدهم الخمسة الأولى أصحاب تلك الشركة في حين أن هؤلاء الأخيرين هم الملتزمون بتلك الضرائب بعد فرض الحراسة الإدارية عليهم وتأميم شركتهم بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963 كما رفض الحكم أيضا دفعها بسقوط الريع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني بناء على فهم خاطئ للواقع في الدعوى وإذ اعتقدت المحكمة أن ما يطالب به أولئك المطعون ضدهم في الدعوى هو ريع في حين أنه يمثل أجرة أرض النزاع مما يخضع لذلك التقادم. وفي هذا ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان الثابت أن الطاعنة قد طلبت أمام محكمة الاستئناف لأول مرة إجراء المقاصة القضائية المنصوص عليها في المادة 125 من قانون المرافعات، وكان يشترط للادعاء بالمقاصة القضائية – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن ترفع به دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم الآخر قبل يوم الجلسة أو يبدي شفاها في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقا لنص المادة 123 من قانون المرافعات.
وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، فمن ثم لا يجوز إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه بعدم قبول طلب الطاعنة المقاصة القضائية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التزام الحائز سيء النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ومن ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقا للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الخمسة الأول قد طلبوا إلزام الطاعنة بالريع عن أرض النزاع التي استولت عليها اعتبارا من تاريخ 8/8/1963 بطريق الغصب باعتباره عملا غير مشروع يستوجب التعويض وليس كمقابل انتفاع أو أجرة استنادا لعلاقة إيجارية كما أن الطاعنة لم تدع أمام محكمة الموضوع قيام تلك العلاقة في ذلك التاريخ فمن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بسقوط الريع بالتقادم الخمسي بناء على ذلك وتقريره بأن الريع المطالب به لا يصدق عليه وصف الحقوق الدورية المتجددة التي تخضع لهذا التقادم وإنما هو مقابل انتفاع مبناه عمل غير مشروع، فإنه يكون متفقا مع حقيقة الواقع ولا مخالفة فيه للقانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 9/3/1983 الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنه استند في قضائه بتثبيت ملكية أرض النزاع للمطعون ضدهم الخمسة الأول إلى ما تضمنه تقرير الخبراء المنتدبين من التفرقة في رأسمال شركة مصانع …… للغزل والنسيج المؤممة بين أصول الشركة وما هو مملوك ملكية خاصة للشركاء في حين أن نصوص قانون التأميم رقم 72 لسنة 1963 لا تعرف هذه التفرقة بالنسبة لجميع الشركات التي تم تأميمها وآلت ملكيتها إلى الدولة، وقد أهدر الحكم المطعون فيه بذلك حجية القرار الصادر من لجنة تقييم الشركة المذكورة والذي انتهى إلى أن أصولها تشمل جميع الآلات والأراضي بما فيها أرض النزاع، كما أن القضاء بتسليم هذه الأرض إلى أصحابها يترتب عليه انهيار الشركة الطاعنة وتشريد عمالها، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول على تقرير الخبير السابق ندبه رغم اعتراض الطاعنة عليه ودون أن يعني ببحث اعتراضاتها فيكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان تأميم شركة مصانع …… للغزل والنسيج ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها بموجب أحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 قصدا إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو موصين، وكان اختصاص لجان التقييم المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون سالف الذكر ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة، ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئا أو تستبعد منها شيئا، إذ لا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئا من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الخمسة الأول لأرض النزاع على قوله “…… وبعد أن أعيدت المأمورية إلى مكتب الخبراء للمرة الثالثة … وبالاطلاع على ميزانية شركة مصانع …… للغزل والنسيج وحساباتها المنتهية في 31/12/1961 تبين عدم إدراج الأراضي ضمن أصول الشركة الثابتة وانتهى الخبراء الثلاثة المنتدبين في نتيجة تقريرهم إلى أن أرض النزاع لم تكن ضمن أصول الشركة عند التأميم ولكنها كانت مؤجرة بإيجار شهري مقداره 540 جنيها …. وكان الثابت من الأوراق أن شركة مصانع …… للغزل والنسيج أنشئت بموجب العقد المسجل في 25/11/1953 واشترى المستأنفون أرض النزاع بالعقد المسجل في 8/8/1953 قبل تكوين الشركة ولم تدخل الأرض ضمن أصول الشركة حتى تاريخ التأميم على النحو السالف الذكر إذ لم يقدم المستأنفون الأرض ضمن حصتهم في رأس المال وجميع حصص الشركاء كانت نقدا – وقد أوردت الكشوف الرسمية المستخرجة من مأمورية الضرائب العقارية أن أرض النزاع كانت مؤجرة للشركة – كما ورد بقرار لجنة تقييم الشركة عدم انتقال ملكية الأرض إلى الشركة وقدرت أراضي الشركة المملوكة لها في 8/8/1963 بمبلغ 27570.540 جنيها واستبعدت اللجنة من هذا المبلغ 1309.560 جينها وهو ما يمثل مصروفات التسجيل الخاصة بجزء الأراضي التي لم تنتقل ملكيتها إلى الشركة والخاصة بأرض النزاع … الأمر الذي يستدل منه على أن أرض النزاع لم تنتقل ملكيتها إلى الشركة .. واستمرت ملكية الأرض حتى اليوم للمستأنفين بصفتهم الشخصية ولا ينال من ذلك أن ترد أرض النزاع ضمن الأصول في ميزانية التقييم إذ لا حجية لقرارات التقييم بشأن إضافة أو استبعاد بعض العناصر من الأموال المؤممة … وكان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من تقرير الخبراء الثلاثة المنتدبين الذي اقتنعت بكفايته وأخذت به ومن الأدلة التي ساقها أن أرض النزاع لم تكن ضمن عناصر تقييم مصانع شركة …… للغزل والنسيج وقت تأميمها وأنها مملوكة للمطعون ضدهم الخمسة الأول بصفاتهم الشخصية وكان استخلاصها سائغا وله مأخذه الصحيح من الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه بما يكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكانت محكمة الاستئناف قد استبقت طلب التسليم للفصل فيه بالحكم المنهي للخصومة كلها كما أنها لم تعول في قضائها على تقرير الخبير السابق ندبه في هذا الخصوص فلا يقبل النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد لأنه لا يصادف من قضائه محلا ومن ثم يكون النعي بهذين السببين في جملته في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون – وفي بيان ذلك يقولون أنه استند في قضائه برفض طلب إزالة المنشآت والمباني التي أقامتها المطعون ضدها الأولى على أرض النزاع المملوكة لهم على أنها كانت تعتقد بحسن نية بأن لها حقا في إقامة تلك المنشآت والمباني وبالتالي فلا يكون لهم طلب إزالتها وفق نص الفقرة الأولى من المادة 925 من القانون المدني، في حين أنه كان يجب على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير حسن نية المطعون ضدها الأولى في إقامة المنشآت والمباني وأن تطبق حكم الفقرة الثانية من تلك المادة الذي يخول لصاحب الأرض تملك المنشآت والمباني التي أقامها الحائز بحسن نية عليها بالالتصاق على أن يعوض هذا الحائز بدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو بأن يدفع له مبلغا يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب الأعمال التي أنشأها فيها أو بأن يطلب تمليكه الأرض إذا كانت المنشآت قد بلغت من الجسامة حدا يرهق صاحب الأرض نظير تعويض عادل. هذا إلى أن رفض الحكم المطعون فيه طلب الإزالة ينطوي على قضاء ضمني برفض تسليم أرض النزاع إلى الطاعنين يترتب عليها تمليكها للمطعون ضدها الأولى مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه جازم وصريح وتلتزم المحكمة بطلباتهم وبعدم الخروج عن نطاقها. ومتى كان الثابت أن صحيفة دعوى الطاعنين قد اشتملت على طلب إزالة المنشآت والمباني التي أقامتها المطعون ضدها الأولى على أرض النزاع المملوكة لهم استنادا إلى أنها استولت عليها بطريق الغصب، وأنهم لم يعدلوا هذا الطلب أمام محكمة درجة أول إلى طلب تملك المنشآت والمباني بالالتصاق أو تمليك المطعون ضدها الأولى الأرض المقامة عليها مقابل التعويض عنها طبقا للقواعد المنصوص عليها في المادة 925 من القانون المدني بشأن المباني بحسن نية في ملك الغير، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم في قضائه طلب الإزالة وأنزل حكم القانون عليه تقيدا بنطاق الدعوى لا يكون قد خالف القانون أما ما ورد بالنعي من انطواء الحكم على قضاء ضمني برفض طلب التسليم وأثره على الملكية فهو غير صحيح إذ البين من منطوق الحكم المطعون فيه وأسبابه أنه أفصح عن أن ما نظرته المحكمة وقضت فيه بالفصل هو طلب الإزالة، لذا فإن طلب التسليم يكون باقيا على حاله أمامها دون أن يبت فيه. ومن المقرر أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 11/4/1985 لبحث طلب التسليم أنه تضمن أن هناك مساحة خالية من أرض النزاع المملوكة لهم مقدارها 13081 مترا خلف المصنع يمكن تسليمها إليهم بالإضافة إلى محطة البنزين ومع ذلك لم يقض لهم الحكم المطعون فيه بتسليمهم هذه المساحة أو بتعويضهم عنها ودون أن يبدي سببا لذلك مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك بأن النص في المادة 193 من قانون المرافعات على أن “إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه. مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيا على حاله ومعلقا أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك، ما فاتها الفصل فيه ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها صراحة أو ضمنا. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف لم تنظر بالفعل في طلب التسليم – على ما سلف بيانه – فإن إغفال الفصل فيه لا يصلح سببا للطعن بالنقض، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة الاستئناف سبق أن قضت بحكمها الصادر بتاريخ 9/3/1983 بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية الطاعنين لأرض النزاع وإذ عاد الحكم المطعون فيه فقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بطلب الإزالة فإنه يكون قد أحال على أسباب الحكم الابتدائي بعد إلغائه مع أن الإحالة في الأسباب لا تصح إلا على حكم قائم. وفي هذا ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك بأنه متى كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد رفض إزالة المنشآت وأقام قضاءه على أسباب خاصة أنشأها لنفسه ونحى فيها منحى آخر مغايرا لأسباب الحكم الابتدائي الذي ألغى قضاءه في خصوص طلبي تثبيت الملكية والريع، وكان تأييده لقضاء هذا الحكم برفض طلب الإزالة ينصرف بطريق اللزوم الحتمي إلى المنطوق وحده فإنه يكون بمنأى عن عيب القصور.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة الاستئناف عهدت إلى الخبير المنتدب بالحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 11/4/1985 تقدير قيمة المنشآت التي أحدثتها المطعون ضدها الأولى بأرض النزاع اعتبارا من تاريخ 8/8/1963 وجاء تقديره قاصرا عن بيان قيمة المنشآت المستحقة الإزالة وثمن المواد وأجر العمل والتعويض المستحق في حالة استبقاء المنشآت، ومع ذلك لم يقل الحكم المطعون فيه كلمته في عدم قيام الخبير بما عهد إليه في هذا الخصوص أو سبب عدول المحكمة عن تنفيذ الحكم التمهيدي بالكامل، مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص – في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن المطعون ضدها الأولى كانت تعتقد بحسن نية أن لها الحق في إقامة المنشآت على أرض النزاع المملوكة للطاعنين وانتهى إلى رفض طلب الأخيرين إزالتها، ولم يكن من بعد بحاجة إلى البحث في قيمة التعويضات المستحقة عن طلب استبقائها الذي يخرج عن نطاق الدعوى ومن ثم فلا جناح عليه إن هو رأى العدول عما عهدته به المحكمة إلى الخبير بحثه في هذا الخصوص، كما لا يعيب الحكم عدم ذكر سبب هذا العدول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب لذلك، لأنه متى كان لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم فلا يلزم تبريره، لما كان ذلك فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن أيضا.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً