التشريعات الدولية المتعلقة بحماية ضحايا الإتجار بالبشر
لقد صار موضوع الاتجار بالبشر من الأولويات التي تعنى بها السلطات العامة بأوروبا، فرنسا مثلا تعتبر من بين الدول التي تعترف بوجود حالات العبودية والاتجار بالأشخاص بغرض الاستغلال الجنسي والاقتصادي كذلك، وترتب عقوبات جزائية تتراوح ما بين 7 سنوات حبس و150.000 يورو كغرامة إلى 10 سنوات حبس و1.5 مليون أوروا إذا كانت الضحية قاصر أو عاجزوتصل إلى 20 سنة سجن و3 ملايين يورو إذا كانت الجريمة مرتكبة من طرف جماعة منظمة المادة 225-4-1 والضحايا الذين يتعاونون مع العدالة يمكنهم الاستفادة من رخص الإقامة ورخص العمل أيضا.
ألمانيـا: على غرار فرنسا، فإن ألمانيا تحصر تعريف الاتجار في استغلال دعارة الغير ولا يشمل الاتجار الاستغلال الاقتصادي، ومع ذلك فقانون العمل الألماني يعاقب على استغلال اليد العاملة الأجنبية، إذن فالتشريع الألماني نص على الاستغلال الجنسي طبقا للمادة 180 المتعلق بالاتجار بالأشخاص فيعاقب كل من يجبر أو يحمل شخص على ممارسة الدعارة مستغلا عجزه أو وضعية إقامته ببلد أجنبي وعرفت المادة 181 الاتجار الخطير: وهو حالة إجبار شخص أو حمله على ممارسة الدعارة وذلك باستعمال القوة، العنف، الغش أو استغلال عجزه .
ولقد اعتبرت الحكومة الألمانية فعل الاتجار بالأشخاص مشكلة مرتبطة بمكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، لذلك يعمل على طرد أي شخص متواجد على الأراضي الألمانية بطريقة غير شرعية ولا يطبق الأمر على ضحايا الاتجار في حالة تعاونهم مع الجهات القضائية ويمنح التعميم الإداري بألمانيا للضحايا أجل شهر لمغادرة الأراضي الألمانية ويمكن لهم الاختيار ما بين الرحيل أو تقديم شكوى ضد المجرمين وإذا لم يختاروا بين الأمرين، فإن السلطات الألمانية تضطر لطردهم .
والشكوى تسمح للضحايا من الاستفادة من حق الإقامة لحماية الصالح العام، وحتى يمكن سماع الضحية كشاهد عند مباشرة الإجراءات القضائية .
ولا يحق للضحايا العمل خلال هذه الفترة ولا يستفيدون حتى من القانون الفدرالي المتعلق بالحماية الاجتماعية، ولكن يستفيدون فقط من حقوق اللاجئين الذي تتراوح نسبتهم في ألمانيا ما بين 20 إلى 25 بالمائة ،أما الحماية الطبية فتظل محدودة جدا وبالرغم من أن القانون المتعلق بإقامة الأجانب يسمح بمنح رخص الإقامة لضحايا الاتجار الذين يكونون شهودا في قضايا الاتجار، لكن الحقيقة أن هذه الرخصة لا تمنح إلا لقلة منهم فقط ونجد العديد من الضحايا الذين لا يرغبون في تقديم شكاوى يفرون إلى بلد أوروبي آخر أو يتزوجون من الألمان حتى يسوون وضعية إقامتهم بألمانيا، والزواج وإن كان يسمح لهم بحق الإقامة بألمانيا لكن لا تمنح لهم هذه الرخصة بصفة نهائية إلا بعد مرور 04 سنوات من إبرام عقد الزواج، وهذه الحالة تستضعف الضحية .
أما الضحية الذي يكون معرضا لخطر المتابعة من طرف المجرمين بعد تقديمه شكوى ضدهم يستفيد من نظام حمايته من طرف الشرطة و تؤمن له المراكز الاجتماعية حق الإقامة والحماية أيضا .
بلجيكــــا : تعتبر بلجيكا البلد الأوروبي الوحيد الذي اعتنى بنظام حماية ضحايا الاتجار وأنشأ مراكز متخصصة لإيوائهم وهذه مبادرة تستحق التثمين عليها .
ولقد تبنى القانون البلجيكي أحكام تتعلق بقمع الاتجار بالأشخاص سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا وذلك جرم الإباحية المتعلقة بالأطفال “la pornographie enfantine “.
ونجد أن المادة 77 مكرر من القانون الصادر في 15 ديسمبر 1980 تنص على الاتجار بالأجانب، ويعاقب على أي فعل اتجار يتم على شخص بصفة مباشرة عليه أو عن طريق وسيط، وذلك باستعمال المناورات الاحتيالية، العنف، الاعتداء وأي شكل من أشكال التهديد أواستغلال وضعية تواجد هذا الأجنبي على الإقليم بطريقة غير شرعية أو مؤقتة ولم تسو وضعيته الإدارية، حالة الحمل ، المرض، العجز الجسدي أو المعنوي .
وتكون العقوبات من سنة إلى 05 سنوات سجنréclusion وغرامة من 500 إلى 20.000 فرنك وتشدد العقوبات في حالة العود أو إذا كان الجرم مرتكب من طرف جماعة association ولقد تم إضافة نص المادة 77 مكرر التي تنص على تجريم أي فعل تم على شخص بصفة مباشرة أو عن طريق وسيط باستغلال تواجده على الإقليم البلجيكي بصفة غير شرعية أو مؤقتة عن طريق البيع أو الإيجار أو تخصيص أمكنة أو غرف للاتجار بالأشخاص لتحقيق منفعة غير عادية.لأجل هذا تم إنشاء خلية ببلجيكا للتنسيق بين مختلف النشاطات المطبقة لمكافحة الاتجار ولتحسين السياسات المطبقة في هذا المجال .
ونجد أن بلجيكا أنشأت ثلاثة مراكز استقبال بغرض حماية ضحايا الاتجار بالأشخاص منها مركز : PAG-ASA ببروكسل ومركزSURYA بوالوني ومركز PAYOKE بفلوندر .
ونجد أن المركز الرئيسي الذي يشرف على هذه المراكز الثلاث هو مركز تكافؤ الفرص ومكافحة التمييز العنصري ويعمل على التنسيق بين المراكز الثلاث المتخصصة ويقوم كل مركز بتقديم الدعم القانوني، الإداري والاجتماعي والطبي لضحايا الاتجار بالأشخاص ويمكن لهذه المراكز طلب رخص الإقامة للضحايا بصفة مؤقتة طبقا للتعميم المؤرخ في 07 يوليو 1994 و التعميم 13 يناير 1997 وتستخرج رخص الإقامة للضحايا بشرط تعاونهم مع السلطات القضائية لكشف المجرمين بغرض إدانتهم ويكون الضحايا دوما مرفوقين تحت إشراف مراكز الاستقبال المتخصصة .
ويكون أول إجراء يتخذ في حق الضحايا الذين تركوا فعل الاتجار والتحقوا بمراكز متخصصة أنه يصدر في حقهم أمر بترك الإقليم البلجيكي خلال 45 يوم، وخلال هذه المدة يمكن للضحايا التفكير في تقديم شكاوى ضد المجرمين، ولابد أن يكون الضحايا مرفوقين من طرف مركز الاستقبال وهذا إجراء إجباري .
ثاني إجراء : يستخرج للضحايا إعلان الوصول لمدة 03 أشهر إذا سبق لهم وأن تقدموا بشكوى أمام مصالح الشرطة أو أمام الجهات القضائية ويكونون مرفوقين دوما بهذه المراكز، ويمكن للضحايا الاستفادة من رخص عمل مؤقتة .
الإجراء الثالث والأخير : يتم تسجيل الضحايا في سجل الأجانب لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد وذلك عندما يفتتح ملف أمام القضاء ضد المجرمون وإذا ما اعتبر الشخص ضحية اتجار به .
ويمكن للضحية الحصول على رخصة إقامة غير منتهية المدة إذا تم تعيين المجرم أمام المحكمة ،بمعنى أن الشكوى حركت ضد شخص معلوم هويته .
ونلحظ أنه من استقرائنا للنصوص القانونية أن الضحية إذا كان أجنبي يتم طرده من الأراضي البلجيكية لتواجده غير الشرعي بها ، لكن في حقيقة الأمر فالواقع غير ذلك ويتم دراسة كل حالة على حدة مع مراعاة الاعتبارات الإنسانية وإعادة الإدماج .
اترك تعليقاً