التسبيب في الأحكام الجزائية العراقية
للقضاء دور كبير في إقامة العدل بين الناس وإيصال الحقوق إلى أصحابها بشكل قانوني صحيح، ويكون ذلك من خلال الأحكام التي يصدرها في المنازعات المعروضة عليه حيث تتضمن هذه الأحكام الفصل في الخصومة وتتناول الإشارة الى كل ما يتعلق بالخصومة من حيث اطرافها ووقائع الدعوى وماقدمه اطراف الدعوى من طلبات ودفوع والإثبات في الدعوى الجزائية هو كل ما يؤدي إلى ظهور الحقيقة وفي الدعاوى الجزائية فأن تقدير الأدلة يرجع فيه إلى اقتناع القاضي فهو من المسائل الموضوعية.
ولكن يجب اشتمال الحكم على بيان الواقعة والأسباب التي بنى عليها القاضي اقتناعه والدعوى الجزائية مزيجا بين الواقع والقانون، وهذه الأسباب أما قانونية وهي بيان التكييف القانوني الذي قام به القاضي وبيان النص القانوني المطبق على الواقعة او واقعية عن طريق بيان الواقعة المرتكبة وظروفها ومحلها فمتى ما توصلت المحكمة الى الواقعة الصحيحة تعين عليها تكييفها في ضوء القانون الواجب تطبيقه والى ذلك اشارت المادة 224 /آ من الاصول الجزائية – يشتمل الحكم او القرار على وصف الجريمة المسندة الى المتهم ومادتها القانونية والاسباب التي استندت اليها المحكمة في اصدار حكمها او قرارها واسباب تخفيف العقوبة او تشديدها.
وإن حرية الاقتناع لا تعني أن القاضي يحكم بشعوره ووجدانه بل يجب عليه أن يكون اقتناعه بعمل ينطوي على البحث والتفكير ويخضع فيه هو نفسه لقواعد المنطق والاستنتاج الطبيعي وان كان لمحكمة الموضوع تكوين قناعتها في الدعوى من استجواب الطرفين ومناقشة الادلة، إلا أن هذه القناعة ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بضرورة استنادها إلى وقائع صحيحة وأسباب كافية مما يوجب تعليل الحكم الذي تصدره تعليلا كافيا بإظهار العوامل والأسباب التي استندت إليها المحكمة وأن تحقيق توفر أركان الجرائم من اختصاص قاضي الموضوع وحده فقد تأبى نفسه الأخذ باعتراف متهم لما يدخله من الشك في صحته وقد يأخذ ببعض الاعتراف وينبذ بعضه، وقد يأخذ ببعض الشهادة وينبذ بعضها الأخر، وقد يأخذ بقول ما قاله الشاهد في التحقيق دون قول قاله بجلسة المحاكمة أو بالعكس.
ولابد الاشارة الى ان التكييف القانوني للواقعة الجرمية يرتبط بالتسبيب باعتبار التكييف هو العنصر المهم في الاسباب القانونية للحكم الجزائي، وبيان صحة التكييف واتفاقه مع النص القانوني لايتحقق الا ببيان الاسباب القانونية.
واخيرا فأن الاسباب في الاحكام هي مجموعة من الأسانيد التي تؤدي الى النتيجة التي انتهى اليها القاضي في حكمه وتأتي اهمية التسبيب باعتباره احدى الضمانات لحقوق الأفراد وتحقيق العدالة ويرجع الكثير من الفقهاء الاساس القانوني للتسبيب الى اعتبار تسبيب الحكم هو شكل إجرائي لازم لصحة الحكم واي خلل فيه يؤدي الى بطلان الحكم ويجعله كأن لم يكن وان مسالة تسبيب الحكم لا يشمل قرار الحكم بالادانة فقط بل يشمل ايضا الحكم الصادر بالبراءة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً