مقال قانوني عن التشابه في قواعد الإثبات بين القانون الإداري و القانون الجزائي
يعتبر موضوع الإثبات في المنازعات أيا كانت مدنية أو جزائية من الموضوعات التي دأب الفقه إلى إيجاد قواعد تتلائم مع كل خصومة أو نزاع ، مما جعل المشرع يتدخل بصياغة كل من قانون الإثبات في المنازعات المدنية والتجارية وقانون الإجراءات الجزائية. وأيا ما كان الأمر فإن الإثبات أمر بالغ الأهمية بالنسبة للحقوق والمراكز القانونية ، بالنظر أن الوصول إلى الحق لابد أن تساوره أدلة وإثباتات للوصول إلى الحكم الذي يعتبر عنواناً للحقيقة ورمزاً للعدالة ، فحيثما وجد الإثبات وجد الحق .
وفي ظل عدم وجود قانون الإثبات في الخصومات الإدارية وكذلك عدم عناية الفقه بدراسة موضوع الإثبات في الخصومة الإدارية مما فتح المجال أمام القضاء الإداري في الاجتهاد، الذي بدوره اهتدى إلى الرجوع إلى قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية بالنسبة لدعويي القضاء الكامل وعدم الصحة والرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية في الدعاوى التأديبية ، وذلك كله ينبغي أن يكون بما يتفق وطبيعة الخصومة الإدارية .
وبذلك فالتشابه يظهر في التأديب كأحد فروع القانون الإداري بينه وبين القانون الجزائي باعتبار أن هناك بعض الإجراءات والمبادئ التي تتشابه في كلا القانونين الإداري والجزائي فمثلا في مجال التأديب الإداري فإن الإجراءات المتبعة في شأن الموظف الذي ارتكب المخالفة التأديبية من إجراء التحقيق معه واحترام حق الدفاع وتمهيداً لصدور القرار التأديبي، تتشابه مع الإجراءات المتبعة في قانون الإجراءات الجزائية من حيث وجود التحقيق الابتدائي بعد جمع الاستدلالات تمهيدا للإحالة إلى المحاكمة وضمان حق الدفاع للمتهم.
وإذا كان الإثبات له قيمته القانونية في المسائل الجزائية لما تشكل هذه الآفة من الجرائم انتهاكا للمجتمع ، وإضرارا بالمصلحة العامة ومن ثم يترتب على ذلك نهوض سلطة الدولة في تتبع الجاني ، فإنه في المجال الإداري له أهميته لكون الإدارة تخضع لمبدأ المشروعية وعلى القضاء مراقبة ذلك باستخدام كافة وسائل الإثبات بما يتناسب مع طبيعة الدعوى الإدارية وفحص أعمالها حماية لحقوق وحريات الأفراد من جهة وضمان قيام المرافق العامة بانتظام تحقيقا للمصلحة العامة من جهة أخرى ، وعلى ذلك يوجد تشابه بين قواعد الإثبات في المجالين الإداري التأديبي والجزائي يمكن لنا إيجازها على النحو الآتي :
أولاً : القاضي الإداري شأنه شأن القاضي الجزائي يمكنه أن يلجأ إلى كافة الوسائل المشروعة في الإثبات للوصول إلى الحقيقة ، ولكن بعض وسائل الإثبات قد تتعارض مع طبيعة الخصومة الإدارية كاليمين الحاسمة.
ثانيا ً: يقوم نطاق الإثبات في القانون الإداري على مبدأ الاقتناع المطلق لكون القضاء الإداري المقارن لم يحدد طرقا معينةً للإثبات ، فالقاضي الإداري هو الذي يحدد طرق الإثبات المقبولة ، كما هو الحال أمام القضاء الجزائي من ناحية الاقتناع بالدليل.
ومعنى ذلك أن مذهب الإثبات الذي يلائم القضاء الإداري ويسير عليه العمل هو مذهب الإثبات الحر كما هو الشأن في المسائل الجنائية ، حيث يمكن لهما تنظيم عبء الإثبات وبيان الأدلة المقبولة وحجيتها ومدى الاقتناع بها دون قيد.
ثالثاً : كل من القاضي الإداري والقاضي الجزائي عليهما مراعاة المبادئ العامة التي تتصل بأصول التقاضي وضمانة حقوق الدفاع.
وهناك بعض الإجراءات والمبادئ التي تتشابه في كلا القانونين الإداري والجزائي فمثلا في مجال التأديب الإداري فإن الإجراءات المتبعة في شأن الموظف الذي ارتكب المخالفة التأديبية من إجراء التحقيق معه واحترام حق الدفاع وتمهيدا لصدور القرار التأديبي، تتشابه مع الإجراءات المتبعة في قانون الإجراءات الجزائية من حيث وجود التحقيق الابتدائي بعد جمع الاستدلالات تمهيدا للإحالة إلى المحاكمة وضمان حق الدفاع للمتهم.
اترك تعليقاً